التكفير والعنف والإرهاب
اسم الكتاب: التكفير والعنف
والإرهاب
اسم المؤلف: منصور الرفاعي
عبيد
دار النشر: الهيئة العامة
لقصور الثقافة
مقدمة
تعد قضية التكفير والعنف
والإرهاب من أشد القضايا خطورة وتأثيرًا سلبيًا على المجتمع والتى تخلق حالة من
الضغينة والتعصب داخل الدولة الواحدة بل الأسرة الواحدة فتكفير الغير من أي شخص بكلمة واحدة وهى يا كاف امر لا يجوز لأي مسلم أن
يرددها على لسانه. ولا يقولها لغيره لأنها تخرج من قالها إن كان كاذبًا- أو من
قيلت له إن كان كما قيل عن الإسلام، وبالتالي تطلق زوجته. ويحجب عن الولاية على
أولاده. ولا يرث من أبيه المسلم أو أمه المسلمة. ولا يصلي عليه- ولا يدفن في مقابر
المسلمين
لهذا نبهنا نبينا سيدنا
محمد أن لا نرددها ولا نقولها. ونعلم
أولادنا الذين يرددونها لان الأدب
والأخلاق لاتدفع الانسان الى رمي الغير
بالكفر شيء ونحن أمرنا أن تكون العلاقات الاجتماعية بين الناس قائمة على الاحترام
والحب والمودة والألفة- وكلمة يا كافر- تحطم القيم الأخلاقية وتقطع العلاقات
الاجتماعية. وتمزق الصف وتفرق الأمة – لأن هذه الكلمة تفقد الشخص كرامته. وتسقط
مروءته- وتمزق أسرته وتشرد أولاده.
ولقد رأينا في الآونة
الأخيرة هذه الكلمة تتردد على ألسنة الكثير من الشباب في الجد واللهو في بعض
المواقف- ويقولها البعض دون أن يأبهوا بها ونقول لهم هذا خطأ فاحش ورمي الغير بما
ليس فيه جريمة وإثم كبير، وهذه الكلمة لها جذور في التاريخ – فهي ليست وليدة
العصر. وإنما رددها البعض من عصر الإمام علي كرم الله وجهه ولما كان الإسلام لا يقر هذه الكلمة ولا يرضى
أبدًا أن تتردد على لسان أحد رأينا أن نوضحها لنكون على بينة بما ينهي عنه
الإسلام، وألحقنا بها بحثًا عن العنف لخطورته. وآخر عن الإرهاب لبشاعته لأنهم
متشابكون في النتائج الآثمة المجرمة. ونتيجة للأمية الدينية التي انتشرت في
المجتمعات ولما كنا قد وصلنا إلى هذا المستوى فرأينا أن نوضح ذلك لنكون على بينة
بالأمر.
مفهوم التكفير
الكفر في اللغة يعنى الستر والعرب يسمون الليل كافرًا لأنه يستر بظلامه كل
شيء وفي الشرع هو عدم تصديق النبي أي نبي في زمان بعثته وفي زماننا هذا من لم يصدق
بسيدنا محمد أو أنكر رسالته أو أنكر القرآن الكريم أو أنكر أي معلوم من الدين
بالضرورة، فمن أنكر رسالة نبي من الأنبياء المذكورين في القرآن أو أنكر بعض الكتب
السماوية فقد كفر. فالكافر محجوب عن النور
أنواع الكفر
الكفر ينقسم إلى أقسام
أهمها:
1- كفر يتعلق
بالعقيدة
وهو الكفر الأكبر أو
الحقيقي- أو الأصلي وهذا الكفر يخرج عن ملة الإسلام. وأحيانًا يعبر عنه بالظلم –
وهذا الكفر يؤدي إلى الخلود في النار وغضب الله سبحانه لأن الله- أرسل رسله هداة
مرشدين. وأنزل عليهم الكتب بين الله فيها الحلال والحرام ونهانا عن الكفر والظلم
والفسوق والعصيان. وهذا الكفر لم يسبقه إيمان. وواجبنا أن ندعوهم إلى الإسلام.
ونبين لهم أن هذا الكون لم يخلق عبثًا ولا لعبًا. وأننا نحن البشر لنا رسالة-
أهمها – أن يعرف الله- وتعبده. ونؤمن به وبما أرسل من الرسل. وأنزل من الكتب.
ونؤدي ما فرض الله علينا ونعترف باليوم الآخر وبالأنبياء والملائكة. إن الإيمان
بالله- وعد الكفر به يجلب السعادة للإنسانية لأن الله مالك الملك. ومدبر الأمر وهو
على كل شيء قدير، ولكي نعرفه أرسل إلينا الرسل ليعالجوا الخلل الاجتماعي في
العقيدة وعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان.
دلالات الكفر
يبنى كفر العقيدة على:
ا) الجهل الذي يؤدي إلى
التكذيب فالكافر على بصره غشاوة فلم يبصر النور الإلهي، ولم يبصر الحق ولجهله فهو
يكذب كل الحقائق التي تتعلق بالدين ، وهؤلاء لو استعملوا عقولهم لهدوا إلى الحق،
وأمنوا بما بعث لله الله به سيدنا محمد وخاتم رسله، وبمعجزته الدائمة الخاتمة لكتب
السماء وهو القرآن الكريم، ثم إن رسالته عالمية لا تحددها حدود لأنها للعالم أجمع.
ب) كفر التكبر وعدم
الانصياع إلى الحق رغم وضوحه- فمثلاً عندما أمر الله الملائكة أن تسجد لآدم- سجدوا
إلا إبليس- تكبر ورفض الأمر الموجه إلى الجميع وهو منهم من الله. وهذه ركيزة –
التكبر وعدم الانصياع إلى الحق يؤدي ذلك إلى الكفر- لذلك علينا أن نتكبر لأن
الكبرياء لله وحده. ثم إن من تواضع لله رفعه- وعلينا أن نتمسك بالحق وننصاع إليها.
ولا نجادل- الجدل العقيم الذي لا فائدة من ورائه. وإنما ندعو إلى الحوار الهادف
بهدوء وعدم تعصب لباطل لأن من ترك الجدال وهو محق بني الله له بيتًا في ربض الجنة.
كما جاء عن سيدنا محمد في الحديث الشريف.
ج) كفر المنافقين. والمنافق
هو من يقول بلسانه ما ليس في قلبه فهو ينقاد ظاهرًا مرائيًا للناس لكن في حقيقة
الأمر يعلن عصيانه لله ولرسوله، والمنافق أخطر من الكافر- لأن الكافر معروف – أما
المنافق فهو مخادع مراوغ يعيش على أنه من المسلمين وهو ليس منهم ويلتحم بالسفهاء
أمثاله.
د) كفر سبقه إيمان – وصاحبة
يسمى مرتدًا.
والانواع السابقة كفر يخرج
عن الملة- ومن يمارسه يخلد في النار في الآخرة- وإذا مات لا يغسل ولا يصلي عليه
ولا يدفن في مقابر المسلمين. يأتي بعد ذلك كفر أصغر
وهناك كفر أصغر لا يخرج عن
الملة ويسمى كفر مجازي ويقال لمن يرتكب بعض الأعمال السيئةويأتي بأشياء تضعف
إيمانه من ارتكابه المعاصي. يحاسب عليها أمام الله ويناله نصيبًا من العذاب إلا أن
قبل الله توبته وغفر له. لهذا فإن على المسلم أن يطهر لسانه ويحفظ عينيه ويعلم أن
الله رقيب عليه، مطلع عليه شاهد لكل أعماله. عليم بما في قلبه ولذلك حذرنا رسول
الله من بعض الأمور مثل "سبب المسلم فسوف.
وقتاله كفر"، فهذا محمول على الكفر الأصغر، لهذا علينا أن نتنبه لذلك من هنا
وجب علينا أن نحافظ على كلامنا وأن نعلم أن أكثر ما يكب الناس على وجوههم في جهنم
حصائد ألسنتهم.
حكم من يقول لصاحبه أو لآخر يا كافر
إن من يحكم على أي مسلم
بالكفر. أو قال – يا فاسق – أو سب الدين- أو قال- يا مجرم- وهذا الشخص الذي قيل له
ذلك ليس فيه أي شيء من ذلك- فقد وقع القائل تحت وعد شديد- وردت عليه الكلمة وأصبح
هو كما قال- فقد دلت التوجيهات الإلهية والأحاديث النبوية على ذلك فتكفير المسلم
أمر خطير، لأنه يترتب على ذلك ما يأتي:
1- حل دمه وماله بأمر
الحاكم بحيث يرفع الأمر إليه أما الجمهور فلا سلطان لأحد عليه- حفاظًا على الروابط
الاجتماعية. والعلاقات الإنسانية.
2- التفريق بينه
وبين زوجته- بأمر القاضي الذي يفوضه الحاكم.
3- قطع ما بينه
وبين المسلمين من علاقات فليس له وصاية على أولاده- فلا يرث، ولا يورث من مسلم
قريبه ولا يكون وليًا على أولاده المسلمين.
4- إذا مات لا
يغسل. ولا يكفن- ولا يصلى عليه. ولا يدفن في مقابر المسلمين. فإذا ثبت الحكم وهو
غير صحيح من القائل فالأضرار والمفاسد التي ستقع على الشخص المظلوم خطيرة جدًا
5- تمزيق أواصر المجتمع الإسلامي. وغرس بذور الشقاق
بين الناس، ويترتب على ذلك فتح الباب لإحداث الفوضى وشيوع الفساد.
والخلاصة، أن من رمى غيره
بالكفر أو الفسق أو الإجرام فإن كان كذلك وإلا فإن من قال الكلمة تعود عليه هو
فيكون كما قال يعني هو الكافر. لذلك علينا أن نرتب الكلام قبل أن ننطق به، وأن علينا
أن نؤدب أولادنا وبناتنا حتى لا ينطقوا بهذه الكلمة، ولو بالهزار أو اللعب أو
الفضفضة ولنعلم أن الأدب واحترام الغير فضلوه على العلم.
عقوبة الكفر
الأصغر والتكفير عنه
لاشك أن من يرتكب أي معصية –
فإن أمره بين يدي الله- إن شاء عذبه وإن شاء عفى عنه. لأنهم مؤمنون ناقصو الإيمان-
ومن أقيم عليه الحد في الدنيا مثل السارق إن قطعت يده فذلك عقابه وكالزاني إن نال
جزاءه بالرجم أو الجلد فهو كفارة له وهكذا. علمًا بأن الإنسان في مقدوره أن يتهرب
من القوانين التي تسنها الدولة لكنه لا يستطيع أن يتهرب من الله الواحد الأحد الذي
يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور لكن إذا تاب الإنسان وندم على ما فعله غفر الله
له وأسقط عنه العقوبة ولكي يتم ذلك يجب أن يتحقق ما يلي:
التوبة، الاستغفار الإكثار
من فعل الأعمال الحسنة التي أمر الله بها- كالإكثار من صلوات الصلاة النافلة
والصدقات، الإكثار من الدعاء، والإكثار من الصلاة والسلام على سيدنا محمد لتحظى بشفاعته يوم القيامة، إن رحمة الله واسعة
– وسعت كل شيء وعفوه عام وشامل ومغفرته دائمة، فهو سبحانه فتح بابه بالليل ليتوب
مسيء النهار، وفتح بابه بالنهار ليتوب مسيء الليل. المهم التوبة، والاستغفار
والندم، وعدم السير في طريق المعاصي، وعدم اليأس من رحمة الله.
تكفير الحاكم
لئن كانت آثار تكفير بعض
المسلمين حرام وجريمة اجتماعية وهذا يقتصر على من وجهت إليه هذه الكلمة وهو محصور
في دائرة ضيقة- فإن تكفير الحكام أعظم خطرًا وأشد عقوبة – فإن تكفير الحكام دائرته
واسعة. وتعم آثار هذه الكلمة إذا أطلقت على الحكام بالأمة كلها، وتطول نتائجها
الوطن كله. ونتائج هذه الكلمة إذا أطلقت على الحكام فخطورتها شديدة جدًا لأن الأمر
عندئذ يتطلب فسخ حكمه وبطلان ولايته ولا يجوز لنا أن نكفر الحكام لأنهم صمام
الأمان للمجتمع. وحتى لا ندفع بالمجتمع إلى الضياع والانهيار بسبب فتوى متعجلة
يقولها بعض أدعياء العلم بدون وعي وعدم إدراك ما يحدث في المستقبل نتيجة هذا
الرأي، فيتلقفها بعض الشباب المسلم الذي يغلب عليهم حب الدين. وينظرون إلى الحكم
الشرعي ولا ينظرون إلى الواقع العملي الذي ينزل عليه هذا الحكم. نضرب مثلاً بعبد
الله بن عباس رفضي الله عنه. فقد سأله سائل- هل للقاتل توبة؟ فنظر ابن عباس إلى
هذا الرجل وتفرس وجهه- فرأى الغضب باد عليه. والتوتر العصبي ظاهر عليه والشر
يتطاير من عينيه- فقال ابن عباس للرجل أعد سؤلك- فقال- هل للقاتل من توبة؟ فرد ابن
عباس- لا- وتعجب الجالسون من هذه الفتوى- لأن باب التوبة مفتوح- لكن ابن عباس
أخبرهم بأن هذا الرجل يبدو عليه الإجرام- وأنه جاء متلمسًا ذريعة لسفك دم حرام-
وطالبًا من ابن عباس رضي الله عنه- فتوى بذلك- فأفتى ابن عباس بما يناسب حاله وبما
يدرأ حدوث مفسدة عظيمة باسم الدين- وبفتوى من عالم والسبب في ذلك أن بعض الشباب المتحمس يقرأ قول الله
سبحانه إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون "
ولذلك فعلينا أن لا نسارع
في الحكم ونكفر الحكام بل علينا ان نقرأ للعلماء ونتعرف على الآراء ونستخلص ونحلل
الموضوع ونصدر الفتوى بأمانة وصدق- لأن ابن ملجم ما أقدم على قتل الإمام علي كرم
الله وجهه إلا بناء عل فتوى من شخص جاهل. وما حدث لسيدنا الحسين رضي الله عنه شبيه
بذلك.
حكم الحاكم الذى
لايحكم بما أنزل الله
وأحسن رأي في الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله- هو رأي الإمام مالك رضي الله
عنه- حيث قال رضي الله عنه "والصحيح أن الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكفر
الأكبر والكفر الأصغر- بحسب حال الحاكم. فإنه إن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله
وعدل عنه ويعلم أنه مستحق للعقوبة. فهذا كفر أصغر لأنه ارتكب معصية. وإن اعتقد أنه
غير واجب وأنه مخير فيه مع تنفيذ أنه حكم الله فهذا كفر أكبر- وأن جهله وأخطأه فهة
مخطئ ينطبق عليه حكم المخطئين، ويقول ابن عباس رضي الله عنهما في عدم حكم الحاكم
بما أنزل الله "ليس بكفر يخرجه من الملة إذا كان بينه وبين نفسه يعتقد صحة
الحكم وهو مؤمن به لكنه يقيم التوازن لصالح الأمة، لقد فقه هؤلاء العلاء خطورة
تكفير الحكام، وعلموا ميل البعض إلى التشدد في الحكم بسبب نزوعهم إلى الحماسة
والاندفاع، وبهذه النزعة أقدم بعض الغوغائيين والسوقة على قتل سيدنا عثمان رضي
الله عنه، وطعنوا في دينه، وقاموا بسبه ولعنه زورًا وبهتانًا بسبب فتوى من أبن
السوداء اليهودي، لذلك علينا أن نحذر من تكفير أي إنسان خاصة الحكام لمن يستهويهم
ذلك. وعليهم أن يعلموا أن تكفير الحكام أمر له خطورته حيث يتم تمزيق الوطن.
والدخول في حرب أهلية تفسد كل شيء فيصاب المجتمع بالخوف والفزع والهلع. فتتوقف
المصانع وتنكمش الزراعة. ويتوقف دولاب العمل. وعندئذ تكون الفرصة سانحة للعدو
الرابض على الحدود وعيونه في كل مكان يرقب ما يجري بدقة ويعمل لكل دقيقة حسابها.
وهو متربص بهذا الوطن طامع فيه. ويضيع الوطن ويستذل الكل بسبب فتوى من جاهل. أخذ
دينه من الصحف والمجلات أو من أفواه الحشاشين المدخنين الذين لا يعرفون ما يقولون
ولا سند تحت أيديهم
إن مهمة بيان ذلك من
العلماء للجماهير لوأد هذه الفتنة في مهدها يقع على عاتق رجال الإعلام ودعاة علماء
الدين. ورجال التربية والإصلاح الاجتماعي، والجمعيات الخيرية والأحزاب كل في موقعه
أن يقيموا الندوات. ويديروا الحوارات بين العلماء والشباب. والجماهير مع تسجيل
الأسئلة والأجوبة ومحاولة طبعها بعد ذلك وكيف تدرج الإسلام في التشريع، وحكم الله
في التخفيف عن الأمة ودعوة الإسلام إلى وحدة الصف، والتمسك بالجماعة لأن يد الله
مع الجماعة.
التعصب
هوالتعصب مرض قلبي يسببه يشعر الإنسان بالكراهية للناس من
حوله، وتزداد الكراهية لأي شخص يتفوق عليه في عمله وينجح في رسالته أو تقوية صلة
الشخص بالآخرين.
والمتعصب يمثل الفكر السيئ
في نفسه وينظر به إلى الآخرين، والمتعصب يغيب عقله ويتوقف تفكيره. وتكون نظرته
محدودة ضيقة. ضيق الصدر متوتر الأعصاب لا يقبل الحوار وقد يكون المتعصب محبًا لشخص
حبًا ملك عليه كل حياته، فلا يرى أمامه إلا هو هذا المحبوب يقلده. في مشيته في
لباسه في هيأته ويغار عليه غيره عمياء لا يسمع إلا لرأيه ولا يستجيب إلا لندائه
وهكذا.
وبالتالى فهو شخص عطل عقله.
ولم يتمسك بالعدالة النابعة من الإيمان، ولم يرض بالقضاء والقدر وأوقف نمو مشاعره،
لذلك تجده يتجه إلى إيذاء الغير دون أسباب أو مبررات موضوعية وتجده دائمًا يسبق
إلى تفضيل من يحب ويوليه الولاء دون إبداء الأسباب وشدة الكراهية والبغض لمن
يكرهه. بلا سبب يذكر، وهذا خطأ في تقدير الأمور فالعدل ميزان الاعتدال.
ولذلك يجب أن نذكر عقلاء
الإنسانية بالقول المأثور "أحب عدوك وهونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما
فلا محبة إلا بعد عداوة. وابغض حبيبك هونًا ما عسى أن يكون عدوك يومًا ما"
بمعنى أقم التوازن بميزان العدالة مع حبيبك- أو عدوك ولا تتعصب فإن التعصب- يجعلك
تحكم مسبقًا على أي شيء حكمًا لا يقوم على أساس من الحقيقة أو المنطق- والفرد يغلق
منافذه بحيث لا يسمع ولا يرى إلا ما يرضيه أن يسمعه أو يراه، إن الإسلام أعلن
الجرب على تقاليد الجاهلية، وكان منها – التعصب- لما له من خطورة على العقل، فإذا
كان التعصب الأعمى للصديق أو العدو حرام ومنهي عنه، كذلك التعصب للأسرى أو العائلة
أو الدولة- ولا أتعصب لأبيض أو لأسود، فإن ذلك منهي عنه.
علاج التعصب
والغضب
كل مرض يصيب الإنسان له
علاج، حتى مرض القلوب له كذلك علاج فالأمراض الجسدية علاجها- دواء يصفه أهل
الخبرة، وعلماء فن الطب أما مرض القلوب فعلاجه من هدى السماء وتعاليم الأنبياء..
بل والمرض الأول كذلك شفاؤه بأمر الله، ففي التعصب يتذكر المسلم أنه لابد أن يتصف
بالهدوء وضبط النفس وعدم الانفعال، فعلينا أن لا نتعصب وأن نراقب الله فهو معنا
وهو كافينا وهادينا، لأن التعصب يبعد عن الله ويجلب الأمراض ولا داعي لذلك أبدًا،
فنحن في غنى عنه إذا أقمنا العدل في أنفسنا.
العنف
والعنف عبارة عن حالة انفصالية يصاب الشخص لحظتها بتوتر الأعصاب واهتزاز القيم في نفسه، وجمود الفكر- وينتهي بإيقاع الأذى بالغير- وإلحاق الضرر بالآخرين- ويبدأ بالسخرية من بعض الناس- أو الاستخفاف بهم- والحد من قدرهم وذمهم. ويصاحب ذلك حالة انعدام التوازن فيفقد الإحساس بشعور الآخرين- ويتكلم بلهجة تتسم بالحدة والتعالي وعدم الاستماع للآخر وفي هذا إيذاء نفسي للغير- لأن السخرية من الناس كقتلهم. فالقتل منه ما هو مادي- وهو التصفية الجسدية. وقتل معنوي- وهو ما أشرنا إليه وقد يكون-لا العنف بالإشارة باليد- أو بالرأس- أو – الغمز بالعين وقد يكون تلويحًا بالقوة- لتخويف الغير – بقصد إرغامه على الاستجابة لهذا الطرف الآخر- والعنف ظهر في المجتمع من عهد آدم- الذي هو أول طليعة الجنس البشري على الأرض. وقبل أن تتكون الأسر ويسود النظام الاجتماعي دنيا الناس، وذلك عندما وجه آدم ولدين من أولاده أن يتقدما بقربان إلى الله- فمن تقبل الله قربانه زوجه ابنته التي لم تولد مع من يتزوجها في بطن واحد، ومن لم يتقبل الله قربانه يتزوج الثانية وقدم كل قربانه فقبل الله قربان الشخص الطيب الوديع الهادئ فصار الأخ الشقي العنيف وقال لأخيه لأقتلنك فيرد الأخ الهادئ بحلم وهدوء وحب لأخيه، ومن هذه اللحظة وبهذا الفعل الذي اتسم بالعنف والحدة وتوتر الأعصاب وانتهى بالقتل- توارث الأشقياء هذا الأسلوب المتسم بالعنف، ولقد أرسل الله رسله ليعلموا الناس الرفق وأن تسود روح المحبة بينهم وينتشر الحلم والهدوء بعضهم على بعض- وكان كل نبي يرسم لقومه المنهج الواضح ويعمل على تقليم أظافر الشر من النفوس التي تميل إلى العنف الذي يؤدي إلى شر وخيم عواقبه، ولهذا حدد الإسلام لكل جريمة عقوبة ولكل من يخرج على هدي الأنبياء جزاء على قدر إيذاء الغير أو مخالفة هدي الله سبحانه الذي بين جزاء العمل- والعمل السيء بالذات، إن الإسلام تقوم دعوته على الرفق والتسامح واللين والهدوء وتقويم المعوج بالتي هي أحسن .
والعنف ضد الرفق وهو ناتج
من سوء التربية داخل الأسرة – أو – يكون نتيجة أوضاع مغلوطة- وتفاوت اجتماعي قائم
على الظلم والتحكم في أقدار الآخرين ومؤثرات ثقافية تطمس الحقائق وتظهر الأساطير –
أو تنمي في الشخص ثقافة الجنس بأسلوب خاطئ يبدأ بالتحرش في جو انفلات أمني- والنيل
من الأخلاق- والتعتيم على القيادات الواعية التي أدركت واجبها نحو دينها ووطنها مع
التحريف للتاريخ والتشهير بشخصيات لها تاريخ مشرف – يتم ذلك خدمة لأغراض قوى عظمى-
تريد أن تدمر المجتمعات الناهضة وتقطع صلة الأبناء بالآباء مع الطمس على تاريخ
الأجداد- ويساند ذلك بعض وسائل الإعلام خاصة في إثارة الخلاف بين الأفراد- أو –
الدول. مع إبراز الجوانب السلبية – والترويج لثقافة لا تغني ولا تسمن ولا تنمي
العواطف النبيلة أو تربي النفس أو ترقق العواطف- ولهذا غاب الحوار الهادف وبرزت
الجوانب السلبية التي اتسمت بالفوضى والهياج والصياح وتسببت في غياب العقل بسبب
توظيف بعض وسائل الإعلام في زعزعة الثقافة فيما هو ثابت من قيم الدين والأخلاق- أو
العرف- أو تقليد الآباء. فنشأ بسبب ذلك العنف
مظاهر للعنف
1- الأسرة وذلك بسبب
التربية الخاطئة للأطفال منذ نعومة أظافرهم- وهم بين يدي الآباء عجينة طرية يشكلها
كما يشاءون، لكنهم أفسدوا تربيتهم بإهمال والصياح أمامهم والكذب وخلف الوعد.
2- غياب العدالة والإحساس بالظلم والحرمان من وصول
الشخص إلى حقه الاجتماعي الذي كفله له القانون- أو العرف الاجتماعي أو النظام
البيئي.
3- الخوف من عدو
يريد أن ينكل بالإنسان، وشعور الفرد بالدونية- لأنه لا يستطيع أن يحقق لنفسه أو
لأسرته أي شيء لإحساسه بأنه مهمل لا يحقق ذاته لفشله في ترتيب حياته- فيشعر بأنه
مغمور مهمل- لهذا فهو يمارس العنف- ويردد- إن كنت لا تنفع فضر- ويدفعه ذلك إلى
الانتقام من الآخرين الأضعف منه ليحقق شعور الانتقام والتشفي من الأصغر.
4- ضعف الوازع
الديني وفقد الثقة في نفسه- وموت الأمل في أعماقه والإحساس بالإحباط المؤلم. بسبب
إهمال الوالدين له فقد ربياه تربية سيئة وكانا قدوة سيئة جدًا في علاقاتهما
ببعضهما ومع الجيران أمامه منذ طفولته المبكرة، وقد أهملا تربية الولاد- وحرمانهم
حتى من أبسط حقوقهم وعدم نصحهم- أو التعرف على أصدقائهم. ومع هذا فإن المشكلات
الاجتماعية الأسرية تقتطع جزءًا كبيرًا من حياة الآباء الذين ينشأ بينهم خلاف
وشجار فتعلوا أصواتهم ويتبادلون السباب في جو كله هياج وصراخ ويترسب كل ذلك في
أعماق الطفل ويبر وذاكرته تختزن ذلك. في نفس الوقت لم يوجه الآباء الأبناء لأداء
الصلاة المفروضة علينا من الله- ولم يعلموهم لغة
5- توتر الأعصاب
نتيجة للأصوات المرتفعة من أبواق السيارات وأزيز الطائرات وأصوات البشر العالية
والضجيج يحيط بالإنسان- وغياب التفاهم بين البشر
6- الأحداث المروعة والأخبار المزعجة التي تؤدي إلى
الاضطراب النفسي والتوتر الانفعالي، وعدم قدرة الفرد على إدراك الواقع الاجتماعي
وغياب الحوار، هذه بعض عينات مما يؤدي إلى العنف في الوسط الاجتماعي وأوله الأسرة.
العنف الديني
الدين الذي بعث الله به
الأنبياء ليصلحوا به أمر الدنيا والآخرة لا يقر العنف ولا يرضي به سلوكًا لأحد من
الناس فكيف يكون فيه عنف؟ طبعًا- لا يوجد في أي دين سماوي دعوة إلى العنف- أو
التطرف- أو الإرهاب- أو تكفير الغير- فمن الذي حاول إلصاق هذه الأشياء بدين الله؟
بعض أعداء الإسلام ممن لا أخلاق عندهم. وهم جهلة لأنهم لا يقرؤا في كتب الله التي
أنزلها على أنبيائه ورسله. ولم يقرؤا سيرة الأنبياء- والدين الذي نزل من عند الله
على الأنبياء واحد- لأن الدين يدعو الناس إلى عبادة إله واحد- ولا تقبل العبادة
إلا إذا تعامل الناس مع بعضهم الحب- والتسامح- والأمانة والصدق والوفاء بالوعد
والانضباط على القيم الأخلاقية- كالمروءة والشهامة ومد يد المساعدة لمن يطلب منك.
وتأمل هذا الشعار الديني "صل من قطعك- واعف عمن ظلمك- واحسن إلى من أساء
إليك- واعط من حرمك وقل الحق ولو على نفسك أمسك عليك لسانك وامسح على رأس يتيم-
وزر المريض – وشيع من مات. وقر الكبير- واعطف على الصغير وارحم الحيوان- فخيركم
خيركم لجاره. واجعل لسانك خلف عقلك. ولا تسخر من أحد مهما كان ولا تغتاب أي شخص-
وانظر في عيونك قبل أن تنظر إلى عيون الآخرين. واعلم بأن الدين هو حسن معاملتك
للآخرين. واعلم أن خير الناس هو الذين يدخل السور على النفس. وهو الذي يكرم أهله
فخيركم خيركم إلى أهله. هذا هو الدين وهذا بعض أسسه لكن أعداء الدين ألصقوا العنف
بالدين ونقل لهم لا تظلموا الدين. ولكن اقرؤا التاريخ لتعرفوا أن دين الله الذي
بعث به رسله لا يقر العنف. وقد – أنصفوا المرأة- وأكرموا منزلتها وأعطوها حقوقها
لم تنلها حتى اليوم عندكم. لكن ماذا نقول- لمن لا يقرأ أحداث التاريخ وهو يملك
وسائل إعلام يكتب فيها أو يجلس أمام شاشة التلفاز ويصيح ويسمع إليه الغاوون، وإذا
كان هناك من يستعمل العنف ضد زوجته فهذا انعكاس للاضطرابات النفسية التي يعاني
منها الشخص ومرض يعاني منه الرجل. والعنف ضد المرأة في الغرب أكثر منه في الشرق
ودين الله لا يقره ونهى رسل الله عنه، لكن أعداء الإسلام يحسنون العرض عند الإساءة
للإسلام وأتباعه ونحن بغباء ننقل منهم وعنهم، ولا نناقشهم فقضيتنا عادلة ولكن
محاميها فاشل جاهل.. فهل لأرباب الأقلام أن يقرؤا حتى يتبين لهم أن الدين عدل
وإنصاف ورحمة وحب وألفة وتسامح ودعوة للتعايش مع الناس جميعًا حتى لو اختلفت
الأديان فالدين لله والأرض للجميع.
وهنا يطرح السؤال الهام
هل العمل الفدائي
عنف
مقاومة أعداء الوطن- الذين
تركوا أوطانهم وجاؤا إلى وطن مسكون مأهول بأهله وساكنيه- لهم بيوتهم- ومزارعهم،
وجاء قوم معهم قوة عددية واحتلوا هذه الأرض- وأذلوا أهلها واستولوا على بيوتهم
وقاموا بقطع الأشجار، فكان المواطنون يتعاملون مع هؤلاء بالعنف ويتمثل في تشكيل
فرق لمقاومة الغاصب الظالم- والمقاومة بأي أسلوب- وحتى ووصل إلى الإرهاب والقتل في
الظلام وغير ذلك من أعمال المقاومة- هل يقال لهؤلاء إنهم يستعملون العنف- أو
الإرهاب
"لا"هؤلاء
يدافعون عن أوطانهم ويحاولون طرد الغاصب الآثم. والذي يقرأ تاريخ الإنسانية يجد أن
بريطانيا استخدمت هذا النوع من العمل الفدائي في الحرب العالمية واستخدمه
"البوير" في جنوب أفريقيا واستخدمته مصر ضد الإنجليز وهكذا فالفدائيون
قوم حل بهم ظل وساءهم ما نزل بوطنهم من هدم وتخريب لبيوتهم ومؤسساتهم الاجتماعية
أو لقومهم من ذل واستبعاد واحتلال الوطن والفدائي شخص وطني عنده استعداد للتضحية
بالعزيز عليه والنفيس لديه حتى يحرر وطنه ويرفعه بنو قومه رؤسهم وتعلو هاماتهم
فالفدائي الصادق عميق الإيمان بالحرية وعنده يقين صادق بنزعة وطنية وغيرة على حق
قومه، ويندفع إلى عمه بهمة ونشاط يرجو ثواب ربه وتحرير وطنه لأن حب الوطن من
الإيمان ونحن في حاضرن نؤيد ما يقوم به العمل الفدائي في فلسطين، ونناشد إخواننا
في العراق توجهوا بأعمالكم إلى العدو والغاصب الذي مزق دولتكم ودمر تاريخكم،
وأمتنا لا يصلح حاضرها إلا بما صلحت به في ماضيها من التمسك بالحق والدفاع عن الحق
والاستمساك بالعروة الوثقى والاعتصام بحبل الله القوي ذي البطش الشديد.
فالعمل لتحرير الوطن لا يندرج تحت عنف أو إرهاب أو عمل تخريبي
لأنه دفاع عن وطن محتل من غاصب ينتهك العرض ويدمر ويخرب فنعمل على طرد الغاصب
المستعمر والعمل الفدائي له ثواب وأجر عظيم، إن الله لا يحب الظالمين ولا يقر عمل
المفسدين في الأرض والمعتدين على عباد الله في أوطانهم ونؤمن بأن بطش ربك شديد
وعذابه أليم ورهيب والناس بسبب ظلمهم يستعملون العنف كرد فعل لما يحدث من الجبابرة
المفسدين ولو أن هيئة الأمم المتحدة أمسكت بميزان الحق وقالت للظالم قف لاعتدل
ميزان العدل وراجع الظالم نفسه ألف مرة لكن للأسف ميزان الأمم المتحدة ترجح كفته
مع الدولار والاسترليني وما أحداث العراق والبوسنة والهرسك وأخبار كشمير والسودان
وغير ذلك كثير ثم فلسطين من قبل ومن بعد عنا ببعيد وللأسف الأمم المتحدة تقول
للمنكوب معلهش وللظالم اجدعن شد حيلك وميهمكش قراراتنا دي فرقعة نسكت بها المنكوبين
ونعلن على الدنيا دي أعمال عنف وإرهاب وأصبح الدفاع عن الوطن والنفس صار إرهابًا
والإرهابي أصبح في عين الأمم المتحدة شجاعًا معايير آخر فعلينا أن ننتبه ونأخذ
حذرنا وندافع عن حقنا ونفكر في إنشاء هيئة أمم إسلامية لنقيم ميزان العدل والحق
هل السائح جاسوس
على البلد التي ينزل إليها؟
سؤال يرد على فكر البعض
لأنهم يتهمونه بالتعرف على أحوال البلد التي ينزل إليها يتعرف على مداخلها
ومخارجها. والأماكن العامة وغيرها ولكن نقول لهؤلاؤ إن القمر الصناعي لم يترك
شباكًا ولا بابًا إلا وأرشد إليه ولذلك يسألون ما حكم السائح؟ فنقول لهم هو إنسان
يحب السفر والانتقال والتمتع بالمناظر الجميلة التي يبحث عنها لأن البلاد تختلف في
مناخها وهوائها وشمسها ومساحتها الخضراء وأنهارها وهكذا وهناك من يعيشون التجارة
فيرحلون من بلد لبلد للتعرف على السلع المنتجة وما يلائم منها لبلده وأسعارها
وهكذا والإسلام دعانا عند القدرة على السفر والانتقال والارتحال أن نمارس ذلك.
والسائح هو الذي يدخل أي بلد بتأشيرة من سفارة تلك البلد- وهذه التأشيرة هي وصيلة
أمان وميثاق بين السائح وقيادات البلد أن يحافظوا عليه ولا يروعوه ولا يؤذوه،
والرسول عليه الصلاة والسلام يقول "من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنه وإن
ريحها يوجد من مسيرة أربعين عامًا"، ونحن لا نفتش عما في القلوب وتتعامل
بالظاهر فإن بدا من السائح ما يخالف نظم البلد والتعاليم يحاسب على تصرفاته لأن عليه
أن يراعي الآداب العامة للبلد التي هو فيها وتقاليد المجتمع وإلا تتخذ معه
الإجراءات المناسبة.
وأخيرًا الإرهاب
لقد أصبح الصراع على السيادة الكونية والسيطرة على العالم أجمع للتحكم في موازين العالم بقوة وبطش صراعًا واضحًا بأساليب متنوعة ومناهج مدروسة وخطط شاملة ولقد أصبح هذا الصراع أسلوبًا تتجه إليه بعض الدول تنفق فيه- الوقت والمال- وتبذل الجهد وتجتهد في التخطيط لهذا بدأ المجتمع الدولي يتجه إلى حلبه الصراع المعلن مرة وفي الغرف المظلمة مرات لأن الغلبة والبقاء فيه للأقوى، ولقد أسرفت بعض الدول في توفير أدوات البطش ووسائل الفتك وإثارة الخوف والذعر عن طريق وسائل الإعلام والإشاعات مسخرة كل دولة إمكانياتها لذلك علاوة على قدراتها الإبداعية في تسخير التقنية الحديثة لإنتاج أفتك ما وصل إليه الفكر البشري من صناعة الأسلحة القتالة، أو وسائل إعلام وإشاعات وتصدر ذلك إلى الدول في مناهج دراسية وقروض مالية ميسرة ليكون من وراء ذلك استغلال أكبر وأقدر طاقة على التدمير والتخريب وصناعة البارود علاوة على ما يغمر الفضاء من مخزون لوسائل الرصد والتحكم على أعلى كفاءة في التشغيل الأمر الذي جعل مصير الإنسانية على مختلف قارات الأرض وتراثها الحضاري رهينة ضغطة من إصبع شخص قد يصدر القرار وهو سكرن على زر معين يحيل الكوكب الدولي إلى قاع صفصف تتفتت حجارته وتتناثر أشلاؤه وقد نسفت الجبال ودمرت الأرض بسبب جشع الإنسان وحبه للسيطرة والهيمنة ومن هنا دب الرعب والخوف والذعر في نفوس رواد العلم المادي وذلك بما صنعت أيديهم وبمخزون أحقادهم وكراهيتهم لمقاومات النماء الحضاري لبعض شعوب العالم الذي يعمل سكانه لمستقبل أجيالهم
لقد أصيبت الإنسانية بالشقاء بما صنعت أيدي هؤلاء الأشقياء لهذا قام فريق من حكماء البشر على حذر ينادون على الإنسانية أن انتهوا قبل أن تدمر الحضارة الإنسانية وأوقفوا إنتاج صواريخ الموت وقنابل الدمار، والحد من معدلات إنتاجها واجتهدوا أن تشركوا الجميع في فهم عموم كارثية هذه الصناعات وشمولها لخراب العالم وتدميره.
ونحن نوقن بأن التكنولوجيا طوت الزمان وقربت المكان ومحيت المسافات مما يسهل بطش هذه الصناعات بالكوكب الأرضي وينشر لظى شظاياها فيطول لهيبها كل مكان حتى تكتوي الإنسانية بأسرها من هذا الشر المستطير.
ولاشك أن القوى العالمية تتحرك اليوم لخلق مناخ التفوق في صناعات البارود ولهذا بدأت الدول تتجه إلى تكوين اتحاد تحت مظلة الدفاع المشترك والعمل الجماعي المترابط ولكي يكون للاتحاد ثمرته كونوا المناخ الثقافي.. والاندماج الاقتصادي ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بتوسيع مصادره وتوحيد قدراته في دائرة التركيز على منهجية العمل الجماعي.. وتأصيل تعاونياته. الأمر الذي يفرض على الدول أن تقيم جسرًا من المودة للتعاون في خلق سياسة موسعة ويكون ذلك على حساب كيانات الدول الصغيرة المبعثرة أو دول حجمت من قبل في دائرة محددة لهذا فإن على هذه الدول الصغيرة أن تتجمع لتكون قوة صد لهذا الفكر المنحرف، لأنه مؤسس على ابتلاعها وهذا ييسر لنا ما نلمسه من منهجية جادة لتجاوز التقسيمات السياسية والسطو على الدول الفقيرة لتعلو فوق فواصلها التاريخية لإقامة أشكال ونظم ورسم سياسة محددة الهدف لكيانات تترابط مع بعضها رغم بعد المسافات.. وما ذلك إلا بقصد تحقيق تكامل ثقافي وسياسي واقتصادي يكسب هذه الكيانات تفوقًا بشريًا يعزز إمكاناتها السياسية والاقتصادية ويؤمن لها مساحة كبيرة تتفوق عليها في حركة التدافع مع الآخرين.
ويتم ذلك في صراع يكون من ورائه الغلبة والتفوق في إثبات الذات وتحقيق الطموحات الدولية إن استراتيجية التفوق البشري القائمة على التخطيط وبعد النظر في التقديرات الاستراتيجية أصبحت اليوم الركن القوي لتحقيق أمن هذه الكيانات واستقرارها. ويترتب على ذلك طموحاتها العالمية في السيادة الكونية والغلبة العالمية.. حيث أصبحت تؤمن بفشل استراتيجية التفوق النووي الذي يصيبها قبل أن يصيب غيرها حيث القاعدة (من حفر حفرة لأخيه وقع فيها) إن أي كيان سياسي لا يستطيع المحافظة على وجوده وتأكيد سيادته في العالم فضلاً عن تحقيق مصالحه الحاضرة وطموحاته المستقبلية إلا عبر تخطيط دقيق للعمل والتعاون مع من تجمعه بهم مقومات أساسية واتصال جغرافي واجتماعي ثم يتم التخطيط للأسلوب الجماعي الإنساني ويؤخذ من نهج رسالات الأنبياء وفق مبدأ الاستخلاف على الأرض لعمارتها مع الالتحام بحركة المفاعلة والتدافع بين مختلف الآراء ومذاهب الاستخلاف كي يتهيأ للإنسانية أسباب الخير والفلاح والصلاح وتتراجع بسبب ذلك أسباب الفساد والخراب الذي حذرنا منه ربنا سبحانه وتعالى، ومع إيماننا القوي بأن التدافع الإنساني وتواصل الأجيال سنة من سنن الله في خلقه، هنا سؤال يفرض نفسه ماذا عسانا نفعل نحن المسلمين؟ وما هو موقفنا مما يجري حولنا؟ وكيف نتعامل مع هذا التفكير الدولي؟
أسئلة تدفعنا إلى أن يكون عندنا صحوة واعية تستشعر المسئولية تجاه الأجيال القادمة الذي يجب علينا كمؤمنين بالله ورسله أن نهيئ له مناخ الأمن والاستقرار، خاصة وأن المسلمين مهيئون لقيادة العالم لأن رسالتهم صالحه لكل زمان ومكان إن أصالة اتزاننا كمسلمين قائم على التكامل الثقافي في صياغة الشخصية المسلمة ويتم ذلك على التكامل المعرفي بمنهاج الله سبحانه لاستخلافنا على الأرض ليكون منا كمسلمين العطاء الحضاري للإنسانية في ميادين الإبداع في كل ما يحقق الأفضل للتنمية البشرية ليكون التكامل في إطار حركة البناء للمجتمع الدولي.
وفى النهاية فإن قضية تكفير الغير قضية خطيرة جدًا واستعمال العنف ظاهرة لا يقرها دين ولا أخلاق وقضية الإرهاب لا تليق بالمسلم ولا المسيحي ولا اليهودي ولا بأي إنسان في ممارسة ذلك لأن دين الله يرفض ذلك ولأن الإنسان صنعة الله كرمه وفضله على كثير من خلقه فعلينا أن نحترم الإنسان ونتعامل معه باللفظ الجميل والنظرة الآمنة المؤمنة والابتسامة الحانية التي تعبر عن الحب والتعاطف أين هذا من هذه الصراعات والمظاهرات والاعتصامات وقطع الطريق والكتابة على الحوائط بألفاظ لا تليق والشعارات التي تقطع أواصر المحبة والعلاقات الاجتماعية والتي يحاول بعض الأشخاص قضاء مآربهم الشخصية ومصالحهم الذاتية وإهمال المصالح العامة ثم أن العلاقة تقطعت بين الأولاد والآباء والأمهات، ونضبت العواطف وجفت ينابيع الرحمة وتطاول البعض على الصحابة رضوان الله عليهم
وتطاول البعض على أولياء الله ونسى الناس العهود وغاب الوفاء للأهل والأصحاب والأوطان والنتيجة هي ما نحن فيه الان تعطيل للمصالح وتبادل ألفاظ بذيئة تتردد وحرق للوثائق وتحطيم للسيارات ونوافذ البيوت وسرقت السيارات وخطف الإناث والتحرش بهن وخوف في كل مكان ودماء تسيل بلا ذنب شتات وضياع وتنابذنا بالألقاب وكل شخص يقول نفسي نفسي لا أسأل اليوم إلا عن نفسي ويالهول المصيبة والكارثة الخطيرة التي عمت معظم الدول ويتساءل الناس أهؤلاء هم المسلمون؟ نعم وكيف؟