صواريخ "تاو" ... لمسات أمريكا الأخيرة لتقسيم سوريا

الثلاثاء 29/أبريل/2014 - 08:47 م
طباعة صواريخ تاو ... لمسات
 
كشفت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية أمس عن تسلم إحدى المجموعات المسلحة في سورية تطلق على نفسها اسم "حركة حزم" عددا محدودا من صواريخ "تاو" الأمريكية المضادة للدروع والدبابات،  في تقرير لها نشرته على موقعها الإلكتروني – وذلك بقيادة عبد الله عودة 28 عاما، الذي تم اختياره لاستلام أول شحنة من الصواريخ الأمريكية، بدعوى تشكيل جيش معارض محترف جديد ومتطورفي شمال إدلب، في الوقت الذي اعتبره بعض المحللين أن صفقة الأسلحة تأتي كرد فعل من واشنطن على سياسة "الهروب إلى الأمام"، التي اعتمدها الأسد بالمضي في خوض الانتخابات الرئاسية رغم تحذيرات غربية سابقة، الأمر الذي جعل الإدارة الأمريكية تنتهج خطة سرية لزيادة الدعم العسكري للمعارضة "المعتدلة"!!
على الرغم من إعلان أعضاء الحركة أن المفاوضات واستلام الصواريخ جاء عن طريق "أصدقاء سورية"، وفقا لما قاله عودة في حوار له مع الواشنطن بوست حيث قال: "أن المانحين أوضحوا له أن عملية التسليم جرت بموافقة أميركية، وإن مسؤولين أميركيين أكدوا أنهم أيدوا تزويد حركته بالصواريخ"، ليشهد الصراع في سوريا منحنا جديدا إثر تغير موقف الإدارة الأمريكية تجاه المعارضة السورية، قرار تسليح المعارضة السورية جاء بعد رفع الفيتو الذي اتخذته الأمم المتحدة العام الماضي بمنع تسليح كلا من المعارضة أو النظام السوري، بعد استخدام الأسد للأسلحة كيميائية ضد المدنيين والأطفال، في حين رأى بعض المحللين أن قرار الموافقة بالتسليح جاء كرد فعل من واشنطن بعد اعلان  الأسد خوضه الانتخابات الرئاسية.
الاعلان كان بمثابة تدخل صارخ للولايات المتحدة الأمريكية في الصراع الداخلي السوري ودعم المعارضة السورية وعلى رأسها الجيش السوري الحر لإسقاط نظام الأسد، لتثبت إدارة أوباما ازدواجية مواقفها تجاه الصراع الدائر في سوريا، ومن أطراف النزاع السوري، وهي نفس الازدواجية التي تتعامل بها الإدارة الأمريكية حيال مناطق الصراع في الشرق الأوسط، ففي الوقت الذي وصفت فيه الجيش السوري الحر بأنه يضم عناصر جهادية وإرهابية، وأن القوات النظامية التي انشقت عن الأسد في أعقاب الثورة السورية اتجهت لأعمال البلطجة في المناطق التي خضعت لسيطرتها ضد المدنيين والنساء والأطفال، كما ضمت بين صفوفها – في ظل المعارك والاشتباكات المحتدمة بينها وبين قوات الأسد – عناصر من الجهاديين، قامت من ناحية أخرى بتمويل الجيش الحر الذي يشهد عدد كبير من كتائبه تشرذما وانقساما في المحافظات السورية الخاضعة له، كما قامت بتدريب عدد كبير من عناصر "حركة حزم" على استخدام الصواريخ الجديدة، والتي كانت قد أعلنت عنها الحركة منذ شهر تقريبا.
يذكر أن حركة "حزم" انطلقت وهي تضم 22 كتيبة من مناطق سورية مختلفة، بدعم من رئيس هيئة أركان «الجيش السوري الحر» اللواء سليم إدريس، الذي ظهر في شريط فيديو بجانب قادة الحركة، معلنا تأييده لتشكيلها، وواصفا عناصرها بأنهم "السباقون والحريصون على إنجاح الثورة وتحقيق المطالب الشعبية في إسقاط النظام بكافة أركانه ورموزه".!!
وتضم الحركة التي شكلت مطلع العام الجاري كلا من «كتائب فاروق الشمال» و«الفرقة التاسعة التابعة للقوات الخاصة» و«اللواء الأول مدرعات» و«لواء الإيمان بالله» و«كتيبة أبي الحارث» و«كتيبة أحرار السلمية» و«كتيبة الشهيد عبد الرحمن الشمالي» و«كتيبة الشهيد بكر بكار» و«كتيبة أحباب الرسول» و«كتيبة الشهيد حمزة زكريا» و«كتيبة الرشيد» و«كتيبة أبو أسعد النمر»، إضافة إلى «لواء أحباب الله» و«كتيبة الفاتح» و«لواء الستين» و«كتيبة عباد الرحمن» و«كتيبة الشهيد عبد الغفار حاميش» و«كتيبة فاروق الزعفرانة» و«كتيبة الشهيد عبد الله بكار» و«كتيبة شهداء الرستن» و«كتيبة الشهيد عمار طلاس فرزات» و«سرايا صوت الحق».
حتى الآن لم يعلق أي مسئول من الإدارة الأمريكية على صفقة "تاو"، وأوجه التعاون بين كل من إدارة أوباما وبين "الجيش السوري الحر" وبالتحديد حركة "حزم"، بل على العكس التزمت الولايات المتحدة الصمت حتى الآن، الصفقة التي من شأنها أن تقلب ميزان القوى المتصارعة في سوريا لوضع اللمسات الأخيرة في نظام الأسد، لتبدأ بعد ذلك القوى المتناحرة "داعش والنصرة والجيش السوري الحر" ببدء حربهم لتقسيم سوريا كغنيمة لسقوط الأسد، وهي نفس الصفقة التي تعبر عن سياسة أوباما في دعم أطراف النزاع في المناطق الساخنة في البلدان العربية لتزيد حالة الانقسام التي تشهدها تلك الدول، وهو نفس الأسلوب الذي انتهجته مع الحكومة المصرية في أعقاب ثورة 30 يونيو الماضي، لتدعم الإخوان المسلمين، منذ الثورة حتى الآن سواءً بالضغط على الحكومة المصرية، أو بمنع المعونات عنها، أو بفرض الإخوان في المشهد المصري شريطة رجوع المعونة العسكرية، السياسة التي تنتهجها ليس حبا في الإخوان وإنما لتحقيق مكاسبها ومصالحها الاقتصادية في تقسيم الشرق الأوسط.

شارك