أحداث فرنسا۔۔ العالم الإسلامي يدين الإرهاب وتباين مواقف الإعلام الغربي

الجمعة 09/يناير/2015 - 08:48 م
طباعة أحداث فرنسا۔۔ العالم
 
الأحداث الإرهابية التي شهدته العاصمة الفرنسية باريس مؤخرا والتي كانت ذروتها مقتل الأخوان الإرهابيين منفذو العملية الإرهابية ضد صحيفة شارل ايبدو والتي لقت استنكارا من أغلب دول العالم الغربي والإسلامي بينما كان هناك انقساما بين الصحف الغربية حول الموقف من نشر الرسوم المسيئة التي قد ادت إلى حدوث العملية الإرهابية

انقسام بين الصحف الغربية حول إعادة نشر الرسوم المسيئة

انقسام بين الصحف
انقسمت مواقف وسائل الإعلام العالمية حيال الرسوم المتعلقة بالنبي محمد، والتي سبق أن نشرتها صحيفة "شارلي إيبدو" ونظر العديد من المسلمين إليها باعتبارها مسيئة، خاصة وأن الإسلام يحظر تصوير الأنباء. فبعد الهجوم الدموي على مقر الصحيفة باتت وسائل الإعلام أمام المفاضلة بين خيارين: حرية التعبير والأمن الشخصي.
وتبعا لهذا الانقسام، تباينت التبريرات للقرارات، فالبعض وصف القضية بأنها "حساسة" في حين رأى البعض الآخر أن منع النشر يعني "فرض رقابة" إعلامية تستجيب لمطالب من يوصفون بـ"الإرهابيين".
وقد كانت CNN من بين وسائل الإعلام التي قامت خلال تغطيتها لهذه الأحداث بوصف محتويات الرسوم، ولكنها امتنعت عن إعادة نشرها، وهو قرار تطبقه منذ بداية ظهور تلك الرسومات قبل سنوات.
وقالت ناطقة باسم CNN: "نحن دائما نناقش أفضل الطرق لمعالجة القضايا الأساسية والصور المتعلقة بها عبر جميع وسائلنا الإعلامية، وهذه النقاشات ستستمر اليوم ومستقبلا مع استمرار تطور القضية."
أما وكالة "أسوشيتد برس" التي تعتبر أكبر وكالة أنباء في العالم، فقد أكدت أن لديها "سياسة راسخة" تقتضي "عدم النشر المتعمد للصور المستفزة"، وأكد ناطق باسم الوكالة أن هذا النوع من الصور يشمل الرسومات الخاصة بالنبي محمد.
من جانبه، قال جاكسون ديل، نائب رئيس تحرير صحيفة "واشنطن بوست" في تغريدة له بموقع "تويتر" إن الصحيفة ستقوم بنشر أحد الرسوم التي سبق أن نشرتها صحيفة شارلي إيبدو في "صفحة الآراء" الخميس، ولكنه امتنع عن تحديد طبيعة الرسم المعني، مكتفيا بالقول إنه "سيساعد القراء على فهم القضية" ويعكس التضامن في الوقت نفسه.
وكان لصحيفة "نيويورك تايمز" موقف خاص، إذ ذكرت أنها ستكتفي حاليا بشرح محتويات الصور، بينما قالت شبكة NBC الإخبارية إنها ستمتنع عن بث "عناوين أو رسومات قد تعتبر مسيئة أو ذات طبيعية حساسة،" وينطبق القرار نفسه أيضا على شبكتي CNBC و MSNBC، إلى جانب شبكة ABC التي اتخذت قرارا مماثلا.
من جانبه، قال أحد كبار المدراء بشبكة CBS إن الأخيرة لم تفرض حظرا على نشر الرسومات المتعلقة بالنبي محمد، ولكنها طلبت من محرريها القيام بـ"الحكم الصائب" في الأمور التحريرية، وقد تناولت نشرة الأخبار المسائية للشبكة بعض الرسومات وعرضتها، ولكن المواد التي اختارتها لم تشمل صورا للنبي محمد.
ويبدو أن معظم وسائل الإعلام تأخذ بعين الاعتبار أن الصور الكرتونية المشابهة لتلك التي تنشرها صحيفة شارلي إيبدو مستفزة للكثير من المسلمين، وتزداد أهمية هذا المعطى بالنسبة لوسائل الإعلام التي لديها مكاتب في الشرق الأوسط، غير أن بعض وسائل الإعلام قررت التعامل بطريقة مختلفة ونشر بعض الصور التي اعتبرت استفزازية، بما في ذلك الصور التي رُسمت للنبي عام 2011، وأثارت ضجة واسعة.
وبين وسائل الإعلام التي اتخذت قرارا مماثلا مواقع BuzzFeed و Business Insider و The Huffington Post و Gawkerو The Daily Beast، وقد قام موقع  The Daily Beast بتحديث معرض صور سبق له نشره عام 2011، فيه 16 من "أكثر الأغلفة إثارة للجدل" لصحيفة "شارلي إيبدو"، وقال المحرر التنفيذي للموقع، نواه شاثمن، إن النشر لم يتم لأسباب تحريرية فحسب، بل وأيضا لإظهار التضامن مع الصحيفة الفرنسية.
وهاجم شاثمن وكالة "أسوشيتد برس" بسبب قرارها منع نشر الصور قائلا إنها "تفتقد للجرأة". كما قام موقع "واشنطن فري بيكن" المحافظ بإعادة نشر ما قال إنها "صور الكارتون التي لا يرغب المتطرفون بعرضها" واعتبر خطوته "تحية" للصحيفة الفرنسية.

العالم العربي والإسلامي: هجوم باريس غير مقبول تحت أي مبرر والدين الإسلامي يرفضه

العالم العربي والإسلامي:
تراوحت الردود الرسمية حول العالم بين الشجب وإبداء التعاطف مع ضحايا الهجوم الإرهابي، وأعلنت بعض الدول استعدادها لتقديم المساعدة اللازمة لفرنسا.
وأدانت هيئة كبار العلماء السعودية .الهجوم الإرهابي على مقر صحيفة «شارلي إيبدو»، وقال الأمين العام لهيئة كبار العلماء الدكتور فهد بن سعد الماجد، في بيان له أمس، إن «هيئة كبار العلماء تستنكر هذا الهجوم الإرهابي الذي لا يُقبل تحت أي مبرر، ويرفضه الدين الإسلامي الحنيف".
وأوضح: «إننا نذكر بما سبق أن صدر عن هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية من بيانات وقرارات تندد بالإرهاب بصوره وأشكاله كافة، وتحرم وسائله وتجرم تمويله، وتطالب العالم أجمع بأن يتخذ موقفا موحدا من الإرهاب سواء ما كان منه على مستوى الدول أو الجماعات والأفراد»، وأكدت الهيئة أن المسلمين «هم أكثر من عانى من الإرهاب وأول من تضرر من جرائمه».
من جهتها، أدانت منظمة التعاون الإسلامي الحادث الإرهابي، مؤكدة أن هذا الاعتداء «الإرهابي لا يمثل إلا مقترفيه». وأفادت المنظمة، التي تتخذ من جدة غرب السعودية مقرا لها، في بيان، أن هذه الاعتداءات الإرهابية لا تمثل إلا مقترفيها المجرمين، مجددة تأكيدها على موقفها الثابت والحازم الذي يندد بالإرهاب بجميع أشكاله وصوره، مشددة في الوقت نفسه على أن العنف والتطرف كانا ولا يزالان أكبر عدوين للإسلام، وأنهما يتنافيان مع قيمه ومبادئه الأصيلة.
وأعربت المنظمة عن أملها في سرعة القبض على الجناة، وتقديمهم للعدالة من قبل السلطات الفرنسية المعنية، معبرة عن عزائها وتعاطفها العميق مع أهالي الضحايا، متمنية الشفاء العاجل للجرحى.
وفي القاهرة، أدان الأزهر الشريف الهجوم «الإجرامي»، مؤكدا أن «الإسلام يرفض أي أعمال عنف.
ودعت كبريات المنظمات الإسلامية الفرنسية جميع الأئمة في أنحاء فرنسا إلى إدانة الإرهاب في خطبة الجمعة اليوم، وطالبت المنظمات السبع الكبرى في بيان مشترك أئمة جميع مساجد فرنسا بإدانة العنف والإرهاب من أي طرف وبأشد العبارات. كما دعت المسلمين للمشاركة في وقفة صامتة بعد صلاة الجمعة حدادا على ضحايا هجوم الصحيفة، كما حثتهم على المشاركة في الفعاليات الوطنية التي ستقام في أنحاء فرنسا. وأعربت المنظمات في البيان عن صدمتها وحزنها العميقين لمقتل الصحافيين ورجال الأمن، كما أعربت عن تضامنها مع أسر الضحايا، وكان الأزهر قد أدان أول من أمس الهجوم فور وقوعه.
كما أدان مجلس مسلمي بريطانيا، العملية الإرهابية، ووصفها أمينه العام الدكتور شجاع شافي، بأنها «عمل وحشي غير أخلاقي ضد الديمقراطية وحرية الصحافة».
من جانبه، ندد مفتي البوسنة حسين كافازوفيتش بـ«الاعتداء الإرهابي الوحشي»، الذي استهدف أسبوعية «شارلي إيبدو» أول من أمس بباريس وخلف 12 قتيلا و11 جريحا. وقال المفتي في رسالة تعزية: «أعبر عن تضامني التام مع الشعب والدولة الفرنسيين، وأدين الهجوم الإرهابي الوحشي على هيئة تحرير صحيفة (شارلي إيبدو)». وأضاف المفتي: «أدين بأشد العبارات من خططوا ونفذوا هذا الرعب ومن يزرعون الخوف. إن الحرية (..) أقوى من الخوف، وبالتالي لا يمكن القضاء عليها»، معربا عن الأمل في رؤية «القتلة وشركائهم يحالون إلى القضاء».
وفي الفاتيكان، صلى البابا فرنسيس من أجل كل الذين طالهم الهجوم الدموي ضد صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية، كما أعلن الفاتيكان. وقال البابا خلال القداس اليومي الصباحي في بيت القديسة مارثا، الذي خصص للضحايا، إن «الاعتداء في باريس يدفعنا للتفكير في هذه القساوة البشرية، في هذا الإرهاب، سواء كان إرهابا معزولا أو إرهاب دولة.. هذه القسوة التي يقدر عليها الإنسان». وأضاف: «فلنرفع الصلوات الآن من أجل ضحايا هذه القسوة، وهناك الكثير منهم. ولنصل أيضا للأشخاص مرتكبي هذه الأفعال لكي يغير الرب قلوبهم». ووجهت برقية أيضا باسم خورخي برغوليو من قبل سكرتير دولة الفاتيكان بيترو بارولان، إلى أسقف باريس عبر فيها البابا عن «تضامنه مع حزن كل الفرنسيين». وأضافت البرقية أن «الحبر الأعظم يدين مرة جديدة العنف الذي يولد مثل هذه المعاناة، ويتضرع لله لكي يقدم هبة السلام». وكان البابا الأرجنتيني أيضا نشر على حساباته في «تويتر»، بكل اللغات، رسالة: «صلوات من أجل باريس».
وكانت دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسها السعودية قد أدانت الحادثة. وأعرب مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الكويتية، عن الإدانة والاستنكار الشديدين من دولة الكويت لحادث إطلاق النار الإرهابي الذي استهدف مقر الصحيفة الفرنسية.
وأدانت دول عربية منها مصر والعراق والمغرب الهجوم أول من أمس. وأدان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «الحادث الإرهابي»، معلنا دعم مصر لعملية مواجهة الإرهاب. وقدم السيسي في برقية أرسلها لنظيره الفرنسي فرنسوا هولاند، تعازيه ومواساته لأسر الضحايا والمصابين.
وأرسل عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني، أمس، برقية للرئيس الفرنسي معزيا إياه في ضحايا الهجوم الإرهابي «الجبان». وبحسب بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني، أعرب الملك عبد الله الثاني في برقيته عن «إدانته الشديدة لهذه الأعمال الإرهابية الجبانة، وعن أصدق مشاعر المواساة بهذا المصاب الأليم، وتمنياته للمصابين بالشفاء العاجل".
كما أدانت الحكومة الليبية المؤقتة أمس الاعتداء، وقالت في بيان إن هذا «الهجوم لا يمثل قيم الدين الإسلامي الحنيف التي تحث على عدم استهداف المدنيين»، لافتة إلى أن «الإسلام رسالة ودعوة، لا انتقام وإرهاب».
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن «استنكاره للحادث الإرهابي البغيض»، ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) أن الرئيس الفلسطيني أعرب في برقية وجهها إلى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عن «إدانتنا واستنكارنا الشديدين لمثل هذه الجرائم البشعة المرفوضة دينيا وأخلاقيا». وعبر عباس لـ«الرئيس الفرنسي وشعبه الصديق ولأسر الضحايا عن صادق تعازينا القلبية، راجيا لأرواح الضحايا الرحمة، وللمصابين الشفاء العاجل، ولأسرهم الصبر والسلوان".
وشاركت دول أوروبية عدة في دقيقة صمت حدادا على القتلى أمس، تزامنا مع دقيقة صمت في فرنسا في الساعة الحادية عشرة صباحا. وفي بروكسل، وقف نواب البرلمان الأوروبي صباح أمس دقيقة صمت ترحما على أرواح ضحايا الاعتداء على الصحيفة، فيما تنظم ظهر اليوم فعاليات أخرى في المؤسسات الأوروبية التي نكست أعلامها.
وشارك مئات البرلمانيين والموظفين في هذا التكريم في ساحة البرلمان «تعبيرا عن التضامن مع المواطنين الفرنسيين والسلطات وضحايا الاعتداء الدامي»، كما قال رئيس البرلمان مارتن شولتز.
وقد تجمع مئات الأشخاص مساء أول من أمس في نيويورك وواشنطن وكندا متحدين الصقيع، تنديدا بالاعتداء ودفاعا عن حرية الصحافة.
وانضمت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد إلى نحو 300 متظاهر في واشنطن للإعراب عن تضامنها مع مواطنيها وتعاطفها مع الضحايا.
وأدان مجلس الأمن الدولي أول من أمس الهجوم الذي وصفه بـ«الهمجي الإرهابي الجبان»، مؤكدا أن أعضاء المجلس «يدينون بشدة الهجوم الإرهابي الذي لا يمكن التساهل معه، واستهدف صحافيين وصحيفة».
وفي أنقرة، نددت الحكومة التركية بالهجوم، إلا أنها حذرت في الوقت نفسه من خطر الإسلاموفوبيا. وقال وزير الخارجية مولود جاويش: «نندد بكل حزم بالإرهاب. نحن ضد الإرهاب بجميع أشكاله بغض النظر عن مصدره ودوافعه»، لكنه انتقد «العنصرية» و«كراهية الأجانب» و«الإسلاموفوبيا» في أوروبا، داعيا إلى مكافحتها بطريقة موحدة.
وشجبت حكومات دول آسيوية ذات أغلبية مسلمة أمس الهجوم الذي تعرضت له الصحيفة الفرنسية أول من أمس. وأكدت الحكومة الإندونيسية أن «العنف غير مبرر»، وشددت على دعمها جهود الحكومة الفرنسية لضبط ومحاكمة الجناة.
وأعلنت باكستان أنها تشجب الإرهاب بكل صوره ومظاهره. وقال بيان للخارجية: «نعرب عن ثقتنا في أن المجتمع الدولي سيواصل الوقوف بقوة ضد الإرهاب». وأدانت الخارجية الماليزية الهجوم، ودعت إلى «محاربة التطرف بالاعتدال، والتفاهم بين الثقافات، والاحترام». وشددت في الوقت نفسه على أنه لا يوجد أي شيء يمكن أن يبرر قتل أبرياء. كما أدانت حكومة الفلبين، التي تعاني من تمرد أقلية مسلمة، الهجوم، ووصفته بأنه «تجاهل صارخ لحياة الإنسان والحق الأساسي في التعبير عن الرأي".
وأدانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم، الهجوم الإرهابي، معتبرة أن تعرض أي إنسان بريء لأي عملية إرهابية يتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي. وأدانت أفخم استغلال حرية التعبير، والتطرف الفكري، واغتيال الشخصيات التي تتمتع باحترام من قبل الأديان والشعوب، وتوجيه الإهانة للأديان السماوية والقيم والرموز التي تكن هذه الأديان لها الاحترام، رافضة في الوقت نفسه هذا النهج، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية «إيرنا».

شارك