محمد حامد أبو النصر.. المرشد الرابع لجماعة الإخوان وخطة التمكين

الإثنين 25/مارس/2024 - 09:33 ص
طباعة محمد حامد أبو النصر.. حسام الحداد
 

نشأته:

ولد محمد حامد أبو النصر في 25 مارس 1913 في منفلوط التابعة لمحافظة أسيوط في مصر، وتنتمي أسرته إلى الشيخ علي أحمد أبو النصر أحد رواد الحركة الأدبية في مصر، واحداً من علماء الأزهر الشريف المعدودين في عصره، حصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة، ثم تفرغ لرعاية أملاك الأسرة التي كانت واسعة الثراء.

دعوته:

دعوته:
التقى بحسن البنا مؤسس دعوة الإخوان في أواخر عام 1933م حيث بايعه على العمل في سبيل الله فكان أول من انضم إلى صفوف الإخوان في صعيد مصر، ثم تدرج في مواقع المسئولية  من نائب شعبة منفلوط  حتى أصبح عضواً في الهيئة التأسيسية (مجلس الشورى العام) ثم عضواً في مكتب الإرشاد العام للجماعة. تعرض أبو النصر للاعتقال والسجن وحكم عليه في أحداث 1954م بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة (25) عاماً قضى منها عشرين عاماً في السجون المصرية ، حتى خرج في منتصف عام 1974م ليواصل عطاءه للجماعة حتى اختير مرشداً عاماً لها خلفاً للمرشد الثالث الأستاذ عمر التلمساني، وكان ذلك في مارس سنة 1986.
كان من الرعيل الأول الذي لازم مؤسس الجماعة، كان شاهد عصر بأكمله، راوية لوقائعه وحوادثه، أمسك دفة دعوة الاخوان في انطلاقاتها الاجتماعية والسياسية الأخيرة التي بلغت بها مجالس النقابات والمدن، وتحت قبة البرلمان.
وقد عاشت جماعة الإخوان المسلمين في عهده أحداثاً بارزة على الصعيد السياسي، كان أهمها ترسيخ الوجود الفعلي لرموزها في العديد من النقابات المهنية، ونوادي التدريس الجامعية والجمعيات الأهلية.
خاضت الجماعة في عهده الانتخابات النيابية في ابريل 1987م متحالفة مع حزب العمل والأحرار، مما أتاح لها دخول 36 نائباً إخوانيًا لأول مرة في تاريخ الجماعة إلى مجلس الشعب وأدى إلى قيادتها للمعارضة بشكل فعلي، كما خاضت الجماعة التجديد النصفي لمجلس الشورى عام 1989م وقاطعت انتخابات البرلمان سنة 1990م وتبعتها بقية أحزاب المعارضة احتجاجا على استمرار العمل بقانون الطوارئ، وعدم وجود ضمانات كافية لنزاهة الانتخابات.. وفي عام 1992م خاضت الجماعة انتخابات المجالس المحلية.
في عام 1993م رفضت قيادة الجماعة منح التجديد للرئيس مبارك لفترة رئاسية ثالثة مما اثار غضب السلطة عليها، وأحال (82) رجلاً من قياداتها إلى المحاكم العسكرية عام 1995م والتي قضت بسجن (54) عضواً من الرموز المعروفة،  ثم شاركت الجماعة أيضاً في انتخابات مجلس الشعب التي جرت في شهر نوفمبر 1995م.
أما أبرز الإنجازات على المستوى الداخلي للجماعة فكانت نجاح القيادة في استكمال الهيكل الإداري والتنظيمي من خلال تنفيذ مبدأ الشورى في اختيار القيادات على جميع المستويات حتى عضوية مكتب الإرشاد، وذلك لأول مرة منذ أكثر من أربعين عاماً.

خطة التمكين:

خطة التمكين:
حدثت في عهده أشد وقائع الإخوان خطورة، وهي كشف خطة التمكين وكشف إعاده إنتاج الجهاز السري.
فرغم ما تعلنه الجماعة دوما من عدم طموحها في الوصول للسلطة، فإن الواقع عكس ذلك، فالكثير من الوثائق التي تسربت من داخلها في السنوات الماضية تؤكد أهداف وطموحاتها في الوصول إلى السلطة والسيطرة على كافة الأجهزة التنفيذية للدولة، ولعل وثيقة «التمكين» التي ضبطها رجال الأمن المصري في مكتب خيرت الشاطر بشركته «سلسبيل» التي عُرفت القضية باسمها «قضية سلسبيل» واتهم فيها الإخوان بغسيل الأموال وتلقى أموال من الخارج تؤكد رغبة الجماعة الملحة في الوصول إلى قصر العروبة.
أثناء القبض على الشاطر ورفاقه وجد ضباط المباحث ملفاً به 13 ورقة معنون باسم «خطة التمكين» ويضم خطة شاملة لعملية التمكين التي تبدأ بالحث على التغلغل في قطاعات الطلاب والعمال والمهنيين ورجال الأعمال ومؤسسات الدولة مثل الجيش والشرطة، وتركز على ضرورة التغلغل في المناطق والفئات الشعبية، فالإخوان يعتبرون أن هذا الانتشار يزيد فرص الجماعة في عملية التمكين ويجعل مواجهة الدولة مع الجماعة أكثر تعقيداً وأكبر في الحسابات. 
الآلية الثانية التي يطرحها الإخوان هي الانتشار والتغلغل واختراق المؤسسات الفاعلة وهى الجيش والشرطة والإعلام لأن هذه المؤسسات هي الأكثر قدرة على تحجيم الجماعة، إضافة إلى اختراق الأزهر وكافة المؤسسات الدينية لما لهذه المؤسسات من قدرات واسعة وتأثير طويل المدى وكذلك المؤسسة القضائية والتشريعية التي تصفهم الخطة بأنهم لديهم فاعلية القدرة على التغيير في الموقف لصالح الجماعة.
أما الآلية الثالثة التي تنص عليها الوثيقة لتجنب ضرب خطة التمكين فهي ضرورة التعامل مع القوى الأخرى الموجودة في الشارع المصري، والقوى الأخرى بالنسبة للإخوان هم كما حددتهم الوثيقة الذين يؤثرون سلبا أو إيجابا على رسالة الإخوان مثل السلطة، ويتم التعامل معها (بالاحتواء بتوظيف أجهزتها في تحقيق رسالتها من خلال اتخاذ القرار أو تغيير نظمها) أي عملية أسلمة الدولة، والأسلوب الثاني هو التعايش بمعنى العمل على إيجاد صورة من صور التعايش مع النظام بالتأثير على الأوضاع بما يجعله حريصا على استمرار وجود الجماعة، وثالث أسلوب تطرحه الوثيقة هو التحييد أي عن طريق إشعار السلطة أن الإخوان ليسوا خطر عليها وإنهم لا يسعون للحكم، وآخر أسلوب من أساليب الإخوان في مواجهة الدولة طبقا لوثيقتهم هو تقليل فاعلية الدولة في التأثير على خطة التمكين.
ثم تأتي بعد ذلك الأحزاب السياسية وجماعات الضغط التي تعرفها الوثيقة بأنها النقابات المهنية والتجمعات العائلية والقبلية والمنظمات الدولية «لحقوق الإنسان»، وتحدد الوثيقة أساليب التعامل مع هذه القوى بالدخول والسيطرة على مراكز القرار فيها وتوجيهها من الداخل والأسلوب الثاني أنه إذا تعثر الاختراق والتوجيه من الداخل فليكن تنسيقًا وتوجيهًا من الخارج ولابد من أن يكون التنسيق في المساحات المشتركة، وإن لم توجد المساحات المشتركة فلابد من ايجاد «المصالح المشتركة".
والمفاجأة في وثيقة التمكين أنها ولأول مرة في تاريخ الإخوان المسلمين يتم اعتبار أن هناك جماعات إسلامية ومفكرين مسلمين ليسوا من أبنائها ويجب التعامل معهم بطرق مختلفة فتقول الوثيقة إن هذا القطاع يشمل جماعات ومفكرين يتفقون معنا في الرسالة ولو جزئيا وهؤلاء يتم التعامل معهم بالاحتواء والتنسيق والتعاون الكامل والتحالف وفي أضعف الظروف التحييد والتعايش، أما الجماعات الإسلامية والمفكرون المسلمون غير المتفقين مع رسالة الإخوان فهؤلاء يجب أن يتم التعامل معهم بالتوجيه والتحييد والاحتواء قدر الإمكان وتقليل فاعليتهم ضد الجماعة.
أما من حيث تكوين الأفراد والبناء الهيكلى فإن الوثيقة تؤكد على ضرورة رفع قدرات الأفراد «العناصر الإخوانية» على التأثير في المجتمع بحسب ظروف تنفيذ الخطة وتؤكد على أن الانتشار في المجتمع هو: صلب خطة التمكين وضرورة الحوار والإقناع لجميع فئات المجتمع وذلك عن طريق
تنمية حلقات القيادة والقدرة على تحريك المجموعات -
إحداث التوازن بين الدعوة الفردية المتمركزة في «عملية الاستقطاب» والدعوة العامة. 
رفع قدرة الأفراد على اختراق المؤسسات الفاعلة «الجيش والشرطة والإعلام» دون فقدان الهوية «الإخوانية -
 رفع قدرة الأفراد على التعامل مع المعلومات.-
ويأتي الطرح الأهم لوثيقة التمكين في تنفيذ الخطة، ثم تأمينها أثناء التنفيذ وحمايتها من الاختراق على مستوى القطاعات بداية من قطاع الطلاب ثم العمال ثم المهنيين ثم رجال الأعمال ثم الطبقات الشعبية، وبالنسبة لاختراق المؤسسات الفاعلة فيأتي الإعلام ثم المؤسسات الدينية ثم القضاء ثم البرلمان أما من حيث التعامل مع القوى السياسية أو الدينية الأخرى فتضع الخطة السلطة على رأس الأولويات ويأتي بعدها الأقباط ثم العرب والنوادى وجماعات الضغط والأحزاب كخطوة واحدة ثم الجماعات الإسلامية، أما مسألة إدارة الدولة فتأتى الجامعة على رأس القائمة وبعدها المهنيون ثم المؤسسات العامة ثم المؤسسات ذات الرسالة المحددة وأخيرا المؤسسات الاقتصادية «التمويل».
أما من حيث الأولويات داخل الخطة نفسها فتعطى الخطة نسبة 40% لاستمرار الخطة تحت أى ظرف و30%  لإعداد البناء الداخلى والهياكل والأفراد و20% للنهوض بالمجتمع.
وتأتى ثانى أهم الوثائق التى كشفت مخطط الجماعة وأحدثت قلقا لها هى وثيقة «فتح مصر» التى حكم القضاء المصرى بصحتها ونسبها إلى المهندس خيرت الشاطر نائب مرشد الجماعة لتوزيعها على المكاتب الادارية للإخوان في كل محافظات مصر، إضافة إلى اعترافات مرشد الجماعة السابق محمد مهدى عاكف بصحة هذه الوثيقة فيما بعد.
وتقوم على شقين أساسيين،
الأول: نظرى،
والثانى: حركى،
ويقوم «الشق النظري» على التحول من سرية الجماعة في عملها إلى العلنية، وإثارة حالة من الجدل والحضور الإعلامي حول الإخوان المسلمين كجماعة وككيان سياسي، وحول شعار «الإسلام هو الحل» كطرح أيديولوجي، ليصبح الإخوان وحدهم ممثلين للتيار الإسلامي السياسي.
أما «الشق الحركي» الميداني فيركز على تصفية كل الجماعات والتكتلات الإسلامية في الساحة بالضم والتفريغ والاحتواء لينفرد الإخوان بساحة الإسلام السياسي وحدهم،
وقد تحدث المهندس الشاطر في الوثيقة عن حتمية المحنة، ووجوب الصبر عند المحن والابتلاءات، وعن ضرورة الخروج من دائرة الصبر السلبى إلى الصبر الإيجابي، وحتمية الالتزام بالدعاء لله في كل الأوقات، وضمت الوثيقة عدة نقاط أهمها:
وجوب استخدام التخفي والتمويه لتحقيق خطة التمكين والتخفي والتمويه يكون في الأهداف والغايات لا في الوسائل.-
استخدام المرحلية أي التدرج في الخطوات، والمرحلية تعنى إقامة محطات الدعوى -
وتشير الوثيقة كذلك إلى هدف أساسي لجماعة الإخوان المسلمين وهو تصفية كل التيارات الإسلامية الأخرى والعمل على أن يظهر الإخوان أمام الناس في صورة من يمثل الإسلام وحدهم دون غيرهم.
وتحدثت الوثيقة عن وحدة العمل الإسلامي ومخاطر التعددية وفق ما طرحه المفكر الإخواني فتحي يكن في الآتي:
أ - أعطت التعددية كثيراً من المسلمين مبررات للهروب من الانتماء الحركي.
ب - فتتت القوى الإسلامية وأضعفتها.
ج - سهلت على أعداء الإسلام عملية تصفية الاتجاه الإسلامي باستفراد كل كيان على حدة.
د - أفرزت حساسيات ومنافسات لدى أتباع كل تنظيم من الآخر.
ه - أدت إلى تأخر العمل الإسلامي.
وتقول الوثيقة: من هنا ينبغى علينا أن ندرك وجوب تصفية أي تيار إسلامي آخر إما بضمه أو تفريغه أو احتواؤه مع عدم استعجال النتائج. كما يجب أن ندرك أهمية أن نظهر أمام الناس في صورة من يمثل الإسلام وحدنا دون غيرنا حتى تستقر هذه الصورة في أذهان الجماهير وبالتالي تنتفي تدريجياً عن الآخرين

النشاط السياسي الإسلامي:

النشاط السياسي الإسلامي:
شارك أبو النصر في بداية حياته في العمل الاجتماعي والإسلامي، فكان:
    عضوا في جمعية الإصلاح الاجتماعي في منفلوط سنة 1932.
    عضوا في جمعية الشبان المسلمين سنة 1933.
    عضوا في جماعة الإخوان المسلمين سنة 1934.
    عضوا في مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين.
    مرشدا عاما للإخوان بعد وفاة الأستاذ عمر التلمساني في سنة 1986.

في السجن:

في السجن:
تم القبض على حامد أبو النصر مع زملائه من مكتب الإرشاد وغيرهم من أفراد الجماعة عام 1954 عند اصطدام الثورة المصرية بالإخوان المسلمين وحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة، وظل في المعتقل حتى خرج في عهد الرئيس محمد أنور السادات.

العودة إلى النشاط السياسي:

العودة إلى النشاط
بعد خروجه من المعتقل عاود نشاطه الدعوي في جماعة الإخوان، فاختير مرشدا عاما للإخوان بعد وفاة الأستاذ عمر التلمساني في سنة 1986. في فترة توليه مرشدا للجماعة دخل أكبر عدد من الإخوان في مجلس الشعب المصري، وشهدت الجماعة نموًا مطردًا.
من مؤلفاته:
    حقيقة الخلاف بين "الإخوان المسلمين" وعبد الناصر.

وفاته:

تُوفي محمد حامد أبو النصر في القاهرة فجر يوم السبت 20 يناير عام 1996م عن عمر ناهز 83 عاما.

شارك

موضوعات ذات صلة