"أحاديث تؤسس لدونية المرأة".. كتاب ينتصر للنساء
الأحد 01/فبراير/2015 - 07:24 م
طباعة

اسم الكتاب: أحاديث تؤسس لدونية المرأة
المؤلف: حسام الحداد
الناشر: دار بن رشد – الطبعة الأولى – القاهرة 2015

في كتابه الجديد "أحاديث تؤسس لدونية المرأة"، والصادر عن دار بن رشد"، ينطلق المؤلف "حسام الحداد" من أن الإسلام قد أجاز الاجتهاد، وأعطى للمجتهد المخطئ أجرًا قبل المُصيب، انطلاقا من السعي للتفكير الحر دون خوف أو محظورات، وأن ما سوف يقدمه إنما هي اجتهادات خاضعة للنقاش وللحوار، وإذا كانت الاجتهادات خاضعة دائما لظروف تاريخية، وأن تفسير النصوص مرتبط بشكل كبير بحاجات كل زمن وثقافته، وجب علينا أن نقدم اجتهادنا الذي يتناسب مع روح وآليات عصرنا واحتياجاتنا.
ويقول في مقدمة كتابه "في القضية التي نحن بصددها وهي كيفية تناول الأحاديث " للمرأة" وكيف أن هناك كثيرًا من الأحاديث التي تؤسس لدونيتها بجانب بعض الأحاديث التي تعطيها جزءًا من حقوقها، نجد أن الخطاب القرآني قد أحدث نقلة نوعية في لغة تخاطب النساء بالطريقة نفسها التي خوطب فيها الرجال، لذلك فقد عبر عن وعي جديد دخل فيه الخطاب في حالة صراع مع الوعي الذي تمثله اللغة، وذلك وفق بنية مركبة من أرضية سياسية وفكر ديني في الثقافة العربية، وبقدر ما كانت كفة ميزان هذا الصراع تميل نحو الوعي الجديد، كان وضع المرأة يتنامى، بينما كان الصراع في عصور التأخر والانحطاط يميل ناحية الوعي التقليدي، فيتدهور وضع المرأة، إذ يتم إخفاء " النساء شقائق الرجال"، ويعلن عنهن كـ "ناقصات عقل ودين "، وتستدعي قصة خروج آدم من الجنة في صيغتها التوراتية، فتتوحد حواء مع الحية والشيطان، ويقف تراث التخلف عند "كيدهن عظيم"، ويصبح الوأد داخل اللباس الأسود، إلا من فتحتين للعينين، وهو المعادل الموضوعي لعملية الدفن على سطح الأرض، درءا للشبهات وعملا بمبدأ "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح".
وينتج هذا الخطاب " الذكوري" خضوع المرأة للرجل واستسلامها له ودخولها في منطقة نفوذه، فحين تتساوى المرأة مع الرجل، وحينما يسمح لها بالمشاركة فهي تشاركه "هو" إدارة الحركة والفاعلية، فدورها هامشي، حتى في الخطاب الذي يبحث عن حقوقها، لأنه لا يكتسب دلالاته منها شخصيا، بل هو منسوب إلى الرجل في مختلف مراحله" ويؤكد "الحداد" في كتابه، أن هذا الخطاب المأزوم يجد جذوره في بنية اللغة العربية التي جعلت من الاسم العربي المؤنث موازيًا للاسم الأعجمي من حيث القيمة التصنيفية، فبالإضافة إلى تاء التأنيث على مستوى البنية الصرفية، تمارس اللغة الطائفية ضد الأنثى، حيث تعامل كأقلية عبر الإصرار على حاجتها إلى الدخول في حماية الرجل، وتصر اللغة على أن يعامل الجمع اللغوي معاملة المذكر، وبهذه الطريقة يلغي وجود رجل واحد مجتمعا من النساء، فيشار إليه بصيغة المذكر لا بصيغة المؤنث، وتؤكد هذه الأمور، على دلالات في مستوى بنية الوعي، حيث تعكس وعي الجماعة ومرتبتها الحضارية.
ويضعنا حسام الحداد أيضا أمام "إشكالية الأحاديث النبوية" بقوله: إن البحث في الحديث النبوي أمر شائك وعر مملوء بالمصاعب ومحفوف بمخاطر صيحات التكفير والخروج عن الدين والملة، ولكن النيات الحسنة والصادقة التي تترافق مع الجهد والبحث العلمي الموضوعي كفيلة بتذليل تلك المصاعب والمخاطر والوعورة، وبتحريك العقول المرنة والضمائر الحية التي لا يمكن للأمة ان تتطور وتستمر بدونها." وحول مرجعية الحديث وهل هو من عند "الله" عز وجل، ام هو قول النبي (عليه الصلاة والسلام) يقول حسام الحداد "بداية لابد لنا من الاعتراف بأن الحديث النبوي ليس وحيا منزلا من عند الله عز وجل، فهو لو كان كذلك لأصبح متنه " نصه" قرآنا يقرأه المسلم عند أدائه فروض صلاته، والحديث على كل حال ظني الثبوت، نقل إلينا بالمعنى وان حاول البعض اقناعنا بدقة الرواة في نقل عين لفظ الحديث، وما يثبت ذلك اختلاف متون "نصوص" روايات الحديث الصادرة عن راو واحد واعتماد هذه الاختلافات في كتب الحديث، كذلك فإن الصحابة أنفسهم اختلفوا في جواز كتابة الحديث النبوي حيث كرهها عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وابو موسى وابو سعيد وأخرون غيرهم ونجد هذا في كتاب " الباحث الحثيث لابن كثير".
ولقد روى أحمد ومسلم والدارمي والترمذي والنسائي عن ابي سعيد الخدري قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تكتبوا عني شيئا سوى القرآن فمن كتب عني غير القرآن فليمحه".
كذلك أخرج الدارمي وهو شيخ البخاري عن أبي سعيد الخدري أنهم "استأذنوا النبي في أن يكتبوا عنه شيئا فلم يأذن لهم"، ورواية الترمذي عن ابي سعيد الخدري تقول: استأذنا النبي صلى الله عليه وسلم في الكتابة فلم يأذن لنا، وروى مسلم وأحمد ان زيد بن ثابت – أحد مشاهير كتاب الوحي – دخل على معاوية فسأله عن حديث وأمر انسانا ان يكتبه فقال له زيد: "إن رسول الله أمرنا ألا نكتب شيئا من حديثه، فمحاه معاوية".
من جهة أخرى لا يقوم الحديث النبوي بتفسير معظم القرآن ولا يشرحه كما يؤكد السادة العلماء الافاضل وغيرهم، فلا يوجد تفسير لسورة المائدة مثلًا ولا الدخان ولا الجاثية ولا غيرها من السور الطوال، مع الأخذ في الاعتبار ان الأحاديث التي تبحث في تفسير القرآن على سبيل المثال في صحيح البخاري – كتاب التفسير – لا تتجاوز نسبتها 6% من مجمل أحاديث الصحيح."
تناول حسام الحداد في كتابه هذا سبعة عشر حديثا نبويا أغلبهم من البخاري ومسلم ، هذه الأحاديث التي ينفي الحداد صلتها بسيدنا محمد (عليه الصلاة والسلام) بأكثر من طريق أحاديث مثل: (المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان) و"ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" و "النساء ناقصات عقل ودين" وغيرها الكثير من الاحاديث التي تؤسس لدونية المرأة حسب رأي حسام الحداد، وينتهي الكتاب بخاتمة لا تقل أهميتها عن المقدمة والمتن حيث يتناول فيها الامام البخاري ومنتقديه قديما وحديثا مستخلصا نتائج مهمة تتمثل في أنه:
- لا يجب تصديق القائلين بأن من يُضعِّف ولو حديثا واحدا في كتابي البخاري أو مسلم إنما يسعى لهدم السُنَّة، لأن ذلك القول هو أكذب الكذب، فإن السنة الفعلية والقولية بكل أنواعها ثابتة كالجبل الراسخ لا يمكن لأحد أن يهدمها أو يشكك فيها، لأن البخاري ولد عام 194 من الهجرة فهل ضاعت السُنَّة وضاع الإسلام قرنين من الزمان من قبل ولادته؟ فلا يجب على العقلاء الخلط بين السُنَّة بكامل مفهومها وبين كتابي البخاري ومسلم.
- يجب على العقلاء التخلص من آفة فكرية هامة عند الكلام عن هذين الكتابين على عظيم قدرهما، وهى آفة التعامل معهما كالقرآن العظيم من حيث الرفض والقبول، فلا يجب أن نعتقد بأي حال وتحت أي ظرف، حيث يجوز عقلا وشرعا رد بعض ما أخرجاه بالدليل وقبول البعض الغالب، وذلك لأن ما تضمناه بين دفتيهما إنما هو ما اجتهدوا وظنوا قدر جهدهم أنه من كلام وأفعال وأيام رسول الله، وذلك لا يعنى بالضرورة أن كله على إطلاقه صحيح لأنهم بشر يمر بهم الخطأ العارض كالسهو، ويعتريهم كذلك الخطأ المنهجي.
- لا يعتقدن أحد بأن تضعيف أو المنازعة بتضعيف حديث في كتابي البخاري ومسلم إنما يعد كما يروج الجهلاء تكذيبًا لرسول الله، فهذا محال من كل وجه، فنحن لو رأينا وسمعنا رسول الله يأمرنا لسجدنا تحت أقدامه مذعنين لأمره، ولكن الحال مع ما جُمع في الكتب يختلف عن ذلك، لأن الكلام تناقلته أجيال متطاولة لم يكونوا بالصدق ولا النزاهة والكفاءة ولا حتى الذاكرة التي تجعلنا نتيقن أن هذا الكلام أو الفعل صدر عن رسول الله إلا بالدليل، لذا فإننا حين نُضعِّف حديثا عند البخاري أو مسلم، إنما نحن نُكذِّب من نقل عن رسول الله أو حكى عنه أو عليه، ولسنا نُكذِّب المصطفى ولا نستطيع وحاشانا أن نفعل.
- كما يجب التوضيح أنه ليس كل ما بين دفتي البخاري ومسلم كلاما قاله الرسول أو فعله أو ما يعرف في علم مصطلح الحديث أنه حديث «مرفوع لرسول الله» بمعنى أنه هو الذى قاله أو فعله، بل البخاري ومسلم وكافة المسانيد والسنن، تمتلئ بالأحاديث الموقوفة- التي تنتهى إلى صحابي -وحتى لو كان الحديث مرفوعا للرسول جاز للباحثين من خلال التقيد بقواعد القبول والرد أن يتعقبوا المتون -النصوص- والأسانيد ولا ملامة في ذلك ولا معيب.
- يجب إعادة تدوير وفهم الألفاظ المشهورة التي اخترعها شيوخ الضلال وأشهرها كلمات «الطعن والتشكيك»، لأن هذه الألفاظ ألصقت زورا وجهلا بمن يُضعِّف حديثا في البخاري أو مسلم رغم أن ذلك ليس طعنًا ولا تشكيكًا، فأما الطعن فهو أن يطعن أحدهم مثلا في شرف أو نسب أو عقيدة البخاري فهذا هو الطعن الذى نعلمه، ومثل ذلك ما وقع بين الإمام الذهلي وبين البخاري وكان بينهما ما كان، أما كلمة «التشكيك» فالتشكيك الذى نعلمه أن يخرج باحث ليشكك في الأصول التي استقراها العلماء حول الشروط التي وضعها لنفسه البخاري أو التي كتبها مسلم في مقدمة كتابه لقبول الرواية، وذلك للتشكيك في أصل جمع البخاري أو مسلم للأحاديث، فذلك هو التشكيك الحق، أما رد أحاديث بعينها عندهما فليس بطعن ولا تشكيك كما أشاع الجهلة هذه المصطلحات المكذوبة حتى باتت وكأنها الحقيقة.
- والحقيقة تقول إن البخاري ومسلم من أجَلِّ علماء هذا العلم، وكانا أكثر المتقدمين والمتأخرين من العلماء عناية وحرصا في إخراج الحديث الصحيح وهذا ما يشهد به كل العقلاء، ولكن ذلك أيضا لا يخرجهما عن كونهما بشرا ممن خلق يأكلان الطعام ويمشيان في الأسواق، فلا يصح أن يكون كتاباهما قرآنا منزلا من فوق سبع سماوات، بل الحق أن أكثر ما أخرجاه من الصحيح وأقله من الضعيف المردود لمخالفته القرآن والسنة والعقل، لذا فإننا نعتقد أنه قد آن أوان تفعيل المقولة الخالدة لإمام دار الهجرة الإمام مالك: «كل يؤخذ منه ويرد إلا صاحب هذا القبر» ولا شك أن البخاري ومسلم داخلان تحت لواء هذا الكل الذى قصده الإمام مالك.
وهنا يؤكد حسام الحداد ان كل الخلافات الاجتماعية (الاقتصادية، السياسية، الفكرية) بين الجماعات المختلفة في تاريخ الدولة الإسلامية كان يتم التعبير عنها من خلال اللغة الدينية في شكلها الإيديولوجي، فلم يكن ممكنًا ممارسة اي صراع على حلبة الخلاف حول قضايا التفسير والتأويل، أي النزاع على ملكية النصوص، والحرص على استنطاقها بما يؤيد التوجهات والمصالح التي تعبر عنها الجماعات المتصارعة، وكذلك أن تناول تاريخ الفكر الإسلامي بوصفه نزاعًا حول "الحقيقة" يمكن حسمه، هو في الحقيقة نوع من التزييف الإيديولوجي للتاريخ والفكر معا، فتاريخ الفكر ليس إلا تعبيرا متميزا عن التاريخ الاجتماعي بمعناه العميق، وسيطرة اتجاه فكرى بعينه على باقي التيارات الفكرية الأخرى لا يعنى أن هذا التيار قد امتلك "الحقيقة " وسيطر بها .
كما يؤكد الحداد على "أن سيطرة اتجاه فكري بعينه لفترة طويلة من الزمن لا يعنى ان الاتجاهات الاخرى اتجاهات ضالة أو كافرة، لأن هذه الصفات الاخيرة تعد جزء من أليات الاتجاه المسيطر لنفى الاتجاهات المخالفة . وهذا ايضا ما يتم تفعيله الآن من فصائل التيار المتأسلم تجاه مخالفيهم في الرأي .
ويختتم الحداد كتابه بقوله "إن "المستقر" و"الثابت" في الفكر الديني الراهن ينتمى في أحيان كثيرة إلى جذور تراثية هنا وهناك، قد تكون الصلة واضحة بين الآنى الراهن وبين التراث القديم (كالدعوة السلفية مثلا وارتباطها بفقه ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب)، وقد لا تكون كذلك فنحتاج إلى آليات تحليل ذات طبيعة خاصة قادرة على "الحفر"، من أجل رد الأفكار إلى أصولها وبيان منشئها الأيديولوجي، وحين ينكشف الأساس الايديولوجي لبعض ذلك "المستقر " و"الثابت " تنتفى عنه أوصاف "الحقائق الثابتة" أو ما هو معروف من الدين بالضرورة".