ائتلافات الداخل وتحالفات الخارج تحدد رئيس الوزراء العراقي القادم
الثلاثاء 20/مايو/2014 - 02:24 م
طباعة
مدخل
مع بدء المؤشرات الأولية للانتخابات البرلمانية العراقية وسط تقدم قائمة دولة القانون التي يرأسها رئيس الوزراء الحالي نور المالكي، واقترابه من الفوز بـ93 مقعدًا من مقاعد البرلمان، بدأ ماراثون تسمية رئيس الحكومة العراقي القادم، والذي يأتي عبر تحالفات انتخابية، يرفض أغلب المشاركين وجود المالكي للمرة الثالثة رئيسًا للوزراء.
التقسيم المذهبي والعرقي والتوزيع الجغرافي للعراق
يتألف العراق وفقاً لتقسيمات قومية واثنية من العرب الذي يشكلون 80%، ولهم تاريخهم وحضارتهم وهُويتهم العربية، ويشكل الأكراد في العراق ما يقرب من 20% من مجموع السكان، ويتركز أغلبيتهم في محافظات "السليمانية وأربيل ودهوك"، والعراق ذو أغلبية مسلمة حوالي 95% من السكان (شيعة من 60% إلى 65%، وسُنة من 32% إلى 37%)، ويشكل المسيحيون والصابئة واليزيديون حوالي 5%.
تتضمن منطقة جنوب العراق محافظات البصرة، ذي قار، ميسان، المثنى، النجف، القادسية، واسط، كربلاء، وبابل.. وهذه المنطقة ذات غالبية شيعية ساحقة والاستثناء منها محافظات البصرة وذي قار وبابل، حيث تتواجد تجمعات سُنية كبيرة في مناطق الزبير وأبو الخصيب ومدينة البصرة والناصرية وسوق الشيوخ وشمال محافظة بابل، كما يوجد السُنة بنسبةٍ أقل في السماوة والعمارة والشطرة والحلة، كما يوجد مسيحيون في البصرة والعمارة والحلة، وتوجد تجمعات للصابئة المندائيين في البصرة والناصرية والعمارة والديوانية والشطرة وقلعة صالح وسوق الشيوخ. وتواجد كردي فيلي وتركماني في بدرة وجصان شمال واسط.
فيما تعد منطقة ديالي ذات أغلبية عربية سُنية، والأكراد الفيلية وأقلية من التركمان والفرس والشركس والهنود وطوائف وأعراق أخرى صغيرة في بعض المناطق الشمالية والحدودية، يشكل السنة نسبة 65% إلى 80% من سكان ديالي، ويشكل الأكراد الفيلية ما نسبته 18% إلى 28% من السكان.
أما منطقة وسط العراق وشماله الغربي فتشمل محافظات الأنبار وصلاح الدين وديالي ونينوي، وذات غالبية عربية سُنية مع تواجد كبير للمسيحيين واليزيديين والشبك في محافظة نينوي، وتواجد للتركمان والأكراد في محافظات نينوي وديالي وصلاح الدين، وتواجد عربي شيعي في بلدة الدجيل وبلدة "والخالص" وأقلية شيعية في سامراء.
ومنطقة كردستان العراق تشمل محافظات السليمانية، أربيل ودهوك وتتمتع هذه المنطقة بنوع من الحكم الذاتي، وغالبية سكانها من الأكراد واللغة الكردية هي اللغة السائدة في هذه المحافظات الثلاث، أكبر وجود غير كردي في هذه المنطقة هو للمسيحيين والتركمان حيث يوجد العديد من القرى والبلدات المسيحية في كردستان العراق مثل عينكاوة وعقرة وسميل، في حين يتواجد المسيحيون في مدن دهوك وأربيل والسليمانية والعمادية، كما يتركز التركمان في كردستان العراق بمدينة أربيل.
وتعتبر بغداد بحكم أنها العاصمة، المركز الذي يجتذب سكان البلاد من جميع الطوائف والأعراق، وسكان بغداد مزيج من أعراق وأديان مختلفة مع غالبية عربية مسلمة، يشكل الأكراد فيها أقلية عرقية كبيرة، في حين يشكل المسيحيون الأقلية الدينية الأكبر في بغداد، يتبعهم اليزيديون والصابئة المندائيون والبهائيون.
وقبل عام 1949 كان اليهود يشكلون نسبة كبيرة من سكان بغداد، حيث إن نسبتهم من سكان بغداد وصلت إلى 35.3%، من مجموع سكان المدينة عام 1908، لكن عددهم انحسر بسبب الهجرة أو التهجير الذي حدث وقت تأسيس دولة إسرائيل عام 1948. كما أن المدينة كانت تضم تجمعاً للعراقيين الفرس في ضاحية الكاظمية في بغداد لكن جرى تهجيرهم من العراق خلال فترة الستينيات والسبعينيات.
وتنوعت اللغات في العراق نتيجة اختلاف القوميات وتنوع الأديان والمذاهب، فنجد بالإضافة للغة العربية، الكردية والتركمانية والسريانية والأرمنية والمندائية، بالإضافة إلى اليهودية العراقية سابقًا، كذلك تعدد اللهجات العربية باختلاف المحافظات العراقية وباختلاف موقعها الجغرافي، وأشهر هذه اللهجات البصرية والأنبارية والبغدادية والموصلية، وتعد الإنجليزية أوسع اللغات الأجنبية انتشاراً.
الوضع الأمني في العراق
تدهورت الحالة الأمنية كثيراً مع تعمق التوترات الطائفية، وتجرؤ القاعدة في العراق وجماعات المتمردين الأخرى، جراء النزاع في سوريا والأزمة السياسية العراقية، فقد نفذت هجمات يومية على المدنيين، ما جعل عام 2013 الأكثر دموية في البلاد على مدار السنوات الخمس الماضية، حيث أصبحت الهجمات الانتحارية والسيارات المفخخة والاغتيالات أكثر حصاداً للأرواح وأكثر عدداً، فقتلت أكثر من 3000 شخص، وأصابت أكثر من سبعة آلاف آخرين في الفترة من مايو إلى أغسطس 2013.
وفي المرحلة قبل الانتخابات البرلمانية شهد العراق تصعيدًا من الحرب بين تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش" مع إجراءات أمنية عالية قبيل ووقت الانتخابات، ففي الفترة من نوفمبر 2013 وحتى مارس 2014 قتل 2221 من المدنيين بينهم عدد من عناصر الشرطة العراقية، وأُصيب 4157 مواطنا، واعتبر عام 2013 هو الأكثر دموية في العراق عقب عام 2008.
كما شهدت محافظة الأنبار تظاهرات استمرت عامًا كاملًا، وقام محافظ الأنبار أحمد خلف الديلمي بمفاوضات مع رئيس الحكومة العراقية نور المالكي؛ من أجل الاستجابة لمطالب أهالي الأنبار ذوي الأغلبية السنية، ولم يتم التوصل إلى نتيجة، وفي 30 ديسمبر 2013 قامت قوات الجيش العراقي والشطرة بفك الخيام؛ ما أدى إلى إعلان 44 نائبًا سُنيًّا بالبرلمان الانسحاب، اعتراضًا على طريقة فض الاعتصام.
ولفت تقرير مجلس الأمن الدولي إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام فرض سيطرته على الرمادي والفلوجة بدعم من الأعضاء السابقين في حزب البعث ورجال العشائر المتحالفة معهم، وواصلوا التقدم في اتجاه مدينة أبو غريب في العاصمة بغداد، واستولى على أكثر من 70 نقطة من نقاط التفتيش التابعة للقوات العراقية في منطقة تمتد من شمال محافظة بابل إلى الجنوب من حافظة صلاح الدين وفي الرمادي، إلا أن القوات العراقية بالتعاون مع عدد من ميليشيات العشائر المحلية بما فيها مجالس الصحوة- استطاعت السيطرة على الأمور مرة أخرى وتدحر تنظيم "داعش".
كما شهد مطار بغداد هجومًا صاروخيًّا، أدى إلى إصابة طائرتين وعدد من المدنيين، وشهدت العاصمة 5 موجات من الهجمات الإرهابية بالقرب من وزارة الخارجية والمنطقة الدولية والقطاع الجنوبي والشمالي، وهو ما يوضح أن الوضع الأمني في العراق باستثناء مناطق كردستان العراق كان به العديد من المناطق الملتهبة، ولم تشهد استقرارًا كاملًا؛ ما دعا قوات الأمن إلى إغلاق مدينة بغداد أيام الاقتراع.
الوضع الاقتصادي
الاقتصاد العراقي يئن تحت أعباء مديونية ضخمة تقدر بحوالي 130 مليار دولار، تكدست على البلاد خلال سنوات الحروب والحصار الطويلة، وقد أدى ذلك إلى تدهور الاقتصاد بشكل حاد، ما أثر سلبًا بطبيعة الحال على المستوى المعيشي للمواطن العراقي.
ورغم أنه لا توجد أرقام رسمية دقيقة سواء من جهات وطنية داخلية أو دولية، إلا أن بعض الدراسات تشير إلى أن ربما أكثر من 50% من المواطنين العراقيين يعيشون الآن حالة فقر، وأن الدخل الفردي في العراق ربما يقل عن دولار واحد يوميًّا، وهو ما يعني أن العراقــ وهو البلد النفطي الغني- أصبح يُصنَّف ضمن الدول الواقعة تحت خط الفقر.
2005 أول حكومة منتخبة في العراق
إبراهيم الجعفري
في «مجلس حكم» بول بريمر، كانت هناك 4 تنظيمات رئيسية لها دور كبير في تشكيل الحياة السياسية العراقية، تنظيمان شيعيان: «الدعوة» ويترأسه رئيس الوزراء العراقي نور المالكي و«المجلس الأعلى للثورة الإسلامية - تأسس عام 1983»، ويترأسه الآن عمار الحكيم، وحزبان كُرديان: «البارتي» و«الاتحاد الوطني الكردستاني- تأسس عام 1975»، ولم تكن هناك معارضة قوية تتمثل في أحزاب تخترق النسيج الوطني العراقي، وهو ما عبر عن عوامل لا اندماجية في الجسم العراقي، ظهرت ملامحها في فترة ما بعد صدام حسين.
في 30 يناير 2005 أُجري أول اقتراع في الانتخابات العراقية، انتخابات الجمعية الوطنية الانتقالية، والذي يُسمى أيضًا بالبرلمان المؤقت أو مجلس النواب العراقي المؤقت.
حيث صوّت العراقيون لاختيار 275 عضوًا في الجمعية الوطنية الانتقالية (مجلس النواب العراقي المؤقت)، وبالإضافة إلى انتخاب البرلمان المؤقت تم الاقتراع على المجالس البلدية لمحافظات العراق، والاقتراع على المجلس الوطني الكردستاني الذي هو بمثابة برلمان إقليم كردستان في شمال العراق.
وفي انتخابات برلمان 2005 التي كانت بطريقة القوائم المغلقة انضم لقوائم السباق تنظيمان فئويان أيضاً: «التيار الصدري» والحزب الإسلامي العراقي واجهة سياسية لجماعة الإخوان ببلاد الرافدين.
وفاز الائتلاف العراقي الموحد، والمدعوم ضمنيًّا من قبل المرجع الشيعي على السيستاني بنحو 48٪ من الأصوات، وحل التحالف الوطني الديمقراطي الكردستاني في المرتبة الثانية مع 26٪ من الأصوات، وجاء حزب رئيس الوزراء إياد علاوي، والقائمة العراقية والثالث بنسبة 14%.
وتم تشكيل حكومة برئاسة إبراهيم الجعفري، الرئيس السابق لحزب الدعوة الشيعي، وكانت الحكومة الانتقالية أول حكومة ذات أغلبية شيعية، وأول حكومة يتولى الأكراد فيها نحو ربع المناصب البارزة، حيث قاطع السنة انتخابات 2005، ما حدا بالشيعة والأكراد الفائزين بأغلبية الأصوات، إلى توجيه دعوات لشخصيات سنية أساسية، للاشتراك في الحكومة، حيث كانوا يدركون أن من دون تمثيل سني في الحكومة تتضاءل الحظوظ في انضمام الطائفة السنية إلى النظام الجديد.
وأقر البرلمان العراقي التشكيلة الحكومية الجديدة بأغلبية 180صوتًا، ومعارضة 5 أصوات وغياب 90 عضوًا، وبقيت 7 حقائب وزارية شاغرة هي: النفط والدفاع والكهرباء والصناعة وحقوق الإنسان، ونائبان لرئيس الوزراء، وتولى إبراهيم الجعفري وزارة الدفاع وأحمد الجلبي وزير النفط بشكل مؤقت.
وجدير بالملاحظة أن توزيع الحقائب الوزارية غلب عليها طابع المحاصصة الطائفية والعرقية، حيث اعتمد مبدأ التوافق لإرضاء أكبر عدد ممكن من قطاعات الشعب العراقي.
المالكي رئيسًا للحكومة 2006
نوري المالكي
أجريت في 15 ديسمبر 2005 انتخابات البرلمان العراقي، وبعد التصويت على الدستور العراقي الدائم الذي تم في 15 أكتوبر 2005؛ والغرض من هذا الانتخاب كان اختيار 275 عضوًا في مجلس النواب العراقي "البرلمان"؛ ليقوموا بدورهم بتشكيل حكومة تتولى السلطة لمدة 4 سنوات، عوضًا عن الحكومات المؤقتة التي تولت السلطة في العراق منذ الإطاحة بالرئيس السابق صدام حسين.
وكانت الائتلافات الرئيسية في الانتخابات البرلمانية هي: الائتلاف العراقي الموحد وضمت الأحزاب الشيعية الدينية مثل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، وحزب الدعوة الإسلامية وحركة مقتدى الصدر، والتحالف الكردي: وضمت الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، والقائمة العراقية الوطنية وكانت عبارة عن تحالف وطني علماني بقيادة رئيس الوزراء السابق إياد علاوي، وقائمة المؤتمر الوطني العراقي وكانت عبارة عن تحالف وطني منافس بقيادة أحمد الجلبي، بالإضافة إلى عدد من التجمعات السُنية، تحت مسمى جبهة التوافق العراقية وأحد أهم الأحزاب المشاركة فيها هو الحزب العراقي الإسلامي.
في 20 يناير 2006، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات في العراق، أن قائمة الائتلاف العراقي الموحد التي ضمت الأحزاب الشيعية الدينية مثل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، وحزب الدعوة الإسلامية، وحركة مقتدى الصدر قد حازت على 128 مقعدًا من العدد الإجمالي لمقاعد مجلس النواب العراقي البالغ عددها 275 مقعدًا، وحلَّت قائمة التحالف الكردي التي ضمت الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني بالمرتبة الثانية، بعد حصولها على 53 مقعدًا، بينما حصلت جبهة التوافق السنية على 44 مقعدًا وحلت بالمرتبة الثالثة.
وتتألف الحكومة العراقية الجديدة من 37 وزيرًا بينهم 11 وزير دولة، 3 منهم دون حقائب، كما ضمت 4 نساء ووزيرين مسيحيين ووزيرًا تركمانيًّا، ويفترض أن يتم اختيار وزيري داخلية ودفاع، ووزير دولة لشئون الأمن الوطني خلال الأيام المقبلة، وقد حصل الائتلاف العراقي الموحد (شيعي) على 19 وزارة، والائتلاف الكردي على 7، وجبهة التوافق العراقية (سنية) على 6 وزارات، واللائحة العلمانية برئاسة رئيس الوزراء السابق إياد علاوي على 5، وبقيت جبهة الحوار الوطني بزعامة صالح المطلك خارج التشكيلة الحكومية.
انتخابات برلمان 2010
انتخابات مجلس النواب العراقي تم إجراؤها في العراق في 7 مارس 2010 وتنافس بالانتخابات قرابة 6281 مرشحاً بينهم 1813 امرأة، توزعوا على 12 ائتلافاً كبيراً و167 كياناً سياسياً على 325 مقعداً في البرلمان، الذي يقوم بانتخاب رئيس البلاد ورئيس الوزراء، 310 مقاعد منها موزعة على المحافظات الثماني عشرة و8 مقاعد للأقليات (5 للمسيحيين ومقعد لكل من الصابئة، الأيزيديين والشبك) و7 مقاعد تعويضية تمنح للقوائم التي تحصل على أكبر عدد من الأصوات.
التحالفات الأربعة التي حصلت على أكبر عدد من الأصوات (قائمة العراقية 91 مقعداً، يرأسها إياد علاوي رئيس الحكومة العراقية السابق، ائتلاف دولة القانون 89 ويرأسها رئيس الحكومة المنتهية ولايته نور المالكي، التحالف الوطني العراقي 70، التحالف الكردستاني 43).
قبل الانتخابات حكمت المحكمة العليا بأن قانون الانتخابات الحالي غير دستوري، وتم إجراء تغييرات في النظام الانتخابي عبر قانون انتخابي جديد، وفي 15 يناير 2010 قامت مفوضية الانتخابات بمنع 499 مرشحًا من الانتخابات؛ بسبب ارتباطهم المزعوم بحزب البعث، قبل انطلاق الحملة الانتخابية في 12 فبراير 2010، وأكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أن الاستئنافات للمرشحين الممنوعين من الترشح قد رُفضت، وأن 456 ممنوعًا من الترشح لن يشاركوا بالانتخابات، وتمت إعادة فرز الأصوات في بغداد في 19 أبريل 2010، وفي 14 مايو أعلنت مفوضية الانتخابات أنه بعد إعادة فرز 298 صندوق انتخابي، لم يثبت حدوث أي تزوير أو تغيير في النتائج، وتم افتتاح البرلمان الجديد في 14 يونيه 2010.
أفرزت الانتخابات 4 كتل سياسية كبيرة متباينة فيما بينها من مجموع عدد الأعضاء الـ 325 هي :القائمة العراقية (إياد علاوي)، وفازت بـ 91 مقعداً، قائمة دولة القانون (نوري المالكي) ولها 89 مقعداً، كتلة الائتلاف العراقي (عمار الحكيم) ولها 70 مقعداً (ضمنها الكتلة الصدرية بـ 40 مقعداً)، التحالف الكردستاني 43 مقعداً، وتوزعت الـ 32 مقعداً المتبقية على أحزاب وكتل صغيرة، ستكون عرضة للتجاذبات والمغريات بمنحها مناصب حكومية معينة؛ لكي تدخل في ائتلاف مع إحدى الكتل الكبيرة، من بينها كتلة "التوافق" (6 مقاعد)، وكتلة "وحدة العراق" (4 مقاعد)، ودعمت سوريا وتركيا والسعودية القائمة العراقية في الانتخابات بوسائل مختلفة.
وفازت "القائمة العراقية" بعدد من المقاعد في المحافظات الجنوبية، ولم تحصل قائمة دولة القانون، أو "الائتلاف الوطني" على أي مقعد في المحافظات الشمالية الغربية (نينوي، صلاح الدين، الأنبار)، ومنذ إعلان النتائج شهد العراق سجالاً سياسياً وقانونياً حول أحقية كل من إياد علاوي أو نوري المالكي بالتكليف لتشكيل الحكومة، وفق تفسيرات متضاربة لبنود الدستور.
وفاز المالكي بمنصب رئيس الحكومة عقب ماراثون طويل من المفاوضات بين الكتل المتنافسة، وتدخلات إيران وأمريكا وبعض الدول العربية.
خريطة الانتخابات البرلمانية 2014
المشهد الانتخابي في العراق خلال 2014 شاهدٌ على تفكك العديد من الكتل السياسية والقوائم والتحالفات ذات الصبغة الطائفية، التي اعتادها العراقيون في انتخابات 2005 و2010، في وقت يلمّح فيه القادة السياسيون إلى تغيير تحالفاتهم إلى أخرى عابرة للطائفية.
فقد شهدت الانتخابات التشريعية العراقية خمسة ائتلافات شيعية رئيسة، هي دولة القانون، والمواطن، والأحرار، والفضيلة والنُّخب المستقلة، وتحالف الإصلاح الوطني، وشهدت ثلاثة ائتلافات سنِّية هي متحدون للإصلاح، والعربية، وكرامة، وشهدت أربعة ائتلافات كردية هي الائتلاف الكردي الموحد، وكوران، والاتحاد الإسلامي الكردستاني، والتحالف الوطني الكردستاني.
ولكن، ثمَّة ثلاثة ائتلافات غير مذهبية وهي ائتلاف الوطنية الذي يتزعمه علاوي، والتحالف المدني الديمقراطي، وهو تحالف علماني، يضم خليطًا من القوى والشخصيات اليسارية، والقومية، والليبرالية، وائتلاف العراق الذي يموّله رجل الأعمال، فاضل الدبّاس، غير أنّ هذه الائتلافات ليست رئيسيةً في الخريطة الانتخابية، ولا يُتوقَّع أن تفوز سوى بعدد محدود من المقاعد.
فقد تتنافس القوى السياسية الرئيسية بكيانات منفردة بعدما صادقت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على 276 كيانًا لخوض السباق الانتخابي لعام 2014.
وتشير النتائج الأولية للانتخابات إلى أن المناطق السُنية لم تنتخب سوى السنة، والشيعية لم تنتخب سوى الشيعة، والكرد لم ينتخبوا سوى أكراد، دون النظر إلى منجزات أو تاريخ هؤلاء المرشحين، وهو ما يعني أن المرشح الذي ينتمي إلى طائفة أو قومية الناخب سيتشبع ناخبوه بسموم الكتل السياسية، التي تتخذ من الطوائف والمسميات الأخرى ستاراً تخفي وراءه أهدافها الحقيقية، التي لا يمكن أن تكون لمصلحة العراق بأي حال من الأحوال.
ودخل ائتلاف دولة القانون بأكثر من كيان أبرزها: "حزب الدعوة الإسلامية، مستقلون، دولة القانون، الاتحاد الإسلامي لتركمان العراق، إضافة إلى كيانات دعمته خلال المدة الماضية وهي: تيار الإصلاح الوطني، حزب الدعوة الإسلامية/ تنظيم العراق، حزب الفضيلة، تيار الدولة العادلة، منظمة بدر، الكتلة العراقية الحرة وغيرها".
كما دخلت القائمة العراقية بأكثر من كيان، سواء انفصل عنها أو ما زال منضويًا تحت لوائها، وأبرزها الوطنية، للعراق متحدون، الجبهة العراقية للحوار الوطني، حركة الحوار والتغيير، الحركة الوطنية للإصلاح، تجمع حزام بغداد، مؤتمر صحوة العراق، الحزب الإسلامي العراقي، حركة التصحيح الوطني، وغيرها.
أما كتلة الائتلاف الوطني، فقد دخلت الانتخابات أيضًا بكيانات منفردة عكس الانتخابات السابقة التي شهدت ائتلاف المجلس الأعلى الإسلامي والتيار الصدري وغيرها من كيانات، وأبرز هذه الكيانات الداخلة في الانتخابات هي: "المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، الأحرار، المواطن، المؤتمر الوطني، والشراكة، وغيرها من الكيانات السياسية".
ودخل الكرد في الانتخابات بكيانات عدة، أبرزها: "الاتحاد الوطني الكردستاني، والحزب الديمقراطي الكردستاني، والتغيير، والجماعة الإسلامية الكردستانية، وغيرها من كيانات أخرى".
وتمثل القائمة العراقية التي كانت تضم أبرز القيادات السنية- أبرز الكتل التي شهدت انقسامات وتغيرات في انتخابات 2014 عن انتخابات 2010، إذ بدأت الخلافات تظهر للعيان بعد إعلان تشكيل الحكومة العراقية عام 2010 على خلفية اتفاق أربيل وتقاسم المناصب بين الكتل والمكونات العراقية تحت مسمى حكومة الشراكة الوطنية، وخروج زعيم القائمة إياد علاوي خالي الوفاض من أي منصب، ما أثار سخط العديد من حلفائه ممن أقنعهم بالدخول في القائمة العراقية، مثل الشيخ العشائري جمال البطيخ، ورئيس إحدى الكتل النيابية الصغيرة قتيبة الجبوري، اللذين أعلنا انشقاقهما عن القائمة العراقية بعد أشهر من تشكيل الحكومة وتكوين كتلة برلمانية بمعية 7 من أعضاء قائمة علاوي سمّوها "كتلة العراقية البيضاء" التي ارتمت فيما بعد في أحضان ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي.
تحوّلت القائمة العراقية إلى قائمة سُنيّة في البرلمان لمواجهة التحالف الوطني الشيعي الذي ضم الائتلاف الوطني وائتلاف دولة القانون، لكن «العراقية» تمزّقت داخلياً إثر انسحاب العديد من النواب العلمانيين والشيعة منها، وتناقص أعضاء الكتلة في البرلمان إلى 75 نائباً.
"الائتلاف الوطني العراقي" هو الآخر شهد تفككاً، لكن الأسباب لم تكن صراعات داخلية، بل بسبب قانون الانتخابات الجديد (سانت ليغو المعدل)، الذي يميل إلى القوائم والكتل المتوسطة وليس الكبيرة، كما في انتخابات 2010، أو الصغيرة كما في انتخابات مجالس المحافظات 2013.
وضم "الائتلاف" كلا من المجلس الأعلى الإسلامي برئاسة عمار الحكيم وكتلة الأحرار بزعامة مقتدى الصدر، وحزب الفضيلة بزعامة رجل الدين الشيخ محمد اليعقوبي وتيار الإصلاح بزعامة رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري، والمؤتمر الوطني برئاسة أحمد الجلبي، فضلاً عن منظمة "بدر" برئاسة وزير النقل الحالي هادي العامري، وحزب الله العراق برئاسة أبي مصطفى الشيباني، وقوى سياسية شيعية أخرى.
قوائم جديدة
أسامة النجيفي
فيما ظهرت قوائم جديدة قوية وفي مقدمتها، ويأتي في مقدمتها كتلة "متحدون" ويرأسها القيادي السنّي البارز ورئيس البرلمان أسامة النجيفي، وهي تعد الكتلة السنيّة الأبرز في الانتخابات لرفضها تجديد ولاية رئيس الحكومة الحالي نور المالكي، فيما خرج صالح المطلك الذي يشغل منصب نائب رئيس الوزراء والمتهم من قبل شيوخ عشائر الأنبار بالتحالف سرا مع المالكي، بالقائمة "العربية".
وقد ظهرت كتل جديدة محسوبة على رئيس الحكومة العراقية الحالية نور المالكي مثل تيار "الدولة العادلة" بزعامة وزير السياحة السابق قحطان الجبوري وتجمّع "النهضة الشاملة" الذي يتزعّمه فاضل البهادلي.
يضاف إلى ذلك عدد من الكتل الانتخابيّة التي وقفت إلى جانب المالكي في سياساتها العامة في السنوات الثمانية الماضية التي أدار في خلالها البلاد، ومن أبرزها: كتلة "الصادقون" التابعة لجماعة "عصائب أهل الحق" الموالية لإيران. وهي كانت ميليشيا سابقاً قبل أن تتحوّل إلى كيان سياسي، ويتزعّمها الشيخ قيس الخُزعلي المنشق عن التيار الصدري، كذلك نجد تيار "الإصلاح الوطني" بزعامة رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري الذي يشترك مع المالكي في انتمائه إلى حزب "الدعوة"، وكان قد ترأس "الائتلاف الوطني العراقي" في الانتخابات السابقة والذي كان يضمّ معظم الأحزاب الشيعيّة، وثمّة كيانات سياسيّة أخرى أيضاً انشقّت عن حزب "الدعوة" صوريًّا، ولكنها تشترك معه في السياسات والأجندة العامة، ومن أبرزها "حزب الدعوة الإسلاميّة- تنظيم الداخل الذي يتزعمه عبد الكريم العنزي.
ائتلافات الدعم
ظهرت في الانتخابات التشريعية الأخيرة ائتلافات صغيرة محسوبة على الائتلافات الكبيرة، وهي ما يطلق عليها بعض السياسيين "ائتلافات" الدعم، وتقوم بدور الزوبان في الائتلافات الكبيرة مع بدء مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية الجديد.
فهناك ائتلافات موالية لرئيس الحكومة العراقية الحالي نور المالكي مثل "دولة القانون"، ومن أبرزها: "تجمّع الكفاءات والجماهير" بزعامة النائب الحالي عن "دولة القانون" هيثم الجبوري و"الكتلة البيضاء" التي يرأسها النائب جمال البطيخ الموالي للمالكي.
وثمّة ائتلافات أخرى أيضًا ابتعدت عن ائتلاف "دولة القانون" لضمان مصالحها في التحالف مع كيانات أخرى في حال عدم فوزه، لكنها هي أقرب من حيث السياسات إلى "دولة القانون"، وقد تحالف زعماؤها مع المالكي طوال السنوات الثمانية الماضية، ومن تلك الائتلافات "كتلة الفضيلة" صاحبة مشروع الأحوال الشخصيّة الجعفريّة المثيرة للجدل، و"ائتلاف الوفاء العراقي" الذي يرأسه النائب الحالي عن "دولة القانون" سامي العسكري، وائتلاف "أوفياء للوطن" بزعامة النائب الحالي والعضو القديم في "حزب الدعوة الإسلاميّة" عزت الشابندر.
ونجد كذلك كيانات تشترك في مصالح اقتصاديّة مع "دولة القانون"، ومن أبرزها: "ائتلاف العراق" الذي يتزعمه رجل الأعمال فاضل الدباس الذي يملك "المصرف المتّحد" في العراق، وهو صاحب صفقة أجهزة السونار التي كشفت السلطات البريطانيّة عن ملفات فساد بخصوصها، فقد اشترى الدباس أجهزة الكشف عن المتفجرات هذه لصالح الحكومة العراقيّة، من تاجر بريطاني مخادع بملايين الدولارات الأمريكيّة، ليتبيّن أنها لم تكن سوى ألعاب للأطفال، وكان ذلك في فترة حكم "دولة القانون".
قانون "سانت ليغو"
يرتبط تنامي هذا الانقسام باعتماد قانون الانتخابات نظام "سانت ليغو المعدل"، وهو صيغة رياضية في توزيع المقاعد على القوائم المتنافسة، تبناها قانون انتخابات مجلس النواب العراقي الذي صدر في نوفمبر 2013، وستجري على أساسه انتخابات أبريل 2014.
الائتلافات والتيارات أصبحت أكثر انقسامًا، وأكثر طائفيةً ممّا كانت عليه في الدورة الانتخابية السَّابقة، بل إنّ التنافس انتقل إلى داخل كلّ طائفة على تمثيلها، وهذا تكريس أعمق للطائفية السياسية، ومعروف أنّ "سانت ليغو" يسمح بوجود الكيانات والائتلافات الصغيرة، ويعطيها مساحةً معقولةً في ميدان التنافس الانتخابي؛ ولذلك عمدت الائتلافات الكبيرة في المشهد الانتخابي العراقي إلى بناء ما يمكن تسميتها بـ"كياناتٍ ظليةً" صغيرة تابعة لها، لتعود وتندمج بها، بعد حصولها على عدد من المقاعد، وحدث هذا الأمر في انتخابات مجالس المحافظات عام 2013، إذ صعدت نسبة مهمّة من الكيانات الصغيرة إلى جانب الكيانات والائتلافات الكبيرة.
وعلى الرغم من أنّ حظوظ هذه الكيانات الصغيرة في ممارسة دور سياسي فاعل ضعيفة في عملية سياسية، بالعراق التي تسيطر عليها الأحزاب والتنظيمات السياسية الكبرى، ما سيضطرها إلى الاندماج بهذه الأحزاب والتنظيمات، على نحو ما أثبتته تجربة البرلمان ومجالس المحافظات في العراق منذ عام 2005- فإنّ الكتل النيابية الكبيرة عملت على التقليل من فرص الكيانات الصغيرة، إلى الحد الأدنى، في الانتخابات النيابية المقبلة، وذلك بإدخال تعديلاتٍ على نظام سانت ليغو لتحقيق هذا الغرض.
وعلى الرغم من أنّ نظام "سانت ليغو المعدّل" يُعطي الكيانات الصغيرة فرصةً لا تتجاوز 3% من النسبة العامَّة لمقاعد مجلس النواب، بحسب ما أثبتته بعض الدراسات، فإنّ هاجس خسارة هذه المقاعد ظلّ قائمًا؛ لذلك لجأت جُلّ الائتلافات الكبيرة إلى بناء كيانات ظلية؛ لتستفيد من فرصة حصولها على المقاعد المحدودة التي يمكن أن تجنيَها الكيانات الصغيرة.
الحدّ الأقصى من الطائفية الانتخابية أنّ السمة الأخرى التي تتَّسم بها الائتلافات الانتخابية عام 2014 متمثّلة بأنها أصبحت أكثر طائفيةً، وإذا كانت انتخابات 2010 أنتجت ائتلاف العراقية الذي ضمّ نسبةً لا بأس بها من العرب الشيعة، على الرغم من أنه ائتلافٌ سنِّي (من أصل 91 نائبًا فازوا في انتخابات 2010 عن ائتلاف العراقية، كان ثمَّة 18 نائبًا من العرب الشيعة)، وأنه قد رأَسه زعيم عراقي شيعي علماني، هو إياد علاوي- فإنّ انتخابات 2014 لم تشهد أيّ مسعًى في هذا الاتجاه.
العراق يدخل أجواء مفاوضات لتشكيل الحكومة الجديدة
عمار الحكيم- نوري المالكي
بدا نور المالكي مفاوضات سريعة، للدخول في مفاوضات؛ من أجل الوصول إلى تشكيل حكومة أغلبية، وليس حكومة شراكة وطنية، فقد اتفق رئيس الوزراء نوري المالكي، مع رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم، ورئيس المؤتمر الوطني أحمد الجلبي، على مواصلة الحوار بين ائتلافي دولة القانون، والمواطن، للوصول إلى رؤى مشتركة في تشكيل الحكومة المقبلة.
وقال بيان للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي: إن الحكيم ووفدًا من ائتلاف المواطن ضم كلًا من همام حمودي وأحمد الجلبي ومحمد الأسدي وبليغ أبو كلل، زاروا المالكي في منزله ببغداد، وبحضور مستشاره عبد الحليم الزهيري وعضو ائتلاف دولة القانون ياسين مجيد والقيادي في حزب الدعوة الإسلامية طارق نجم.
وأوضح أنه تم خلال الاجتماع مناقشة الأوضاع السياسية والتطورات على الساحة العراقية وموضوع الانتخابات البرلمانية.
وأشار البيان إلى أنه "تم خلال اللقاء أيضًا الاتفاق على مواصلة الحوار بين ائتلاف المواطن وائتلاف دولة القانون؛ للوصول إلى رؤى مشتركة للمرحلة المقبلة، وتفعيل دور التحالف الوطني بما يجعله مؤسسة فاعلة وراشدة.
معارضة لولاية ثالثة للمالكي
عمار الحكيم- أسامة النجيفي- مقتدى الصدر
وتتبنى كتل سياسية، منها ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الحكومة الحالية نوري المالكي مبدأ تشكيل حكومة أغلبية، باعتبار أن حكومة الشراكة الوطنية قد فشلت في تحسين الواقع الخدمي والأمني والمعيشي في البلاد، فيما ترفض قوى أخرى إقصاءها من السلطة التنفيذية.
ويعارض بشدة تحالف اربيل النجف المكون من التحالف الكوردستاني، وكتلة الاحرار التي تمثل التيار الصدري، وائتلاف "متحدون" بزعامة رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، وائتلاف العراقية بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي تولي المالكي ولاية ثالثة، وقد أُضيف إلى هذا التحالف في الآونة الأخيرة ائتلاف المواطن بزعامة رئيس المجلس الإسلامي الأعلى عمار الحكيم.
وكان تحالف اربيل النجف، قد تشكل لسحب الثقة من رئيس الحكومة الحالية نوري المالكي، وقد جمعوا تواقيع النواب من أجل ذلك، إلاّ أن تلك الخطوة لم تنج لتراجع بعض النواب عن مواقفهم.
كما أن الائتلاف العراقي الشيعي قد اتفق خلال اجتماعه على وضع آليتين لاختيار المرشح لرئاسة الوزراء من قوى التحالف، وتقضي الآلية الأولى بأن يصوّت التحالف بجميع أعضائه على مرشحي الكتل السياسية من قوى التحالف ويتم اختيار من يحصل على أكثرية الأصوات، فيما تضمنت الثانية قيام التحالف باختيار مرشح الكتلة الأكبر داخله ليكون مرشحًا وحيدًا للتحالف لرئاسة الحكومة المقبلة، وأكد مصدر قريب من الاجتماع أن الرأي السائد داخل التحالف الشيعي حاليًا هو ترجيح الخيار الأول في عملية اختيار المرشح لرئاسة الحكومة المقبلة، باعتبار أن حزب الدعوة الذي يرأسه المالكي قد أخذ اسحقاقه ثلاث مرات من خلال تشكيل زعيم الحزب السابق إبراهيم الجعفري وزعيمه الحالي نوري المالكي ثلاث حكومات منذ عام 2005.
قال زعيم القائمة «الوطنية» إياد علاوي في المناسبة: «علينا إكرام الشعب العراقي بحكومة تترفع عن الطائفية»، مشيداً بـ «شجاعة العراقيين التي عكستها مشاركتهم في الانتخابات».
كشف الناطق باسم كتلة أحرار جواد الجبوري، عن وضع رئيس الوزراء نوري المالكي خارج إطار لعبة التحالف الوطني، مؤكداً أن محافظ ميسان علي دواي الأقرب لشغل منصب رئاسة الوزراء الجديدة.
وقال الجبوري: إن رئيس الوزراء نوري المالكي المنتهية ولايته خارج إطار اهتمام التحالف الوطني، كما أن من حق جميع الكتل المكونة للتحالف تقديم مرشحيهم لهذا المنصب.
وأضاف أن التحالف الوطني باعتباره الكتلة الأكبر، والذي ستقع على عاتقه مسئولية تشكيل الحكومة وتعيين رئيس الوزراء، ويشترط على من يتقدم لشغل هذا المنصب الامتثال لما يأمر به التحالف.
وأكد رئيس البرلمان، زعيم كتلة «متحدون» أسامة النجيفي، أن «الشعب العراقي تحدى «الإرهاب» و«العوارض المصطنعة، كإغراق بعض المدن، وذهب إلى صناديق الاقتراع»، فيما قال نائب رئيس الوزراء صالح المطلك: «لا أحد قادر على صناعة معجزة بمفرده».
أما رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، فدعا إلى «تشكيل حكومة شراكة تتجاوز كل الثغرات وتتمكن من إنهاء الملفات العالقة».
فيما يراهن رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي على إسقاط حسابات منافسيه من شركائه في التحالف الشيعي الحاكم من خلال إظهار تفوقه الواضح في الانتخابات التشريعية، التي يحاول من خلالها تحقيق مفاجأة كبرى قد تقلب الموازين رأسا على عقب وتضع البعض ممن يتطلع إلى منصب رئاسة الحكومة في موضع لا يحسد عليه.
فيما طالب العديد من السياسيون والنشطاء العراقيين ومنهم السيد أحمد الحبوبي الناشط السياسي العراقي والقومي العرب، ووأديب الجادر ونوري عبد الرزاق في مذكرة قدمة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي إبعاد حزب الدعوة الإسلامية برئاسة نوري المالكي عن الحكم، واعتبره خطوة مهمة أولى على طريق طويل لتغيير النهج السياسي الطائفي بالعراق، مؤكدين مسئولية الأمم المتحدة إزاء العراق الحضاري وشعبه المستباح.
ورأى السياسيون أن الأمم المتحدة قد أخلت بمسئوليتها إزاء الشعب العراقي حتى الآن، ولا بد من تعديل ذلك وممارسة الأمم المتحدة المسئولية الكاملة لصالح الدفع باتجاه تشكيل حكومة إنقاذ وطني، حكومة تكنوقراط مستقلة عن الأحزاب السياسية العراقية وملتزمة ببرنامج وطني يتم الاتفاق عليه مع الأمم المتحدة، ويبتعد كلية عن الأثنية والطائفية السياسية وعن التمييز بين المواطنات والمواطنين على أساس القومية أو الاثنية أو الدين أو المذهب أو الجنس أو اللغة، وينهي المعارك الجارية حالياً ويسمح بالكفاح ضد الاستبداد والانفراد بالحكم والإرهاب والفساد المالي والإداري والعسكرة، ويكرس العمل لصالح ممارسة حقوق الإنسان وحقوق القوميات.
دور القوى الخارجية في السياسة العراقية
سعت الفصائل العراقية عادة إلى استجداء القوى الخارجية- مثل الولايات المتحدة وإيران وتركيا ودول الخليج- لدعم فرصها أثناء تشكيل الحكومة، وفي هذا الصدد فإن الفترات التي تلت انتخابات 2006 و2010 توفر الكثير من الدروس التي يمكن أن تساعد واشنطن على تعظيم آمالها في المشاركة البناءة بعد الانتخابات المقبلة.
الدور الأمريكي
في عام 2006، لعب السفير الأمريكي زلماي خليل زاد، دوراً محورياً في اختيار ودعم المالكي بصفته مرشح الكتلة الشيعية ليصبح رئيس الوزراء، ما عكس وضع أمريكا باعتبارها قوة الاحتلال الأساسية، وكانت واشنطن أقل حزماً في عام 2010، حيث انتظرت نتيجة المفاوضات بين الفصائل الشيعية التي لم يبرز منها أي بديل للمالكي. وقد ركّز المسئلون الأمريكيون حينها على السعي إلى تحقيق نذر يسير من الشمولية في حكومة 2010-2014، غير أنه من وجهة نظر خصوم المالكي، بدت واشنطن وكأنها تتخلى عن المعارضة، بخلقها انطباعاً دائماً بأن الحكومة الأمريكية تدعمه بشكل ثابت لا يتأرجح.
علي خامنئي - نوري المالكي
الدور الإيراني
كانت طهران على الأرجح القوة الخارجية الأكثر تأثيراً أثناء تشكيل الحكومة ونقاط الارتكاز الأخرى في التاريخ السياسي الحديث للعراق، على سبيل المثال، أدى التأثير الإيراني على الزعيم الشيعي مقتدى الصدر إلى تقويض محاولة إبراهيم الجعفري الاحتفاظ برئاسة الوزراء في عام 2006، ووضع الأساس لإعادة تعيين المالكي في عام 2010، كما شجعت طهران إعادة تعيين الرئيس جلال طالباني أثناء تجمع لفصائل شيعية عراقية في إيران قبل انتخابات مارس 2010؛ وقد حصدت لاحقاً نتيجة ذلك من خلال توجيه طالباني بأن يعمل على تعطيل التصويت بعدم الثقة ضد المالكي في أبريل 2012.
وإيران تتمتع حاليًا بنفوذ وسط التكتلات السياسية الشيعية في العراق، وسيكون لها دور بشكل مباشر أو غير مباشر في حسم اسم رئيس الوزراء الجديد للعراق.
وأفادت وسائل إعلام إيرانية بوصول رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي رئيس المحکمة الاتحادية العليا مدحت المحمود إلى العاصمة الإيرانية طهران الزيارة، “تلبیة لدعوة وجهها له رئیس السلطة القضائية في إيران آیة الله صادق آملي لاريجاني وهو ما يشر إلى ان هنام اتصالات ومفاوضات في الوصول إلى رئيس الحكومة الجديد للعراق .
المحمود الذي مهد الطريق لولاية ثانية للمالكي العام 2010 حين اصدر قرارا يجيز تشكيل الحكومة من الكتلة الأكبر بعد إعلان نتائج الانتخابات، والتقى الرئیس حسن روحانی ورئیس مجلس الشوری الإسلامي على لاریجاني، ورئیس مجمع تشخیص مصلحة النظام آیة الله هاشمي رفسنجاني، ووزیر الخارجیة محمد جواد ظریف کلًا علی حدة.
و لا يتردد مراقبون إيرانيون وعراقيون في الاعتقاد بأن زيارة المحمود تأتي لإيجاد إطار قانوني جديد مثل الأول، بحيث يصبح الطريق سالكًا أمام الولاية الثالثة للمالكي، بعد أن كان المحمود أنجز الثانية عبر التنسيق مع المؤسسات الإيرانية.
الدور السعودي
كما سيكون للسعودية دور في الوصول إلى الحكومة العراقية، ولكن بشكل أقل تأثيرًا من إيران وربما يكون له دور في إيجاد معارضة طويلة للمالكي في توليه الحكومة لولاية ثالثة.
فقد قال رئيس ائتلاف العراق المتكون من 29 كتلة انتخابية: إن العراق لابد من أن يعود إلى حاضنته العربية، ويقيم علاقات متوازنة مع إقليمه العربي خاصة مع المملكة العربية السعودية ومصر والأردن، مشددا على أن السعودية تشكل العمق الاستراتيجي والاقتصادي للعراق، كما أن العراق هو عمق استراتيجي واقتصادي للسعودية.
وأضاف رجل الأعمال العراقي فاضل الدباس في حديث لـ"الشرق الأوسط"، في عمان أن «الأردن ومصر والسعودية لا بد أن تلعب دورا إقليميا مهما في الشأن العراقي وتدعم العملية السياسية باتجاه استقرار البلد ومن أجل مصلحة شعوبنا»، مشيرا إلى أن «العراق والسعودية يشتركان في معركة واحدة ضد الإرهاب ولن يتحقق النصر إلا بتقوية علاقات البلدين وتبادل الخطط والخبرات لإنهاء وجود ما يسمى (داعش) أو (القاعدة) وإن كان ذلك سيستغرق وقتا ليس قصيرًا.
وكان القيادي في ائتلاف "المواطن"، أحمد الجلبي، قد أعلن على صفحته على موقع "فايسبوك"، يوم الخميس، أن "المواطن قد فاز في الانتخابات، ولدينا برنامج واضح، ونريد تشكيل حكومة خدماتية، لا حكومة أحزاب إسلامية"، ودعا الجلبي إلى "تطوير علاقات العراق مع السعودية"، متهماً المالكي بإثارة الأزمات في البلاد، في سبيل الحصول على الولاية الثالثة، على حد تعبيره.
الدور التركي
صحيح أن طهران هي اللاعب الأكبر في العراق اليوم، إلا أنها ليست اللاعب الوحيد، فأنقرة مثلاً شريك لا يُستهان به في العراق، بفعل علاقاتها مع السنّة العرب، والتحالف المستجد بينها وبين بارزاني، وهناك كثير من المؤشرات يؤكد أن الأخير اختار أنقرة عمقاً إقليمياً بعدما تراجع الدور الأمريكي في العراق، وانكفأ العرب عن بغداد، وأنقرة لن تقبل بالمالكي رئيساً، صحيح أنها لم تقبل به عام 2009، ثم عادت وخضعت لرغبة أمريكية في التسوية، إلا أنها هذه المرة أشد تحفزاً لرفضه، وبين طهران وأنقرة مصالح تتعدى الخصومة في سوريا، وهو ما يؤكد أن لتركيا دورًا في عملية انتخاب رئيس الحكومة الجديد.
خاتمة
لم تشهد انتخابات 2014 أيّ مسعًى لتجاوز هذا الواقع المذهبي/العرقي، وبناء ائتلاف عابر للطائفية، من خلال حوار حقيقي، وجادّ، بين الكيانات والائتلافات التي ظلت منشغلةً بانقساماتها، إلى حدّ أنها لم تناقش حتى بناء رؤية مشتركة لمرحلة ما بعد الانتخابات، لنجد أنفسنا تلقاءَ واقعِ، تغيب فيه أيّ تفاهمات أساسية بين شركاء السياسة والوطن، في وقت يعلو فيه صوت العنف وخيار البندقية.
وكان للمراجع الدينية دور كبير في حسم الانتخابات العراقية ورئيس الحكومة، فاليوم هناك معارضة قوية من قبل عددٍ من المرجعيات الدينية لتولي المالكي حكومة البلاد لولاية ثالثة، لذلك اسم رئيس الحكومة سوف يكون عسيرًا في ظل مفاوضات تجري لتشكيل حكومة قبيل الإعلان النهائي للانتخابات العراقية.
وهذا يعنى أن ثمّة احتمالات كبيرة لظهور ائتلاف ما بين كتلة المواطن وكتلة أتباع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر والتحالف المدني الديمقراطي، أو يذهب ائتلاف كتلة المواطن وائتلاف كردي إلى ائتلاف دولة القانون في شراكة لتشكيل الحكومة.
الأمر الأخير يبقي أن سيكون هناك مفاوضات جادة وشاقة لا تخلو من تدخل المرجعيات الشيعية والدول الأطراف وفي مقدمتها إيران والسعودية وتركيا والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية من أجل تشكيل حكومة عراقية.
وإذا كان مسمى رئيس الحكومة الجديد في 2010 قد أخذ 100 يوم للوصول إلى اتفاق، ليتولى المالكي رئيس الحكومة العراقية في عام 2010، حيث لم تتغير الأوضاع كثيرًا وسط تحركات مختلفة، ورفض قوي لتولي المالكي ولاية ثالثة، ورغم أن المؤشرات الأولية تشير إلى حصول قائمة دولة القانون التي يتزعمها المالكي بـ93 مقعدًا، فإنها تعطيه سندًا قويًا ليكون رئيس الحكومة، ولكن قانون سانت ليغو المعدّل سيكون صاحب الكلمة الفصل في تشكيل حكومة العراق 2014.