وكيل الأزهر و"وهم" الاقتصاد الإسلامي

الإثنين 16/مارس/2015 - 09:20 م
طباعة وكيل الأزهر ووهم
 
شومان
شومان
كثيرة هي المشكلات والجرائم التي تُرتكب باسم الإسلام والشريعة، ومن بين هذه الجرائم أن ندعي على الإسلام ما ليس فيه، فيكتشف الآخر ادعاءنا وكذبنا فيتهم الإسلام بالكذب، فإن كانت هناك مواقف للشريعة من القضايا الاقتصادية فإن تلك المواقف لا تعد اقتصاداً بحد ذاته بمعنى أن تحتوي الشريعة دراسة منهجية لإنتاج وتوزيع واستهلاك السلع والخدمات وكيفية استغلال الموارد المحدودة لأي دولة، بقدر ماهي عرض المسائل الاقتصادية كأعمال فردية مفتوحة للتحليل الأخلاقي.
قال وكيل الأزهر، الشيخ عباس شومان، إن الشريعة الإسلامية "تمتلك رؤية اقتصادية لنظم شاملة تميزها عن غيرها من النظم الرأسمالية والاشتراكية." مضيفا أنها تتميز بموازنتها بين حاجة الفرد وحاجة المجتمع وتطلق العنان للفرد للعمل والإنتاج والتملك دون طبقية ودون تعظيم لأصحاب رؤوس الأموال.
وانتقد وكيل الأزهر بعض الذين قال إنهم "يحاولون التقليل من الفكر الاقتصادي الإسلامي ويقولون إن الإسلام هو مجرد شعائر" وتوجه إليهم بالقول: "هؤلاء يعانون من قصور في الفكر وما يحاولون الترويج له طامة كبرى، فالشريعة الإسلامية والفقه والتراث الإسلامي الذي يحاولون تشويهه يمتلك كل أسس التقدم الاقتصادي لو تم تطبيقه على أرض الواقع."
وتابع شومان، في كلمة له نقلتها البوابة الرسمية للأزهر، أنه عند تطبيق الاقتصاد الإسلامي في عهد الصحابة "كانوا أكثر ثراء من ذي قبل،" مؤكدا أن هذا الاقتصاد "يراعي جميع حقوق أبناء الوطن الغني والفقير ومحدودي القدرات ويضمن للجميع حد الكفاية" مشددا على أن أموال الزكاة "ليست منة وتفضلا من الأغنياء ولكنها حق من حقوق الله عليهم."
ومن بين إيجابيات الاقتصاد الإسلامي، وفقا لشومان، قدرته على إنهاء البطالة والإحباط قائلا إنه "لا يمكن لأي نظام وضعي أن يصل إلى رقيه" مضيفا أن هناك العديد من المعاملات الإسلامية التي تحقق الربح الوفير لأصحاب رؤوس الأموال مثل المضاربة وأنواع الشركات المختلفة التي أقرتها الشريعة، وحذر ممن وصفهم بـ"أصحاب الأقلام والفضائيات التي تحاول التشكيك في ثوابت الدين وفى مناهج الأزهر وتتهمها بأنها تعمل على نشر الفكر المتطرف."
ونوه شومان إلى مؤتمر شرم الشيخ الاقتصاد، داعيا جميع المصريين إلى "المساهمة الاقتصادية القوية"، كما رأى أن العرب والمسلمين "يواجهون استعمارا أشد قسوة من سابقيه وهو ما يطلق عليه الغزو الفكري والثقافي والاستعمار الاقتصادي، والذي يضع الأمة اليوم أمام مفترق الطرق " على حد قوله.
وقبل ان نعرض على السيد "شومان" لمحة سريعة عن ما يسميه اقتصاد اسلامي نود ان نتوجه له ببعض الأسئلة والتي حملها خطابه لنا في المؤتمر الاقتصادي:
1- اين كان هذا الفكر "الاقتصاد الاسلامي" حينما تخلفنا اقتصاديا عن الغرب طول هذه السنوات؟
2- ما هي ملامح الرؤية الاقتصادية الإسلامية من وجهة نظركم؟
3- كيف لنا أن نعود إلى عهد الصحابة ولم يكن لديهم إلا اشكال اقتصادية بسيطة وغير مركبة؟
4- هل تنادي بتطبيق الشريعة الاسلامية الآن؟ وهذا ما فهمناه من خطابك.

ومن خصائص الاقتصاد الإسلامي كما دُون في الموسوعات العلمية

ومن خصائص الاقتصاد
أهم خصائص الاقتصاد الإسلامي يمكن تصنيفها كما يلي:
شروط البائع والمشتري، والمبيع:
يقدم الإسلام نظرة واضحة لموضوع الشروط والقواعد في كل الحياة ومن ضمنها التجارة، فقد حدد الإسلام ثلاث شروط لمن يود البيع أو الشراء وهي:
البلوغ: لا يجوز لمن لم يبلغ الحلم أن يبيع ويشتري ويؤخذ ببيعه وشراءه، وفي حين أجاز الشارع شراء الصغير للأشياء اليسيرة، فقد نهى عن الأخذ ببيعه.
العقل: لا يجوز بيع وشراء المجنون، وعلى عكس الصغير الذي يجوز أن يشتري الأشياء اليسيرة فإن المجنون لا يجوز له ذلك.
عدم الحظر عليه: الشخص المحظور عليه بسبب الإفلاس أو السفه لا يجوز له أن يشتري أو يبيع في أي حال من الأحوال.
هذا وقد حدد الإسلام أيضاً شروطاً للأشياء المبيعة، وهي:
التراضي: لا يتم البيع والشراء إلا بالتراضي لقوله تعالى (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) (النساء:٢٩)
انطباق شروط البائع والمشتري على طرفا العقد: وهي الشروط السابق ذكرها.
أن يكون مالاً متقوماً: لا يجوز بيع الأشياء النجسة والمحرمة، كالميتة والخنزير والخمر.. إلخ.
أن يكون مملوكاً أو مأذوناً له في بيعه: لا يجوز أن يبيع الشخص ما ليس ملكه، طالما أن لم يؤذن له في ذلك، وفي حال قام إنسان ببيع ما ليس ملكه فهو يعتبر من بيع الفضولي وله قواعد الخاصة به.
أن يكون مقدوراً على تسليمه: لا يجوز بيع ما لا يمكن تسليمه، كبيع السيارة التي سأشتريها العام القادم.
أن يكون معلوماً ومحدداً: لا يجوز قول سأبيعك إحدى سياراتي بمبلغ كذا وكذا، لأنه لم يحدد أي سيارة سيبيعه إياها.
أن يكون الثمن معلوماً: يجب تحديد الثمن قبل العقد وإلا فإنه فاسد.

القواعد الاقتصادية:

القواعد الاقتصادية:
المشاركة في المخاطر: وهي أساس الاقتصاد الإسلامي وعماده، وهي الصفة المميزة له عن غيره من النظم، فالمشاركة في الربح والخسارة، هي قاعدة توزيع الثروة بين رأس المال والعمل، وهي الأساس الذي يحقق العدالة في التوزيع.
موارد الدولة: لا ينفرد هذا النظام عن غيره في هذا الباب إلا في وجود الزكاة كمورد ينفرد به الاقتصاد الإسلامي. وهي أشبه شيء بالضرائب. لكنها تعطى للفقراء وهي جزء صغير من أموال الأغنياء، بالإضافة إلى الجزية وهي تؤخذ من غير المسلمين ولا تؤخذ منهم زكاة وهي مقابل أن تحميهم الدولة وتوضع في أموال الدولة.
الملكية الخاصة: يحمي النظام الإسلامي الملكية الخاصة، فمن حق الأفراد تملك الأرض والعقار ووسائل الإنتاج المختلفة مهما كان نوعها وحجمها. بشرط أن لا يؤدي هذا التملك إلى الإضرار بمصالح عامة الناس، وأن لا يكون في الأمر احتكاراً لسلعة يحتاجها العامة، وهو بذلك يخالف النظام الشيوعي الذي يعتبر أن كل شيء مملوك للشعب على المشاع.
الملكية العامة: تظل المرافق المهمة لحياة الناس في ملكية الدولة أو تحت إشرافها وسيطرتها من أجل توفير الحاجات الأساسية لحياة الناس ومصالح المجتمع. وهو يخالف في ذلك النظام الرأسمالي الذي يبيح تملك كل شيء وأي شيء.
نظام المواريث في الإسلام، يعمل نظام المواريث على تفتيت الثروات وعدم تكدسها. حيث تقسم الثروات بوفاة صاحبها على ورثته حسب الأنصبة المذكورة في الشريعة.
الصدقات والأوقاف: وتعد الصدقات والأوقاف من خصائص الاقتصاد الإسلامي التي تعمل على تحقيق التكافل الاجتماعي، وتغطية حاجات الفقراء في ظل هذا النظام.
تغليب المنفعة العامة على المنفعة الخاصة عند التضارب
مراقبة السوق ولكن دون التدخل في تحديد السعر عن طريق بما يسمى المحتسب.
الشفافية - حض الإسلام على الشفافية من خلال منع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- التجار من تلقي القوافل القادمة (منع تلقي الركبان).
تمييز ما يقع ضمن الممتلكات العامة أو الفردية وليس معناه التفرقة بين الممتلكات العامة والخاصة ولكن التمييز يعنى تبعا للقاعدة الفقهية دفع الضرر العام بالضرر الخاص
المحظورات في النظام الاقتصادي الإسلامي
تحريم الربا: الربا محرم في الإسلام. بنوعيه ربا الفضل وربا النسيئة. قال تعالى :"... وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا..." البقرة 275
تحريم الاحتكار: وهو محرم من السنة والأحاديث النبوية الشريفة. لما فيه من الإضرار بمصالح العامة والاستغلال لحاجاتهم. وما يتسبب فيه من قهر للمحتاج، وربح فاحش للمحتكر.
تحريم الاتجار في القروض: القروض هي إحدى صور المال. فلا يجوز الاتجار به، إذ أن المال لا يباع ولا يشترى.
تحريم بيع ما لا يمتلكه الفرد - وذلك لمنع المخاطرة أو المقامرة.
تحريم بيع الغرر، وبيع الغرر هو بيع غير المعلوم، مثل بيع السمك في الماء، أو أنواع المقامرة التي نراها منتشرة في مسابقات الفضائيات وشركات الهواتف، اتصل على رقم كذا لتربح أو أرسل رسالة لتربح، وهي كلها من صور المقامرة التي حرمها الله عز وجل.
تحريم الاتجار في المحرمات، فلا يجوز التربح من ما حرّم الله عز وجل، من التجارة في الخمور أو المخدرات أو الدعارة أو المواد الإباحية المختلفة، وغيرها من المحرمات، لأنها لا تعتبر مالاً متقوماً في الإسلام.
تحريم بيع العينة، وهو شكل من أشكال التحايل على الربا، حيث يقوم الفرد بشراء شيء ما من شخص على أن يتم السداد بعد مدة، ثم يقوم ببيعها مرة أخرى إلى صاحبها بسعر أقل من الذي اشتراه به فيقبض الثمن، ثم يعود بعد المدة المتفق عليها ويقوم بدفع المبلغ الذي يكون أكثر من المبلغ الذي قبضه، فيكون هذا ظاهره بيع وباطنه ربا، فحرمه الإسلام جمهوراً، قال رَسُولَ الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم: ‏"‏ اِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَاَخَذْتُمْ اَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا اِلَى دِينِكُمْ ‏"

نظرة الإسلام للسوق:

نظرة الإسلام للسوق:
يؤمن الاقتصاد الإسلامي بالسوق ودوره في الاقتصاد حيث أن ثاني مؤسسة قامت بعد المسجد في المدينة المنورة هي السوق ولم ينه النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم الصحابة عن التجارة لا بل أن العديد من الصحابة كانوا من الأغنياء مثل أبو بكر الصديق، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وغيرهم.
الأدوات الاستثمارية في النظام الإسلامي
المضاربة: وهي أن يدفع صاحب المال مالاً لصاحب العمل، أو المؤسسة الاستثمارية من أجل استثماره له، على أن يتم توزيع الأرباح على أساس نسبة محددة من الربح، وليس من أصل المال، وهذا يحقق قدرا أكبر من العدالة في التوزيع عما يحقق النظام الربوي. ولا يتم توزيع الربح إلا بعد استعادة أصل رأس المال.
المرابحة: وهي أقرب شيء للتجارة العادية، أن يقوم صاحب المال بشراء سلعة من أجل بيعها بسعر أعلى. سواء كان هذا البيع الأخير آجلا أو تقسيطاً أو نقداً.
المشاركة: في المشاركة يكون الأطراف مشاركون بالمال والجهد، أو بأحدهما، وتكون ملكية النشاط التجاري مشتركة بينهم. ويتشاركون في تحمل الربح والخسارة.
الإجارة: أن يشتري صاحب المال أو المستثمر عقاراً أو معدّات بغرض تأجيرها. ويكون هذا الإيجار، بعد مصروفات الصيانة، هو ربح النشاط التجاري.
السَـلَم: وهي الصورة العكسية للبيع الآجل، ففيها يتم دفع المال مقابل سلعة آجلة. على أن تكون السلعة محددة وموصوفة وصفا يرفع الخلاف.

انتقادات:

فقد أُنتقد الاقتصاد الاسلامي لعدم تماسكه، عدم اكتماله، ولا عمليته، ولا علاقيته انه مدفوع بهوية ثقافية أكثر من رغبة بحل المشكلات. ورفضه البعض الآخر بأنه خليط من الأفكار الشعبوية  والاشتراكية، نظرياً هو لا شيء أكثر من سيطرة غير فعالة للدولة على الاقتصاد، وفي الممارسة، سياسات إعادة توزيع غير فعالة كذلك وفي سياق سياسي وإقليمي حيث الإسلاميين ورجال الدين لديهم رأي حول كل شيء، فكم هو قليل ما لديهم ليقولوه عن أكثر الأنشطة البشرية مركزية، عدا التكرار أن نظامهم ليس رأسماليا ولا اشتراكيا بينما يعتقد هؤلاء أن الشريعة الإسلامية كاملة بحكم أنها منزلة من الله.
 إن الشريعة لا تحتوي على دراسة منهجية لإنتاج وتوزيع واستهلاك السلع والخدمات وكيفية استغلال الموارد المحدودة لأي دولة، بقدر ماهي عرض المسائل الاقتصادية كأعمال فردية مفتوحة للتحليل الأخلاقي، وقد قام الاقتصادي الإسلامي وانتعش إبان الدولة الأُموية والعباسية عن طريقين أولهما: ما سمي بالفتوحات الإسلامية والثاني: الجزية التي كانت تفرض على غير المسلمين، فهل ينادي الشيخ شومان بالجزية أم بغزو الغرب لانعاش الاقتصاد الإسلامي ؟

شارك