دويتشه فيله: نفوذ تنظيم "داعش" المتزايد في دول آسيا الوسطى
الأحد 22/مارس/2015 - 01:51 م
طباعة
كل يوم تقريبا تنتشر في دول آسيا الوسطى أنباء تدور حول اعتقال مؤيدين لتنظيم "داعش"، ورغم ذلك فإن سلطات هذه الدول لا تبذل جهودا كافية لمواجهة دعاية التنظيم، كما يقول الخبراء.
يوجد في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" كما تقول مصادر مختلفة مقاتلون من 80 دولة تقريبا، بينهم أيضا أشخاص من قيرغيزستان وأوزبكستان وكازخستان وطاجيكستان وتركمانستان. وأفادت مجموعة الأزمات الدولية التي تتخذ من بروكسل مقرا لها، بأنّ تنظيم "داعش" قد نجح في السنوات الثلاث الماضية في كسب حوالي 4000 مؤيد له من دول آسيا الوسطى، وعدد مؤيدي التنظيم من هذه الدول يتزايد.
المجموعة الكازخستانية" تشارك في القتال
قدرت مخابرات كازخستان عدد مقاتلي "داعش" من البلاد في نهاية العام الماضي بـ 300 شخص. ويقال إنهم يشكلون وحدة خاصة بهم تسمى بـ "المجموعة الكازخستانية"، وعلاوة على ذلك يقال: إن نصف هؤلاء المقاتلين من النساء.
لكن التقديرات بشأن عدد المقاتلين من طاجيكستان تختلف عن بعضها البعض إلى حد كبير، فوزارة الداخلية تقدر عددهم بـ 100 ولجنة أمن الدولة بـ 300 شخص، بينما تقدر وسائل إعلام محلية هذا العدد بـ 2000 شخص. وكما أفادت وزارة الداخلية القرغيزية، فإن 230 مؤيدا من البلد توجهوا إلى سوريا، بينهم 30 امرأة تقريبا، ولقي حتى الآن 22 قيرغيزيا مصرعهم في منطقة الحرب. وتأتي أكبر مجموعة من مؤيدي "داعش" من آسيا الوسطى، فعددهم يبلغ 2500 شخص تقريبا.
لا برنامج فعال
تعي السلطات في دول آسيا الوسطى تماما الأخطار الناجمة عن تزايد العدد المستمر من مقاتلي هذه الدول. وأعرب قادة طاجيكستان وأوزبكستان وكازخستان بهذا الشكل أو ذاك عن موقفهم بهذا الشأن. بل جرت في تركمانستان مناورة عسكرية، تحضيرا لمواجهة تسلل محتمل من قبل "داعش" في البلاد.
إلا أنّ خبراء من مجموعة الأزمات الدولية يرون أنه لا يتوفر في دول آسيا الوسطى برنامج فعال لمكافحة "داعش"، فعدد العائدين إلى الإقليم من المقاتلين المؤيدين للتنظيم قليل حتى الآن؛ ولذلك يستهان بشدة بالأخطار المتوقعة من هذا التنظيم.
وهكذا، فإن السلطات المسئولة في الإقليم لا تصدر قوانين مشددة تنص على معاقبة المشاركين في تدريبات عسكرية أو عمليات حربية، إلا أن المراقبين في الإقليم يرون أن اتخاذ إجراءات قضائية وحده لا يكفي، وعلى ذلك فإنهم يطالبون قبل كل شيء بإجراء إصلاحات شاملة.
وتؤكد مديرة مركز الدراسات الجغرافية السياسية في العاصمة الطاجيكية دوشنبه غوزل مايتدينوفا أنّ أفقر دولة في آسيا الوسطى تحتاج بشكل خاص إلى إجراء تغييرات اقتصادية، "طالما تبقى مشاكلنا الاقتصادية قائمة، تبقى أيضا الأرضية الاجتماعية المناسبة بالنسبة للمجموعات المتطرفة قائمة.
لم يمر في قرغيرزستان في الأشهر الماضية أي أسبوع دون الإعلان عن اعتقال مؤيدين محتملين لتنظيم داعش. وفي طاجيكستان جرت في السنة الماضية 12 محاكمة تعرض لها متهمون بالمشاركة في عمليات حربية في الشرق الأوسط. وفي كازخستان تم في فبراير الماضي وحده الحكم على 5 أشخاص بسبب قيامهم بدعاية مؤيدة لما يسمى بـ"الجهاد" أو لدعمهم المالي لتنظيم "داعش".
إلا أن قضية الوقاية هي أكبر صعوبة تجدها دول آسيا الوسطى، فرغم أنها تحاول وقف المقاتلين المحتملين قبل مغادرتهم لدولهم، إلا أن ذلك يجري دون نجاح يذكر، فالسفر من آسيا الوسطى إلى المناطق التي يسيطر "داعش" عليها، سهل نسبيا. والسفر يتم في معظم الحالات عن طريق تركيا أو أفغانستان. ولا يتطلب دخول مواطني جميع دول آسيا الوسطى تقريبا لتركيا توفر تأشيرة. والسفر من مطار إسطنبول إلى الحدود السورية لا يتسبب في أي مشاكل.
دويتشه فيله: "فيسبوك" و"تويتر" تتحصنان أمام هجمات "داعش"
وضع موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" قواعد وشروطا جديدة للاستعمال، في محاولة لإبعاد "الجهاديين" عن توظيف الموقع لأغراضهم الإجرامية. كما يسير موقع "تويتر" على النهج نفسه. فهل تكفي هذه الإجراءات لمنع هؤلاء من تحقيق أهدافهم؟
توظف الحركات الجهادية وسائل الإعلام بمختلف أنواعها في خدمة أهدافها، وهكذا بإمكان الصحافيين والرأي العام تتبع مخططات تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف باسم "داعش" من خلال المواقع الاجتماعية. فالتنظيم ينشر بانتظام أشرطة فيديو وصورا توثق للفظائع التي يرتكبها. "تنظيم داعش يستخدم تويتر ويوتيوب؛ لأنها منصات إعلامية جماهيرية"، على حد تعبير ج.م. بيرغر الذي شارك في دراسة حديثة حول الأنشطة الجهادية للتنظيم المتطرف على شبكة تويتر، وتم نشرها مؤخرا من قبل معهد بروكينغز. إنها استراتيجية فعالة: فهناك حوالي مليار وأربعمائة مليون شخص يستخدمون موقع فيسبوك على الأقل مرة واحدة في الشهر.
يقول بيرغر: "من الصعب جدا تجنيد الناس عبر موقع سري في الإنترنت، فقنوات الاتصال القديمة لدى الجهاديين كانت تعتمد حماية كلمة السر. وكل عضو جديد كان يحتاج لتوصية من قبل عضو قديم". ثم يستطرد موضحا "حتى في المستقبل سيظل الجهاديون أكبر مستخدم لمواقع التواصل حتى وإن تمت محاربتهم هناك".
لقد زادت بعض الحكومات من ضغوطها على مواقع مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب؛ من أجل تقوية آليات محاربة الأنشطة الجهادية، وهكذا كشف موقع تويتر عن قواعد جديدة للاستخدام من أجل ضمان شفافية أكبر تمكن من استبعاد المحتويات غير المرغوب فيها. وفي ركن "المنظمات الخطيرة" يؤكد موقع فيسبوك أن الجماعات الإرهابية أو تلك التي لها علاقة بالأنشطة الإجرامية غير مسموح بها على صفحاته.
استبعاد الجهاديين
في النصف الثاني من عام 2014 ارتفعت نسبة الحسابات على "تويتر" المؤيدة لتنظيم "الدولة الإسلامية"، وهو ما رافقه جهد موازٍ من قبل الموقع لاستبعاد الجهاديين حسب دراسة بيرغر. "نقوم بالتحقق في كل المحتويات التي يتم إشعارنا بها حول ما إذا كانت تخرق قوانيننا أو تشكل تهديدا معينا باستعمال العنف"، هذا ما أكده كتابيا لـ DWأحد ممثلي موقع التواصل الاجتماعي "تويتر".
وأشارت تقارير إعلامية إلى أن تنظيم "داعش" قام بإنشاء موقعه الخاص للتواصل الاجتماعي، إلا أنه تم إغلاقه من قبل "تويتر". وقد تم حجب ما لا يقل عن ألف حساب مؤيد لـ "داعش" بين شهري سبتمبر وديسمبر من نفس العام، حسب دراسة بيرغر.
ومن الصعب جدا تقييم فعالية تدابير فيسبوك وتويتر. فمن المؤكد أنها إجراءات تحد من حركية وهامش مناورة التنظيمات الجهادية، إلا أنها "لم تتمكن لحد الآن من القضاء على أنشطة (تلك التنظيمات)، ولا أحد ينتظر منها ذلك"، حسب خلاصات دراسة بيرغر.
التعاون مع الحكومات؟
وما يزيد الأمر تعقيدا هو أن حجب الحسابات في المواقع الاجتماعية لا يتسم دائما بالشفافية. وقد رفض المسئول عن الحجب في موقع تويتر الألماني من الإدلاء بأي توضيح بهذا الصدد، وامتنع عن تأكيد أو نفي ما إذا كان يتعاون مع السلطات أم لا. ويدعو بيرغر في دراسته صراحة إلى مثل هذا التعاون.
"في النقاش العمومي حول هذا الموضوع، يتم الربط منهجيا بين تدخل الحكومة بالحد من حرية التعبير، غير أن الواقع يشير إلى أن المواقع الاجتماعية تقوم بذلك بنفسها دون الكشف بشفافية عن قواعد ومقاييس حجب الحسابات"، حسبما جاء في الدراسة.
دويتشه فيله: أعلام "داعش" ترفرف على قرى البوسنة والهرسك
أغلبية الشعب البوسني يقابل التطرف الديني بالرفض، لكن الأحوال الاقتصادية تجعل البعض يقع فريسة أمام الدعوة للجهاد في صفوف تنظيم "داعش" في سوريا والعراق؛ مما يهدد أمن البوسنة والفكر الديني المعتدل في المنطقة.
تكرر في الفترة الأخيرة ظهور الأعلام التي تحمل اسم تنظيم "الدولة الإسلامية" في البلدة الصغيرة جورنيا ماوكا في شمال شرق البوسنة والهرسك، ولكن تختفي الأعلام قبل وصول قوات مكافحة الإرهاب "سيبا" التابعة لجهاز التحقيقات والحماية من العاصمة سراييفو .
لا تتمتع السلطات البوسنية بدعم الشعب البوسني، فهم يتهمونها بالكسل والفساد. ولكن فيما يتعلق بملف التطرف الإسلامي، لا يوجه لهم اللوم بالتقاعس عن العمل، خاصة بعد محاولة مولد يساريفيتش- الذي كان عمره 23 عاماً وقتها – الهجوم على السفارة الأمريكية في سراييفو وفتح نيران بندقيته الكلاشنيكوف. منذ ذلك الوقت والقلق من الهجمات المسلحة مستمر وقامت الشرطة بعدة حملات مداهمة. كما تم تمرير قانون في يونيو الماضي يمنع المواطنين البوسنيين من القتال في بلاد أخرى، بينما تصل عقوبة من يسعى لجمع أشخاص للقتال أو يسافر بهدف الانضمام للقتال إلى السجن عشر سنوات.
الهجوم الذي نفذه مولد يساريفيتش كان سببا في اشتهار بلدته جورنيا ماوكا، بينما لم يكن أحد يعرفها، حتى من الشعب البوسني. مظهره الخارجي- اللحية الكثيفة والجلباب- كان يوحي بانتمائه للتيار الوهابي.
تفسير جديد للإسلام في إطار أوروبي
يقول أنس كاريك، البروفيسور في كلية الدراسات الإسلامية في سراييفو: إن التعاليم الوهابية المتشددة لا تتناسب مع الإسلام الحنيف المنتشر منذ مئات السنين في البوسنة والهرسك، منذ بدء حكم الإمبراطورية العثمانية هناك عام 1456. ولكن هذه المرحلة استمرت أكثر من 160 عاماً كما يوضح كاريك. لم يكن دخول الشعب في الدين الإسلامي دائماً عن قناعة، فجزء كبير من سكان المنطقة دخل الإسلام هرباً من الضرائب، حيث كانت الضريبة المفروضة على المسلمين في الدولة العثمانية أقل. والدخول في الديانة كان أيضاً وسيلة البعض للوصول إلى مناصب رفيعة المستوى في الدولة أو الحصول على الأملاك.
أحداث المنطقة في القرن الخامس عشر أيضا شكلت نقاطاً فارقة في تطور الإسلام في البوسنة إلى دين ذي طابع أوروبي خاص، كما يوضح كاريك. انتشرت تعاليم الإسلام وتفسيره من المدن المتحضرة إلى القرى، بينما عاش مسلمو المنطقة في تبادل ثقافي مع الديانات الأخرى المسيحيين الكاثوليك والصرب الأرثوذكس، بالإضافة إلى اليهود، الذين وجدوا في الإمبراطورية العثمانية ملاذاً بعد طردهم من الإمبراطورية الإسبانية بين عامي 1492 و1513.
تعاليم الإسلام تثير الجدل في البوسنة والهرسك
منذ عام 1878 عندما تولت عائلة هابسبورغ الحكم في البوسنة والهرسك في إطار معاهدة برلين، والمسلمون في البوسنة يعيشون في مجتمع ذي طابع علماني، يلعب فيه الدين دوراً، ولكنه لا يطغى على القانون والحياة بصفة عامة.
يعترض كاريك بشدة على من يصنف هذا المنهج المتبع في البوسنة والهرسك بأنه إسلام "مخفف" مستخدماً الجدل الدائر في أوروبا حول ارتداء المرأة للحجاب كمثل. "حرية ارتداء الحجاب في الشارع الأوروبي لا بد أن تكون مكفولة للجميع، ولكن ارتداء الحجاب أو عدمه لا ينتقص من وضع المرأة المسلمة ولا يبرر هذا انتقادها"، بحسب كاريك. المرأة في البوسنة لا ترى تعارضاً بين عدم ارتداء الحجاب وممارسة شعائر الدين الإسلامي.
مشكلة المجاهدين
انتشار الفكر الوهابي في بلدة جورنيا ماوكا متعلق بالحرب في عام 1992-1995، حيث أتى مقاتلون من بلاد أكثر تشدداً للقتال باسم الأمة الإسلامية. ظلت هذه القوة، التي تقدر بـ 2000 شخص بعد انتهاء الحرب، وحصلوا على جوازات بوسنية، بينما قاموا بالدعوة لتوجهاتهم الدينية وتجنيد الشباب.
السعودية ارتأت في البوسنة والهرسك مجالاً لتعزيز نفوذها وضخت الأموال والدعم لبناء المساجد، التي أصبحت فيما بعد منابر لنشر الفكر الوهابي. ومن بين صفوف الدعاة الجدد انضم نحو 160 محارباً من البوسنة والهرسك للقتال في سوريا والعراق مع تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف بـ"داعش".
قول دينيس جراتس، رئيس الحزب الاشتراكي الليبرالي "ناسا سترانكا": إن المتشددين يقابلون بالرفض من أغلبية الشعب البوسني وفي المساجد المحلية. ولكن الفقر والظروف الاقتصادية المتدنية تعزز من فرص انتشار التطرف الديني في البوسنة، أفقر الدول الأوروبية.
ويضيف جراتس أن بعض المسئولين السياسيين في البوسنة ينافقون الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ويرى جراتس، الحاصل على شهادة الدكتوراه من معهد أبحاث السلام وللسياسات الأمنية هامبورغ، أن طموحات أردوغان تكمن في إعادة إحياء الإمبراطورية العثمانية والعودة للإسلام المتزمت.
"أنا أيضا مسلم، ولكننا في البوسنة نعيش إسلاماً له طابع وتقاليد خاصة، العلمانية تعتبر أمراً بديهياً وليست محل نقاش لدى الأغلبية".
يجب استمرار الجهود الغربية
في دراسة للأكاديمية العسكرية الأمريكية يقدم الباحث الأمريكي ستيفن أولويك تحليلاً مطابقاً للوضع في البوسنة وفي الشعوب الغربية بصفة عامة. "قدرة البوسنة على مقاومة التشدد الإسلامي تعتمد من ناحية على استمرار الجهود الغربية في المنطقة، ومن الناحية الأخرى على مقاومة الشعب البوسني المعتدل للتشدد الإسلامي".