بعد منح فرنسا 1500 تأشيرة لجوء.. هل يفرُغ الشرقُ من المسيحيين؟
الثلاثاء 24/مارس/2015 - 07:36 م
طباعة


أصبح الحصول علي تأشيرة اللجوء حلم المسيحيين للخروج من حالة الخوف والنزوح والقتل التي تطاردهم بها تنظيمات الإسلام السياسي، ومؤخرا كشفت وزارة الداخلية الفرنسية أن فرنسا منحت 1500 تأشيرة لجوء لمسيحيين من الشرق منذ أن أعلنت في يوليو الماضي عن نيتها تسهيل استقبال "الأقليات المضطهدة"، مشيرة إلى أن 1000 منهم قد وصلوا البلاد حتى الآن. جاء ذلك في الحفل الذي أقيم بمقر الداخلية الفرنسية بمشاركة نحو 200 مدعو من مسيحيي الشرق، قادمين من العراق وسوريا، بحضور الرئيس فرانسوا أولاند.
وألقى الرئيس هولاند كلمة ترحيب باللاجئين من مسيحي الشرق، مؤكداً أن وجودهم بالتأكيد سيكون مفيداً لبلاده وإضافة على المستوى الثقافي. وقال: "أود أن أرحب بالاندماج التام وهو اندماجكم، هذه الرغبة في أن تكونوا هنا في فرنسا، وأن تقدموا مواهبكم وثقافتكم ورغبتكم في أن تكونوا مفيدين لفرنسا لأنكم مفيدون لفرنسا".
من جانبه أكد وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف أنه لا أحد، وخاصة في فرنسا، يمكنه ألا يتأثر بالمصير المأساوي الذي يواجهه مسيحيو الشرق. وأشار إلى أن 90% من المسيحيين قد غادروا العراق خلال الفترة ما بين عامي 2003 و2004، كما أن أكثر من 300 ألف قد فروا من سوريا ما بين عامي 2011 و2014.
وعلي الرغم من النداءات المتكررة لبابا الفاتيكان فرنسيس الاول والتي طالب فيها بأهمية بقاء المسيحيين في الشرق الاوسط .والمؤتمرات الكثيرة التي تعقد حول خطورة تفريغ الشرق من المسيحيين الا ان الواقع يؤكد وبالأرقام عكس هذه الامنيات والنداءات .
فعدد المسيحيين في الشرق الأوسط آخذ في الانخفاض بسبب الهجرة واسعة النطاق بسبب الاضطهادات ومعاداة المسيحية أو بسبب العوامل الاقتصادية والصراع السياسي والعسكري، والشعور بعدم الأمان أو العزلة بين السكان بسبب كون المسيحيين أقلية. كما تم ارتفاع معدل الهجرة بين المسيحيين، مقارنة مع المجموعات الدينية الأخرى، يعزى إلى وجود شبكات مسيحية شرق أوسطية أقوى وداعمة في الخارج، في شكل مجتمعات المهاجرين.
لبنان:

شهد لبنان عملية نزوح كبيرة من المسيحيين اللبنانيين. والذين هاجروا إلى أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا وأستراليا قبل وأثناء وبعد الحرب الأهلية اللبنانية 1975-1992. وقد ساهمت معدلات المواليد العالية عند المسلمين الي جانبارتفاع نسبة اللاجئين الفلسطينيين بها وبسبب الهجرة والتهجير انخفضا نسبة المسيحيون في لبنان من 65% إلى 40 %.
فلسطين:

أدّى إنشاء دولة إسرائيل إلى هجرة يهود العالم إلى إسرائيل، ما كان سببًا لتهجير المسيحيين، وازدادت هجرة المسيحيين مع حرب 1948 وحرب 1967. كانت أولى وجهات المغترب المسيحي أمريكا اللاتينية، بالإضافة إلى أمريكا الشمالية وأستراليا وأوروبا ، واليوم يعيش أغلب الفلسطينيين المسيحيين خارج فلسطين التاريخية. تشير التقديرات إلى 35% من مسيحيون إسرائيل والأراضي الفلسطينية هاجروا منذ عام 1967.
وفي بيت لحم مهد المسيح انخفضت أعداد المسيحيين في المدينة بشكل مُطرد، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى الهجرة. انخفاض معدل المواليد من المسيحيين يمثل أيضًا سببًا للانخفاض. في عام 1947، بلغت نسبة المسيحيين حوالي 85%، ولكن بحلول عام 1998 انخفضت النسبة إلى 40٪. في عام 2005، وضح رئيس بلدية بيت لحم فيكتور بطارسة أن "نتيجة للتوتر سواء الجسدي أو النفسي والحالة الاقتصادية السيئة، كثير من الناس يهاجرون، سواء مسيحيين أو مسلمين، لكن الهجرة أكثر انتشارًا بين المسيحيين، لأنهم بالفعل هم أقلية.
العراق:

لقد كان انتقال السلطة إلى أيدي الإسلاميين الشيعة في العراق منذ الإطاحة بنظام صدام حسين 2003 امر صعب بالنسبة للمجتمعات المسيحية في العراق. وقد أدى الاحتكاك بين الطوائف المتناحرة في العراق في كثير من الأحيان إلى أعمال العنف الموجهة ضد المسيحيين. وبناء على ذلك، كانت هناك موجات هروب للمسيحيين من بعض المناطق إلى أوروبا وإلى الولايات المتحدة. منذ عام 2003، فر مئات الآلاف من مسيحيي العراق، فبعدما كان عدد المسيحيين يصل إلى 1,400,000 قبل حرب العراق فقد انخفض الرقم إلى 500،000 ولا تزال الأرقام مستمرة في التناقص. بين عامي 2003 و2012 تعرضت للقصف أكثر من 70 كنيسة. في عام 2007 قتل متشددو القاعدة كاهنًا شابًا في مدينة الموصل، في عام 2010 قُتل 53 مسيحيًا سريانيات في مجرزة سيدة النجاة. وعلى الرغم من أن الآشوريين كانوا يشكلون 3% من سكان العراق إلى أن مفوضة الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين تشير إلى ان الذين لجأوا 700،000 عراقي في سوريا بين أكتوبر 2003 ومارس 2005، كان منهم 36% "مسيحيون عراقيين".
مصر:

بدأت أولى موجات هجرة الأقباط للخارج بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 مباشرة، ومع صدور قانون التأميم، لاسيما أن الأقباط كانوا أكثر المصريين ثراء، وبعد انتزاع بعض أملاكهم سارعوا للهجرة إلى دول أميركا وأوروبا وكندا ثم توالت الموجات مع اندلاع أي حادث له صبغة طائفية، وشهدت الفترة التي حكم الرئيس الراحل أنور السادات فيها العديد من موجات الهجرة، غير أنها زادت في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، لاسيما بعد تردي الأحوال الاقتصادية، بينما كان أيضًا سبب ظاهري آخر وهو المعاناة من الاضطهاد الديني وخاصة انتشار الجماعات الاسلامية في اسيوط والمنيا واعتدائهم على الكنائس والاديرة وفرض الاتاوات على الاقباط في التسعينيات ومن ذلك حوادث ديروط وصنبو وكنيسة مارجرجس بأبو قرقاص، ودير المحرق وغيرها – ما بين 1995 – 1997 -
وهناك ثلاثة أسباب يمكن وضعها كركائز رئيسية لأسباب هجرة المسيحيين، الأول ممثلة بالعامل الاقتصادي وتدهور الحالة المعيشية وهو بكل الأحوال يفتح مجالاً لهجرة عامة غير أنها أعلى في أوساط المسيحيين، العامل الثاني يتمثل "بالتفريق في المعاملة" بين المسيحيين وسواهم والثالث هو تصاعد الحركات الأصولية الإسلامية كما حصل أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات في مصر وأثار عدد من الإسلاميين الجدل عقب وصفهم للمسيحيين بالكفار على التلفزيون ومطالبتهم بدفع الجزية. وفي أكتوبر 2011 تبنى البرلمان الأوروبي مشروع قرار اتهم فيه مصر باضطهاد السكان المسيحيين. وبعد تولي الرئيس السابق محمد مرسي رئاسة الدولة بحلول منتصف عام 2012 هاجر عدد غير محدد من الأقباط، كما منحت هولندا في يوليو من نفس العام حق اللجوء السياسي للمسيحين في مصر.
تركيا:

قدّرت نسبة المسيحيين في تركيا في بداية القرن العشرين بين 18%-33% وذلك بحسب مصادر مختلفة. بدأت أولى موجات الهجرة لمسيحيون تركيا مع تهجير أعداد كبيرة من الأرمن إلى سوريا ولبنان والموصل، وكان التهجير يتم بطريقة بدائية مما أدى إلى موت حوالى 300 ألف من المهاجرين في الطريق من الجوع والبرد والمرض إضافة لتعرضهم لهجومات مستمرة من السكان المحليين.و انخفضت أعداد المسيحيين بسبب المذابح ضد الأرمن وضد الطوائف المسيحية الأخرى منها الآشوريين والسريان واليونانيين البونتيك، بسبب التهجير والهجرة الطوعيّة تضائل عدد المسيحيين مثلًا في إسطنبول وحدها من 450,000 نسمة إلى 240,000 شخص من سنة 1914 حتى سنة 1927.
وقامت تركيا بعملية التبادل السكاني لليونانيين الأرثوذكس مما أدى إلى ترانسفير 2.5 مليون مسيحي من المنتمين للكنيسة اليونانية الأرثوذكسية؛ تسارعت هجرة مسيحيين إسطنبول عشية عام 1942 حيث تم فرض ضرائب باهظة على المواطنين الأثرياء والتي استهدفت بشكل خاص المسيحيين واليهود الذين كانوا يسيطرون على جزء كبير من الاقتصاد التركي؛ وعقب احداث إسطنبول عام 1955 هاجر أغلبيّة مسيحيين إسطنبول، بسبب نهب الكنائس وقتل السكان المحليين من المسيحيين، فقد حرقت خلال هذه الاحداث بطريركية القسطنطينية مركز الكنيسة الأرثوذكسية والعديد من المنازل والمشاغل والمصالح التي يملكها يونانيون وارمن، ما أدى إلى هجرات كثيفة مسيحية ويهودية.
إيران:

تقلص عدد مسيحيون إيران من 5 بالألف إلى 1 بالألف منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979. أدت ثورة الإمام الخميني إلى هجرة الكثير من المسيحيين خصوصاً بعد حرب الثماني سنوات مع العراق وصراع إيران مع امريكا اضافةً إلى ان توجهات الثورة الإسلامية نحو اسلمة المجتمع الإيراني دفعت أكثر من ثلثي مسيحي إيران للرحيل إلى الخارج.
سوريا:

كان مسيحيو سوريا يشكلون نحو 30% من السكان مطلع القرن العشرين، وترتفع نسبتهم في دمشق وحمص واللاذقية والجزيرة الفراتية لتتجاوز ثلث السكان ومنذ منتصف القرن العشرين أصيبت المسيحية السوريّة بدورها بالهجرة.