محمد بن صالح العثيمين.. أحد مؤسسي الوهابية المعاصرة
الجمعة 29/مارس/2024 - 09:20 ص
طباعة
حسام الحداد
تعد فتاوى العثيمين العمود الفقري لمنهج الدعوة السلفية في مصر وزراعها السياسية "حزب النور"، كذلك يعد الرجل مرجعية مهمة للكثير من حركات الإسلام السياسي على مستوى العالم، وهذا ما يجعلنا أكثر حرصًا على محاولة قراءة "العثيمين" ومنتجه قراءة موضوعية وجادة
هو أبو عبد الله محمد بن صالح بن محمد بن سليمان بن عبد الرحمن العثيمين الوهيبي التميمي (29 مارس 1929 - 11 يناير 2001) ولد في عنيزة إحدى مدن المملكة العربية السعودية جده عثمان اشتهر بعثيمين فصارت الأسرة تنسب لهذا الجد، وهو الجد الرابع " آل عثيمين هم من آل مقبل، من آل زاخر، - البطن الثاني من الوهبة من قبيلة بني تميم – نسبة إلى (محمد بن علوي بن وهيب) ومحمد هذا هو الجد الجامع لبطون الوهبة جميعاً.
نشأته من الصغر
نشأ في أسرة متوسطة الحال، فقد كان والده يعمل في التجارة بين الرياض وعنيزة، ثم استقر في عنيزة وعمل قبل وفاته بدار الأيتام بعنيزة وقد سُئل الشيخ: هل اشتغلت بالتجارة إلى جانب طلبك للعلم ؟ فقال: لا، لأن الوالد كان في الرياض، وكان ميسور الحال فلم تتيسّر له سبل الرفاهية في الطلب، حيث يصف الشيخ المكان الذي يقرأ فيه بأنه (غرفة من طين، تطل على زريبة بقر)
نشأته العلمية
تعلم القرآن على يد جده لأمه عبد الرحمن بن سليمان الدامغ ثم تعلم الكتابة وشيئاً من الأدب والحساب والتحق بإحدى المدارس وحفظ القرآن عن ظهر قلب في سن مبكرة، وكذا مختصرات المتون في الحديث والفقه كان عبد الرحمن بن ناصر السعدي قد رتب من طلبته الكبار لتدريس المبتدئين من الطلبة وكان منهم محمد بن عبد العزيز المطوع فانضم إليه العثيمين
بعد دراسة التوحيد والفقه والنحو جلس في حلقة عبد الرحمن بن ناصر السعدي فدرس عليه في التفسير والحديث والتوحيد والفقه وأصوله والفرائض والنحو.
يعتبر عبد الرحمن السعدي مرجعه الأول الذي تأثر بمنهجه وتأصيله واتباعه للدليل وطريقة تدريسه.
قرأ على عبد الرحمن بن علي بن عودان في علم الفرائض حال ولايته القضاء في عنيزة وقرأ على عبد الرزاق عفيفي في النحو والبلاغة أثناء وجوده في عنيزة، ولما فتح المعهد العلمي بالرياض التحق به في 1372 هـ وانتظم في الدراسة سنتين انتفع فيهما بالعلماء الذين كانوا يدرسون في المعهد حينذاك، ومنهم محمد الأمين الشنقيطي وعبد العزيز بن ناصر بن رشيد وعبد الرحمن الإفريقي وغيرهم.
اتصل بـ عبد العزيز بن عبد الله بن باز فقرأ عليه في المسجد من صحيح البخاري ومن رسائل ابن تيمية وانتفع منه في علم الحديث والنظر في آراء فقهاء أهل السنة والجماعة والمقارنة بينها ويعتبر عبد العزيز بن باز مرجعه الثاني في التحصيل والتأثر به تخرج من المعهد العلمي ثم تابع دراسته الجامعية انتساباً حتى نال الشهادة الجامعية من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض كما أنه كان أحد المشاركين الرئيسيين في إذاعة القرآن الكريم السعودية وخصوصا في برنامج نور على الدرب
عقيدته
اعتقاد السلف الصالح، أهل السنة والجماعة، في أصول الدين جملةً وتفصيلاً وقد بين عقيدته السلفية في تأليفه وشروحه ودروسه ومحاضراته وخطبه وفتاواه وقد عاش يدعو إلى هذه العقيدة حتى آخر أيام عمره، في دروسه التي كان يلقيها في المسجد الحرام من غرفته، وهو على سرير المرض.
أعماله ونشاطه العلمي
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين في عنيزة
بدأ التدريس منذ عام 1370 هـ في الجامع الكبير بعنيزة في عهد شيخه عبد الرحمن السعدي وبعد أن تخرج من المعهد العلمي في الرياض عين مدرساً في المعهد العلمي بعنيزة عام 1374هـ
في سنه 1376هـ توفي شيخه عبد الرحمن السعدي فتولى بعده إمامة المسجد بالجامع الكبير في عنيزة والخطابة فيه والتدريس بمكتبة عنيزة الوطنية التابعة للجامع والتي أسسها شيخه عام 1359هـ
لما كثر الطلبة وصارت المكتبة لا تكفيهم صار يدرس في المسجد الجامع نفسه واجتمع إليه طلاب كثيرون من داخل المملكة وخارجها حتى كانوا يبلغون المئات وهؤلاء يدرسون دراسة تحصيل لا لمجرد الاستماع - ولم يزل مدرساً في مسجده وإماماً وخطيباً حتى توفي
استمر مدرساً بالمعهد العلمي في عنيزة حتى عام 1398هـ وشارك في آخر هذه الفترة في عضوية لجنة الخطط ومناهج المعاهد العلمية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وألف بعض المناهج الدراسية
ثم لم يزل أستاذاً بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم بكلية الشريعة وأصول الدين منذ العام الدراسي 1398-1399هـ حتى توفي
درّس في المسجد الحرام والمسجد النبوي في مواسم الحج وشهر رمضان والعطل الصيفية
شارك في عدة لجان علمية متخصصة عديدة داخل المملكة العربية السعودية
ألقى محاضرات علمية داخل المملكة وخارجها عن طريق الهاتف
تولى رئاسة جمعية تحفيظ القرآن الكريم الخيرية في عنيزة منذ تأسيسها عام 1405هـ حتى وفاته
كان عضوًا في المجلس العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للعامين الدراسيين 1398 - 1399 هـ و1399 - 1400 هـ
كان عضواً في مجلس كلية الشريعة وأصول الدين بفرع الجامعة بالقصيم ورئيساً لقسم العقيدة فيها.
كان عضوًا في هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية منذ عام 1407هـ حتى وفاته.
أعلن فوزه بجائزة الملك فيصل العالية لخدمة الإسلام للعام الهجري 1414 هـ .
له مؤلفات عديدة من كتب ورسائل وشروح للمتون العلمية وقد بلغت أكثر من تسعين كتاباً ورسالة بخلاف أشرطة الدروس والمحاضرات التي تقدر بآلاف الساعات.
أخذت مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية التي أنشئت عام 1422 هـ على عاتقها مسؤولية العناية والاهتمام بهذا التراث الضخم الذي خلفه العثيمين لجعل إنتاجه متاحاً للجميع في مختلف الوسائل الممكنة.
منهجه العلمي
أوضح العثيمين منهجه، وصرّح به مرات عديدة أنه يسير على الطريقة التي انتهجها شيخه عبد الرحمن بن ناصر السعدي، وهو منهج خرج به عن المنهج الذي يسير عليه علماء الجزيرة عامتهم أو غالبيتهم، حيث اعتماد المذهب الحنبلي في الفروع من مسائل الأحكام الفقهية والاعتماد على كتاب "زاد المستقنع" في فقه الأمام أحمد بن حنبل، فكان الشيخ عبد الرحمن السعدي معروفًا بخروجه عن المذهب الحنبلي وعدم التقيد به في مسائل كثيرة.
ومنهج الشيخ السعدي هو كثيرًا ما يتبنى آراء ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ويرجحهما على المذهب الحنبلي، فلم يكن عنده جمود تجاه مذهب معين
تكفير الآخر الديني
فحول عدم جواز تكفير الآخر الديني الذي نادى به أحد أئمة مساجد العاصمة البريطانية لندن يقول العثيمين "إن هذا القول الصادر عن هذا الرجل ضلال، وقد يكون كفرا، وذلك لأن اليهود والنصارى كفرهم الله عز وجل في كتابه، قال الله تعالى: (وقالت اليهود عزير ابن الله، وقالت النصارى المسيح ابن الله، ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل، قاتلهم الله أنى يؤفكون) (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله، والمسيح ابن مريم، وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون) فدل ذلك على أنهم مشركون، وبين الله تعالى في آيات أخرى ما هو صريح بكفرهم:
(لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم)
(لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالثُ ثلاثة)
(لعن الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم)، (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم) والآيات في هذا كثيرة، والأحاديث، فمن أنكر كفر اليهود والنصارى الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وكذبوه، فقد كذب الله عز وجل، وتكذيب الله كفر، ومن شك في كفرهم فلاشك في كفره هو"
تلك الفتوى التي يتم اتخاذها ذريعة لتنفيذ عمليات ارهابية متعددة سواء كانت في دول الغرب أم في الدول العربية، ويستطرد العثيمين في فتواه " وإني أقول: إن كل من زعم أن في الأرض دينا يقبله الله سوى دين الإسلام فإنه كافر لاشك في كفره لأن الله عز وجل يقول في كتابه (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) ويقول عز وجل: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)" فقد وضع العثيمين نفسه مكان الله عز وجل في قبول دين ورفض آخر بإخراج الآيات القرآنية من سياقها التاريخي وإعطائه حكما مطلقا على الله عز وجل.
ليس هذا فقط بل يستمر العثيمين في التكفير والتحريم فيحرم تهنئة الأقباط بأعيادهم حيث يقول " تهنئة الكفار بعيد الكريسماس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق، كما نقل ذلك ابن القيم - رحمه الله- في كتابه: "أحكام أهل الذمة"، حيث قال: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن تهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه" تلك الفتاوى التي يستند اليها التيار السلفي بشكل عام، دون الاهتمام باللُحمة الوطنية وبالأمن والسلم الاجتماعيين خصوصا في بعض الدول العربية التي تتنوع عقائد مواطنيها، ليس هذا فقط بل انه بمثل هذه الفتاوى يقوم بتعطيل الكثير من آيات القرآن والتي تدعو الى التسامح وحرية الاعتقاد مثل " وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ" 18 الكهف، وغيرها الكثير
ليس هذا فقط بل يحرم العثيمين بناء الكنائس في الدول الاسلامية فيقول "وَيُمْنَعُونَ مِن إِحْدَاثِ كنَائِسَ، وَبِيَعٍ، وَبِنَاءِ مَا انْهَدَمَ مِنْهَا وَلَوْ ظُلْماً،
قوله: «ويمنعون من إحداث كنائس، وبِيَعٍ، وبناء ما انهدم منها ولو ظلماً»، «يمنعون» الضمير يعود على أهل الذمة الذين في بلادنا، فيمنعون من الأمور الآتية:
أولاً: إحداث كنائس، والكنائس جمع كنيسة وهي متعبدَهم سواء كانوا نصارى أو يهوداً، فيمنعون من بناء الكنيسة؛ لأن هذا إحداث شعائر كفرية في بلاد الإسلام
ثانياً: إحداث بيع يمنعون من إحداثها وهي متعبد اليهود، كما يمنعون من إحداث الكنائس
فإن قال قائل: إذا كانوا لا يمنعوننا من إحداث المساجد في بلادهم، فهل لنا أن نمنعهم من إحداث الكنائس في بلادنا؟
الجواب: نعم، وليس هذا من باب المكافأة أو المماثلة؛ لأن الكنائس دور الكفر والشرك، والمساجد دور الإيمان والإخلاص، فنحن إذا بنينا المسجد في أرض الله فقد بنيناه بحق، فالأرض لله، والمساجد لله، والعبادة التي تقام فيها كلها إخلاص لله، واتباع لرسوله صلّى الله عليه وسلّم، بخلاف الكنائس والبيع
ومن سفه بعض الناس أنه يقول: لماذا لا نمكنهم من بناء الكنائس في بلادنا كما يمكنوننا من بناء المساجد في بلادهم؟
الجواب: نقول: هذا من السفه، ليست المسألة من باب المكافأة، إذ ليست مسائل دنيوية، فهي مسائل دينية، فالكنائس بيوت الكفر والشرك، والمساجد بيوت الإيمان والإخلاص فبينهما فرق، والأرض لله، فنحن إذا بنينا مسجداً في أي مكان من الأرض فقد بنينا بيوت الله في أرض الله بخلافهم"، فهل هذه دولة مواطنة؟ ان هذه الفتاوى هي التي تدرس حتى اليوم في السعودية وغيرها وتتبناها التنظيمات الارهابية نفسها التي تقوم الان الدولة السعودية راعية ومنتجة هذا الخطاب بمحاربتها، ليس هذا فقط بل هذا ما تتبناه الدعوة السلفية في مصر وزراعها السياسية "حزب النور" ووزارة الأوقاف والأزهر يتبنون هذه الدعوة السلفية ويفتحون لها المساجد لاعتلاء المنابر بحجة الحرب على الارهاب، أي ارهاب هذا اكثر من تلك الفتاوى التي تهدد المجتمع وتنشر التعصب الاعمى والتطرف والفتنة الطائفية
العثيمين والشيعة
يقول العثيمين "فإن الشيعة فرقٌ شتى، ذكر السفاريني في شرح عقيدته أنهم اثنتان وعشرون فرقة، وعلى هذا يختلف الحكم فيهم بحسب بعدهم من السنة، فكل من كان عن السنة أبعد كان إلى الضلال أقرب
ومن فرقهم الرافضة الذين تشيعوا لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم جميعاً تشيعاً مفرطاً في الغلو لا يرضاه علي بن أبي طالب ولا غيره من أئمة الهدى، كما جفوا غيره من الخلفاء جفاء مفرطاً ولاسيما الخليفتان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فقد قالوا فيهما شيئاً لم يقله فيهما أحد من فرق الأمة" ويستطرد العثيمين " ومن عقيدة الرافضة: "التقية" وهي أن يظهر خلاف ما يبطن ولا شك أن هذا نوع من النفاق يغتر به من يغتر من الناس
والمنافقون أضر على الإسلام من ذوي الكفر الصريح، ولهذا أنزل الله تعالى فيهم سورة كاملة كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرأ بها في صلاة الجمعة، لإعلان أحوال المنافقين والتحذير منهم في أكبر جمع أسبوعي وأكثره وقال فيها عن المنافقين: {هم العدو فاحذرهم}
وبتلك الفتاوى يؤجج الصراع بين المذهبين السني والشيعي ليس هذا فقط بل تطورت هذه الفتوى لدي الجماعات الارهابية والدعوة السلفية الى تكفير الشيعة وانهم اشد خطرا على الاسلام من اليهود والنصارى فوجب قتلهم بغض النظر عن ما تقوم به تلك الفتاوى من تأجيج الصراعات الطائفية في البلد الواحد
العثيمين يحدد شروطًا تعجيزية للخروج على الحاكم
ولتحريم الخروج على الحاكم استند العثيمين لحديث " عن جُنادة بن أبي أمية، قال : دخلنا على عُبادة بن الصامت وهو مريض، فقلنا : أصلحك الله، حَدِّثْ بحديث ينفعك الله به سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال : دعانا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فبايَعَنا، فكان فيما أَخَذَ علينا : " أن بَايَعنَا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأَثَرَةٍ علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان » (متفق عليه : أخرجه البخاري في ( الفتن باب قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « سترون بعدي أمورا تنكرونها » : 7055 و7056 ) وبنحوه مسلم في ( الإمارة : 4771 ) )
واما الشروط المستحيل تحقيقها للخروج على الحاكم والتي وضعها العثيمين هي:
الشرط الأول: في قوله: «أن تروا» أي: أنتم بأنفسكم، لا بمجرد السماع؛ لأننا ربما نسمع عن ولاة الأمور أشياء فإذا تحققنا لم نجدها صحيحة، فلابد أن نرى نحن بأنفسنا مباشرة، سواء أكانت هذه الرؤية رؤية علم أو رؤية بصر، المهم: أن نعلم
الشرط الثاني: في قوله: «كفرًا» أي: لا فسوقًا فإننا لو رأينا فيهم أكبر الفسوق فليس لنا أن ننازعهم الأمر إلا أن نرى كفرًا.
الشرط الثالث: في قوله: «بواحًا» أي: صريحًا ليس فيه تأويل، فإن كان فيه تأويل ونحن نراه كفرًا، ولكن هم لا يرونه كفرًا، سواء كانوا لا يرونه باجتهاد منهم أو بتقليد من يرونه مجتهدًا، فإنا لا ننازعهم ولو كان كفرًا، ولهذا كان الإمام أحمد يقول: إن من قال: القرآن مخلوق فهو كافر، والمأمون كان يقول: القرآن مخلوق، ويدعو الناس إليه ويحبس عليه، ومع ذلك كان يدعوه بأمير المؤمنين؛ لأنه يرى بأن القول بِخَلْقِ القرآن بالنسبة له ليس بواحًا، وليس صريحًا، فلابد أن يكون هذا الكفر صريحًا لا يحتمل التأويل، فإن كان يحتمل التأويل فإنه لا يحل لنا أن ننازع الأمر أهله
الشرط الرابع: في قوله: «عندنا فيه من الله برهانٌ» أي دليل قاطع، بأنه كُفْرٌ، لا مجرد أن نرى أنه كُفْرٌ، ولا مجرد أن يكون الدليل محتملاً لكونه كفرًا أو غير كُفْرٍ، بل لابد أن يكون الدليل صريحًا قاطعًا بأنه كُفْرٌ
فانظر إلى هذه الشروط الأربعة، فإذا تمت الشروط الأربعة فحينئذ ننازعه، لأنه ليس له عذر، ولكن هذه المنازعة لها شروط
الشرط الخامس: أن يكون لدينا قدرة وهذه مهمة جدا، يعني: لا أن ننازعه فنخرج إليه بالسكاكين ومحاجين الحمير، وهو عنده الدبابات، والقذائف، وما أشبه ذلك، فلو أننا فعلنا هذا لَكُنَّا سفهاء، وهذا حرام علينا، لأنه يَضُرُّ بنا، ويَضُرُّ بِغَيْرِنَا أيضا، ولأنه يؤدي في النهاية إلى محو ما نريد أن يكون السلطان عليه، لأن السلطان كما هو معلوم ذو سلطة يريد أن تكون كلمته هي العليا، فإذا رآنا ننازعه أَخَذَتْهُ العزة بالإثم، واستمر فيما هو عليه وزاد عليه، فيكون نزاعنا له زاد الطين بِلَّةً، فلا يجوز أن ننازعه إلا ومعنا قدرة وقوة على إزاحته وإلا فلا.
وبعدم توافر هذه الشروط كما يرى العثيمين فلا يجوز الخروج على الحاكم ومن الجدير بالذكر هنا ان هذه الفتوى نفسها التي استندت عليها الدعوة السلفية في تحريم الخروج على مبارك 25 يناير 2011
العثيمين والديموقراطية
كغيره من شيوخ الوهابية فهو يحرم الديموقراطية تحريما قطعيا فيقول " الديمقراطية نظام أرضي، يعني حكم الشعب للشعب، وهو بذلك مخالف للإسلام، فالحكم لله العلي الكبير، ولا يجوز أن يُعطى حق التشريع لأحدٍ من البشر كائناً من كان ويستند العثيمين لهذه الفتوى على " موسوعة الأديان والمذاهب المعاصرة " ( 2 / 1066، 1067 )، ويستطرد "ولا شك في أن النظم الديمقراطية أحد صور الشرك الحديثة، في الطاعة، والانقياد، أو في التشريع، حيث تُلغى سيادة الخالق سبحانه وتعالى، وحقه في التشريع المطلق، وتجعلها من حقوق المخلوقين، والله تعالى يقول : ( مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) يوسف/ 40، ويقول تعالى : ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ) الأنعام/ 57" .
وعن الترشح للانتخابات في ظل النظام الديموقراطي يقول: "من علم حال النظام الديمقراطي وحكمه ثم رشح نفسه أو رشح غيره مقرّاً لهذا النظام، عاملاً به، فهو على خطر عظيم، إذ النظام الديمقراطي منافٍ للإسلام كما سبق وأما من رشح نفسه أو رشح غيره في ظل هذا النظام، حتى يدخل ذلك المجلس وينكر على أهله، ويقيم الحجة عليهم، ويقلل من الشر والفساد بقدر ما يستطيع، وحتى لا يخلو الجو لأهل الفساد والإلحاد يعيثون في الأرض فساداً، ويفسدون دنيا الناس ودينهم، فهذا محل اجتهاد، حسب المصلحة المتوقعة من ذلك " وهذه الفتوى التي تستند عليها الدعوة السلفية في مصر للمشاركة في العملية السياسية والانتخابات البرلمانية القادمة اذ يعتبرون الديموقراطية مطية يمتطونها للوصول الى السلطة
العثيمين والمرأة
تجسد فتاوى العثيمين قمة الفكر السلفي في عدائه للمرأة، فليس مصرح لها حسب هذا الفكر بممارسة الرياضة او قيادة السيارة او الخروج للعمل او السفر منفردة، الا بشروط، فهي حسب هذا الفكر "كلها عورة" لذا وجب الزامها البيت وان لا تخرج منه الا في اضيق الحدود وبشروط وضعوها لها لا يجب تجاوزها.
يقول في قيادة المرأة للسيارة " فإن قيادة المرأة للسيارة تتضمن مفاسد كبيرة فمن مفاسد هذا : نزع الحجاب، لأن قيادة السيارة سيكون بها كشف الوجه الذي هو محل الفتنة، ومحط أنظار الرجال، ولا تعتبر المرأة جميلة وقبيحة عند الإطلاق إلا بوجهها، أي أنه إذا قيل : جميلة أو قبيحة لم ينصرف الذهن إلا إلى الوجه، وإذا قصد غيره فلا بد من التقييد، فيقال : جميلة اليدين، جميلة الشعر، جميلة القدمين وبهذا عرف أن الوجه مدار قصد" فما يهم العثيمين هنا ان تغطي المرأة وجهها، ليس هذا فقط بل انه لا يريد للمرأة ان تكون طليقة حرة بل يجب ان تكون حبيسة المنزل حيث يقول " ومن مفاسدها: أن المرأة تكون طليقة تذهب إلى ما شاءت ومتى شاءت وحيث شاءت إلى ما شاءت من أي غرض تريده لأنها وحدها في سيارتها متى شاءت في أي ساعة من ليل أو نهار، وربما تبقى إلى ساعة متأخرة من الليل وإذا كان أكثر الناس يعانون من هذا في بعض الشباب فما بالك بالشابات إذا خرجت حيث شاءت يميناً وشمالاً في عرض البلد وطوله، وربما خارجه أيضاً"، كما يخشى العثيمين ان تتمرد المرأة بسبب قيادتها للسيارة فيقول " ومن مفاسد قيادة المرأة للسيارة : أنها سبب لتمرد المرأة على أهلها وزوجها فلأدنى سبب يثيرها في البيت تخرج منه وتذهب بسيارتها إلى حيث ترى أنها تروح عن نفسها فيه، كما يحصل ذلك من بعض الشباب وهم أقوى تحملاً من المرأة ومن مفاسدها : أنها سبب للفتنة في مواقع عديدة" كانت هذه بعض الامثلة التي توضح موقف العثيمين والفكر السلفي من المرأة.
مؤلفاته
شرح ثلاثة الأصول
الشرح الممتع على زاد المستقنع (وهو واحد من أشهر كتبه)
شرح مقدمة التفسير
أسماء الله وصفاته وموقف أهل السنة منها
شرح العقيدة الواسطية
القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى
مختصر لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
فتح رب البرية بتلخيص الحموية
مجموعة أسئلة في بيع وشراء الذهب
شرح الأربعين النووية
شرح رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين
فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام
إزالة الستار عن الجواب المختار لهداية المحتار
الإبداع في بيان كمال الشرع و خطر الابتداع
القول المفيد على كتاب التوحيد
شرح العقيدة السفارينية
شرح كتاب السياسة الشرعية لشيخ الإسلام ابن تيمية
فتاوى أركان الإسلام
الرسائل و المتون العلمية
صفة الحج و العمرة
أصول في التفسير
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
وفاته
لما نقل من الحرم في آخر يوم بعد ما انتهى من الدرس من شدة الالتهاب الرئوي الذي أصابه إلى جدة في العيد، عولج من هذا الالتهاب الرئوي, وفي آخر ليلتين اشتد عليه المرض جداً، وكان يعاني أيضًا من مرض السرطان ,وفي يوم وفاته بعد الظهر الساعة الواحدة والنصف دخل في غيبوبة إلى الساعة السادسة إلا عشر دقائق أعلنت وفاته قبيل مغرب يوم الأربعاء 11 يناير 2001بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، وصلي عليه في المسجد الحرام بعد صلاة العصر يوم الخميس 12 يناير 2001، ودفن بمكة المكرمة