بعد فوز "بخاري" برئاسة نيجيريا.. "بوكو حرام" فوق صفيح ساخن
الأحد 05/أبريل/2015 - 09:25 م
طباعة

بعد فوز محمد بخاري بانتخابات الرئاسة في نيجيريا ما التحديات التي تواجه الرئيس محمد بخاري، واهمها بوكو حرام؟
يمكن القول بوجود مجموعة من الأسباب تقف وراء هزيمة "جودلاك" أمام "بخاري" تتمثل فيما يلي:
وجود حالة من عدم الثقة لدى المواطن النيجيري عامة، والمسلم خاصة تجاه جودلاك، هذه الأزمة ليست وليدة اللحظة، وإنما ترتبط بترشح جودلاك في انتخابات 2011 وخرقه الاتفاق السياسي الذي تم التوصل إليه عام 1999 في مرحلة التحول الديمقراطي، والذي يقضي بتداول السلطة بين الشمال المسلم والجنوب المسيحي كل فترتين رئاسيتين" مدة الفترة الدستورية أربع سنوات"، على أن يكون نائب الرئيس من الديانة الأخرى.
وبالفعل تم تطبيق هذا المبدأ منذ تولي أوباسانجو المسيحي الجنوبي الحكم (1999-2007) ثم تلاه في الحكم الشمالي المسلم عمر يارادوا (2007-2011) والذي كان جودلاك نائبا له، لكن الوفاة المفاجئة ليارادوا عام 2010، واستكمال جودلاك بصفة مؤقتة باقي الفترة، أثارت مخاوف من إمكانية ترشح جودلاك في انتخابات 2011 وقطع الطريق على الشمال المسلم لاستكمال الفترة الرئاسية الثانية.
تلك المخاوف دفعت جودلاك في حينها إلى إعلانه عدم نيته خوض الانتخابات، والانتظار حتى 2015، لكنه خالف وعوده وقام بترشيح نفسه، في الوقت الذي تكتل فيه مسلمو الشمال خلف خصمه محمد بخاري. وتدخلت الحكومة لتزوير الانتخابات لصالح جودلاك وحدثت حالة من الاحتقان، بل والمواجهات الطائفية بين أنصار الجانبين ولا سيما في مدن الشمال أسفرت عن وقوع مئات القتلى وهي المواجهات الأكبر منذ الحرب الأهلية التي شهدتها في الفترة من 1967- 1970، وهو ما ساهم في وجود حالة التربص ضده من ناحية، ومحاولة رد الاعتبار للشمال المسلم من ناحية ثانية.
الفشل الأمني في مواجهة بوكو حرام حيث زادت العمليات التي قامت بها الجماعة في عهده والتي أسفرت عن مقتل أعداد تتراوح بين 11 و13 ألفا منهم ستة آلاف فقط منذ عام 2014، وتشريد مليون ونصف المليون آخرين إلى داخل البلاد، فضلا عن فرار قرابة مائتي ألف إلى دول الجوار.

1- تدهور الأوضاع الاقتصادية بسبب تراجع أسعار النفط العالمية والذي يشكل 40% من الناتج المحلي الإجمالي، و95% من واردات العملة الأجنبية ونحو 80% من عائدات الميزانية. كما ترتب على ذلك تراجع العملة النيجيرية "النيرة" أمام الدولار منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014 لتصبح 191 نيرة للدولار الواحد بعدما كانت 151 للدولار.
2- يرتبط بما سبق حالة الفساد المستشري في البلاد، حيث اقتصرت المناصب وعوائد البلاد على أبناء قبيلة الرئيس "اليوروبا" بل وزوجته التي عينها كبيرة الموظفين المدنيين في القصر الرئاسي. ووفقا لتقرير الشفافية الدولية، فإن نيجيريا تحتل المرتبة 136 من 175 دولة وفق مؤشرات إدراك الفساد.
3- سوء إدارة الرئيس للبلاد بصفة عامة، ولحزبه بصفة خاصة. ذلك الحزب الذي تم تأسيسه في التسعينيات من قبل جنرالات متقاعدين أبرزهم أوباسانجو. لكن يبدو أن جودلاك أراد أن يتخلص من هؤلاء، أو بمعنى آخر تصور أنه يمكن أن ينجح دون الاعتماد عليهم، وكانت النتيجة انشقاقهم وفي مقدمتهم أوباسانجو وتحالفهم مع خصمه محمد بخاري.
أسباب فوز بخاري

وإذا كانت هذه هي أسباب هزيمة جودلاك فمن المنطقي أن تمثل هي ذاتها بشكل آخر أسبابا لفوز منافسه محمد بخاري، مع بعض العوامل الإضافية التي من أهمها:
1- رغبة الشعب في التغيير ولا سيما في ظل تردي أوضاعه في ظل قيادات تنتمي لحزب الشعب الحاكم منذ 1999 "أوباسانجو، عمر يارادوا، جودلاك، وقد تماشت هذه الرغبة مع الشعار الذي رفعه بخاري في الانتخابات وهو التغيير الإيجابي.
2- البرنامج الانتخابي لبخاري والذي عمل على التركيز على القضايا الهامة التي تشغل المواطن وفي مقدمتها قضيتا الأمن والاقتصاد. فوفق استطلاع أجراه مركز بيو الأميركي هناك ثلاث قضايا أساسية تشغل المواطن النيجيري منذ عام 1999 هي قضايا الفساد "86% "، والجريمة 88"%"، والتطرف الإسلامي "72% " وهي القضايا التي تعهد بخاري بالقضاء السريع عليها.
فبالنسبة لقضية التطرف، تعهد بخاري بالقضاء على بوكو حرام خلال فترة وجيزة، ولعل خلفيته العسكرية هي ما دفعت الشعب للثقة به، أما بالنسبة لقضية الفساد فإن بخاري مشهود له خلال فترة حكمه الأولى بالنزاهة ونظافة اليد، كما أن اختياره شعار المكنسة كرمز انتخابي كان له تأثيره المعنوي لدى الناخب المسيحي قبل المسلم وأعطى الثقة بأن الرجل يرغب في تطهير البلاد من الفساد المستشري فيها.
3- تحالف بخاري مع خصوم جودلاك ولا سيما الشخصيات البارزة في حزبه مثل الرئيس الأسبق أوباسانجو وغيره.
4- إرسال رسائل تطمينية لغير المسلمين وعدم الاقتصار على صوت الناخب المسلم في الشمال فقط. ويبدو أنه استفاد من تجربة انتخابات 2011 والتي دافع فيها بشدة عن تطبيق الشريعة الإسلامية، لكنه عمل خلال هذه الانتخابات على التركيز على قضية التنوع والتسامح الديني.
ملاحظات حول الانتخابات

هناك مجموعة من الملاحظات بشأن الانتخابات الرئاسية أبرزها ما يلي:
1- تراجع النزعة الطائفية إلى حد ما مقارنة بانتخابات 2011 والتي تلتها مواجهات بين المسلمين والمسيحيين في الشمال تحديدا بسبب خرق جودلاك اتفاق 1999، لكن يبدو أن الرجل اعترف هذه المرة بنكوثه عن هذا الاتفاق، وقبل بالهزيمة.
2- فوز رئيس انقلابي في انتخابات حرة ونزيهة، وهي المرة الثانية التي تشهدها البلاد بعد ظاهرة أوباسانجو الذي قاد انقلابا حكم به البلاد في الفترة من 1976-1979، ثم عاد لتبوء مقعد الرئاسة كأول رئيس جنوبي يصل للحكم عبر انتخابات حرة مباشرة عام 1999.
ويلاحظ أن عودة شخصيات انقلابية للواجهة في بلد يحفل تاريخه السياسي بسيطرة العسكريين على الحكم (بلغت فترة حكم العسكر منذ الاستقلال عام 1960، وحتى تولي أوباسانجو الحكم عام 1999 قرابة 30 عاما)، لا يشير إلى اشتياق البلد لحاكم عسكري بقدر اشتياقه لحاكم يخلصه من المعاناة الأمنية والاقتصادية تحديدا. لذا فهو يرى أن بخاري ذا الخلفية العسكرية واليد النظيفة قادر على تحقيق ذلك.
3- الترحيب الدولي بفوز بخاري بغض النظر عن كونه مسلما، لأن الذي يهم هذه الدول هو موقف الرئيس من الجماعات المتطرفة مثل بوكو حرام من جهة، فضلا عن مدى حفاظه على مصالح الشركات الأجنبية التابعة لهذه الدول والعاملة في قطاع النفط من ناحية ثانية خاصة تلك الموجودة في دلتا نهر النيجر.
تحديات مستقبلية

داخليا يواجه الرئيس محمد بخاري جملة من التحديات أهمها تلك المتعلقة بالجانب الأمني ومدى نجاحه في القضاء السريع -بحسب تعهداته- على بوكو حرام في مناطق تمركزها شمالي شرقي البلاد وتمكين المهجرين سواء في داخل البلاد أو في دول الجوار من العودة لديارهم.
أما التحدي الثاني فيرتبط بالأوضاع الاقتصادية والتي تشمل مجموعة من الملفات أبرزها ملف الفساد ولا سيما ما يتعلق بغياب الشفافية في مجال عوائد النفط، فهناك عشرون مليار دولار من عوائد شركة النفط النيجيرية المملوكة للدولة لم تدخل خزينة الدولة.
أما ثاني هذه الملفات فهو تحسين الأوضاع المعيشية للمواطن، فالبطالة مستفحلة بدرجة كبيرة، وحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن 67% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، وهو ما يشكل تحديا لبخاري الذي وعد بزيادة الاستثمارات في مجالي التعدين والزراعة لتلافي المشكلات المترتبة على تراجع أسعار النفط من ناحية وللتغلب على مشكلة البطالة التي تبلغ 24% من إجمالي السكان من ناحية ثانية.
أما على الصعيد الخارجي. فمن الواضح أن استعادة نيجيريا لدورها الإقليمي خاصة من خلال تجمع "الإيكواس" (المجموعة الاقتصادية لدول غربي إفريقيا) يشكل أهمية كبيرة خاصة بعد تراجع هذا الدور منذ عهد أوباسانجو.
وبالنسبة للدول الإسلامية فربما لا يؤثر فوزه كثيرا على هذه العلاقات خاصة أنه يخشى من إرسال رسائل سلبية لمسيحيي الداخل، وبصفة عامة يلاحظ أن نيجيريا رغم أنها أكبر دولة إسلامية في أفريقيا، فإن بروز توجه إسلامي في سياستها الخارجية يعد بمثابة قضية حساسة للغاية، بل إن انضمامها لمنظمة المؤتمر "التعاون" الإسلامي عام 1986، أثار حفيظة النصارى من أن يكون ذلك مقدمة لتحويل البلاد إلى دولة إسلامية، وكذلك فقد ثارت الخلافات على إنشاء محكمة استئناف شرعية اتحادية وعلى تطبيق الشريعة في الولايات الشمالية.
نتيجة لتلك الاعتبارات فربما يحافظ الرجل على سياسة خارجية متزنة، ولا سيما أنه يرغب في كسب ود الولايات المتحدة والغرب عموما عبر بوابة هزيمته لبوكو حرام.
الجماعة الإسلامية وفوز محمد بخاري

شهدت الجماعة الإسلامية انقساما في المواقف والآراء حول فوز المرشح المسلم محمد بخاري في مواجهة الرئيس السابق لنيجيريا المسيحي الديانة جود لاك جوناثان.
ففي الوقت الذى رحب القيادي في الجماعة الإسلامية عامر عبد المنعم بفوز رئيس مسلم لنيجيريا التي هي أكبر دولة إسلامية في أفريقيا من حيث عدد السكان ويبلغ عدد سكانها 165 مليون نسمة منهم 120 مليون مسلم.
وأشار إلى الشعب النيجيري ذو الأغلبية المسلمة كان يسوده الغضب من سياسات الرئيس المنتهى ولايته جوناثان، وأن سياساته التعسفية خاصة ضد المسلمين أدت إلى تعاطف المسلمين هناك مع حركة بوكو حرام التي توسعت في الشمال النيجيري.
على الجانب الأخر، أكد عدد كبير من أعضاء الجماعة الإسلامية أن فوز محمد بخاري بالرئاسة ومساعدته في الوصول للرئاسة في نيجيريا يأتي في إطار المؤامرات الدولية والحرب التي يشنها الغرب ضد الإسلام، وأن السماح بوصول محمد بخاري للسلطة يهدف لشق الصف الإسلامي في نيجيريا، وإضعاف التأييد الذي تحظى به حركة بوكو حرام التي تحارب من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية في نيجيريا، وأشار عدد من أعضاء الجماعة في ردودهم على التصريح الذى نشره عامر عبد المنعم على صفحته بالفيس بوك أن فوز محمد بخاري يهدف للقضاء على الاتجاه الإسلامي.
وقال محمد أبوطالب، مجيء محمد بخاري للحكم في نيجيريا غير طبيعي كمسلم، إلا اذا كان هذا مخططًا للقضاء على بوكو حرام وشق الصف الإسلامي في نيجيريا بعد أن توحدوا خلف بوكو حرام، وقال علاء محمد القاضي: إن وصول بخاري للرئاسة في نيجيريا ستكون مشكلة أكبر على الإسلامين، أما أحمد سمير فقال: يا فرحتي ده ناجح حتي من غير ما حد ينتخبه وجاي فقط لشق صف المسلمين واللي تعاطفوا مع بوكو حرام بفعل المجازر التي ارتكبها الجيش والشرطة الصليبية النيجيرية.
أما سامى غريب فقال إن الغرب أراد من وصول محمد بخاري للرئاسة النيجرية أن يبرز إلى الساحة وجها يحمل خلفية إسلامية لكسب الشارع و خلخلة الحاضنة الشعبية لبوكو حرام، وهو ما أيده عبد العزيز المصري.
وقال: إن رئيس نيجيريا الجديد شعاره محاربة الإرهاب وقائد عسكري سابق وعمل انقلاب عام 1983 وتم الانقلاب عليه 1985م.
قمة إفريقية لمواجهة بوكو حرام

وفي تصعيد دولي نتيجة الأحداث يعقد قادة وسط وغرب إفريقيا في الثامن من أبريل قمة تهدف إلى وضع استراتيجية مشتركة ضد تهديد جماعة بوكو حرام، وفق ما جاء في بيان للمنظمين، اليوم الأحد 5 أبريل 2015.
وينظم اجتماع القمة في مالابو عاصمة غينيا الاستوائية كل من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والمجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا.
وهذا هو الاجتماع الأول لقادة إفريقيا منذ الانتخابات الرئاسية في نيجيريا الأسبوع الماضي والتي فاز بها محمد بخاري، القائد العسكري السابق والذي تعهد بالتخلص من جماعة بوكو حرام.
ويشن تحالف إقليمي، يضم قوات من نيجيريا وتشاد والنيجر والكاميرون، هجوما على المتطرفين الذين توسع انتشارهم من معاقلهم في نيجيريا ليتخطوا الحدود إلى الدول المجاورة.
وجاء في بيان للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، أنه "في مواجهة زيادة وتصاعد الهجمات الدموية التي يشنها المتطرفون ضد نيجيريا والنيجر والكاميرون وتشاد وعواقبها الخطيرة على تلك الدول والمخاطر الحقيقية لعدم الاستقرار في دول وسط إفريقيا وغربها، قررت المنظمتان التحرك".
وليس واضحا ما إذا كان بخاري سيشارك في القمة إذ أنه سيقسم اليمين الدستوري في 29 مايو.
ويبقى السؤال منظرا للإجابة هل نجاح محمد بخاري في الانتخابات الرئاسية خطوة على طريق القضاء على بوكو حرام؟