صحيفة تاجس تسايتونج الألمانية: النازيون والفاشيون الجدد يدعمون الأسد بسبب الإسلاموفوبيا والإمبريالية

الأربعاء 04/يونيو/2014 - 05:26 م
طباعة صحيفة تاجس تسايتونج
 
تحوّلت ساحة بيازا فينيسيا في وسط روما، حيث كان بنيتو موسوليني يلقي في الماضي خطاباته، إلى مسرح لمظاهرة فريدة من نوعها؛ رَفَع فيها، أمام مدخل السفارة السورية في روما- عشرات من الأشخاص صورًا للرئيس السوري بشار الأسد، وكثيراً من الأعلام السورية عاليةً.
تناوب الخطباء في هذه المظاهرة إلقاء خطاباتهم بمكبرات الصوت، وعندما ارتفع صوت النشيد الوطني السوري من مكبرات الصوت، رفع قسم من المتظاهرين أيديهم اليمنى إلى الأمام لأداء تحية هتلر، بينما أدَّى القسم الآخر تحية العلم بقبضاتهم، ثم تلت مظاهراتٌ أخرى هذه المظاهرةَ التي خرجت قبل نحو عام وكانت أولَ مظاهرة جمعت اليمين المتطرف "البني" مع اليسار المتطرف "الأحمر".
ويمكن الحديث عن حركة نشطة، تجمع العديد من الجماعات اليمينية المتطرِّفة المقبلة من مختلف الدول الأوروبية وتوحدها في جبهة تحت راية نظام الأسد: "جبهة التضامن الأوروبي مع سوريا". تعمل "جبهة التضامن اليميني هذه وبكلّ نشاط على تنظيم المظاهرات المؤيِّدة للأسد، وقد أرسلت عدة وفود إلى دمشق تم استقبالها من قبل الحكومة السورية في مجلس الشعب السوري.
ومن هذه الوفود قام وفد بزيارة للنظام بعد فترة قصيرة من الهجوم بالأسلحة الكيماوية في شهر سبتمبر 2012. وفي هذه الزيارة، التي ترأّس وفدها ممثل الحزب السوري القومي الاجتماعي في إيطاليا عدي رمضان- شارك أشخاص من بينهم ستيفانو دي سيمونه وجوفاني فيولا، زعيما الحركة الفاشية الجديدة "كازا باوند"، بالإضافة إلى فرناندو روسي، السيناتور السابق عن الحزب الشيوعي الإيطالي، الذي بات يسعى إلى التكاتف مع المتطرِّفين اليمينيين؛ نظرا لدعمه السابق للقذافي ودعمه في وقت لاحق لنظام الأسد.

دعم النازيين للأسد له جزور تاريخية

يعود دعم هذه المنظمات النازية لنظام الأسد إلى أسباب بعضها تاريخية، فعلى سبيل المثال لقد وجد في دمشق في عام 1954 ألويس برونر (رئيس القوات الخاصة في الوحدة الوقائية النازية المعنية بمشروع إبادة اليهود "الحل النهائي للمسألة اليهودية" وأقرب معاوني أدولف أيخمان الضابط في قوات هتلر الخاصة) ملاذًا آمنا له. وقام حافظ الأسد، والد الديكتاتور الحالي، بتكليف ألويس برونر بإعادة هيكلة أجهزة الاستخبارات السورية بحسب نموذج جهاز الشرطة السري النازي "الجستابو" والوحدة الوقائية النازية.
ومنذ بداية الثورة السورية قبل ثلاثة أعوام، يلاحظ الدعم الاعلامي للجماعات اليمينية المتطرفة في أوروبا لنظام الأسد.
تتكوّن جبهة مؤيِّدي الأسد من طيف متنوع لافت: يمتد من السياسية الفرنسية (اليمينية المتطرفة) مارين لوبان رئيسة حزب "الجبهة الوطنية"، مرورًا بكتائب "فالانجا" الكاثوليكية البولندية، التي دعت في شهر يونيو الماضي إلى عدة أمور، من بينها سحب الجنسية من اليهود البولنديين، كذلك التنظيم اليوناني النازي الجديد "الزنبقة السوداء" والذي تفاخر بوضع ميليشياته الخاصة تحت تصرّف بشار الأسد.
تشكّل إيطاليا مركز هذا التحالف "الأحمر- البُنّي" المؤيّد لنظام الأسد؛ وذلك لأنَّ فيها منظمات يمكن الاعتماد عليها في تقديم الدعم المفتوح للأسد- مثل حزب "فورزا نوفا" (الفاشيون الجدد الكاثوليك)، وكذلك منظمة "كاسا باوند" (يطلق أعضاؤها على أنفسهم أيضًا اسم "فاشيي الألفية الثالثة"). ويشمل هذا التحالف أيضًا الكثير من المجموعات الأصغر، التي تصف نفسها بأنَّها "اشتراكية"، وتفتخر بعلاقاتها مع الأحزاب والحركات القومية والستالينية في جميع أنحاء العالم- من روسيا إلى فنزويلا وحتى كوريا الشمالية.
جميع هذه المنظمات والجماعات لديها اتصالات مع أجزاء من اليسار المناهض للإمبريالية الذي يعمل على نحو مضطرب. ولا يزال هذا اليسار المتجذّر في الفكر الستاليني على قناعة حتى يومنا هذا بأنَّ العالم يعيش في صراع دائم بين الإمبريالية الغربية (الممثَّلة في الولايات المتَّحدة الأمريكية والاتِّحاد الأوروبي وحلفائهما)، وبين مقاومة "الدول ذات السيادة" مثل روسيا والصين وإيران.

"جيش أحمر- بني"

وتحت شعارمناهضة الإمبريالية، وكذلك بسبب الإسلاموفوبيا التي تختلف شدتها من مجموعة إلى أخرى، قام اليمين الفاشي والأصوليون الكاثوليك والستالينيون بتشكيل "جيش أحمر- بني" صغير ولكنه نشيط.
وهذه الشبكة المكوَّنة من مختلف الممثِّلين السياسيين والثقافيين المعروفين مهمة من أجل دعم نظام الأسد. وهم يرون في الديكتاتورية السورية من ناحية نموذجًا اجتماعيًا مرغوبًا فيه، ومن ناحية أخرى حاجزًا واقيًا من الصهيونية الإسرائيلية ومن التنظيمات الأصولية الإسلامية على حدّ سواء.
يلعب الخوف من الإسلام دورًا تزداد أهميته في سياسة اليمينيين. وفي مرحلة التحضير للانتخابات الأوروبية لهذا العام، وقد التقى زعماء مختلف الجماعات اليمينية المتطرّفة في أوروبا في أكثر من مناسبة- على سبيل المثال في شهر نوفمبر الماضي في إسبانيا وفي شهر فبراير 2014 في روما. وحضر اللقاء الذي أقيم في إسبانيا كلّ من يانس بوزه من حزب إن بي دي الألماني (اليميني المتطرف)، بالإضافة إلى ممثِّلين عن "الحزب السوري القومي الاجتماعي".

الحزب السوري القومي الاجتماعي يدافع عن النظام

الحزب السوري القومي
يعتبر الحزب السوري القومي الاجتماعي حليفًا مقرَّبًا من حزب البعث الحاكم في سوريا بزعامة بشار الأسد، وهو ممثَّلٌ أيضًا في الحكومة السورية من خلال نائب رئيس الوزراء ووزير آخر. ويقاتل هذا الحزب بوحداته الخاصة إلى جانب نظام الأسد وميليشيات حزب الله اللبناني ضدّ المتمرّدين السوريين.
 تم تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي في بيروت عام 1932، كما أنَّ أيديولوجيته ورموزه تُذكِّران وبكلِّ وضوح بالقومية الاجتماعية الألمانية (النازية)، فأعضاء الحزب السوري القومي الاجتماعي يؤدون التحية بالذراع اليمنى الممدودة إلى أعلى، وكذلك يشبه شعارُه المرسوم على رايته: الصليبَ النازي المعقوف. ويمثِّل الحزب السوري القومي الاجتماعي في إيطاليا عدي رمضان وجميع خيوط هذا الحزب في إيطاليا تلتقي لديه لتنظيم الدعم لنظام الأسد.
يشكِّل التقارب بين النازيين الجدد والأصوليين الكاثوليك والستالينيين، وكذلك دعاة السلام تحت راية معاداة الإمبريالية- عاملاً جوهريًّا لنقص التضامن مع الشعب السوري، خاصة في الأوساط اليسارية. إذ ينشط هذا "الجيش الأحمر- البني" بشكل غير معتاد على شبكة الإنترنت، بمواقع ومدوَّنات تبدو من الوهلة الأولى يسارية. وقد تمكَّن في الأعوام الثلاثة الماضية من شل حركة التضامن والسلام الإيطالية مع سوريا، وذلك من خلال تذرُّعه المتواصل بشبح هجوم الناتو المزعوم على سوريا وبمؤامرة صهيونية- سلفية على نظام الأسد "العلماني الاشتراكي المناهض للإمبريالية"، بحسب وصفه.
استوعبت وسائل الإعلام الرئيسية في إيطاليا في الأشهر الأخيرة هذه الظاهرة، وباتت تتحدَّث في تغطيتها الإعلامية حول نشاطات هذا التحالف المشبوه الموالي لنظام الأسد. وفي المقابل صارت تزداد أيضًا في منظمات السلام الأصوات الداعية إلى الديمقراطية وتقديم المساعدات الإنسانية للمواطنين السوريين. ولكن من غير المؤكَّد إذا كانت هذه الأصوات كافية من أجل سحب الدعم الشعبي في أوروبا عن هذا التجمّع الأيديولوجي.
http://www.taz.de/Assad-Fans-in-Italien/!134885/

شارك