مستقبل الهدنة "الهشة" ...وأبعاد الإقتتال الطائفي في اليمن
السبت 07/يونيو/2014 - 09:59 م
طباعة
ذكرت صحيفة الاتحاد الإماراتية في نسختها الإليكترونية، اليوم 7 يونيو، عن تزايد مخاوف المراقبين من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار بين الجيش اليمني والمقاتلين الحوثيين في شمال البلاد، في ظل استمرار الحوثيين بتعزيز تواجدهم المسلح، في محيط مدينة عمران، وذلك بعد مرور يومين على توقيع الهدنة بينهم وبين الجيش اليمني والتي جاءت بموجب قرار رئاسي لوقف الاشتباكات المندلعة بين الطرفين منذ أواخر مايو الماضي، وخلفت 347 قتيلا على الأقل حتى الآن.
وذكرت مصادر محلية وعسكرية في عمران أن الحوثيين انسحبوا من السجن المركزي ومنطقة «سحب» العسكرية جنوب المدينة، لكنهم رفضوا الانسحاب من بقية مناطق تواجدهم في محيط المدينة.
عبدربه منصور
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، قد دعا في وقت سابق لوقف إطلاق النار، في مبادرة الحكومة اليمنية لوقف نزيف الدم المتصاعد بين الطرفين، والذي تم الإعلان عنه يوم الأربعاء الماضي، لتنص الاتفاقية على:" الوقف الفوري لإطلاق النار" و"وقف الحشود والتعزيزات والاستحداثات من قبل كل الأطراف" فضلا عن "نشر مراقبين عسكريين محايدين" للإشراف على وقف إطلاق النار، والتأكد من التزام الأطراف كافة بالتنفيذ، وانسحاب الحوثيون من السجن المركزي، وفتح الطريق بين عمران وصنعاء، على أن تتولى الشرطة العسكرية مسؤولية تأمينه، كما نص الاتفاق على انسحاب الحوثيين الذين يتخذون اسم "أنصار الله" من السجن المركزي في عمران بعد أن سيطروا عليه وأفرجوا عن عدد من معتقليهم.
ولم ينص الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء بعد مشاورات مكثفة مع قيادات أمنية وسياسية وممثلين عن أنصار الله من أجل نزع فتيل التوتر، والذي جاء برعاية دولية، قادها المبعوث الدولي لليمن، جمال بن عمر، وإشراف لجنة رئاسية جديدة، شكلها الرئيس عبد ربه منصور هادي، على انسحاب مليشيات الحوثيين من مناطق تواجدهم في محيط عمران، ولكنه نص على "إيقاف الحشود والتعزيزات والاستحداثات من قبل كل الأطراف."
ويشرف على اللجنة، التي جرى الإعلان عنها في بيان الهدنة، وزير الدفاع، اللواء محمد ناصر أحمد، وتضم 11 عضواً، أبرزهم رئيس جهاز الأمن السياسي (أحد فرعي الاستخبارات)، اللواء جلال الرويشان، وقائد الشرطة العسكرية، اللواء عوض محمد بن فريد، ورئيس لجنة الوساطة، العميد قائد العنسي، إضافة إلى أعضاء محسوبين على حزب "الإصلاح" وآخرين على "الحوثيين".
ولكن وفقا لعدد من المصادر الصحفية باليمن فإن المقاتلين الحوثيين يعززون تواجدهم المسلح ببناء خنادق ومتارس في مناطق «بيت بادي»، «ضبر»، «بيت عامر»، و«المحشاش»، وفي بلدة ضروان، التابعة إداريا لمحافظة صنعاء وتبعد نحو 20 كم عن العاصمة، مشيرة إلى استمرار وصول تعزيزات مسلحة للحوثيين إلى منطقة «ريدة»، شمال عمران، قادمة من محافظة صعدة الشمالية المعقل الرئيسي للجماعة .
وعلى الرغم من وصول 30 مراقباً عسكرياً إلى محافظة عمران لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار بين الجيش اليمني والحوثيين، إلا أن هناك شكوكا متزايدة من صمود تلك الهدنة، حيث يراها بعض المراقبون "هشة" وعرضة للانهيار، الأمر الذي أكده أحد المسئولين باللواء310 مدرع، المرابط جنوب مدينة عمران، حيث اعتبر أن قوات الجيش المدعومة بمليشيات محلية موالية لحزب «الإصلاح» الإسلامي السني، لا تزال في حالة استنفار عالي تحسبا لتجدد المواجهات، والذي رأى أن قرار وقف إطلاق النار بمثابة "استراحة محارب" قابلة للانهيار في أي لحظة.
وكانت مدينة عمران قد شهدت خلال الأسبوعين الماضيين، قتالا متقطعا بين الطرفين، ارتفعت وتيرته بشدة يوم الاثنين الماضي والذي قتل فيه أكثر من 120 شخصا، بينهم 20 جنديا على الأقل.
الصراع الدائر الآن بين الحوثيون والجيش اليمني يفتح بابا للتساؤل عن ماهية الحرب الدائرة بين الطرفين، خاصة بعد تصاعد أصوات من داخل الأوساط اليمنية بأن هدف الحرب مبني على أساس ديني في المقام الأول، بين الاتجاه السلفي في الحكومة اليمنية وشيعة الحوثيون، السؤال الذي يطل برأسه لماذا فتحت الحكومة اليمنية جبهة القتال مجددا بينها وبين الحوثيون، ما دامت تخوض حرب ضروس بين تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، والمستمرة منذ نهايات العام الماضي؟!
في الوقت الذي يرى المراقبون أن الهدنة بين الحكومة اليمنية والحوثيون تأتي في ظل تجدد الاشتباكات بين الجيش اليمني وعناصر لتنظيم "القاعدة في بلاد العرب"، حيث قتل اثنين من عناصر تنظيم القاعدة، فيما تم اعتقال أربعة آخرين في اشتباكات مع نقطة للجيش بمحافظة حضرموت شرقي اليمن، حيث تواجه القوات اليمنية سلسلة من الهجمات التي يشنها المتشددون منذ أن استعاد الجيش السيطرة على معاقلهم في منطقة المحفد في محافظة أبين وفي ميفعة بمحافظة عزان، وفي جول الريدة بمحافظة شبوة في وقت سابق من شهر مايو الماضي، وينظر مراقبون إلى أن جبهةَ الحوثيين في الشمال أعطت عناصر القاعدة في الجنوب الفرصةَ لالتقاط أنفاسهم خصوصا أن الجيش لن يستطيع فتح جبهتين ودخول معركتين في ذات الوقت.
في الوقت ذاته يرى البعض الآخر أن تجدد الصراع جاء على خلفية تزايد نفوذ الحوثيين خارج مدينة صعدة بشمال اليمن، لتصل إلى محافظة عمران والتي تبعد 50 كيلو مترا عن العاصمة صنعاء، في حين أرجع بعض الخبراء أن سبب تجدد الاشتباكات جاء على خلفية تزايد احتجاجات جماعة الحوثي ضد تعيين محافظا لمحافظة عمران، ينتمي للتجمع اليمني للإصلاح - القريب من نهج الجماعات السلفية في نظر الحوثيين – في ظل امتداد الحضور الحوثي بالعاصمة صنعاء، بعد انتشار شعارهم المعروف بـ(الصرخة) بصورة واسعة في الشوارع والأحياء الرئيسية، في حين وصل التوتر بين الحوثيين من جهة والسلفيين (إخوان اليمن والتيار السلفي) من جهة اخري إلى مدينة تعز 260 كم جنوب غرب العاصمة مما أثار قلقا إصلاحيا وسلفيا من وصول تأثير الحوثيين لمناطق لا تمثل قاعدتهم المذهبية.
في حين أعزى البعض أن توسع الصراع الحوثي السلفي خارج أسوار صعده، يأتي في إطار الصراع السني الشيعي، وهو في زعم البعض امتداد للصراع السعودي الايراني، حيث يرتبط الحوثيون بالمذهب الاثنى عشري الايراني، في حين يرتبط السلفيون بالمذهب الوهابي أساس الحكم في السعودية، ليكون كل من الحوثيين والسلفيين أدوات مستخدمة في هذا الصراع.
حسين الحوثي
ويعود الصراع مع الحوثيون إلى منتصف عام 2004، حين شنت القوات اليمنية حربا ضد جماعة ثقافية دينية تنتمي للمذهب الزيدي (الشيعي )، في محافظة صعده شمال اليمن، عرفت باسم الشباب المؤمن ويقودها حسين الحوثي، نجل المرجعية الزيدية العلامة بدر الدين الحوثي، ونائب سابق في البرلمان اليمني عن حزب الحق، وترفع الجماعة شعار " الله أكبر الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود النصر للإسلام" وتردده بعد صلاة الجمعة أسبوعيا في مساجد صعده ثم الجامع الكبير في صنعاء القديمة لاحقا، وفيما تقدم الحركة نفسها من خلال الشعار بوصفها حركة نهوض ديني وتحرر قومي كما يراه زعيم الحركة عبد الملك الحوثي أنه "مشروع قرآني يستهدف مواجهة الهيمنة الأمريكية والغطرسة ألإسرائيلية "، الأمر الذي اعتبرته الحكومة اليمنية فيه خطرا يهدد علاقاتها الخارجية، ويشكك بشرعية الحكم والحاكم.