السريان والاشوريين والكلدان ينضمون للأرمن في مطاردة تركيا للاعتراف بجرائم الابادة
السبت 11/أبريل/2015 - 07:23 م
طباعة
شهدت القامشلي؛ كبرى مدن محافظة الحسكة السورية، مساء أمس الجمعة، مسيرة شموع بمناسبة مرور 100 عام على المجازر التي شهدها السريان على يد العثمانيين الأتراك مطلع القرن الماضي.وانطلقت المسيرة، التي شارك فيها نحو ثلاثة آلاف شخص، من أمام كنيسة السيدة العذراء للسريان الأرثوذكس؛ كبرى الطوائف المسيحية من حيث العدد في المحافظة؛ المتعددة الأعراق والطوائف والإثنيات.وانتهى خط سير المسيرة، التي طافت حي الوسطى، عند "نصب شهداء السريان"، الذي دشنه بطريرك الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، يوم الإثنين الماضي البطريرك افرام الثاني في شارع "شكري القوتلي" بالتزامن مع الذكرى المئوية لمجازر الإبادة السريانية (سيفو) التي بدأت يوم 24 ابريل 1915 على يد العثمانيين الأتراك بحق السريان والارمن
وبعد أن وقف المشاركون دقيقة صمت على أرواح شهداء شعبنا، صلى آباء الكنائس السريانية الأربع في المدينة أمام النصب على أرواح نحو 500 ألف شخص من السريان قضوا نحبهم على يد العثمانيين الأتراك منذ العام 1915 وما تلاه من أعوام.وهتف المشاركون عدة مرات، باللغة السريانية، جملة "الشهداء لا يموتون".وتحظى مذابح الارمن بشهرة اعلامية اكبر من المذابح الاشورية او السريانية ومع اقتراب الذكري المئوية والملاحقات لتركيا للاعتراف بماضيها الاسود
مذابح سيفو ( السيف )
مذابح سيفو وتعرف ايضا بالمذابح الآشورية أو مذابح السريان ، تطلق على سلسلة من العمليات الحربية التي شنتها قوات نظامية تابعة للدولة العثمانية بمساعدة مجموعات مسلحة شبه نظامية استهدفت مدنيين آشوريين/سريان/كلدان أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى. أدت هذه العمليات إلى مقتل مئات الآلاف منهم كما نزح آخرون من مناطق سكناهم الأصلية بجنوب شرق تركيا الحالية وشمال غرب إيران.
لا توجد إحصائيات دقيقة للعدد الكلي للضحايا، غير أن الدارسين يقدرون أعداد الضحايا السريان/الآشوريين بين 250,000 إلى 500,000 شخص كما يضاف إلى هذا العدد حوالي مليوني أرمني ويوناني لكن على عكسهما، لم يكن هناك اهتمام دولي بمجازر سيفو، ويعود السبب إلى عدم وجود كيان سياسي يمثل الآشوريين في المحافل الدولية. كما لا تعترف تركيا رسمياً بحدوث عمليات إبادة مخطط لها.
البداية
بدأت هذه المجازر في سهل أورميا بإيران عندما قامت عشائر كردية بتحريض من العثمانيين بالهجوم على قرى آشورية فيه، كما اشتدت وطأة المجازر بسيطرة العثمانيين عليه في يناير 1915. غير أن عمليات الإبادة لم تبدأ حتى صيف 1915 عندما دفعت جميع آشوريي جبال حكاري إلى النزوح إلى أورميا كما تمت إبادة وطرد جميع الآشوريين/السريان/الكلدان من ولايات وان وديار بكر ومعمورة العزيز
أدت سلسة المجازر هذه بالإضافة إلى المجازر الأرمنية وعمليات التبادل السكاني مع اليونان إلى تقلص نسبة المسيحيين في تركيا من حوالي 33% قبيل الحرب إلى 0.1 حاليا ونزوح مئات الآلاف من الآشوريين/السريان إلى دول الجوار
عرفت هذه المجازر بعدة تسميات محلية لعل أهمها "سيفو" وهي لفظة سريانية غربية تعني "السيف" في إشارة إلى طريقة قتل معظم الضحايا. كما عرفت سنة 1915 وهي السنة التي بدأت بها المجازر في منطقة طور عابدين ب-"شاتو دسيفو"، أي "عام السيف".
تعرف هذه الحوادث في تركيا شعبيا باسم "Süryani Katliamı" أو "Süryani Soykırımı" بمعنى "المذابح الآشورية/السريانية" بينما تذكر المصادر الغربية المجازر تحت تسميتي "Seyfo" و-"Assyrian Genocide". وبالرغم من ذلك فإن هناك من يعمم جميع المجازر التي تمت في اواخر عهد الدولة العثمانية ضد اقلياتها المسيحية واضعا اياها تحت مسما واحد على أساس أنها لم تكن تفرق بين مسيحييها في انتماءاتهم العرقية.
اسباب المجازر
أعطى الباحثون عدة أسباب لعمليات الإبادة التي نفذها العثمانيون بحق الأقليات المسيحية بالأناضول ابتداء من أواخر القرن التاسع عشر. غير أن معظمهم يتفق على يقين القادة العسكريين بأن أي ثورة أو حرب ستؤدي إلى انفصال أجزاء واسعة من الإمبراطورية مثلما حدث في دول البلقان بمنتصف القرن التاسع عشر حين نالت معظم تلك الدول استقلالها. كما أدت محاولات تتريك الشعوب القاطنة ضمن الدولة إلى ردود فعل معارضة أدت إلى انتشار الفكر القومي المعارض لهذه السياسة كالعربي والأرمني والآشوري،ما أدى إلى أستعمال العثمانيين للعنف في محاولة لدمج تلك الشعوب في بوتق تركي. بدأت أولى عمليات الإبادة على نطاق واسع سنة 1895 أثناء ما سمي بالمجازر الحميدية عندما قتل مئات الآلاف من الأرمن والآشوريين في مدن جنوب تركيا وخاصة بأضنة وآمد وذلك بعد اتهام الأرمن بمحاولة اغتيال السلطان عبد الحميد الثاني. غير أن السبب الرئيسي من وراء المجازر التي حلت بالآشوريين/السريان هي خشية العثمانيين من انضمامهم إلى الروس والثوار الأرمن وخصوصا بعد فشل حملة القوقاز الأولى في شتاء 1914
يعتقد المؤرخون أن السبب الرئيسي وراء التورط الكردي في المجازر هو الانسياق وراء حزب تركيا الفتاة الذين حاولوا إقناع الأكراد أن المسيحيين الموجودين في تلك المناطق قد يهددون وجودهم. وبالرغم بعض المجازر التي اقترفها الجيش العثماني ضد مدنيين أكراد في بايازيد وألاشكرت، إلا أن سياسة الترحيب والترغيب دعت معظم العشائر الكردية إلى التحالف مع الأتراك. كما استغلت ميليشيات كردية شبه نظامية فرصة الفوضى في المنطقة لفرض هيمنتها وهاجمت قرى آشورية وسريانية من أجل الحصول على غنائم.
الوضع قبل الحرب العالمية الاولي
شكل الآشوريون/السريان/الكلدان إحدى الأقليات الدينية والعرقية الهامة ضمن الدولة العثمانية، وبالرغم من تواجدهم في مراكز عواصم الولايات العثمانية كالموصل وحلب وآمد إلا أن معظمهم عاش في قرى عديدة في منطقة تمتد من أورميا شرقا إلى ماردين غربا. حيث عاشوا جنبا إلى جنب مع الأكراد والأرمن. ويقدر الباحثين أن عدد المشارقة (الآشوريين والكلدان) تراوح مع بين 400,000 - 500,000 نسمة. كما شكل السريان المغاربة (السريان الأرثوذكس والكاثوليك) عددا مماثلا. ما يجعل عددهم الكلي 700,000 - 1,000,000. وقد انقسموا بحسب مناطق تواجدهم إلى ثلاثة أقسام:
أورميا
تقع هذه شمال غرب إيران حاليا، بالرغم من كونها اسميا تتبع القاجاريون إلى أنها كانت تقع بشكل فعلي تحت نفوذ الإمبراطورية الروسية. أصبحت مدينة أورميا إحدى أكثر المناطق تطورا حيث شهدت تأسيس جريدة "زهريرا دبهرا"، سنة 1849 والتي تعتبر أول جريدة ناطقة بالسريانيةكما نشط في تلك المنطقة عدة إرساليات مسيحية منذ عشرينات القرن التاسع عشر عملت على إنشاء المطابع ونشر الصحف بهدف تحويل سكانها المسيحيين والذين تبعوا كنيستي المشرق الآشورية والكنيسة الكلدانية الكاثوليكية إلى الأرثوذكسية الشرقية والبروتستانتية. وبالرغم من تحول أعداد ضئيلة جدا إلى تلك الطوائف إلا أن تأثير تلك الإرساليات كان عميقا جدا في المنطقة أدت لحدوث نهضة ثقافية بانتشار الصحافة والتعليم بين سكانها المسيحيين.
حكاري
اعتبرت هذه المنطقة من أكثر المناطق وعورة في الدولة العثمانية وتمتد من دهوك جنوبا حتى وان شمالا، وتمتعت بحكم ذاتي بحكم وعورتها وصعوبة اجتياحها من قبل جيوش نظامية. معظم سكانها كانوا من أتباع كنيسة المشرق الآشورية، واتصف سكانها بنزعة عشائرية وكان يقود كل عشيرة شخص يدعى "مالك" وهؤلاء بدورهم يدينون بالولاء لزعيمهم الروحي بطريرك كنيسة المشرق الذي ينحدر من عائلة شمعون ويتخذ من "كنيسة مار شليطا" ببلدة قدشانس بجنوب تركيا مركزا له
بحلول القرن التاسع عشر بدأت الإمارات الكردية تحاول فرض سيطرتها على هذه المنطقة فقام الأمير الكردي محمد الراوندوزي بعدة مجازر استهدفت المسيحيين واليزيديين في مناطق برواري وسنجار كما حاول فرض الديانة الإسلامية بالقوة على المناطق التي استولى عليها، كما قام بمجازر استهدفت غير المسلمين من المسيحيين واليزيديين في مناطق برواري وحكاري وبوهتان، كما تعاظمت سلطته واستولى على مناطق الجزيرة الفراتية في وقت كان فيه العثمانيون مشغولين بحملة محمد على باشا في سوريا. غير أن السلطان العثماني سرعان مع أرسل جيوشه فأسقط إمارة سوران الكردية وفرض السيطرة العثمانية على تلك المناطق.
أثار نشاط الإرساليات البروتستانية في المنطقة في اربعينات القرن التاسع عشر ريبة القبائل الكردية فشهدت مناطق سهل نينوى وبرواري سلسة من المجازر بقيادة أمير إمارة بوهتان الكردية بدر خان أدت لمقتل عشرات الآلاف من المسيحيين وتدمير العديد من القرى في مناطق العشائر الآشورية. أدى ضغط القوة الغربية من أجل وقف المذابح إلى تدخل الباب العالي على مضض فسقطت فبذلك آخر الإمارات الكردية
طور عابدين
كانت هذه المنطقة أهم مراكز تجمع السريان الأرثوذكس كما شهدت تحول البعض منهم إلى الكثلكة فانتشر السريان الكاثوليك كذلك وخصوصا في ماردين. بعكس آشوريي حكاري، لم يكن للسريان في طور عابدين نزعات استقلالية غير أن ما أقلق السلطات العثمانية هو الفرق الكبير في مستويات التعليم بين مسيحيي تلك المناطق ومسلميها ما حذا بالعثمانيين إلى إصدار قرارات تقضي بإغلاق المدارس المسيحية ما لم تكن مفتوحة بفرمان رسمي. وصل المطاف بالسلطات العثمانية في سنة 1884 إلى إصدار قانون يقضي بكون الباب العالي هو من يقرر فتح مدارس في المناطق من عدمها.
تعرضت ولاية ديار بكر بأكملها إلى سلسلة من المجازر سنة 1895 قلصت عدد مسيحييها. وبلغ عدد سكان سنجق ماردين قبيل بداية الحرب العالمية الأولى حوالي 200،000، شكل المسيحيون حوالي خمسي عدد سكانه. كما أصبحت نسبة الأكراد حوالي 50% من عدد سكان طور عابدين البالغ حوالي 45,000.
الدم يطارد اردوغان
تلقى مار شمعون الحادي والعشرون بنيامين الزعيم الروحي لكنيسة المشرق الآشورية وبطريركها وعودا قبيل دخول الدولة العثمانية إلى الحرب العالمية الأولى بفتح مدارس وتطوير مناطق تركز الآشوريين في حكاري في حالة موافقته على الوقوف حيادا في أي حرب مستقبلية ضد روسيا. وفعلا لم ينضم الآشوريون إلى الروس والثوار الأرمن خلال بدء العمليات العسكرية خريف 1914, حتى أن بطريرك كنيسة المشرق أرسل رسائل إلى رعاياه طلب فيها منهم الولاء لحكامهم المحليين العثمانين وعدم مجابهة الميليشيات التابعة لها. وبفشل الهجوم الأول للعثمانيين في جبهة القوقاز باتجاه باطومي، قرر هؤلاء أن الطريقة الوحيدة في تحقيق انتصارات في تلك الجبهة تكمن في تغيير الواقع الديمغرافي في المرتفعات الأرمنية وذلك بإبادة وترحيل سكانها الأرمن. غير أن عمليات التصفية لم تشمل الأرمن فحسب ففي 12 نوفمبر 1914 أعلن السلطان محمد الخامس الجهاد على "أعداء الإسلام"، وصادق شيخ الإسلام العثماني على هذه الدعوة بإعلان فتوة الجهاد في 14 نوفمبر. وبالرغم من فشل العثمانيون الأولي غير أنهم تمكنوا في يوم رأس السنة 1915 من اختراق الدفاعات الروسية في إيران دون مقاومة تذكر والسيطرة على تبريز وأورميا.
في نفس هذه الفترة في حكاري بدأت المليشيات الكردية العاملة بأمرة العثمانيين بعمليات إبادة شملت قرى أرمنية وآشورية على حد سواء، وخلالها تم نهب وقتل سكان القرى الآشورية/الكلدانية في مقاطعتي ألباق وغاوار الواقعتين جنوب بحيرة وان. كما قام العثمانيون باعتقال أعيان السريان في مناطق "بشكالي" شمالي حكاري وأجبروهم على العمل كحمالين لدى الجيش العثماني كما قاموا بقتلهم بعد انتهاء المهمة الموكلة لهم. في 15 ابريل 1915 بعث السفير الألماني "فانغنهايم" ببرقية إلى المستشار الألماني يخبره فيها أن مسيحيي وان تعرضوا ل-"إبادة شاملة" بتواطؤ من السلطات المدنية المحلية.
غير أن العامل الذي حسم دخول الآشوريين الحرب كان اعتقال أخ البطريرك، هرمز شمعون، أثناء دراسته في إسطنبول حيث نقل إلى الموصل واستعمل كرهينة فطلب الأتراك من البطريرك عدم تلبية دعوات زعماء العشائر الآشورية بالتحالف مع الروس فرد عليهم بأن حياة رعيته أهم من حياة أخوه. فأعدم هرمز شمعون بالموصل،ورد البطريرك بالرضوخ لضغوط رؤساء العشائر وأعلن الحرب على الدولة العثمانية في 10 مايو 1915.
وعود الروس
بالرغم من وعود الروس بدعم آشوريي حكاري إلا أنهم لم يرسلوا سوى 400 من الخيالة القوساق الذين أبيدوا من قبل الميليشيات الكردية قبل وصولهم إلى جبال حكاري. فالتجأ الآشوريون بقيادة شمعون بنيامين إلى أعالي الجبال على ارتفاع أكثر من 3,000 كيلومتر حيث كان من الصعب على الجيوش النظامية اختراقها. غير أن الأتراك أبقوا قواتهم في المناطق المحيطة بها لعلمهم أن ثلوج تشرين سترغم الآشوريين على النزول. يروي البطريرك في رسالة موجهة إلى القيادة الروسية الوضع في جبال حكاري:بعد شهر من المعارك مع الأكراد، أرسل مهدي باشا حاكم الموصل العثماني وحدات عثمانية مدونة بمدافع ثقيلة. فقاموا باحتلال قرانا وحرقها... يعيش الآشوريون الآن في قمم الجبال ب-"تياري" و"تخوما" مرورا ب-"ديز"، وهم يموتون بسبب نقص الغذاء. ليست لدينا أي عتاد والأتراك يحاصروننا، لقد نفذت خياراتنا.
المسيرة إلى أورميا
علم شمعون بنيامين أن حلول الشتاء سيعني الإبادة الشاملة لرعيته، فسافر إلى إيران حيث حاول إقناع الروس بإرسال قوة ثانية لمساندة المحاصرين الآشوريين، غير أن هؤلاء أعلموه باستحالة الأمر ونصحوه بعدم العودة إلى حكاري لأن هذا سيعني مقتله، غير أنه سرعان ما عاد وتمكن من قيادة معظم المحاصرين في طريق وعر لم يحسب العثمانيون حسابه إلى أورميا فوصل حوالي 50,000 منهم إلى سهل أورميا واستقروا في بلدات سالماس وأورميا، وهلك الآلاف جوعا وتعبا أثناء عبورهم الجبال الممتدة بين حكاري وأورميا.
بعد أن اتضح للعثمانيين أن سكان الجبال تمكنوا من الفرار قاموا بالهجوم على القرى المسيحية الواقعة في السهل الفاصل بين مرتفعات حكاري وبحيرة وان غير أنهم انسحبوا غربا بعد أن ثبت الروس سيطرتهم على مدينة وان في صيف 1915.
المجازر في سعرت
بالرغم من فرار العديد من سكان قرى حكاري الجبلية، لقى سكان المدن والسهول الواقعة في مرتفعات أرمينيا مصيرا مختلفا. فبعد هزيمتهم أمام الروس في وان ابريل 1915, انسحبت الخيالة الحميدية المكونة من ميليشيات كردية شبه نظامية إلى سعرت حيث قامت في يونيو 1915 باعتقال جميع الرجال الكلدان في البلدة وسلب بيوتهم بأمر من حاكمها حلمي باشا. ويروي شهود عيان كيف قام المهاجمون بتعرية المعتقلين من من ملابسهم وقتلهم بالسلاح الأبيض. بعد عدة أيام صدرت أوامر بترحيل ما تبقى من نساء وأطفال من سعرت وسبعين قرية مسيحية بتلك المنطقة، فسيروا مسافة 100 كم بصحبة خيالة كردية إلى ماردين وقبل وصولهم إليها أرسل حاكمها بدري باشا برقية طلب فيها من الخيالة تصفية جميع من معهم من الأطفال والنساء. فجلبوا إلى وادي يعرف باسم واويلا حيث قام الخيالة معززين بمئات الرجال والنساء الأكراد من القرى المجاورة بقتل معظمهم بالسيوف والخناجر والحجارة ولم يسلم منهم إلا من تضاهر بالموت.
وفي نفس الوقت توجهت قوات جودت باشا وخليل باشا التي كانت متمركزة في حكاري إلى قرى سنجق سعرت حيث تواجد حوالي 60,000 مسيحي معظمهم من الكلدان والسريان الأورثوذكس وقاموا بإبادة جميع سكان القرى المسيحية. ويروي رافايل دي نوغاليس مينديز وهو ضابط فنزويلي كان يحارب بإمرة العثمانيين كيف أن المجازر كان قد خطط لها مسبقا من قبل السلطات العثمانية فلدى وصوله إلى سعرت يروي دي نوغاليس ما
كان بالإمكان مشاهدة آثار المجازر في التلال المطلة على الطريق الرئيسي، والتي غطت سفوحها الكئيبة آلاف الجثث شبه العارية والمدمية، ملقية في كوم أو متعانقة خلال شهقات الموت الأخيرة. تمكنت مع رجالي من دخول سعرت بصعوبة لتراكم الجثث التي اعترضت سبيلنا في الطريق. وهناك شاهدنا كيف قام بعض سكانها بمرافقة الشرطة المحلية بسلب بيوت المسيحيين. لدى وصولنا إلى السراي التقينا بالحكام المحليين الذين كانوا مجتمعين بجودت باشا ومن حديثهم استنتجت أن المجزرة تم التخطيط لها البارحة من قبل جودت باشا شخصيا. ويروي دي نوغالس كذلك أنه لدى حديثه مع محمد رشيد باشا والي ديار بكر، ابلغه الأخير أنه استلم أوامر الإبادة من خلال برقية من طلعت باشا وزير الحرب تحتوي على ثلاث كلمات: أحرق - دمر - أقتل
مجازر ولاية ديار بكر
رافايل دي نوغاليس مينديز بلباس عسكري عثماني، وهو مرتزقة فنزويلي خدم كضابط في الجيش العثماني أثناء الحرب العالمية الأولى. وصف مجازر الأرمن والآشوريين بأنها إبادة مدبرة.
ذكر جوزيف نعيم، وهو قسيس كلداني نجى في مجازر الرها في كتابه "هل ستفنى هذه الأمة؟" أن عمليات الترحيل القسرية بدأت خلال آذار 1915, حين وصلت المدينة قوافل المرحلين الأرمن من الأرياف المحيطة بها وهم في حالة مزرية. بينما بدأت عمليات الإبادة بالشهر اللاحق وطالت جميع المسيحيين بدون أستثناء. حيث قاموا بجمع بعض الذكور الآشوريين/السريان ابتداء من عمر السادسة عشر وقاموا بتعذيبهم وقتلهم في ساحات المدينة. ثم قاموا بتصويرهم على أساس أنهم أتراك تم قتلهم من قبل المسيحيين.
أما في مركز الولاية آمد (دياربكر) فقد قامت السلطات بداية باعتقال وإعدام الآلاف من أعيانها الأرمن والسريان على يد واليها محمد رشيد باشا قبل أن يقوموا بتصفية وترحيل البقية. ويقدر عدد القتلى بها من السريان بما بين 70,000 إلى 100,000.
مجازر طور عابدين
خلال شهر يونيو 1915 بدأت القوات بالهجوم على القرى السريانية بمنطقة الجزيرة الفراتية. ففي 10 يونيو وقعت مذبحة ماردين وما حولها، وفي 14 حزيران هوجمت نصيبين. أما في نصيبين فقد رفض حاكمها التركي نوري باشا دخول الجيش بها لعلمه أن هذا سيؤدي لوقوع مذبحة. عندها أمر محمد رشيد باشا والي دياربكر باغتياله، فوقعت بعدها في الحادي والعشرون من نفس الشهر مجزرة بمديات.
طرق الإبادة
تم استخدام العديد من الطرق في قتل المدنيين، وقد كان استخدام السلاح الأبيض الأكثر شيوعا لكونه غير مكلف ومنه انحدر اسم المجازر بالسريانية. ويروى أنه في بداية المجازر في آمد (ديار بكر) أعتقل حوالي الألف من أعيان البلدة من الأرمن والسريان/الكلدان في بتهمة حيازة أسلحة وبعد أن جمع مبلغ مالي مقابل إطلاق سراحهم قرأ عليهم المفتي خبر الصفح عنهم، وبعد أن سيقوا في شواع البلدة وضعوا في عوامات خشبية (كلك) على نهر دجلة ليتم إيقافهم في ملتقى نهر بطمان بدجلة جنوبي المدينة حيث عروا من ملابسهم وذبحوا ورمت جثثهم بالنهر. كما قامت السلطات بأخبار أهاليهم بوصولهم سالمين إلى الموصل. وقد قام العثمانيون بهذه العملية عدا مرات حتى أنه يروى أن أهالي الموصل كانوا يشاهدون وصول العوامات الخشبية الفارغة متبوعة بجثث المقتولين طافية على النهر، فقام القنصل الألماني هناك بالاحتجاج لدى والي الموصل غير أن الأخير ألقى اللوم على والي ديار بكر جودت باشاحاولت السلطات بعدها إجبار بطريرك المدينة على الأرمن توقيع وثيقة ترجيء وفات الأعيان لأسباب طبيعية غير أنه رفض، فقاموا بقلع سنونه ونتف لحيته وتم اغتصاب زوجته وقتلها ثم فقأوا عينيه ودقوا مسمارا بجبينه.
أثناء مجازر نصيبين وجزيرة ابن عمر الثانية في آب 1915 اقتيد الرجال إلى وادي بعيد وتم ذبحهم بعد تخييرهم بين الموت ودخول الإسلام. فقتلوا خلال يومين 800 رجلا. بعد يومين أرسلت بقية العوائل في عوامات خشبية، وبأعالي النهر تم التقاطهم في قرية كردية وتم اغتصاب النسوة وقتلهن ورمي جثثهن بالنهر
تعتبر قرية قرة باش شمال شرق آمد من أولى القرى السريانية التي تم إبادة سكانها بشكل شبه كامل. فبحد أن تم تجميع جميع قطع الأسلحة فيها، دخلها مجموعة من خمسين رجلا وقاموا بجمع الرجال بها وقتلهم بعدها قام مسؤولان من حركة تركيا الفتاة بتحريض سكان قرية كردية مجاورة بالهجوم على قرة باش واعدين إياهم بالغنائم مقابل إبادة سكانها. وبالفعل هوجمت القرية في أيار 1915 فنهبت المنازل وأحرقت كما قام المهاجمون باغتصاب النسوة وقتلهن. ويروي الدكتور "فلويد سميث" الذي كان عاملا بالأرسالية الأمريكية بآمد ما شاهده:
استقبل مجمعنا ثالثة أو أربعة أشخاص وفي اليوم التالي وصلت مجاميع من النساء والأطفال الأرمن والسريان. وقد أخبرني القرويون أن الأكراد هاجموهم قبل ثلاث ليالي كما قام العسكر بسد الطريق إلى آمد، غير أن البعض تمكن من التسلل إليها...
يمكن تصنيف أنواع الجروح التي تكبدوها إلى التالي:
جروح من جراء سيوف أو سكاكين على فروة الرأس والوجه والعنق الأكتاف والضهر والأطراف.
ثقب ناتجة عن طلقات نارية على الأطراف.
جروح ناتجة عن آلات قطع ثقيلة كالفئوس.
كما وبالرغم من صدور قرار يعفو عن جميع غير الأرمن من المسيحيين. فإنه لدى ترحيل قافلة من النساء والأطفال باتجاه ماردين قام رشيد باشا بإيقافها في قرية "غوليكه" وجمع 800 طفل في أحد المباني وقام بإشعال النار فيه شخصيا.
الملاحظ ان طرق القتل والتعذيب مازالت تستخدمها داعش المدعومة من تركيا حيث تشتري تركيا منها النفط المهرب
الاعتراف الدولي
لم تحض مذابح سيفو باهتمام رسمي كبير، وهو نقيض ماحصل أثناء وقوع مذابح الأرمن. ونقل عن المؤرخين الآشوريين أن مثل هذه الحادثة لم تتم بسبب عدم تكوين كيان سياسي يمثل الآشوريين/السريان/الكلدان في المحافل الدولية في القرن العشرين. وفي تلك الحالة، فإن المذابح التي حدثت لهم في الأناضول تم ربطها مذابح الأرمن. غير أن السنوات الأخيرة شهدت اعترافا من دول ومنظمات بالمجازر التي حدثت للآشوريين/السريان علنا.
في يناير 2007 أصدر المؤتمر الدولي لدارسي الإبادات، وهي المنظمة الأكاديمية الرئيسية دوليا في مواضيع الإبادات العرقية، وثيقة صوت عليها بالإجماع تدعوا إلى الاعتراف بالمجازر الآشورية، وأعلن فيها التالي
لما كانت الإبادة الجماعية ضد الأقليات العثمانية خلال وفي أعقاب الحرب العالمية الأولى تصور عادة على أنها حرب إبادة ضد الأرمن حصريا، وغياب الأعتراف بجرام الإبادة المتماثلة نوعيا ضد مسيحيي الأقليات العرقية الأخرى في الإمبراطورية العثمانية؛
فليكن واضحا أن المؤتمر الدولي لدارسي المذابح يعتبر الحملات العثمانية ضد الأقليات المسيحية في الإمبراطورية ضمن عامي 1914 و1923 تعتبر جرائم إبادة جماعية ضد الأرمن والآشوريين واليونانيين الأناضوليين والبنطيين.
وعلاوة على ذلك فليكن واضحا أن المؤتمر يطالب الحكومة التركية إلى الأعتراف بلإبادات الجماعية ضد هذه الأقليات، كما يطالب المؤتمر بنشر إعتذار رسمي والقيام بخطوات جدية من أجل تعويض المتضررين. واعترفت عدة دول بهذه الابادة منها السويد -كما قامت شخصيات ومؤسسات كردية بالاعتذار عن دور الأكراد في مجازر الأرمن والآشوريين واليونان مثل عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني وحزب المجتمع الديمقراطي كما أصدر البرلمان الكردي في المنفى بيانا جاء فيه
لقد تم التخطيط والإعداد للإبادة من قبل، كما تم استخدام الخيالة الحميدية المكونة من عشائر كردية للقيام بالإبادة التي لم يكن التاريخ يعلم بها بعد. خلال هذه المجازر قتل الملاين من الأرمن والآشوريين/السريان، كما تم ترحيل ملايين آخرين من أراضيهم إلى كافة أصقاع المعمورة واليوم، في الذكرى للمجازر التي حلت بالشعب الآشوري/السرياني والشعب الأرمني، نشاركهم الحزن، ونلقي باللوم على الدولة العثمانية ومن تعاون معها من بعد العشائر الكردية. ونحن ندينهم وبشدة.
والان تركيا محاصرة بين جرائم الماضي فلا تقو على الاعتذار ولا علي الانكار