الأزمة العراقية تفتح قناة اتصال بين أمريكا وإيران.. والسعودية تطالب بوحدة العراق

الإثنين 16/يونيو/2014 - 10:49 م
طباعة الرئيس الامريكي والإيراني الرئيس الامريكي والإيراني
 
فرار الجنود العراقيين
فرار الجنود العراقيين
تنذر الأزمة العراقية الراهنة بتعرض البلاد لخطر التفكك؛ بسبب خطر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الذي يسيطر الآن على مدن عراقية مهمة وحيوية، وسط اتهامات للسياسيين العراقيين بعدم قدرتهم على معاجلة الأزمة، خاصة فى ظل تشابك العلاقات الإقليمية والدولية بسبب العراق، ومحاولة كل طرف تحقيق مصالحه على حساب وحدة الشعب العراقي، وتقارب المصالح الأمريكية والإيرانية لمواجهة عناصر داعش.
يأتي ذلك وسط تردي الأوضاع الأمنية بالمدن العراقية، وتقارير دولية تكشف عن تعرض المئات للإعدام الجماعى من قبل عناصر داعش، حيث قالت نافي بيلاي مفوضة حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة إن لديها تقارير متواترة عن مئات من عمليات إعدام دون محاكمة في العراق. 
حاملة الطائرات الأمريكية
حاملة الطائرات الأمريكية
قال فرحان حق مساعد المتحدث باسم الأمم المتحدة: إن المنظمة الأممية قامت بإجلاء 58 من أفراد طاقمها من بغداد، ولديها خطط لنقل المزيد من طاقمها البالغ عدده 200 شخص من العاصمة العراقية، موضحا بقوله: "قمنا بمراجعة تقييمنا خلال الأيام القليلة الماضية، وخلال الأيام المقبلة سوف يتم نقل طاقم الأمم المتحدة في بغداد بصفة مؤقتة إلى مناطق أخرى كإجراء احترازي". 
وتماشيا مع هذا الوضع المتردي، أكد جون كيري وزير الخارجية الأمريكي إن بلاده تدرس توجيه ضربات جوية لمساعدة الحكومة العراقية في التصدي للمتشددين المسلحين، كما تبحث إجراء محادثات مع إيران، موضحا بقوله: "حينما يكون هناك أناس يقتلون ويغتالون في هذه المذابح الجماعية، ينبغي أن نوقف ذلك، وينبغي أن نفعل ما يلزم سواء عن طريق الجو أو غير ذلك".
وكشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن فتح الولايات المتحدة حوارا مباشرا مع إيران خصمها منذ فترة طويلة بشأن الوضع الأمني في العراق وسبل صد متشددين سيطروا على مساحات واسعة من العراق.
ونقلت وكالات أنباء عن قرب تواجد حاملة الطائرات وعليها عدد من قوات المارنيز، لإجلاء الموظفين والمواطنين الأمريكان المتواجدين بالعراق، والاستعداد التام للتدخل الجوى بالعراق في حال طلب الرئيس الأمريكي باراك أوباما ذلك.
الأدميرال علي شمخاني
الأدميرال علي شمخاني
من جانبها، لم تقف المملكة العربية السعودية بعيدا عن الأزمة، وإنما تسعى لفتح قنوات اتصال بين مختلف الدول الإقليمية والدولية؛ من أجل وضع حد لما يحدث بالعراق، وأكد مجلس الوزراء السعودي في اجتماعه اليوم على ضرورة المحافظة على سيادة العراق ووحدته وسلامة أراضيه، ورفض التدخل الخارجي في شئونه الداخلية، ودعوة كافة أطياف الشعب العراقي إلى الشروع في اتخاذ الإجراءات التي تكفل المشاركة الحقيقية لجميع مكونات الشعب العراقي في تحديد مستقبل العراق، والمساواة بينها في تولي السلطات والمسئوليات في تسيير شئون الدولة وإجراء الإصلاحات السياسية والدستورية اللازمة لتحقيق ذلك، إلى جانب الإسراع في تشكيل حكومة وفاق وطني للعمل على إعادة الأمن والاستقرار، وتجنب السياسات القائمة على التأجيج المذهبي والطائفية التي مورست في العراق.
بينما اعتبر الأدميرال علي شمخاني الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني، أن الأزمة العراقية ناجمة عن تدخل وتعاون من وصفهم بـ"أعداء الشعب العراقي الغربيين والإقليميين"، موضحا أن الهدف منها هو "تقويض مطلب الشعب العراقي وإرادته".
وقال شمخاني: "إن اتحاد العناصر البعثية والتكفيريين والمرتزقة من أشباه الإنسان، المدعومين مالياً واستخباراتياً وبشكل واضح من قبل أقطاب إرهاب الدولة ذائعي الصيت، قد وضع نماذج لا تصدق من الوحشية والبربرية، أمام أنظار العالم؛ ما يشكل أدلة دامغة لمواجهة هذه التيارات المناهضة للإنسانية".
جون كيري
جون كيري
وفرض تطور الأوضاع على الساحة العراقية نفسه على وسائل الإعلام الغربية، حيث اعتبرت الجارديان الانجليزية أن غزو العراق عام 2003 أدى إلى نشوب الأزمة السياسية والعسكرية التي تواجهها البلاد في الوقت الراهن، وأن الأحداث الكارثية التي تشهدها العراق اليوم، أعادت إحياء الجدل حول قرار غزو العراق في عام 2003، وتساءلت الصحيفة: إن كان الغزو قد أدى بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى انهيار الدولة العراقية.
أكدت الصحيفة فى تحليلها الذي جاء بعنوان "الأزمة العراقية: حالة من اللوم والعار كان هناك أي تسلسل هرمي من اللوم على وضع العراق الحالي، فإنه يجب البدء بالتأكيد مع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الذي تعامل بوحشية مع مجتمعه وورط بلاده في حرب رهيبة مع إيران، وأهدر ثروات العراق، وأثار حفيطة العالم من خلال عدوانه على الكويت، وأن الضرر الذي الحق بالعراق كان مزيجاً مما فعله صدام حسين بشعبه وببلده وكنتيجة للضرر الذي ألحق بالبلاد جراء العقوبات المفروضة عليه من قبل الأمريكيين والبريطانيين، وقد أسهمت هذه العوامل بتحويل العراق الذي كان من بين أكثر البلدان تطوراً في الشرق الأوسط، إلى حد تراجعت فيه الخدمات الصحية والتعليمية على شفير الهاوية.
اعتبرت الجارديان أن العراق كان في حالة من الفوضى قبل الغزو بفترة طويلة، وألقت الصحيفة اللوم على البريطانيين إضافة إلى صدام،، مضيفة أن قرار غزو العراق لم يكن بسبب الخطر الذي يمثله على جيرانه، بل بسبب رغبة إدارة الرئيس الأمريكي السابق جي دبليو بوش بالتباهي بقوة الولايات المتحدة بعد سلسة من الهزائم، بدءاً من الثورة الإيرانية إلى تدمير برجي مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر.
من ناحية أخرى دعا مواطني إقليم كردستان رئيس الوزراء نيجيرفان بارزاني بإعادة رسم حدود الإقليم الذي فرض عليهم من قبل بريطانيا وفرنسا والامبراطورية العثمانية، وإعلان انفصال إقليمهم عن الدولة العراقية، في ظل حالة الهلع التي تعيشها بغداد، ووسط الانتصارات التي تحققها "داعش" على الأرض.
نوري المالكي
نوري المالكي
وبثت قنوات عراقية فضائية وناشطون صورا لجنود عراقيين فروا من مدينة الموصل إلى مدينة كركوك، يروون شهادتهم عن أسباب انهيار الجيش العراقي بالموصل ومقر الفرقة الرابعة للمشاة الذي غادره الضباط على عجل بعد هجوم المسلحين، وقال بعض الجنود إنهم انسحبوا من القتال بعد ساعة أو ساعة ونصف الساعة عقب اكتشافهم أن قادتهم ومسئوليهم قد هربوا وتركوهم بلا قيادة، وإن الأهالي في المنطقة أعطوهم الملابس المدنية التي ظهروا بها في التصوير، وعبر بعضهم عن استيائه من أن جنود فرقة العمليات الخاصة والفرقة الذهبية وقوات النخبة الذين يتقاضون مرتبات أعلى منهم لا يقاتلون.
وفي تكريت، بث ناشطون صورا أخرى لمقر الفرقة الرابعة للمشاة التابعة للجيش العراقي، بعد سيطرة المسلحين عليه، وتبيّن الصور مقر الفرقة الذي غادره الضباط على عجل بعد هجوم المسلحين، وتوضح الصور أن الضباط والجنود تركوا بطاقات هوياتهم العسكرية في مقر الفرقة عند مغادرته حتى لا يعرفهم المسلحون إن صادفوهم.
ومع توالي الأحداث وتفاقهما، لا تزال الاتهامات تحيط برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي؛ لما يقوم به من خطوات فاشلة تعمل على تمزيق العراق مذهبيا، وتهدد باندلاع الحروب الطائفية بالشرق الأوسط.

شارك