الأزمة السورية تلقي بأخطارها على أوروبا وأمريكا.. والحل الأمثل شن حرب على "داعش"

الثلاثاء 17/يونيو/2014 - 02:06 م
طباعة الأزمة السورية تلقي
 
يبدو أن الأزمة السورية بدأت تلقي بظلالها الثقيلة على العالم كله، فالمشكلة تخطت الصراع على سوريا  أو المنطقة، خاصةً بعد وصول تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" "داعش" إلى العراق، ومحاولته اللعب منفردا بعيدا عن الدول التي كانت تساند جهوده داخل سوريا، مثل السعودية والولايات المتحدة الأمريكية.
فالتنظيم الإرهابي الذي لديه طموحات بالقضاء على العراق بالكامل إلى جانب سوريا يأمل في الدخول إلى مصر، والقضاء على السلطة الجديدة برئاسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
لكن يبدو أن الأزمة تخطت الحدود الإقليمية وأخذت أبعادا دولية أخرى، منها على سبيل المثال أن تنظيم داعش سيدخل السباق مع التنظيمات الإرهابية الأخرى، وعلى رأسها القاعدة في العداء للولايات المتحدة الأمريكية؛ مما يضعنا أمام احتمالية التجهيز لعمليات إرهابية مقبلة داخل أمريكا.

الأزمة السورية تلقي
ويقول المحلل الأمريكي ديفيد إغنانيوس بخصوص هذا الصدد  إنه "بينما يشهد تنظيم القاعدة انقسامات في صفوفه، ويتحول إلى جماعات مختلفة منبثقة عنه، يساور المسئولين الأمريكيين المعنيين بمكافحة الإرهاب- القلق بشأن ما يُطلق عليه «ديناميكية تنافسية محتملة»، والتي بموجبها تسعى مختلف الفصائل- بما فيها تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، الذي يعمل الآن على إشعال الحرب الأهلية في العراق"على حد قوله" - إلى تعزيز مصداقيتها من خلال مهاجمة الولايات المتحدة. هذا الخطر الجديد الذي ينذر بشن هجمات على الداخل الأمريكي هو ما يشغل اهتمام إدارة الرئيس باراك أوباما، وبالأخص فيما يتعلق بعملية الانشقاق التي أسفرت عن تشكيل تنظيم «داعش».

أزمة المقاتلين الأوروبين

أزمة المقاتلين الأوروبين
ويظل الخطر المحدق الذي طال أوروبا قبل أمريكا، مما دعا الاتحاد الأوروبي إلى التحذير من العدد المتزايد للمسلمين الأوروبيين الذين ينضمون إلى هذه المجموعات المتطرفة في سوريا والصومال والسودان، ففي هذا الوقت تتصاعد المخاوف الأوروبية من «الجهاديين» الأوروبيين الذين انخرطوا ضمن الجماعات المسلحة المقاتلة في سوريا، والآن في العراق، وكانت مراكز دراسات غربية نشرت مطلع العام الجاري أن أكثر من 2000 مقاتل غربي توجهوا للقتال في سوريا منذ بداية الأزمة في 2011، حيث حصلت القارة الأوروبية على النسبة الكبرى لهؤلاء المقاتلين، وكانت الجماعات المسلحة في سوريا نشرت مقاطع لعدد من الغربيين قبل قيامهم بعمليات انتحارية، كان آخرهم شخص يدعى " أبو هريرة الأمريكي". 
وآخر هذه التطورات كان في مدريد، حيث أعلنت وزارة الداخلية الإسبانية تفكيك شبكة تجنيد جهاديين يقاتلون في سوريا والعراق، كان قائدها معتقلا سابقا في جوانتانامو، وتوقيف ثمانية أشخاص في إسبانيا.
وقالت الوزارة في بيان: «إن القائد الأكبر لهذه الخلية يقيم في إسبانيا بعد مروره في قاعدة جوانتانامو العسكرية (الأمريكية)، إثر توقيفه في أفغانستان في 2001"، وأضافت: إن هذه "الشبكة الدولية لتجنيد جهاديين وإرسالهم للاندماج في تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام- داعش" الإرهابي- موجودة في سوريا وفي العراق". 
بينما نالت بريطانيا النصيب الأكبر من المجاهدين المسافرين للقتال في صفوف التنظيمات الإرهابية داخل سوريا.
 فالحكومة البريطانية أكدت وجود 400 مقاتل بريطاني في صفوف الكتائب المقاتلة في سوريا، دربوا لتنفيذ هجمات في الغرب.
وقال وزير شئون الهجرة والأمن في الداخلية البريطانية جيمس بروكنشاير لوسائل الإعلام إنهم يتوقعون أن توجه ضربات ضد بلادهم من هؤلاء المقاتلين؛ لذلك يتم اتخاذ آليات لحماية المملكة المتحدة من هجمات محتملة من البريطانيين المقاتلين في سوريا، قائلا: "هناك آليات متبعة تعمل عليها الأجهزة الأمنية المختصة بشكل متواصل للتأكد من هويات الأشخاص المشتبه بذهابهم إلى سوريا، سواء أكانوا من الجنسية البريطانية أو غيرها، وذلك عبر المنافذ الحدودية المختلفة لبريطانيا".
وفي تقرير عن عمليات الشرطة البريطانية ضد المشتبه بانتمائهم إلى جماعات إرهابية وضحت الإحصاءات ارتفاعا في نسبة من قبض عليهم في الفترة من يناير إلى يونيو 2012 مقارنة بالفترة من يوليو 2011 وحتى يوليو 2013.
ومنذ الحادي عشر من سبتمبر 2001 وحتى كتابة هذا التقرير فإن السلطات البريطانية ألقت القبض على 2547 شخصا- أطلق سراح نسبة كبيرة منهم- بتهم مرتبطة بالإرهاب 15 % كانوا يحضرون لأعمال إرهابية، بينما 9 % من المقبوض عليهم متعلقة بالجوانب التمويلية. وبرأت الجهات القضائية البريطانية 104 أشخاص من بين مجمل المقبوض عليهم منذ سبتمبر 2001 وحوكم 489 شخصا بينهم 385 ثبت تورطهم. ومن بين هؤلاء الـ385 الذين ثبتت التهم بحقهم فإن 25 % منهم كانوا يحضرون لعمليات إرهابية، بينما 16 % منهم كانوا يجمعون معلومات لاستخدامها في عمليات إرهابية. ومن بين الـ2547 شخصا أوقفوا في فترات مختلفة خلال السنوات الأربع عشرة الماضية، فإن 1288 منهم، أي ما نسبته 51 %من إجمالي العدد، يحملون الجنسية البريطانية.
حتى هولندا طالها نفس الخطر، قال ديك شوف مدير الوكالة الهولندية لمكافحة الإرهاب: إن النجاحات العسكرية الأخيرة لتنظيم (داعش) ستشجع دفعة جديدة من المقاتلين الجهاديين الأوروبيين على التوجه إلى منطقة الشرق الأوسط. 
وأضاف في مقابلة أجرتها معه القناة الهولندية العامة: «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام أصبح تنظيما جديدا يمكن للجهاديين القادمين من هولندا أو أوروبا الانضمام إليه، وهذا يقلقني».
 وفي رسالة موجهة إلى البرلمان أمس أكد وزير الخارجية الهولندي فرانس تيمرمانز أن «الكثير من المقاتلين الجهاديين الهولنديين (في سوريا) التحقوا بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام».
وتوجه أكثر من 100 هولندي حتى الآن إلى سوريا للقتال ضد نظام الرئيس بشار الأسد. وقال التلفزيون بأن 10 من هؤلاء الهولنديين على الأقل قتلوا في سوريا، بعدما نفذوا هجوما انتحاريا واحدا على الأقل في سوريا، وآخر في العراق.

الولايات المتحدة تنتظر ضربات إرهابية

باراك أوباما
باراك أوباما
في نفس السياق تؤكد كل الشواهد أن الخطر ضد أوروبا في تزايد، فيقول الباحث في مركز "فلاش بوينت"، ليث الخوري: إن الولايات المتحدة ستعبر خطاً أحمر، مضيفاً: "إن خطر تلقي الغرب لهجومات إرهابية سيزداد؛ لأن "داعش" سترى أي تدخل لأمريكا بمثابة محاولة للصليبيين إيقاف نشأة دولتهم الإسلامية".
كما أن قادة تنظيم القاعدة، ورغم خلافاتهم مع "داعش"، سيتقدمون لمحاولة ضرب الغرب في ضوء أي ضربة جوية من أمريكا، إذ أشارت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان لها الشهر الماضي، إلى أن عبد الرحمن الجهاني، وهو قائد برتبة عالية في تنظيم القاعدة بالسعودية، كان قبلها متمركزاً في باكستان- قد انتقل للعمليات في سوريا، وأن "جزءاً من المسئولين في تنظيم القاعدة بسوريا تشكلوا لتنفيذ عمليات خارجية ضد أهداف بالغرب".
ويرى العديد من المحللين بأن الثأر سينصب ضد مصالح أمريكا بالخارج، بدلاً من ضرب في أمريكا نفسها، وهو موضوع تركزت مناقشته في الندوات الجهادية، أما حلفاء أمريكا في المنطقة بدأوا بالخوف من أن تفرد "داعش" أجنحتها، إذ أعلنت السعودية في مارس الماضي، "داعش" بكونها منظمة إرهابية، في الوقت الذي يقال فيه: إن مئات السعوديين انضموا للجماعة.
والتحدي الذي تمثله "داعش" الآن هو اعتبارها كلاً من العراق وسوريا ساحة واحدة للمعركة، فالمعركة توسعت لتشمل ساحتين بدلا من واحدة، بل إنها اعتبرت الحدود بينهما غير موجودة، ويملك مقاتلوها حرية للحركة، ويمكنهم أن يكتسبوا خبرة واسعة لأنماط مختلفة من أساليب القتال، وكمنظمة لديها العمق الكافي.
علاوةً على ذلك  فإن "داعش" تظهر استقلاليتها التامة عن القيادة المركزية للقاعدة بقيادة أيمن الظواهري، وبشكل تعرضت للنقد فيه، وتعتبر نفسها المدافع الفعلي عن الإرث الذي خلفه أسامة بن لادن، وقد تحاول إثبات هذه الفكرة بالذهاب إلى ما هو أبعد من الموصل أو الرقة "عاصمتها" في سوريا.

القتال عن بُعد هو الحل

القتال عن بُعد هو
ويبدو أن أمريكا وأوروبا ليسوا على استعداد إلى الدخول في حرب مباشرة مع داعش أو الدخول إلى الأراضي العراقية مرة أخرى، مما سيدفعهم إلى اتخاذ تدابير أخرى للقضاء على التنظيم. 
وهي القتال عن بعد، وإبرام صفقات الحرب بالوكالة، وحسب- تقارير عسكرية-  فإن التحرك ضد داعش سوف يعتمد على تكثيف تبادل المعلومات الاستخباراتية مع العراقيين، مع توسيع المساعدة في التخطيط للعمليات وتحديد قائمة الأهداف، وتقديم المشورة لكبار الضباط في الجيش العراقي.
خيارات الحرب عن بعد تشمل كذلك نشر مستشارين من القوات الخاصة الأمريكية على الأرض في العراق، ودفع وكالة الاستخبارات المركزية لتوفير خيار التدريب السري، وشراء بعض القبائل والعشائر وتزويدهم بالأسلحة والمعدات، وتقديم معدات وتدريبات، بجانب خدمات عسكرية أخرى للجيش العراقي.
والخيارات المطروحة تشمل توجيه ضربات جوية ضد داعش، إما عبر طائرات بدون طيار أو من خلال طائرات تنطلق من السفن الحربية، ويرى خبراء أمريكيون أن خيار الطائرات التي يقودها طيارون هو الخيار المفضل الآن.
وبالفعل فقد سبق وأن أثبتت قدرات حلف الناتو والقوى الجوية الأمريكية فعاليتها في كوسوفا وليبيا، هذا بالإضافة إلى نجاح مهمات طائرات بدون طيار في أفغانستان وباكستان واليمن.

شارك