صناعة الأكاذيب الإخوانية في مذكرات رموزهم
الثلاثاء 28/أبريل/2015 - 07:38 م
طباعة
الكتاب – صناعة الكذب (دراسة في أشهر القصص الخبرية المفبركة في الصحافة المصرية )
الكاتب – ياسر بكر
الناشر – مطبوعات القاهرة 2013
بأسلوب علمي ناقش الكاتب ياسر بكر في كتابه (صناعة الكذب)، بعض مذكرات منها (مذكرات عرابي – وبرلنتى عبد الحميد – النحاس باشا – ومذكرات الدعوة والداعية لحسن البنا وهي التي نلقي الضوء عليها في هذا العرض
مذكرات حسن البنا:
يقول الكاتب: البنا في هذه المذكرات يقدم نفسه في صورة الإنسان الكامل الذي لم يكذب مرة واحدة ولم يخطئ مرة واحدة ولم يمر بلحظة ضعف إنساني أبدا، وهو الأول على تجهيزية دار العلوم رغم أن هذا لم يثبت في سجلات المدرسة وهو ما يعطى انطباعا بأن هذه المذكرات مكتوبة لجمهور التابعين الذين أخذوا عنها دون تدقيق أو تمحيص فرددوا ما جاء بها وزاداو عليها صفات ترفع صاحبها فوق ما هو إنسان وتبلغ به حد القداسة مثل الرجل الملهم والنوراني والرجل القرآني وقد ترسخت تلك الصورة الذهنية في رؤوس المريدين ولم يتركوا لأنفسهم فرصة الاقتراب من النسيج البشري لشخصية مرشدهم وهو ما كشفت عنه مجموعة من رسائل حسن البنا لوالده حيث تكشف الرسائل عن شخص أقل من العادي يتعرض للسخرية من بعض معارفه لتغير زيه الازهري وارتداء زي الأفندية فيسب زملاءه في دار العلوم ويصفهم بالكلاب حسبما جاء في خطاب بتاريخ 30 يناير 1926( وقد قابلنا جمع غفير منهم بقوله أهلا حسن أفندي فأفهمتهم الحقيقة وانتهت، والله يفضح كلاب دار العلوم اللي طلعوا الصيت ده) ويناقش الكتاب العديد من الادعاءات التي صدرها الإخوان لأتباعهم
شكوك العقاد
الغموض الذي أحاط به البنا ذاته وتصرفاته، والمبالغة في سرية التنظيم الخاص حتى أنه أخفى أموره عن كثيرين داخل الجماعة بمن فيهم المقربون منه والمبالغة في اختبارات السرية والولاء الشخصي له، وأسند إليه مهمة تصفية خصوم الدعوة والداعية خارج الجماعة وداخلها، كان دافعًا للكثيرين للتفتيش وراء الرجل، فقد ألقى الأستاذ عباس محمود العقاد كثيرًا من الشكوك والظنون على أصول الرجل وأغراضه في مقاله بجريدة الأساس في عددها رقم 488 بتاريخ 2 يناير1949 بعنوان: « فتنة إسرائيلية:
ويزداد التأمل في موضع النظر هذا عندما نرجع إلى الرجل الذي أنشأ تلك الجماعة فنسأل: من هو جده؟
إن أحدًا لا يعرف من هو جده على التحقيق، وكل ما يقال عنه إنه من المغرب، وأن أباه كان «ساعتيًا» في السكة الجديدة، والمعروف أن اليهود في المغرب كثيرون، وأن صناعة الساعات من صناعاتهم المألوفة، وأننا في مصر لا نكاد نعرف «ساعاتيا»، كان مشتغلا في السكة الجديدة بهذه الصناعة قبل جيل واحد من غير اليهود، ولا يزال كبار الساعاتية منهم حتى الآن.
ونظرة إلى ملامح الرجل تعيد النظر طويلا في هذا الموضوع، ونظرة إلى أعماله وأعمال جماعته تغني عن النظر إلى ملامحه، وتدعو إلى العجب من هذا الاتفاق في الخطة بين الحركات الإسرائيلية الهدامة وبين حركات هذه الجماعة.
ويكفي من ذلك كله أن نسجل حقائق لا شك فيها، وهي أننا أمام رجل مجهول الأصل، مريب النشأة، يثير الفتنة في بلد إسلامي وهو مشغول بحرب الصهيونيين، ويجري في حركته على النهج الذي اتبعه دخلاء اليهود والمجوس لهدم الدولة الإسلامية من داخلها، بظاهرة من ظواهر الدين».
مقال العقاد غرس بذرة الشك في قلوبنا؛ فنحن أمام رجل مشكوك في مصريته وأصول عائلته الإسلامية ـ حسبما جاء في المقال ـ ونمت نبتة الشك عندما لم يتصدى حسن البنا بالرد، أو أحد من أفراد أسرته أو مريديه لدحض ما جاء في مقال العقاد.
لكن اللافت للانتباه أن البنا الذي أسرف في الحديث عن نفسه بمناسبة وبدون مناسبة، حتى أن الكلام عن نفسه قد تطرق إلى أحلام منامه، كما يستوقفنا أيضًا أن حسن البنا في خطاباته التي نشرها شقيقه جمال البنا في كتاب بعنوان: «خطابات حسن البنا الشاب إلى أبيه» أن الخطابات تدور عن شئون عائلية خالصة مثل مقابلة خالاته في شمشيرة (بلد الأم)، ومرقص (بلدة خالته مريم) وسنديون (بلد أخوال الوالدة السيدة أم السعد إبراهيم صقر)، وقد خلت الخطابات تمامًا من أي ذكر لأعمامه أو أبناء عمومته أو ذي قربى لأبيه.
وهو ما يجعل من كلام الأستاذ العقاد يقترب من أن يكون يقينًا.
الدعوة والداعية:
بلغ الشطط بحسن البنا مداه إلى الدرجة التي أوصلته إلى حالة التوحد مع جماعته التي وضعها في منزلة مساوية للإسلام، وبلغ به جنوح الفكر وفساد الاستدلال ذروته عندما توهم أن ما ينطبق على الإسلام ينطبق على الجماعة أو الدعوة كما كان يسميها، وما يتعلق برسول الله صلى الله عليه وسلم يتعلق به هو أيضا في الجماعة، وهو ما عبر عنه صراحة في حواره مع د.محمود عساف الذي نقله على ص 62 من كتابه بعنوان: « مع الإمام الشهيد حسن البنا»، يقول د. عساف:
"كان الإمام الشهيد إذا وقع اختياره على شخص ما ليكون مساعدا له أو أمينا على سر من أسرار الدعوة، يختبره أولا في إخلاصه وصدقه، ثم يتبين له بالتجربة معه ما إذا كان صالحا أو غير صالح للعمل الذي يوكل إليه، فإذا نجح يختبره مرة أخرى ليتعرف على قدرته على تحمل المسئولية وعلى الإخلاص والصدق في النصيحة. من حيثُ الإخلاص، كان يسأل الشخص المرشح سؤالا: هل إذا حدث انقلاب في الإخوان وأبعد حسن البنا، هل تظل تعمل في الجماعة؟
كان هذا السؤال يلح عليه، حيثُ انشق بعض الإخوان من قبل معارضي فكر الجماعة، مثل شباب محمد وغيرهم، الذين لم يعجبهم أسلوب حسن البنا في الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، ويرون في العنف وتغيير المنكر باليد وسيلة للإصلاح. ولم يحس أمثال هؤلاء بمدى تجسيد الدعوة في شخص حسن البنا وما اتسم به خلقه الرفيع وسلوكه السوي المتزن، ومن كان مثلهم فإنه يجيب أن الدعوة باقية، وحسن البنا زائل، ولعل هذا يكون ردا معقولا لصاحب التفكير السطحي، فيقول له الإمام: وماذا لو حدث ذلك في حياة حسن البنا؟
حدث ذلك معي قبل أن أعمل معه أمينا للمعلومات ومطلعا على أسرار النظام الخاص، فقلت له إن دعوة الإخوان المسلمين بغير حسن البنا ستكون شيئا آخر غير دعوة الإخوان التي تعلمناها وعرفناها وتربينا فيها.
قال لي: انظر يا محمود.. إن الإيمان بالإسلام يقوم على شهادتين: أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ولا تصلح الشهادة الأولى وحدها ليصير الشخص مسلما، ذلك لأن النبي صلي الله عليه وسلم يتجسد الإسلام في شخصه، ويمكن الإحساس به في خلقه وسلوكه صلى الله عليه وسلم.
فإذا آمن الشخص بأن لا إله إلا الله، ولم يؤمن بأن محمدا رسول الله، فهو كأهل الكتاب الذين يؤمنون بالله فقط، ولا يعترفون برسول الله صلى الله عليه وسلم.
يجب أن يكون الإيمان بالفكرة وصاحبها معا. فلسنا جمعية ولا تشكيلا اجتماعيا، إن كنا كذلك فلا أهمية للقائد، ويمكن أن يكون أي من أعضاء الجماعة أو الجمعية أو التشكيل، أما ونحن دعوة فلا بد من الإيمان بها والسير على نهج داعيتها والعمل على تطبيق أفكاره متى اقتنعنا به عن رضا، ولا تظنن أن طاعة القائد واجبة في كافة الظروف، ولكنها تقتصر فقط على اقتناعنا الخاص وثقتنا في القائد بالدرجة التي تبعد الشك به أو سوء الظن به.
بطولات الإخوان في حرب فلسطين
في اطار مناقشة الكتاب لقتل البنا يقول ياسر بكر رأى بعض «الإخوان المسلمين» توجيه أصابع الاتهام إلى الإنجليز والصهاينة بزعم أن بطولات كتائب الإخوان في فلسطين قد أوجعتهم، وهو اتهام يجافي الحقيقة تمامًا، ويعكس رغبة الجماعة في منح نفسها قدرات تعلو على حقيقة واقعها، وأن دولاً تتخوف من قوتها، ولم تجد بدًا من اغتيال مرشدها، وهو أيضا ما يعكس رغبة الجماعة في الاستئثار لنفسها دون غيرها بالدور الذي قام به الشباب من مختلف قوى الصف الوطني، وإيهام البسطاء أنهم هم الذين خاضوا جميع المعارك على أرض فلسطين، وأنهم لا ينامون الليل من أجل استرداد أرضها وحقوق شعبها
لكن هذا الاتهام يتناقض مع العلاقة الوثيقة التي كانت تربط الإخوان ببريطانيا العظمى، والتي كانت أول من قدم الدعم المادي للجماعة في صورة تبرع بمبلغ 500 جنيه من شركة قناة السويس، وهي بالطبع أموال مخابراتية لا تُدفع لوجه الله، ولكن لتحقيق أغراض بعينها، فقد ذكر أنطوني إيدن أن الأنجليز كانوا يستخدمون الإخوان في إثارة القلاقل والاضطرابات حتى تتعطل مفاوضات الجلاء.
يدحض هذا الاتهام أن كتيبة الإخوان التي دخلت إلى فلسطين بقيادة الشيخ محمد فرغلي لم تطلق رصاصة واحدة صوب اليهود.
ففي المرحلة الأولى للمواجهة المسلحة بين العرب والصهاينة، كان موقف الحكومة المصرية هو الامتناع عن إشراك الجيوش النظامية، والاكتفاء بإرسال متطوعين وإمدادهم بالسلاح؛ فأعدت لهذا الغرض معسكرات للتدريب، شارك فيه شباب المتطوعين من مختلف القوى السياسية، وعندما طلب الإخوان المسلمون السماح لهم بالتدريب في معسكرات خاصة بهم، رفضت الحكومة وفتحت لهم معسكرات الحكومة التي أنشأتها لذات الغرض، وقد تولى ضباط الجيش المصري تدريب المتطوعين، وكانت الجامعة العربية هي التي تتولى تكلفة التسليح والملابس والإعاشة بالكامل وليس المركز العام للجماعة.
لكن الشيء المؤكد أن كتيبة الإخوان التي دخلت إلى فلسطين بقيادة الشيخ محمد فرغلي لم تطلق رصاصة واحدة صوب اليهود، وكان البنا يزعم أنه أنشأ النظام الخاص (الجناح العسكري للإخوان المسلمين) لمقاومة المحتل الإنجليزي، وجاءت حرب فلسطين التي كانت أول حقل فعلى لتدريب الإخوان على خوض المعارك الفعلية، لكن حسن البنا ادعى: (أنه علم أن هناك مؤامرة دولية للقضاء على هذا الصف المدرب أثناء القتال).
وأرسل البنا أوامره للشيخ محمد فرغلي ألا يدخل أي معركة حتى تصدر له الأوامر من القاهرة، وعليه أن يخفي ذلك عن الإخوان.
وطال انتظار الإخوان لدخول المعركة ـ وكانوا من قبل يخرجون للعمليات أكثر من مرة في الليلة الواحدة، واستمر انتظارهم شهرًا كاملاً، حتى تسرب القلق إلى صفوفهم وبدأت الشائعات تسري بينهم بأن الشيخ محمد فرغلي خائن، وأن اليهود قد اشتروا ذمته؛ ولهذا فهو يمنعهم من القتال، ولما وصل الأمر إلى الشيخ فرغلي وعلم أن الأمر قد وصل ببعضهم أن يتفقوا على قتله جمعهم وأفضي إليهم بما عنده من أوامر من القاهرة، وتمت تصفية الموقف، وبدأوا يشاركون في العمليات مرة أخرى، ولكن بحذر وبغير تكثيف.
بطولات وهمية
كان الأستاذ أحمد حسين أول من كشف زيف دعاوى الإخوان عن قصص البطولات الخيالية عن تضحياتهم وشهدائهم في حرب فلسطين، ففي العدد 142 من جريدة مصر الفتاة ـ بتاريخ 12 يناير 1948، كتب أحمد حسين مقالا بعنوان: «أيها اليهود انتظروا قليلاً، فإن كتائب الشيخ حسن البنا ستتأخر بعض الوقت»، وجاء في المقال الساخر:
"طالما أذاع الشيخ حسن البنا عن كتائبه التي تبلغ عشرات الألوف، وأنها مزودة بالأسلحة والمعدات، وأنه اختارها من بين الملايين الذين يدينون للشيخ بالطاعة والولاء، وبدأت مشكلة فلسطين تتخذ دورًا خطيرًا في مرحلتها الأخيرة، فسارع في إرسال البرقيات لمفتي فلسطين، والجامعة العربية، وإلى جميع الدول، والهيئات الدولية، فاطمأن العرب أن جيوش حسن البنا سترهب الصهيونيين وأنصارهم، والدول التي تؤازرهم، ثم صدر قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين، وأصبح لا مجال للحديث، وسكت القلم وانتظرنا السيوف أن تتكلم، وأن تعمل فتطيح بالرقاب، رقاب الأعداء الكفرة من الصهيونيين وأنصارهم، وأعلن الشيخ حسن البنا عن كتيبته الأولى التي تبلغ عشرة آلاف، وأنه تم تجهيزها وإعدادها، وأنه يعمل على تجهيز كتيبتين أخريين لتلحقا بالكتيبة الأولى، وتلحق بذلك جحافل الكتائب! ثم ماذا؟! لا شيء على الإطلاق! والمسالة ـ كما يعرف دائما ـ ليست إلا دجلاً وشعوذة وضحكًا على عقول المصريين وغيرهم فيمن يأملون شيئًا من الخير في الشيخ وأعوانه. كفى تهريجًا أيها الناس وكونوا صادقين مرة واحدة في حياتكم كلها، وليعمل واحد منكم على تنفيذ شعاركم الذي تقولون فيه: «إن الموت في سبيل الله أحلى أمانينا، فإن ميدان الشرف والجهاد مفتوح للجميع، وطريق السفر برا وبحرا وجوا لم يغلق دون أحد من الناس".
تربية الشعب لإخراج الإنجليز
بعد مقتل حسن البنا وفي 18 أكتوبر 1951 تم إلغاء اتفاقية 1936 وإعلان الكفاح المسلح ضد الإنجليز في القناة، فإذا بالمرشد الجديد للإخوان حسن الهضيبي يصرح لمندوب جريدة «الجمهور المصري» في عددها الصادر بتاريخ 25 أكتوبر 1951:
«هل تظن أن أعمال العنف تخرج الإنجليز من البلاد، إن واجب الحكومة اليوم أن تفعل ما يفعله الإخوان من تربية الشعب وإعداده وذلك هو الطريق لإخراج الإنجليز ".
وبعدها خطب الهضيبي في شباب الإخوان قائلاً: " اذهبوا، واعكفوا علي تلاوة القرآن الكريم «، مما حدا بالأستاذ خالد محمد خالد لكتابة مقاله الشهير بعنوان « أبشر بطول سلامة يا جورج» بمجلة روز اليوسف في عددها الصادر بتاريخ 30 أكتوبر 1951 سخر فيه من المرشد ودعوته .
فاتهام الإخوان للإنجليز والصهاينة بقتل مرشدهم محض هراء لم يقم عليه دليل؛ فالإخوان لم يشاركوا في حــرب فلسطين، ولم يفعلوا ما يعد ذريعة لقتل مرشدهم!!.
ضد الماء والنار
ناقش الكتاب أيضًا مذكرات الإخوانية الشهيرة زينب الغزالي التي حملت عنوان أيام من حياتي وأحصى الكاتب أنها في مذكراتها الخيالية جلدت 500 جلدة 6 مرات و250 جلدة مرة واحدة وعلقت على أعمدة حديد وخشب 11 مرة وضربت بالسياط 46 مرة ووضعت في غرف الكلاب المسعورة 9 مرات لمدة 3 ساعات وتركت بلا طعام أو ماء 6 أيام متتالية وأُدخلت 5 مرات زنازين الماء و3 مرات غرف النار فهي في سجنها عام 1965 تصدر للقارئ الوهم بأنها امرأة قدت من الصخر فهي ضد الماء والنار وضد الكسر والجوع وضد الجلد والكلاب العقورة والذئاب البشرية