الخبير الألماني ميشائيل لودرز: حمص..هدف داعش القادم
السبت 23/مايو/2015 - 07:08 م
طباعة
سيطر تنظيم "الدولة الإسلامية" على آخر معبر حدودي بين العراق وسوريا بعد استيلائه على مدينة تدمر ليسيطر بذلك على حوالي نصف سوريا، ويرى الخبير والباحث الاكاديمى الألماني في شؤون الشرق الأوسط ميشائيل لودرز أن حمص ودمشق وبغداد باتت في خطر .
بعد سيطرة تنيظم" الدولة الإسلامية" الإرهابي على الرمادي في العراق وتدمر في سوريا بتوقيت متقارب، بات كثيرون يرون أن التنظيم يشكل خطرا وجوديا على المنطقة عموما دويتشه فيله حاورت الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط ميشائيل لودرز حول هذا الموضوع.
سيطرة تنظيم"الدولة الإسلامية" على مدينة تدمر الأثرية السورية،هل هو انتصار حاسم للمتشددين أم مجرد دعاية جديدة للتنظيم الإرهابي؟
ميشائيل لودرز: لا، هذا بالتأكيد انتصار مهم لتنظيم "الدولة الإسلامية". فمدينة تدمر ذات الأطلال التاريخية هي أول مدينة (كبيرة) يسيطر عليها التنظيم بعد أن كانت تحت قبضة نظام الأسد. وبذلك فإنها هزيمة نفسية للنظام السوري.
مدينة تدمر الأثرية معروفة أيضا بالمعابد القديمة والكنوز الثقافية المتنوعة. هل كان هذا أيضا سببا لغزو المدينة؟
بطبيعة الحال، تنظيم " الدولة الإسلامية" على دراية بالدور التاريخي للمدينة كموقع للتراث الإنساني العالمي. وهناك مخاوف من أن يقوم التنظيم الإرهابي ببيع معظم التحف التاريخية، كما أن هناك عديد من المؤشرات على إمكانية قيامه بتدمير هذه المدينة التاريخية، التي تعود إلى أكثر من 2000 سنة، وهو ما يتوافق مع منطق تنظيم "الدولة الإسلامية"، فكل شيء يعود إلى ما قبل عصر الدين الإسلامي، يعتبره التنظيم الإرهابي مخالفا للدين الإسلامي وبالتالي يستحق التدمير.
ما هي الأهمية الإستراتيجية للمدينة، التي كانت تأوي أكثر من 70 ألف نسمة، علاوة على أهميتها التاريخية والسياحية ؟
إذا أخذنا الجانب الجغرافي بعين الاعتبار، فسنلاحظ أن مدينة تدمر تبعد بحوالي 150 كيلومترا فقط عن مدينة حمص. وحمص هي مدينة جيوستراتيجية مهمة جدا، فهناك تجتمع الطرق بين الشمال والجنوب والشرق والغرب داخل سوريا. وقد شهدت مدينة حمص في السابق معارك عنيفة. وبين مدينتي تدمر وحمص توجد العديد من حقول النفط والغاز. ولذلك فمن المرجح أن تكون مدينة حمص الهدف القادم لتنظيم "الدولة الإسلامية". إذا نجح التنظيم الإرهابي في ذلك، فهذا سيشكل صعوبة كبيرة لنظام الأسد.
في الجارة العراق، تمكن تنظيم " الدولة الإسلامية" في نهاية الأسبوع من السيطرة على مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار. ونحن نسمع منذ أسابيع أنه تم إضعاف تنظيم داعش. هل ثمة خطأ هنا؟
نعم، لقد كان هذا تصورا مبالغا فيه للاستخبارات الغربية بشكل خاص. فقد قامت وكالات المخابرات الأمريكية والألمانية أيضا، بعد استعادة مدينة تكريت في العراق من قبل الجيش النظامي والميليشيات الشيعة، بنشر أخبار تفيد بأن تنظيم "الدولة الإسلامية" في طريقه إلى التراجع والانهيار. ولكن هذا التحليل كان مجرد تمني. ففي الواقع، تنظيم "الدولة الإسلامية" يعيش في هذه اللحظة مرة أخرى فترة جيدة تعطيه مزيدا من الثقة بالنفس، لاسيما أن التنظيم قد تعلم كيفية الهروب من الغارات الجوية الأميركية، عندما يتحرك ويتنقل بشكل وحدات صغيرة جدا وليس في مسار قافلة عسكرية كبيرة.
ولكن الجيش العراقي على الأقل تحدث عن بعض النجاحات التي تحققها الضربات الجوية: ف" البغدادي"الذي نصب نفسه كخليفة للمسلمين، قد أصيب بجراح خطيرة في غارة أمريكية. ونائبه العفري قتل في غارة جوية. هل تثق بقصص النجاح هذه؟
مثل هذه الأخبار كانت دائما حاضرة. ولكن لا يمكنك التقييم بجدية إذا كان هذا صحيحا أم مجرد دعاية حربية.
إذا كانت تدمر خطوة هامة في طريق التنظيم الإرهابي للوصول إلى دمشق، ما أهمية الرمادي بالنسبة للعاصمة العراقية بغداد؟
الرمادي تقع على بعد 100 كم فقط من بغداد. وهي تعتبر أكبر مدينة رئيسية قبل بغداد من الجانب الغربي. و سيحاول تنظيم "الدولة الإسلامية" بطبيعة الحال وضع العاصمة بغداد نصب عينيه. وإذا استمر التنظيم الإرهابي في التقدم، فسيكون بإمكانه قصف مطار العاصمة، وهذا من شأنه أن يكون هزيمة نفسية للنظام، ولكن رغم ذلك سيكون من المستحيل اقتحام العاصمة بغداد، فتنظيم " الدولة الإسلامية" هي مجموعة متطرفة سنية بشكل ساحق ولا يمكن أن تتحرك إلا في المناطق التي تسكنها غالبية سنية.
ما الذي يجب تقديمه للسنة، الذين يعتبرون تنظيم داعش أهون الشرين، مقارنة مع الحكومة العراقية؟
هذا هو السؤال الحاسم. ففي نهاية المطاف، لا يمكن هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" عسكريا، ولا يمكن دحره طالما أنه متجذر بشكل عميق داخل الأقاليم ذات الغالبية السنية في العراق. لن يكون هناك انتصار على تنظيم " الدولة الإسلامية" إلا إذا قام السنة المعتدلون في العراق ضد بطش المتطرفين في صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية". ولكن هذا لن يتحقق إلا إذا كانت الحكومة في بغداد، التي تخدم مصالح الشيعة بشكل خاص، مستعدة للتواصل والتقرب من السنة المعتدلين.
لقد شهدت الأشهر القليلة الماضية عديدا من التصريحات في هذا الاتجاه، ولكن لم يحدث أي شيء على أرض الواقع. فالسنة مهمشون بشكل كبير من موارد العراق، ما يفسر دعمهم لتنظيم " الدولة الإسلامية". ناهيك عن أن قيادة داعش لا تضم فقط الإسلاميين الملتحين، بل أيضا العديد من مؤيدي النظام السابق صدام حسين، ومسؤولين سابقين في الجيش والمخابرات، يعرفون بالضبط كيفية إدارة الحرب. وهم على علم بأن الأمريكيين وغيرهم لا يمكنهم الفوز في حرب برية. ولهذا فإن الوقت مكسب لصالح تنظيم"الدولة الإسلامية".
كيف يمكن على الأقل وقف تقدم التنظيم الإرهابي في سوريا؟ هل يمكن أن يكون ذلك عبر اتفاق بين الغرب ونظام الأسد؟
بشار الأسد ونظامه مجرمون بلا شك. ولكن بشار الأسد هو الوحيد، الذي يمتلك قوة عسكرية-على الأقل في سوريا- للوقوف ضد تنظيم " الدولة الإسلامية". يجب على الغرب أن يقرر: هل يريد بالفعل، كما قال في الماضي، إسقاط نظام الأسد؟ عندها سيكون هناك فراغ في السلطة في دمشق، سيملؤه إما تنظيم " الدولة الإسلامية" أو جبهة النصرة أو تنظيم القاعدة. وبما أن العواصم الغربية لا تريد ذلك بالتأكيد، فليس هناك بديل عن التواصل مع الأسد ودعمه عسكريا. وهو ما يعني التخلي عن كل المواقف السياسية (المعلنة) في السنوات الأخيرة.
هل ينطبق هذا أيضا على العمل سويا مع إيران؟
لقد حصل الكثير في هذا الاتجاه. ففي الواقع تتسامح إدارة واشنطن مع كل شيء تقوم به طهران فيما يخص تدريب الميليشيات الشيعية بشكل رئيسي لمواجهة داعش في العراق. ولكن الأمر يختلف في سوريا، إذ لا توجد هناك ميليشيات شيعية مثل ما هو الحال في العراق، ولكن حزب الله اللبناني يشارك أيضا في القتال، وهناك بعض الضباط الإيرانيين يقودون وحدات من الجيش السوري في بعض الأجزاء. واشنطن تتابع ذلك في صمت، لأنها تعلم أن ذلك بديل أفضل من سقوط دمشق في يد تنظيم"الدولة الإسلامية".
حوار لدويتشه فيله