"الإدريسي" لـ"بوابة الحركات الإسلامية": القبائل تملك مفتاح الاستقرار في "ليبيا".. وقطر وتركيا وراء دعم الميليشيات
الثلاثاء 02/يونيو/2015 - 12:12 م
طباعة
أميرة الشريف
مع مواصلة المساعي لانتهاء الأزمة الليبية، والمحاولات التي يقوم بها المبعوث الأممي برنارد ليون لدى ليبيا؛ لنجاح الحوار الليبي واتفاق الأطراف المتنازعة على رأي موحد، قامت من الجانب الآخر القبائل الليبية بعقد مؤتمر موسع في "مصر" للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف في إنهاء النزاعات القائمة في البلاد.
وشاركت في المؤتمر عدة قبائل، منها قبائل شرق هي العبيدات والبراعصة والحاسة والفايد ودرسة وأولاد حمد وقطعان وجراري وسعيطي وعوامي ومغربي وعقوري وفرجان وفواخر وعبيد وعُرفة ومصراتة الشرق، كذلك قبائل الغرب الليبي المشاركة هي أعيان طرابلس وترهونة ورشفانة وزليتن والزنتان والخمس والنوايل والمشاشية والعجيلات والزاوية والرجبان والجعافرة، ومن قبائل الجنوب قبائل التبو والزِوية والأواجلة والمقارحة وأولاد سليمان والطوارق والأهالي والأشراف والتبو وأوباري.
الدكتور محمد الشحومي الإدريسي، ممثل قبائل الأشراف في ليبيا والعالم، ورئيس الرابطة العالمية للأشراف الأدارسة، وأمين سر اللجنة التحضيرية ورئيس اللجنة الإعلامية للمؤتمر، أكد أن المؤتمر عبر عن إرادة الليبيين، حتى الذين قاطعوه، موضحًا أن البيان الختامي كان وطنيًّا بامتياز، رغم التحفظ على بعض النقاط التي تنحاز لطرف بعينه.
وأشار الإدريسي، إلى أن "داعش" معناها الدولة الإسلامية في العراق والشام، فلا علاقة لها بليبيا، والمتواجدين في ليبيا هم أنصار دولة الخلافة الإسلامية في ليبيا، موضحًا أن تأثيرهم حتى الآن غاية في المحدودية يمكن محاصرته، فهم فقط متمكنين في مدينة "درنة" في أقصى الشرق الليبي وفي "سرت" في المنطقة الوسطى يستغلون الفراغات بين القوى المتصارعة ويملئونها.
وحول دور الأمم المتحدة في لم شمل الأطراف المتنازعة، أكد الإدريسي أن هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها مختطفة من قبل الدول العظمى، التي تسخرها لفرض هيمنتها وتحقيق مصالحها؛ لذلك فهي لا تبحث حقيقة عن حلول لأزمات الشعوب، ولكنها تديرها بما يحقق مصالحها ويفرض هيمنتها.
وحول بعض النقاط المهمة التي تخص الأزمة الليبية الحالية كان لـ"بوابة الحركات الإسلامية" بعض الأسئلة بشأن الوضع الجاري في البلاد، مع الدكتور محمد الشحومي الإدريسي، في البداية.
كيف ترى نتائج المؤتمر الذي انعقد في مصر على مدار ثلاثة أيام؟
"لقد كان البيان الختامي للمؤتمر معبرًا تعبيرًا حقيقيًّا عن إرادة الليبيين، حتى من غاب منهم، لقد أخرس ألسنة المشككين، وكان بيانًا ليبيًّا وطنيًّا بامتياز، بالرغم من تحفظي على بعض النقاط، خاصة تلك التي لا تخدم المصالحة الوطنية، أو التي تنحاز لطرف، ولا تجعلنا على مسافة واحدة بين كل الأطراف".
تقصد أن البيان الختامي لم يكن في صالح الليبيين؟
"لقد وضع البيان النقاط على الحروف ليقرأ العالم رأي الليبيين ورؤيتهم دون تزييف أو تضليل؛ الأمر الذي أكد أن الحضور المعنوي لليبيين كان غالبًا حتى في ظل غياب بعضهم المادي، سواء ممن أجبروا على الغياب أو من كان غيابه اختياريًّا تحت تأثير مخدرات الأكاذيب والأراجيف، التي روج لها جيش المصلحين الإلكتروني الذي كان يقصف المؤتمر ليل نهار، ولكن إرادة الشعب الليبي الأبي أبطلت مفعول سحرهم".
هل هناك قبائل قاطعت المؤتمر؟
"لا أعتقد أن هناك مقاطعة، ولكن كان هناك غيابًا لبعض القبائل المهمة تحسبًا للانعقاد خارج الوطن خوفًا من أي ضغوط أو أجندات خارجية، كما أن صعوبة التنقل وتهديد الميليشيات أعاق حضور عدد من المؤيدين للمؤتمر".
ما مدى نفوذ "داعش" بالبلاد؟
"داعش معناها الدولة الإسلامية في العراق والشام، فلا علاقة لها بليبيا، أنت تقصدين أنصار دولة الخلافة الإسلامية في ليبيا، تأثيرهم حتى الآن غاية في المحدودية يمكن محاصرته، فهم فقط متمكنون في درنة في أقصى الشرق الليبي، وفي سرت في المنطقة الوسطى يستغلون الفراغات بين القوى المتصارعة ويملئونها، ويعلنون عن أنفسهم من وقت لآخر في بعض المناطق مثل طرابلس، ولكن إذا ما تمت المصالحة الوطنية الشاملة فسيسهل التخلص منهم طوعًا أو كرهًا".
ما هي الميليشيات المسلحة في ليبيا؟
"هي نتوءات سرطانية برزت على سطح الجسم الليبي مستغلة لظروف استثنائية سببتها تدخلات حلف الناتو الذي ادعى أنه يتدخل لحماية الليبيين كلمة حق أريد بها باطل، حيث ثبت بما لا يقبل مجالًَا للشك أنه جاء للقضاء على معمر القذافي وتفكيك الدولة الليبية تمامًا كما فعل في العراق، وفور تحقيق أهدافه أدار ظهره وترك البلاد تتخبط في فوضى مكنت المتلبسين بالإسلام وعصابات التهريب الدولي ومافيات الجريمة المنظمة من التمركز بقوة في ليبيا، مستغلة غياب الدولة وانتشار الفوضى، فخلقت حالة من عدم الاستقرار، وأخذ الحق بالذات والعنف المتبادل".
كم عدد هذه الميليشيات؟
"ميليشيات متعددة لا يمكن حصرها ولأغراض متعددة، ولكن الكبير والمنظم منها كتائب تسمى "الدروع" وهي تابعة لرئاسة أركان المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، تعمل في إطار "فجر ليبيا"، تواجهها في المنطقة الغربية كتائب تابعة للجيش الذي يقوده الفريق خليفة حفتر، ناهيك عن كتائب تابعة لما يسمى بـ مجالس شورى الثوار في منطقة بنغازي والزاوية الغربية وسوق الجمعة وغريان".
من يقف وراء دعم ميليشيا "فجر ليبيا"؟
"الأمر لا يحتاج إلى اجتهاد؛ قوات "فجر ليبيا" مدعومة من تركيا وتابعها قطر".
ماذا عن الدور القطري التركي في البلاد؟
"إن سياسات الفوضى الخلاقة، التي جاءت لإعادة ترتيب المنطقة وفقًا لخرائط الشرق الأوسط الجديد التي وضعها بيرنارد لويس على أنقاض خرائط "سايكس بيكو" منتهية الصلاحية، وهي تهدف إلى تشظي دول المنطقة التي لن يكون فيها دولة متماسكة غير الكيان الصهيوني، الذي تريده أمريكا قاعدة متقدمة للهيمنة على نفط المنطقة".
ماذا تعني بـ سياسات الفوضى "الخلاقة"؟
"سياسات الفوضى الخلاقة تطور لنظرية القوة الناعمة التي وضعت أساساتها أواخر عهد الرئيس كلينتون، وسلمت إدارتها لتركيا الأردوغانية أواخر أيام كونداليزا رايس، الذي اختار تابعًا عربيًّا هو قطر مستعملًا أداتها الإعلامية قناة الجزيرة، وأداتها الدينية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورئيسه يوسف القرضاوي، ومنهما أعاد أردوغان تنظيم الإخوان المسلمين والدفع بهم لمقاعد الحكم بعد الفوضى فقفز من خلالها الإخوان على مراكز القرار مستغلين ثورات الربيع العربي، وقد تحقق لهم ذلك لولا ثورة الشعب المصري العظيم يوم 30 يونيو، التي قلبت الطاولة وغيرت الموازين وأدخلت أردوغان في حالة من الهيستيريا، وحتى يعيد الإخوان المسلمين لحكم مصر، لا بد من إحكام السيطرة على ليبيا وإشاعة الفوضى فيها لتكون قاعدة لإثارة القلاقل في مصر؛ لذلك كانت تركيا وتابعها قطر يدفعون بكل قوة لدعم التيار الإسلامي المسلح في ليبيا".
كيف ترى جهود المبعوث الأممي للحوار؟
"هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها مختطفة من قبل الدول العظمى، التي تسخرها لفرض هيمنتها وتحقيق مصالحها؛ لذلك فهي لا تبحث حقيقة عن حلول لأزمات الشعوب ولكنها تديرها بما يحقق مصالحها ويفرض هيمنتها، فلولا الأمم المتحدة ما كانت كوريا كوريتان، ولا الصين صينان، وما ضاعت فلسطين، هؤلاء لا يعول عليهم في حل المشاكل.
ما دور ليبيا في ذلك؟
"الواقع الذي لا يعرفه الكثيرون ليبيا لا زالت تحت البند السابع، لا زالت أموالها مجمدة، ولا زال السلاح محظورا على جيشها، ولا زالت الأمم المتحدة تملك حق التدخل فيها متى شاءت، ليبيا اليوم دولة تحت الوصاية، أي "لا دولة"، وهم يريدون تفصيل دولة تخدم أغراضهم وتحقق مصالحهم، وهذا ما نخشاه، أن يعلن ليون بأمر من القوى العظمى فشل الوساطة، ليترك مجالًا للتدخل المباشر، والهيمنة على النفط الليبي وسرقته مقابل الغذاء كما فعلوا مع العراق، من هنا تأتي أهمية مؤتمر القبائل الذي يمكنه أن يملأ الفراغ السياسي بمشروع وطني يكون حاضنة لكل فعل يعكس إرادة الليبيين التي لا يجب أن تكون إرادة لغيرهم فوق أرضهم، حتى الأمم المتحدة".
كيف تفسر موقف الجزائر بشأن الأوضاع في ليبيا؟
"الموقف الجزائري لا يمكن تبريره أو تفسيره، الجزائر دولة في غاية الأهمية، وهي نتاج ثورة المليون ونصف شهيد مفخرة الأمة العربية في هذا العصر، وهي ملحمة عربية بامتياز تكسرت على جبهتها الغطرسة الفرنسية واجبرت على الانسحاب تجر ذيول الهزيمة، ورئيس الدولة السيد عبد العزيز بوتفليقة من قادة تلك الثورة ومن أهم مناضليها، وهو ديبلوماسي "محنك"، ولكن وطأة المرض وثقل السنين جعلتنا نتساءل من يدير الجزائر اليوم، وما الحكمة من انحيازها الواضح وهل هي تحت ضغوط دولية ما؟ أمر محير، لا يمكن تخوين الجزائر.. هذا أمر مستحيل، وفي نفس الوقت لم نستطع فهم ما يجري، ربما نجد من أهلنا وأحبتنا في الجزائر من يفسر لنا الأمر".