العراق تسير نحو التقسيم المقترح لـ "جو بايدن"

الثلاثاء 24/يونيو/2014 - 02:12 م
طباعة العراق تسير نحو التقسيم
 
كان نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن لا يزال عضوا في مجلس الشيوخ عن ولاية ديلاوير الأمريكية في عام 2006، حينما اقترح تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق ذات استقلال شبه ذاتي للشيعة والسنة والأكراد.
جو بايدن
جو بايدن
واعتبر "بايدن" آنذاك أن الولايات المتحدة إذا ما اتّبعت الخطة التي أعدها بنفسه، ستنجح القوات الأمريكية في أن تصبح خارج العراق بحلول العام 2008، محذراً من أن العراق سيدخل في دوامة صراع طائفي يمكن أن يزعزع استقرار المنطقة بأسرها، إذا لم يتم تنفيّذ المخطط التقسيمي.
لكن إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش اختارت أن تتجاهل خطة بايدن، وبعد 8 سنوات يتضح أن توقعات نائب الرئيس "التشاؤمية" تبدو أكثر دقة، إذ إن الصراعات الطائفية القديمة في العراق اتخذت اليوم منحى "انتقاميا" عبر استيلاء جماعات متشددة على مدن بأكملها، في وقت تتهم الولايات المتحدة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بخطأ "تهميش الأقليات" في العراق.
ويتساءل خبراء الشرق الأوسط اليوم إذا كان العراق يتجه على نحو عنيف صوب تفكك لا مفرّ منه، على أسس عرقية أو على غرار التقسيم الذي اقترحه بايدن سابقاً؟
 بعد أن احتل مكانته القيادية في السياسية الخارجية، واجه بايدن انتقادات سياسية لاذعة، من بينها إصرار وزير الدفاع الأمريكي السابق بوب غيتس، على أن نائب الرئيس كان مخطئاً في كل قرارات السياسة الخارجية المهمة التي اتخذها في العقود الأربعة الماضية.
ويترقّب بايدن ولاية رئاسية جديدة لكن نفوذه السياسي حُجب لصالح وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.
العراق تسير نحو التقسيم
جدير بالذكر أنه حينما صوت مجلس الشيوخ الأمريكي بغالبيته في العام 2007 لدعم بايدن في رؤيته السياسية تجاه العراق، لم يصوت أوباما الذي كان سيناتوراً عن ولاية إلينوي آنذاك للاقتراح، لكنه سعى في ما بعد مع بايدن للتوصل إلى اتفاق مع العراق لإبقاء القوات الأمريكية على أراضيه، في محادثات لم تستكمل؛ لأنها باءت بالفشل.
ووسط الصراع السني- الشيعي الذي احتدم مجدداً في العراق، يدعو أوباما المالكي بشكل علني وسري أحياناً، إلى ايجاد سبل لإشراك المجموعات السياسية والعرقية الأخرى التي كان استبعدها المالكي في حكومة بغداد.
واحتفظ "بايدن" بدوره الرئيسي في الملف العراقي خلال انسحاب القوات الأمريكية، وشكل حلقة وصل لأوباما مع القادة العراقيين بعده، كما ناقش الأسبوع الماضي أثناء زيارته إلى أمريكا اللاتينية ليوم واحد، الأزمة في اتصال مع كلّ من المالكي ورئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني.
ولم تتحقق توقعات بايدن كلها بشأن العراق، ففي العام 2010 أثناء انسحاب القوات الأمريكية، أعلن بايدن تفاؤله بـ "توجه البلاد نحو إقامة حكومة تمثيلية مستقرة"، معتبراً أن ذلك "يمكن أن يكون واحداً من الإنجازات العظيمة لهذه الإدارة".
وحتى إن بدت توقعات بايدن صحيحة، يصرّ منتقدو خطته للعام 2006 على أنها لم تكن جيدة ولم تكن لتأتي بنتيجة أفضل.
ويقول الكولونيل المتقاعد بيتر منصور، الذي احتل منصب المساعد التنفيذي للجنرال ديفيد بترايوس عندما كان القائد الأعلى في العراق، إنه لزم العراقيين ثماني سنوات من حكم المالكي قبل أن يبدءوا في التساؤل بجدية عما إذا كانت اوضاعهم ستتحسن في ظل دولة عراقية مفككة.
وأوضح منصور في مقابلة تلفزيونية أنه "في العام 2006 لم يلتقِ بعراقي واحد يعتقد أن خطة بايدن جيدة" أو يستطيع الاتفاق معها. 
يُذكر أن المخطط التقسيمي الذي اقترحه بايدن تبلور عندما كان بانتظار إقلاع طائرته إلى واشنطن على مدرج في نيويورك لنحو ثلاث ساعات، وكان على متن الطائرة نفسها مراسل صحيفة "نيويورك تايمز" السابق ليزلي غيلب، الذي أصبح رئيساً لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية في ما بعد، وتحدث الاثنان عن فكرة بايدن بشأن العراق لتُعرض لاحقاً على مدير مكتبه طوني بلينكين، الذي يشغل حالياً منصب نائب مستشار أوباما للسياسة الخارجية.
العراق تسير نحو التقسيم
وعلى غرار اتفاقية "دايتون للسلام" في البوسنة والهرسك التي أبرمت العام 1995، سعت خطة بايدن إلى إقامة دولة عراقية من ثلاث مناطق تتمتع بحكم شبه ذاتي لكل مجموعة عرقية، فيما تتولى حكومة بغداد المركزية إدارة الأمن والشئون الخارجية، بالإضافة إلى توزيع العائدات النفطية في البلاد بين المجموعات العرقية، وهي العنصر الأساسي الذي سيربط بين المناطق الثلاث.
واعتبرت الخطة حجر أساس وضعه بايدن في إطار محاولته الثانية للوصول إلى البيت الأبيض، لكنه خسر الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لمصلحة الرئيس الأمريكي أوباما.
وقال مدير التخطيط الإستراتيجي السابق في مجلس الأمن القومي وليام إينبودين: إن إدارة بوش رفضت اقتراح بايدن، إلى أن ظهر في مقالة للكاتب ديفيد بروكس في صحيفة "نيويورك تايمز"، مضيفاً أن البيت الأبيض اعتبر الخطة "غير عملية" بعد درسها، ويمكن أن تكون "دموية"؛ لذلك لم تؤخذ في الاعتبار، غير أن الحرب التي طفت على السطح مؤخراً في العراق والتي اتضح أنها مواجهات اشتعلت بفعل التطرف الديني الذي تبنته الحكومة ومن ثم عدة أطراف أخرى داخل حلقة الصراع، مثل مسلحي العشائر وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"- قد ينذر بإعادة طرح الخطة التي تبناها نائب الرئيس الأمريكي والتي يتجه نحوها الشرق الأوسط بشكل عام، والعراق بشكل خاص مع استمرار القتال على أساس ديني كما يحدث الآن. 

شارك