البداية لانهيار تحالف الإخوان المسلمين والقوي الإسلامية

الأربعاء 25/يونيو/2014 - 03:09 م
طباعة البداية لانهيار تحالف
 
طالب أمس عبود الزمر، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية المنضمة تحت مظلة تحالف إسلامي يقوده الإخوان- الجماعة بـ«التخلي عن موقع القيادة، وإجراء تقييم حقيقي لممارستها خلال الفترة الماضية للوقوف على أسباب فشلها». 
وقال الزمر، الحليف القوي لجماعة الإخوان: «أرى أنه على الإخوان أن تعيد هيكلة الأوضاع، وتتخلى عن الصدارة؛ لأن العقوبات المتلاحقة التي نشاهدها تحل بالإخوان تحتاج إلى تعديل لقواعد الانطلاق.
وأشار الزمر الذي قضى 30 عاما في السجن بعد إدانته في قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981، إلى أنه «إذا وقع الأمير أو الرئيس في الأسر ومنع من مزاولة سلطاته فإنه يجري انتداب من يقوم مقامه حتى يرجع، فإن لم يتمكن أحد من إنقاذه، فإن الواجب هو اختيار رئيس جديد وليس ترك الأمر فوضى لخطورة ذلك على مستقبل الوطن».
البداية لانهيار تحالف
وكانت قد أعلنت الحكومة المصرية جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا في نهاية العام الماضي، وصدر حكم من محكمة الأمور المستعجلة عقب شهرين من قرارها، بإلزام الحكومة باعتبار الجماعة تنظيما إرهابيا؛ ما عزز القرار وأدى إلى تخصيص دوائر قضائية خصصت لنظر قضايا الإرهاب المتهم فيها قادة الجماعة وكوادرها.
وتحفظت السلطات المصرية بموجب حكم قضائي آخر على أموال ومقرات الجماعة وقادتها، ما عد ضربة عنيفة لمصادر تمويل الإخوان كما يقبع عدد كبير من قادة الإخوان في السجون على ذمة قضايا جنائية، بالإضافة إلى صدور أحكام بالإعدام على بعض المنتمين للجماعة، وعلى رأسهم محمد بديع مرشد الإخوان.
وللأسباب المشار إليها والتي تتمثل في المواجهة المعلنة بين جماعة الإخوان والنظام الحاكم تفاقم الانقسام بين جميع التوجهات التي يتبناها الإسلاميون بعد الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي لتواجه الجماعة، أعنف محنة في تاريخها الطويل الممتد لأكثر من 80 عاما. 
وتأتي انتقادات قادة إسلاميين للجماعة التي أقصيت عن الحكم بعد عام واحد لتعرقل الجهود المبذولة من قبل التنظيم للحشد؛ من أجل تحركات دعت إليها خلال ذكرى عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي يوليو المقبل.
ورغم تنصل الجماعة الإسلامية من رأي الزمر، الذي نشر أمس في صحيفة إسلامية خاصة، فإن الوضع يعكس الانقسام حول دور جماعة الإخوان في المرحلة المقبلة، والتحديات التي تواجه الجماعة داخل معسكرها، وربما توجب عليها تعديل خططها. 
عبود الزمر
عبود الزمر
وقال بيان للجماعة الإسلامية أمس: إن الزمر «يعبر عن وجهة النظر الشخصية له، أما الموقف الرسمي للجماعة فلا يعبر عنه سوى البيانات الرسمية الصادرة عنها»، لكن البيان الذي حصلت عليه بعض الصحف أضاف أن الجماعة الإسلامية تؤكد أن موقفها الواضح والمعلن من الأزمة الراهنة «هو المعارضة السلمية مع البحث عن حل سياسي».
وترفض جماعة الإخوان الحديث عن حلول سياسية للأزمة التي تفجرت منذ عزل مرسي الصيف الماضي، وتتمسك الجماعة بلاءات ثلاث، هي «لا اعتراف (بشرعية الوضع القائم)، لا تنازل عن الثورة، لا تفاوض على الدم». 
وتعد جماعة الإخوان القوة الكبرى والأكثر تنظيما بين القوى الإسلامية في مصر، لكنها حتى بعد تعرضها لضربات أمنية مؤثرة؛ ما دفعها للسعي إلى توحيد صفوف الإسلاميين ومد الجسور مع حركات ثورية ليبرالية ويسارية.
ومن الواضح أن جماعة الإخوان غير قادرة على مد تحالفاتها كما كانت في السابق أثناء فترة حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك مع القوى السياسية الغير إسلامية، فقد صرح قيادي شاب في حركة «شباب 6 أبريل»، التي صدر حكم قضائي بحظر نشاطها- أن «الحركة لا تستطيع أن تطمئن لجماعة الإخوان، (حيث إن) ممارسات الجماعة خلال عام حكمها قضت على كل ثقة فيها، بالرغم من أن هناك أطرافا تحاول التواصل معنا لرأب الصدع بين القوى السياسية المعارضة، لكن لا أظن أن القوى الثورية يمكن أن تتجاوز خطايا الجماعة.
ويقضي أحمد ماهر مؤسس حركة شباب 6 أبريل، ومحمد عادل القيادي في الحركة، عقوبة السجن لإدانتهما بخرق قانون التظاهر، وهو القانون الذي أقرته أول حكومة بعد ثورة 30 يونيو التي أنهت حكم مرسي، وأثار انتقادات واسعة داخليا وخارجيا وأعلنت الحركة انسحابها من دعم خارطة المستقبل التي وضعت عقب عزل مرسي.
البداية لانهيار تحالف
وانتقد الزمر أيضا دعوات جماعة الإخوان وتحالف دعم الشرعية لمقاطعة الانتخابات البرلمانية، وقال: "لاحظت أن الإخوان مشغولون في أمور لا تصب في الاتجاه الصحيح، ففكرة الانسحاب الكامل من الحياة السياسية بعدم المشاركة في انتخابات مجلس النواب ستضيف سلبية كبرى على الأداء التنظيمي للتحالف عامة، والإخوان خاصة، وستعطي الفرصة لغير المرغوب فيهم أن يصلوا إلى البرلمان".
وطالب الزمر جماعة الإخوان بوجوب تقويم تجربتهم «لمعرفة الأسباب الحقيقة التي أدت إلى نزع السلطة على هذا النحو السريع وفقدان مواقع كثيرة على مستوى العمل النقابي أو الاجتماعي ودخول أعداد كبيرة من الإخوان إلى السجون». 
ومن المرجح أن يؤدي تباين وجهات النظر بين قادة الإسلاميين في البلاد إلى تراجع قدرة الإخوان على حشد أنصار جدد في سعيها لإثبات وجودها في الشارع، خاصة في ظل دعوة قوى إسلامية مثل حزب النور الممثل للقوى السلفية تبني سياسات أكثر براجماتية في تعاملها مع الأوضاع الراهنة.
ويرى العديد من المراقبون أن استمرار التحالف خلال الفترة القادمة لن يكون مقبولاً خاصة وأن العديد من الاحزاب الإسلامية قد تشارك في الانتخابات البرلمانية القادمة، والتي لن تعترف جماعة الإخوان المسلمين بشرعيتها، ومع انعدام الثقة بين الجماعة والقوى المدنية الرافضة لسياسات الحكومة الحالية، بالإضافة إلى إصرار الإخوان على عودة ما يطلقون عليه الشرعية ستظل الهوة بين جماعة الإخوان والجميع آخذة في التضخم؛ مما لن يسمح لهم بالعودة إلى الظهور بقوة خلال الفترة القادمة على الأقل.

شارك