بين الحقيقة والزيف.. الظهور الأول لـ"البغدادي" يفجر جدلا واسعًا

الأحد 06/يوليو/2014 - 03:39 م
طباعة البغدادي وانصاره البغدادي وانصاره
 
ظهر أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" في أول شريط فيديو بعد أن نصبه التنظيم خليفة للمسلمين، فيما نفت الحكومة العراقية صحة الفيديو، واصفة إياه بالمزيف.
وتم تقديم البغدادي باسم "الخليفة إبراهيم أمير المؤمنين"، قبل أن يلقي خطبة استمرت نحو 20 دقيقة.
ودعا زعيم تنظيم داعش، المسلمين إلى طاعته، وذلك بحسب ما جاء في تسجيل نشرته مواقع تعنى بأخبار التنظيم.
وقال: إن الله "أمرنا أن نقاتل أعداءه ونجاهد في سبيله لتحقيق ذلك وإقامة الدين"، مضيفا: "أيها الناس إن دين الله تبارك وتعالى لا يقام ولا تتحقق هذه الغاية التي من أجلها خلقنا الله إلا بتحكيم شرع الله والتحاكم إليه وإقامة الحدود ولا يكون ذلك إلا ببأس وسلطان".
البغدادي
البغدادي
ووجه البغدادي كلمته للحاضرين قائلا: أطيعوني ما أطعت الله فيكم"، وتابع: "إذا أردتم موعد الله فجاهدوا في سبيل الله وحرضوا المؤمنين واصبروا على تلك المشقة، ولو علمتم ما في الجهاد من الأجر والكرامة والرفعة والعزة في الدنيا والآخرة لما قعد أو تخلف أحد منكم على الجهاد".
واعتبر تنصيبه إماما كان بمثابة "واجب على المسلمين قد ضيع لقرون".
وكان التنظيم قد غير اسمه إلى "الدولة الإسلامية" بعد إعلانه قيام "الخلافة الإسلامية" في الأراضي التي يسيطر عليها في العراق وسوريا.
وبدا البغدادي مرتدياً ملابس وعمامة سوداء، أثناء صعوده للمنبر، وظهرت على الشاشة عبارة "الخليفة إبراهيم أمير المؤمنين في الدولة الإسلامية".
جاء ظهور البغدادي بعد أن تداولت أنباء عن إصابته في غارة على معبر القائم الحدودي بين سوريا والعراق، غربي محافظة الأنبار.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية العميد سعد معن في تصريحات له: إن الرجل الذي ظهر في التسجيل المصور ليس البغدادي.
وشدد معن على أن البغدادي أصيب أخيرا في هجوم جوي، وأن مقاتلي "الدولة الإسلامية" نقلوه إلى سوريا للعلاج.
وأثار ظهور البغدادي، جدلا واسعا بين مناصريه ومعارضيه على حد سواء، واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بهذا الجدل، وأطلق مناصروه العديد من "الهشتاجات"، كان أبرزها على الإطلاق "البغدادي خليفة المسلمين"، و"خليفة المسلمين يخطب بالمسلمين".
المناصرون للبغدادي
المناصرون للبغدادي
واختار المناصرون إعادة نشر مقاطع من خطبة البغدادي مع مؤثرات صوتية وأصوات أناشيد، أبرزها "حيوا البغدادي". 
وكتب أحد المناصرين عن ظهوره الواثق وحججه من القرآن والسنة وقوة لغته العربية، وكتب آخر "خليفتنا يتكلم من دون ورقة ولم يتلعثم ولم يتعتع ولم يخطئ"، لكن الأخطر كان تركيز مناصرين للبغدادي على مشروعيته ودولته مقارنة مع حكام عرب استندوا في مشروعيتهم إلى الدين الإسلامي، ونسبهم الذي يصل إلى النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
في سياق مواز، اختار مهاجمو البغدادي ودولته وتنظيمه هشتاج "داعش كلاب النار"، وركز بعضهم على ظهوره بالملابس السوداء، مقارنين ذلك بملابس قيادات شيعية بارزة وخاصة مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي، والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، بينما ابتعد آخرون لاعتبار أن ظهوره بهذا الشكل مستقى من شخصية الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الدراما الشهيرة باسم الخليفة الثاني في العهد الراشدي.
ومن جهتها، نشرت صحيفة "صنداي تليغراف" تحقيقا في العاصمة العراقية بغداد، روث شيرلوك، حول تحول زعيم "الدولة الإسلامية" أبو بكر البغدادي من باحث خجول إلى أهم قادة الجهاديين المطلوب القبض عليهم.
وذكر التحقيق أن البغدادي، الذي أُعلن تنصيبه خليفة للمسلمين، تعلّم في بغداد حتى حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الجامعة الإسلامية.
وقالت: إن البغدادي كان ماهرا في لعب كرة القدم، لدرجة أن أقرانه كانوا يشبهونه باللاعب الأرجنتيني ليونيل ميسي، بحسب ما نقلته الصحيفة عن أبي علي، زميل البغدادي في فريق كرة قدم تابع لأحد المساجد في العراق.
وأضافت الصحيفة أن البغدادي عاش حوالي عشرة أعوام في غرفة ملحقة بأحد المساجد في حي الطوبجي في بغداد، وذلك حتى عام 2004.
ووصفت "صنداي تايمز" اللندنية من جانبها البغدادي بأنه "خليفة إرهابي". وقالت: إنه "كشف عن وجهه كي يدعو الناس إلى الجهاد".
برر تنظيم "داعش" ظهور من زعمت أنه أبو بكر البغدادي الذي وصفته بـ"خليفة المسلمين،" بعمامة وملابس سوداء، بأنه اقتداء بالنبي محمد.
وقال داعش في تغريدة على مواقع تستخدمها لتمرير بياناتها ومعلومات عملياتها: "ليش عمامته سوداء؟ جاء في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء".
وتأتي هذه الأنباء في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة الأمريكية بأنها تقوم بتحليل هذا الفيديو أمام الحكومة العراقية، فقد قال المتحدث باسم الداخلية إنه تم تحليل التسجيل، وإن الرجل الذي زعمت داعش أنه البغدادي هو ليس كذلك، إلى جانب كون التسجيل مزورا.
المحلل السياسي ياسر
المحلل السياسي ياسر الزعاترة
وجاء في مقال المحلل السياسي ياسر الزعاترة أن تراث القاعدة ومن ضمنه الدولة الإسلامية يهتم كثيرا بالصورة، وصورة البغدادي الجديدة أعدت بعناية متميزة، كأنك تشاهد مسلسلا تاريخيا. 
وعلق مدير قناة "الحوار" اللندنية عزام التميمي قائلا: "لا أعرف عن البغدادي الكثير.. الشائعات كثيرة ولكن ردود بعض من يدعي اتباعه لا تبشر بخير؛ لما تحتويه من كبر وغرور وتسفيه وتكفير". 
فيما قال المعارض السوري ياسر سعد الدين: وفيما يشبه المسلسلات البدوية أناقة وتكلفا، قال البغدادي: ابتليت بالخلافة.. للأمانة يا مولانا لست وحدك، كلنا ابتلينا بك وبخرافتك".
ويعتبر الخبير النفسي محمد الحباشنة أن ما يحسب للبغدادي ابتداء هو الشكل المتماسك الذي ظهر عليه، عوضا عن لغته العربية الخالية تماما من الأخطاء، وأنه نص لأحد كبار المؤرخين"، معتبرا أن ذلك صورة مغايرة تماما لزعماء عرب باتت الأخطاء اللغوية تميز خطاباتهم.
وأضاف الحباشنة أن الرجل ظهر باللباس الأسود استعادة لشكل الخلفاء العباسيين في بداية دولتهم، وهو لباس الحرب لا لباس التبشير بدولة الرفاه التي ينتظرها الناس في منطقتنا بديلا للدولة الفاسدة والمنهوب خيراتها.
وتابع: "لم نشاهد جمهورا حول الرجل، وإنما شاهدنا شخصا يخرج وحده يضع هالة حول نفسه من جنود وسلاح يرافقه في كل حركته حتى في صلاته"، لافتا إلى أن خطاب البغدادي يمثل "هروبا مطلقا نحو الماضي يسترجع النص الشهير لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: أطيعوني ما أطعت الله فيكم، وهو نص غير منطقي، فلا الرجل هو أبو بكر، ولا المخاطبون هم المسلمون وقد اجتمعوا عليه بعد استقرار الدولة بعد عهد الرسول".
الخبير النفسي محمد
الخبير النفسي محمد الحباشنة
وقال الحباشنة أيضا: إن "الفئة المستهدفة من خطابه هم فقط الأصوليون الغلاة، ولا يوجد من المسلمين من ينتظر خليفة بلا دولة ولا مؤسسات ولا رفاه ولا استقرار.. في دولة وهمية يبشر بقيامها.. نحن استمعنا لخطاب عفا عليه التاريخ"، مشيرا إلى أن ظهور الرجل "بدى محسوبا لجهة الشكل المؤثر في جمهور قد يكون يائسا من دول تقتل شعوبها لأجل بقاء حكامها".
كانت الجائزة التي خصصتها الإدارة الأمريكية لمن يدلي بأي معلومات عن أبو بكر البغدادي عشرة ملايين دولار، الرجل الذي فضل التواري عن الأضواء حفاظا على سلامته، على حد وصفها.
ولد البغدادي- الذي يعتقد أن اسمه عوض بن إبراهيم البدري- في مدينة سامراء العراقية عام 1971، وتذكر "مواقع جهادية" أنه حصل على شهادة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية بجامعة بغداد.
وبعد سنوات طويلة قضاها في القتال مع الجماعات التي تستلهم نهج تنظيم القاعدة، تزعم تنظيم دولة العراق الإسلامية عام 2010.
وانتهز البغدادي فرصة اندلاع الثورة السورية ضد الرئيس بشار الأسد، فأرسل مساعده أبا محمد الجولاني إلى سوريا لكي يبني لتنظيم القاعدة موطئ قدم هناك.

شارك