"عباس شومان" وتجديد الخطاب الديني

السبت 27/يونيو/2015 - 02:46 م
طباعة عباس شومان وتجديد
 
في حوارٍ له مع جريدة الشروق حول "تجديد الخطاب الديني" والمنشور اليوم السبت 27 يونيو 2015، قال وكيل الأزهر الدكتور عباس شومان: إن مسألة تجديد الخطاب الديني تتطلب عدة أمور أهمها، استعادة الخطاب من خاطفيه غير المؤهلين، «وهذه النوعية توجد في المساجد والزوايا ويطلون على الناس عبر وسائل الإعلام».
وأضاف شومان أن الأزهر يعاني نقصًا كبيرًا في عدد الوعاظ، مشيرًا إلى مضاعفة العدد الموجود لنشر الخطاب داخليًّا وخارجيًّا عشرة أضعاف. 
وانتهى شومان متحدثًا عن تطوير المناهج الأزهرية، قائلًا: «تم تخليص المناهج من بعض الحشو، أو الاسترسال في موضوعات لم تعد مرتبطة في عصرنا منها، مسائل تتعلق بالعبيد، وتم عصرنة الجهاد».
وحول رؤيته لتجديد الخطاب الديني قال وكيل الأزهر: "التجديد عند علماء الأزهر له معنى ثابت، وهو استعادة الخطاب الوسطى الذي أصلح به السابقون أحوال الأمة، وجعل الناس أكثر استقامة على منهج الله، وأكثر موازنة بين أمور الدين والدنيا معا؛ حيث إن الأعمال كلها في شريعتنا إما عبادة وطاعة، وإما معصية وبعد عن طريق الحق. "
ولم يقم عباس شومان كعادته بتوضيح هذا الخطاب الوسطي الذي يتحدث عنه، فالسلفيون يدعون أن خطابهم وسطي، وكذلك الإخوان والجماعة الإسلامية.. إلخ تلك الجماعات والأحزاب الدينية، ومن هنا يضعنا وكيل الأزهر في إشكالية تحديد مفهوم "الخطاب الوسطي".
واستطرد وكيل الأزهر في حواره قائلًا: "وقبل الحديث عن تجديد يحقق مصالح الناس في الدنيا، ويضمن لهم سلامة الموقف في الآخرة، فإن هذا الأمر من وجهة نظر الأزهر يحتاج إلى عدة أمور، منها: أولا استعادة الخطاب الديني من خاطفيه، فمشكلة الخطاب الديني الكبرى تكمن في اختطافه من غير المؤهلين أو الذين ينتهجون مسلك التشدد المقيت الذي يضيق على الناس وينفرهم في الدين من الأساس.
عباس شومان وتجديد
وللأسف يوجد هذا النوع الأخير في كثير من المساجد والزوايا، ويطلون على الناس من خلال وسائل الإعلام المختلفة، دون رادع يردعهم ويعيدهم إلى جادة الصواب. 
كما يجب مراعاة أحوال الناس المخاطبين بهذا الخطاب، واختيار البديل المناسب من بدائل كثيرة في شرعنا الحنيف، مع تجريد الخطاب الديني من المؤثرات الخارجية والأهواء الشخصية، والبعد عن توجيهه لخدمة مصالح ضيقة، وذلك بتحميله ما لا يحتمله، فالمتصدي للخطاب الديني يوجه، ولا يوجهه أحد من الناس مهما علت منزلته ومهما كان المنصب الذي يشغله."
وبهذا الخصوص يقر وكيل الأزهر بفقد الأزهر للخطاب الديني وإن من يمتلك الخطاب الديني على الساحة الإعلامية وداخل المساجد هي هذه الجماعات التي يتهمها بالتشدد، دون أن يقدم لنا رؤية استراتيجية لاستعادة هذا الخطاب مرة أخرى. حيث قال ردًّا على سؤال عن الآليات التي يقوم بها الأزهر لاستعادة الخطاب الديني واستعادة دوره في الحياة الاجتماعية والدينية للمصريين: "بدأنا في تكثيف القوافل الدعوية بالمساجد وانتقلنا الآن لمرحلة التجمعات خارج المسجد، ولكن لدينا مشكلة في عدد الوعاظ، فعددهم 2150 واعظًا فقط، ومطلوب من الأزهر في الوقت نفسه نشر الخطاب الوسطى في الداخل والخارج والتصدي للأفكار المنحرفة والشاذة؛ ولذا فهذا العدد يحتاج إلى أن يضاعف 10 مرات".
ولأن مسئولية تجديد الخطاب الديني ليست مسئولية الأزهر وحده فنحن نتعاون الآن مع جميع الهيئات والوزارات في الدولة، وعلى رأسها التعليم، والشباب، والثقافة، ونحاول استغلال مراكز الشباب وقصور الثقافة في المحافظات المختلفة، ونحن نرحب بالتنسيق والتعاون مع المؤسسات المعنية في الداخل والخارج للعمل على وضع رؤية واحدة لتجديد الخطاب الديني في العالم العربي والإسلامي. 
عباس شومان وتجديد
وأود أن أؤكد هنا أن موضوع تطوير الخطاب الديني أو تجديده أمر ثابت على مر العصور، فلكل مقام مقال، وما يصلح لعصر قد لا يصلح لعصر آخر، لكن الأهم هو الحفاظ على الثوابت والأصول، ومن هذا المنطلق يستطيع العلماء مواجهة أي فكر ضال أو متطرف أو شاذ؛ لأنهم يمتلكون حينئذ الدليل المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وعن تنقية المناهج في الأزهر قال شومان: "شكلنا لجنة لإصلاح مناهج التعليم الأزهري في مراحله قبل الجامعية، من أكثر من 100 خبير في المناهج وطرق التدريس من جامعة الأزهر وقطاع المعاهد الأزهرية ومن خارج الأزهر أيضا، وعملت هذه اللجنة لمدة سنة وثلاثة أشهر بشكل متواصل، حيث لم يتم إجراء تحديث أو تطوير على المناهج منذ فترة طويلة، وبعد استقرار اللجنة على الشكل النهائي لمناهج الأزهر بمراحله التعليمية قبل الجامعية تم عرضها وإقرارها من هيئات الأزهر المعنية، ومنها مجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء والمجلس الأعلى للأزهر، لإقرارها واعتمادها في ثوبها الجديد شكلا ومضمونا، وقد انتهت اللجنة من تجديد وتحديث المناهج في التعليم قبل الجامعي بالكامل وهي في المطابع الآن لتكون بين أيدي الطلاب بداية العام الدراسي القادم مناسبة للعصر وخالية من الاستطرادات المهملة التي كانت في الكتب القديمة التي تدرس حتى الآن.
عباس شومان وتجديد
وحول المفاهيم التي تم تصحيحها في المناهج قال شومان: "تم تخليص المناهج من بعض الحشو، أو الاسترسال في موضوعات لم تعد مرتبطة بالعصر، منها على سبيل المثال مسائل تتعلق بالعبيد، وتم عصرنة الجهاد وبيان كيفيته في الإسلام وأنه شُرع ليس بهدف الاعتداء على الناس، ولكن لرد الاعتداء، وهذا هو أصل الجهاد في الإسلام، والتأكيد على أن كل ما ورد في تراثنا لا يحث على الإرهاب أو العنف، وربطنا المناهج بالعصر الذي نحن فيه، وسيتم استحداث كتاب جديد يعالج الموضوعات والقضايا الجديدة التي ظهرت على الساحة الفكرية والثقافية، مثل ظاهرة الإلحاد، والتكفير، والإرهاب، ونظام الحكم، ويصحح المفاهيم التي حرفتها الجماعات المتطرفة مثل الخلافة الإسلامية، والدولة في الإسلام.
وهذه المناهج طبقنا بعضها هذا العام على المرحلة الإعدادية، منها كتاب أصول الدين الذي دمجت فيه عدة مواد من باب التخفيف على الطلاب، وهذه المواد هي التفسير والحديث والسيرة والتوحيد. 
والمنهج الآخر الذي تم تطبيقه هو منهج الفقه، حيث أصبحت كتب الفقه خالية تمامًا من الأمور التي تثير الجدل، وهي بالمناسبة ليس فيها شيء خاطئ كما يتصور البعض، ولكنها أمور لا ترتبط بالعصر، وجار إعداد الكتب الأزهرية بعد أن انتهت اللجنة من تجهيزها في ثوبها الجديد الذي يناسب العصر والخالي من أي مدخل لإحداث فتنة هنا أو هناك، ونحن على يقين أن إصلاح المناهج التعليمية هو البداية الصحيحة لتجديد الخطاب الديني."

شارك