باحث أمريكي: حادث الأقصر بداية الاغتيالات والعمليات الإرهابية ضد الجيش في سيناء
السبت 04/يوليو/2015 - 08:01 م
طباعة


في تحليله للحادث الإجرامي الانتحاري الذي وقع بالأقصر في 11 يونيه الماضي توقع ديفيد شينكر مدير برنامج السياسة العربية في مركز معهد واشنطن للأبحاث والدراسات المختصة بشئون الشرق الأوسط عودة العمليات الإرهابية الشرسة سواء ضد السياحة أو ضد الجيش في سيناء وأيضا مع افتتاح قناة السويس الجديدة حيث جاءت دراسته بعنوان (عودة الأيام الخوالي السيئة) وكأنها تتنبأ باغتيال النائب العام بل وايضا بالأربعاء الاسود حيث الهجوم من أنصار بيت المقدس على الجيش وجاء في التقرير
الأمن والاقتصاد
كانت مصر محظوظة لأنّ التفجير الانتحاري الذي وقع في المقصد السياحي الشهير في مدينة الأقصر في الحادي عشر من حزيران/يونيه، لم يقتل سوى اثنين من رجال الشرطة، فخلال هجوم مماثل وقع في مدينة الأقصر عام 1997، قُتل 58 سائحاً أجنبياً، وقد نجت مصر هذه المرة من فاجعة جماعية أخرى، إلاّ أنّ هذه الحادثة قد تكون نذيراً لما ستكون عليه الأمور في المستقبل.، ففي الواقع، وقبل أيام قليلة فقط من وقوع الانفجار في الأقصر، قُتل اثنان من رجال الشرطة عند أهرامات الجيزة، على مشارف القاهرة.
وتسلط هذه الهجمات الأخيرة الضوء على التدهور الأمني في مصر، وهو التطور الذي يعقّد الجهود المبذولة لتحسين اقتصاد الدولة المتعثر، ويهدد بتقويض نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وتشكل سيناء جزءاً كبيراً من هذه المشكلة. فخلال العام الماضي، كان السيسي والجيش غير قادرين على احتواء أو دحر تمرد الجماعة التي تدور في فلك تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش») الدولة الإسلامية» في سيناء. وبدأ العنف مع سقوط الرئيس حسني مبارك - الذي شغل منصبه لفترة طويلة - في عام 2011، وأصبح أسوأ تدريجياً. وحتى الآن، قُتل حوالي 1000 من الجنود ورجال الشرطة (خلال 3 سنوات) في محاولة لاحتواء التمرد المتنامي في شبه جزيرة سيناء.
ومع ذلك، لم يقتصر العنف على سيناء فقط، ففي العام الماضي وحده، وقع هناك ما يقرب من 200 هجوم في مصر خارج سيناء، بما فيها حوادث إطلاق النار من سيارات، وهجمات بقنابل يدوية، وتفجير عبوات ناسفة، وبشكل انعكاسي، عزت الحكومة المصرية هذه الأعمال الإرهابية لـ جماعة «الإخوان المسلمين»، التي نشرت بيان في كانون الثاني/يناير 2015 على موقعها الإلكتروني دعت فيه الي "جهاد طويل لا هوادة فيه" ضد نظام السيسي.ولكن التفجير الانتحاري الذي وقع في 11 حزيران/يونيو يمثّل أمراً جديداً بالأقصر ويشكَّل تصعيداً واضحاً في التكتيكات والأهداف. ولطالما تبرّأت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر في الماضي من تنفيذ العمليات "الاستشهادية". غير أنّ حادثة الأقصر الأخيرة تشير إمّا إلى أنّ «الجماعة» تشهد تطوّر في أعمالها، أو أنّ تنظيم الدولة "داعش" يوسّع عملياته غرب قناة السويس، وفي كلتا الحالتين، تمثل بداية العمليات الانتحارية خارج القناة عودةً إلى فترة التسعينيات، عندما واجهت مصر تمرداً خبيثاً ومتواصلاً بقيادة «الجماعة الإسلامية». وخلال ذلك العقد، عاثت «الجماعة الإسلامية» فساداً في مصر - عندما كان يتزعمها رجل الدين الضرير الشيخ عمر عبد الرحمن - حيث استهدفت رجال الشرطة، والمسؤولين الحكوميين، والأقباط، والسياح، الأمر الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص.وبالإضافة إلى الخسائر البشرية المرتفعة خلال ذلك العقد، كانت التكلفة الاقتصادية مرتفعة أيضاً. فطوال التسعينيات، اقتصرت السياحة، التي تشكل حوالي 10 في المائة من الاقتصاد المصري، على نحو 300 ألف زائر فقط شهرياً. وفي عام 1998، أي بعد عام من هجوم الأقصر، انخفضت عائدات السياحة بنسبة تزيد على 25 في المائة، لتصل إلى أقل من 3 مليارات دولار، واستمرت بالنموّ بشكل بطيء إلى أن انقشع دخان أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001. ومع هزيمة «الجماعة الإسلامية» بحلول عام 2002، كان عدد الزوار الأجانب إلى مصر قد ارتفع إلى أكثر من 1.5 مليون زائر شهرياً.
وبحلول عام 2013، أي بعد عامين من سقوط مبارك، صنف "البنك الدولي" مصر في المرتبة 140 والأخيرة في العالم، بعد باكستان واليمن، في مجال سلامة السياح. وبعد عام من وصول السيسي إلى الحكم، كان السيّاح قد بدأوا للتو في العودة إلى مصر. ولكن، إذا ما أصبحت الهجمات الإرهابية التي وقعت في اول يونيو كما كانت في التسعينيات، فقد تعود أرقام السياحة إلى القاع مجدداً، كما أن التطورات في سيناء يمكن أن تجعل الأمور حتى أكثر سوءً.

افتتاح القناة
وفي 6 آب/أغسطس القادم سوف يفتتح السيسي ممراً مائياً جديداً يبلغ طوله 37 كيلومتراً، وهو مشروع تبلغ قيمته 8 مليارات دولار وتم تصميمه لزيادة قدرة استيعاب قناة السويس. وتُعد عائدات هذه القناة مصدراً آخر بالغ الأهمية لإيرادات الحكومة، حيث تصل إلى ما يقرب من 5.5 مليار دولار، أو نحو 2 في المائة من "الناتج المحلي الإجمالي" لعام 2014.
داعش سيناء
ويؤكد ديفيد ان الجماعة التابعة لـ تنظيم «داعش» في سيناء تمتلك أسلحةً روسية متقدّمة مضادة للدبابات قادرة على إغراق سفينة ، وبالتالي عرقلة حركة المرور بشكل فعال عبر قناة السويس. وتعد كل هذه الأخبار سيئة بالنسبة للرئيس السيسي، الذي كان قد راهن بكل ما يملك على إنعاش الاقتصاد المصري. فقبل كل شيء، يعتمد إنعاش السياحة، وإيرادات القناة، والاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، على إعادة إرساء الأمن في البلاد.
وبعد مضي عام صعب، يبدو أن واشنطن توصّلت إلى تفاهم مع رئاسة السيسي. ففي نيسان/أبريل 2015، أنهت إدارة أوباما تجميداً طويل الأمد على نقل الأسلحة، وسلّمت عشر مروحيات من طراز "أباتشي" لمصر. وقد تتعرض عمليات نقل أسلحة أخرى، من بينها 12 مقاتلة نفاثة من طراز F-16، كانت الحكومة المصرية قد اشترتها إلى التأخير إلى أجل غير مسمى، وخاصةً إذا ما تم تنفيذ حكم الإعدام بحق عدد من كبار مسؤولي «الإخوان المسلمين».ولكن إرساء الأمن في مصر - سواء في سيناء أو غرب قناة السويس - لا يتوقف على الدبابات والطائرات المقاتلة أو حتى على المروحيات الهجومية. ومثله مثل مبارك في التسعينيات، لن يتمكن السيسي من النجاح في قمع التمرد إلا إذا تبنى نهجاً جديداً.ويشكل تعلق الجيش المصري الرجعي بأنظمة موروثة مكلفة وغير ملائمة لحملة مكافحة الإرهاب، إحدى التحديات الدائمة أمام السيسي. فإلى جانب مسألة المعدات، تتجاهل العمليات المصرية في سيناء تقنيات مكافحة التمرد الحديثة التي تم تعلّمها بصعوبة، باستخدامها استراتيجيات حركية (بشكل مفرط في كثير من الأحيان)، بدلاً من استراتيجيات اقتصادية.وعلى الرغم من حثّ واشنطن للقاهرة، رفضت هذه الأخيرة بعناد أيضاً إعادة تخصيص مبالغ المساعدات العسكرية الأمريكية لتأمين حدودها مع جارتها الدولة الفاشلة، ليبيا. وعلى صعيدٍ أكثر محلياً، قد يحتاج نهج الدولة الصارم تجاه جماعة «الإخوان المسلمين»، التي فازت بـ 50 في المائة من المقاعد البرلمانية في انتخابات 2011-2012، إلى بعض التعديلات أيضاً.وفي وقت سابق من هذا الشهر، أخبرني جنرال مصري في القاهرة أن الجيش "يفوز" في الحرب في شبه جزيرة سيناء.