"بيت المقدس" تضرب سيناء.. ورهانها التحول إلى السيناريو السوري

الثلاثاء 15/يوليو/2014 - 03:53 م
طباعة بيت المقدس تضرب سيناء..
 
يبدو أن جماعة أنصار بيت المقدس تحاول تنفيذ مخططها بتحول سيناء إلى بقعة مشتعلة على غرار السيناريو السوري، حيث أعلنت مسئوليتها عن إلقاء قذيفة هاون والتي سقطت أمام متجر يقع على مقربة من مقر قيادة الاستخبارات ومركز للجيش في جنوب المدينة؛ مما أسفر عن مقتل سبعة مدنيين وإصابة 25 آخرين. من جهتها أفادت مصادر طبية أن صاروخين آخرين استهدفا لاحقا مركزا للجيش؛ مما أسفر عن مقتل جندي وإصابة ثلاثة آخرين بجروح.
وقد قال شهود عيان ومصادر مسئولة: إن 7 من أهالي العريش المدنيين لقوا مصرعهم، بينهم طفل، وأصيب نحو 30 آخرون في هجوم إرهابي استهدف منطقة ضاحية السلام السكنية شرق مدينة العريش، إثر سقوط قذيفة صاروخية وسط عمارات سكنية بجوار سوق شعبي للخضار والفواكه. وأضافوا أنه أعقب ذلك سقوط صاروخ آخر على مقر الكتيبة 101، وهو ما أسفر عن استشهاد جندي وإصابة 3 آخرين ثم سقوط قذيفة أخرى على حاجز أمني بمنطقة الزعرب برفح؛ وهو ما أسفر عن إصابة مجند. وأعلن مستشفى العريش أسماء من وصل للمستشفى من ضحايا الحادث الإرهابي الذي شهدته المدينة الليلة قبل الماضية.
وروى شهود عيان لحظة سقوط الصاروخ بالمنطقة، حيث أشاروا إلى أن الصاروخ وقع على شارع رئيسي يقع أمام محل بقالة، وأحدث حفرة بسيطة في الشارع مع صوت ارتطام قوي وتناثرت الشظايا التي طالت أشخاصا يسيرون في هذا الشارع وآخرين يتسوقون طعام السحور من البقالة وأطفال يلهون أمام بيوتهم بينهم طفلة.
وفي وقت لاحق أمس قال حساب منسوب لجماعة أنصار بيت المقدس، عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: إن الجماعة قامت بإصابة عدد من المواطنين المصريين عن طريق الخطأ أثناء استهدافهم أحد المقرات الأجهزة الأمنية بالعريش أمس، كما قاموا بتقديم الاعتذار لأهالي الضحايا، موضحة بأن مطلق القذيفة أخطأ في التصويب على الهدف. وأضاف حساب الجماعة الإرهابية : «نعتذر لأهالي الأبرياء الذين سقطوا بالخطأ خلال عملية استهداف مقرات الأجهزة الأمنية، وتم إطلاق أحد القذائف على أحد مقرات الأمن إلا أن الأخ أخطأ في تصويب الهدف الرئيسي له وقدر الله له أن تقع على شرفاء مدينة العريش».

جماعة بيت المقدس

أنصار بيت المقدس
أنصار بيت المقدس
تعود جماعة "أنصار بيت المقدس" في جذورها إلى الجماعات الإسلامية في شبه جزيرة سيناء، التي توجهت إلى حمل السلاح منذ تسعينيات القرن الماضي، ويرجع تأسيسها وصولًا للشكل الذي أصبحت عليه الآن، إلى يد الجهادي هشام السعيدني، كطور جديد من جماعة "التوحيد والجهاد"، والتي قامت بتفجيرات "شرم الشيخ" و"دهب" و"نويبع" قبل 10 سنوات في عام 2004، وكان السعيدني أميرا لها آنذاك، وكلتاهما- الأنصار والتوحيد- على علاقة عضوية بما يُسمى ''مجلس شورى المجاهدين أكناف بيت المقدس''، الذي يضم تحالف تنظيمات جهادية في القطاع، ولم تخفيا تطابق توجههما الفكري، ومرجعيتهما، مع تنظيم "القاعدة"، المُصنف إرهابيًا في جميع دول العالم، عدا "إمارة غزة"، الملاصقة لسيناء المصرية، حيث نشاط الجماعة الرئيسي.
ومثل جميع التنظيمات الجهادية، لا تعرف "بيت المقدس"، حدودًا جغرافية لعضويتها، فهي تضم عناصر من جنسيات عدة، في مقدمتها القادمون من غزة، حيث الجذر الأساسي لها، وتضم ليبيين ويمنيين ومصريين وسودانيين وعراقيين، وجنسيات أخرى غير عربية.
ومنذ أعلنت أول بيان لها بعد 25 يناير 2011، بعد دمج جماعة "التوحيد والجهاد"؛ لتنشط على الشريط الحدودي بين مصر وغزة، وفي أعقاب الثورة تخصصت في تفجير خط تصدير الغاز المصري لإسرائيل والأردن، والتي وصل عدد عملياتها إلى 20 عملية تفجير لخط الغاز، و50 هجومًا انتحاريًا على الكمائن الثابتة، خاصة كمين "الريسة"، وذلك في ابتزاز واضح من التيار الإسلامي (خاصة جماعة الإخوان) للمجلس العسكري أثناء فترة حكمه الانتقالية، العمليات التي توقفت مع وصول الإخوان لسدة الحكم، وتولي الرئيس المعزول محمد مرسي الرئاسة.

لماذا سيناء؟

سيناء
سيناء
ظهر الفكر الجهادي في مصر منذ سبعينيات القرن الماضي، وقويت شوكته بعد مقتل السادات، وقد تشكلت النواة الأولى لتنظيم القاعدة في ذلك الحين على الأراضي المصرية، ومنه انتقل إلى أفغانستان للجهاد ضد قوات الاتحاد السوفيتي، وخلال التسعينيات شهدت مصر عدداً من الأعمال الإرهابية، لم تلبث أن عادت مرة أخرى بعد ثورة 25 يناير 2011 من خلال التفجيرات المتكررة لخطوط الغاز المتجه لإسرائيل والأردن. 
ولا نستطيع إنكار أن "سيناء" أصبحت على الخريطة الجهادية منذ مطلع التسعينيات وحتى الآن، ولكن ما حدث من مراجعات لبعض الجماعات، وملاحقة الأجهزة الأمنية للباقي، واعتقال بعض قياداتها في فترة حكم مبارك- جعلها لفترة ليست بالطويلة بمنأى عن أن تكون خاضعةً للجماعات الإرهابية بشكل كامل، ولا نستطيع أن ننكر أيضا أن البيئة البدوية والأيديولوجيات الفكرية المحيطة والإهمال التنموي واتفاقية كامب ديفيد، كلها عوامل أسهمت في خلق بيئة تسمح بتعايش أصحاب الاتجاهات المتشددة والأفكار المتطرفة بمنطقة شمال سيناء؛ ما جعل سيناء تجمع ما بين مناخ ملائم لنمو التطرف، ومنطقة لتصدير الإرهاب، حيث أصبحت السيطرة على أصحاب الأفكار المتشددة والجماعات المتطرفة أمراً من الصعب تحقيقه، وهو ما دفع جماعات الجهاد المسلح، بمختلف انتماءاتها الفكرية، في تكرار محاولاتها إلى فرض سطوتها على المنطقة وإعلانها إمارة إسلامية وفرض السيادة عليها، وهو الأمر الذي تم إعلانه مؤخرا من قبل جماعة "أنصار بيت المقدس".

محاولات سابقة 
وسبق أن سقطت قذائف صاروخية على المقرات الأمنية بهذه المنطقة دون أن توقع ضحايا، واستهدف إرهابيون جنودا أثناء قيامهم بحراسة تلك المقرات. ومنذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المحظورة في يوليو العام الماضي، بعد احتجاجات حاشدة على حكمه كثف مسلحون- يعتقد أنهم متشددون- هجماتهم على أهداف للجيش والشرطة بالمحافظة المتاخمة لإسرائيل وقطاع غزة. وقتل مئات في الهجمات وفي حملات لقوات الجيش والشرطة بالمحافظة. ويعتقد محللون أن متشددي شمال سيناء تربطهم صلات بنشطاء في غزة. 
وقبل يومين قالت مصادر أمنية: إن قوات الأمن ضبطت 20 صاروخا، وقواعد إطلاقها كانت معدة لتهريبها من شمال سيناء إلى غزة عبر أنفاق سرية تحت خط الحدود.
نبيل نعيم
نبيل نعيم
وأكد نبيل نعيم، مؤسس جماعة الجهاد في مصر، في تصريحات صحفية له أن التفجيرات التي وقعت في العريش من صواريخ أدت إلى مقتل جندي و7 مدنيين، وانفجار قنبلة أخرى بدائية الصنع في محكمة سمنود، هي جرائم جبانة من جانب عناصر الإرهاب التي بدأت تصاب بحالة من الجنون نتيجة اتجاه الدولة نحو الاستقرار وفشل المخطط الإخواني في إسقاط الدولة.
وأضاف نعيم: إن جماعة الإخوان تستخدم عناصر من التابعين لها مثل أنصار بيت المقدس وغيرها من الجماعات المنتشرة في سيناء، لإحداث التفجيرات بهدف خلق حالة من الهلع والرعب النفسي لدى المواطنين، إلى جانب الإرهاق الأمني وضرب الاقتصاد والاستثمار في مصر، موضحاً أن هذه الأفعال لن تستمر طويلا؛ لأن هذه الجماعات ضعفت كثيرا عن السنوات الماضية.

شارك