"فورين بوليسي" تناقش أسباب تفوق "داعش" في وسائل الإعلام الاجتماعي
الثلاثاء 07/يوليو/2015 - 12:36 م
طباعة

ناقشت مجلة فورين بوليسي الأمريكية لقاء السفير السابق ألبرتو فرنانديز مع قناة «سي بي إس» التلفزيونية الأمريكية مع المذيعة مارجريت برينان، وكان السفير فرنانديز يشغل منصب المنسّق لمركز الاتصالات الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب لدى إدارة الرئيس باراك أوباما في عام 2012. وكان مركز الاتصالات الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب قد أسس عام 2010 من أجل دراسة وتوجيه نشاطات الاتصالات العامة على نطاق الحكومة، ويستهدف تحديدًا حاملي الفكر المتطرف العنيف والتنظيمات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة وأذرعها ومعتنقي هذا الفكر. وقد دارت الحلقة حول فشل وسائل الإعلام الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر" في مواجهة إعلام "داعش".
ولكن بكل وضوح، فشلت استراتيجية وسائل الإعلام الاجتماعية ضد تنظيم «داعش». وليس بالأمر الجيد أن ينال أحد الفيديوهات المضادة لـ«داعش» كثيرًا من السخرية والنقد اللاذع في وسائل الإعلام الوطنية الأمريكية، كما كان نصيب ذلك الفيديو من السخرية على لسان جون أوليفر.
ثم إنه ربما كان البيت الأبيض يسعى لزعزعة الأمور من أجل تعزيز سلطاته على جهود وسائل الإعلام الاجتماعية في مختلف أرجاء الحكومة.
كان أفضل ما جاء في مقابلة فرنانديز إجابته عن سؤال طرحته برينان حول ما إذا كانت إدارة الرئيس أوباما تنتهج سياسة «الإهمال الحميد» إزاء تنظيم «داعش»، تحت افتراض أن الإدارة كانت بطيئة في إدراك صعود التنظيم الإرهابي، وكانت أبطأ كثيرًا في الاستجابة واتخاذ رد الفعل. كان رد فرنانديز موجزًا ولاذعًا: «لقد كانت سياسة الإهمال الخبيث».
هل ستؤدي التغييرات في الوجوه والعمليات، إذن، إلى تحسين جهود الولايات المتحدة في مكافحة جهود الإعلام الاجتماعي لتنظيم «داعش»؟
جاءت إحدى المراجعات الداخلية لدى وزارة الخارجية الأمريكية، التي أشرف عليها ريتشارد ستنجل، وكيل الوزارة للشئون العامة، شديدة في انتقادها للجهود الأمريكية المبذولة في هذا المضمار. ووفقا لاستعراض مذكرة ستنجل، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقول: إن اللافت للنظر في تقديرات ستنجل أن «الخطاب العنيف لتنظيم داعش، والمعزّز من خلال آلاف الرسائل اليومية، قد (فاق)، وعلى نحو فعال، الجهود المبذولة من قبل بعض من أغنى وأكثر دول العالم تقدمًا وتقنية».
لا يبدو ستنجل من نوعية الرجال الذين يخلون الميدان ويتوجهون إلى منازلهم؛ ففي فبراير (شباط)، صرح لـ«نيويورك تايمز» بأن «داعش» لا يُقارن بموقع «باز- فيد»الإلكتروني وليس ممن لا يمكن قهره على وسائل الإعلام الاجتماعية. وما من شك أنه قد طال انتظار تلك التقديرات لزعزعة مواقفهم.
في واقع الأمر، ربما من شأن المسار المنسق والمتكامل الذي يضم السفارات الأمريكية في الخارج مع وزارة الدفاع والحلفاء الإقليميين للولايات المتحدة، أن يساعد في زيادة كمية تحسين جودة الرسائل الموجهة لمكافحة تنظيم «داعش» في المنطقة. وبكل تأكيد أنا لست من رجال التقنية الأوائل، أو أملك سلطة مؤثرة على وسائل الإعلام الاجتماعية، حتى إنني أستخدم هاتفًا عاديًّا حتى هذه اللحظة. ولكن من أجل مواصلة تلك الحرب ضد «داعش»، ذلك الكيان الذي يجمع الممارسات والأدبيات العائدة للقرن السابع الميلادي مع تقنيات القرن الحادي والعشرين- بصرف النظر عن الانتصار في تلك الحرب- فإن الأمر طويل وممتد. وإليكم الأسباب.
النجاح الغبي

إن أكثر الأيديولوجيات أهمية في الحياة ليست القومية، أو الرأسمالية، أو حتى الديمقراطية.. إنه النجاح؛ وذلك لأن النجاح يجلب معه القوة والسطوة والمصداقية الشعبية إلى جانب المتعاطفين. و«داعش» ليس تنظيم «القاعدة» المختبئ في الظل، بعيدًا عنا، يخطط في سرية لشن الهجمات الإرهابية هنا وهناك.. إنه شيء آخر: كيان متطوّر ومتعدّد الأوجه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والإرهابية، بجانب قدرته على السيطرة علانية على الأراضي في الواقع وعلى الفضاء الإلكتروني، بينما يسعى فيه بكل انتهازية وخبث- مثل الجرثومة الخبيثة- للسيطرة على مواقع وعوائل جديدة.
إن إلحاق الهزيمة بـ«داعش» يستلزم إظهار أن توسعه وتمدّده بلغا حدوده الطبيعية. وفي هذا الاتجاه كتب غرايم وود في مقالته الرائعة على صفحات مجلة «ذي أتلانتيك» بعنوان: «ما الذي يريده (داعش) حقا؟» قائلاً: «إذا ما جرى احتواء هذا التنظيم بشكل مناسب، فإنه سيبدأ في التفكك ذاتيًا».
إلا أن هذا يعني وقف توسع التنظيم بصورة رئيسية في العراق، بحيث يمكن احتواء تمدّده في سوريا، ثم إيجاد طريقة لضمان وقف تمتعه بالحكم الذاتي، ووقف توفير الحرية والأمل الذي يعد بهما عناصره ومؤيديه.
لا بد من تقويض هالة النجاح التي يتيه بها التنظيم، وتحويله إلى مجرد مجهود فاشل آخر عاجز عن الوفاء بوعوده. ومن دون إظهار فشل التنظيم الأصلي أو إقناع تركيا بإغلاق حدودها مع سوريا فعليًّا، فمن الصعوبة بمكان أن نرى كيف يمكن وقف عبور ألف مجنّد جديد ينضمون إلى صفوف التنظيم الإرهابي كل شهر.
ما الخطاب المضاد؟

كما أشار فرنانديز إلى ذلك في مقابلته، يمكن أن يكون «داعش»، من حيث هو تنظيم، تنظيمًا عصابيًّا، إلا أن هذا لا يعني أن يعاني كل أفراد التنظيم من العلة العصبية نفسها. وهذا الكلام أورده ليس من قبيل السخرية، أو الصحوة، أو الواقع المرير الذي يحاول التنظيم الترويج له، وإنما هو الأمل والهوية، فضلا عن تحقيق الذات اجتماعيًّا ودينيًّا. هذا هو السبب الفعلي للفاعلية العالية لجهود حشد المؤيدين للتنظيم.
وفي الواقع، فإن المنضمين إلى صفوف هذا التنظيم الإرهابي يحاولون العثور على سبيل ما، أو إجابة الدعوة لشيء ما، أو تصحيح ما يتصورونه خطأ، أو تحقيق شيء ذي أهمية في حياتهم.