بطريركية الكلدان بعد استمرار مسلسل الخطف والقتل تطالب حكومة العراق منع بيع بيوت المسيحيين

الثلاثاء 14/يوليو/2015 - 03:40 م
طباعة بطريركية الكلدان
 
أسفت البطريركية الكلدانية في بيان لها، أمس الاثنين، "لاستمرار تدهور الأوضاع الأمنية واستغلاله من قبل بعض الأفراد أو الجماعات للقيام بخطف أشخاص أبرياء من أجل كسب حفنة من المال، وإثارة الرعب بين المواطنين العزل"، مشيرة أنه "في أقل من أسبوعين تم خطف أربعة مسيحيين" في بغداد، تم قتل اثنين منهم بالرغم من دفع عائلاتهما الفدية.
وأضاف البيان: "هناك نفوس ضعيفة تقوم علناً بتزوير سندات بيوت بعض المسيحيين وتستولي عليها وعلى ممتلكاتهم، أو ترسل لهم رسائل تهديد عبر هواتفهم ليتركوا وظائفهم"، مشدداً أن "هذا أمر شنيع يثير القلق ويدمر الفسيفساء الوطني العراقي ويضعف هيبة الدولة".
وختمت البطريركية الكلدانية بيانها بالقول: "نناشد السلطات الحكومية وقوى الأمن في بغداد بحماية حياة المواطنين وممتلكاتهم وإصدار قرار بمنع بيع بيوت المسيحيين إلا بتوصية من الكنيسة. كما نؤكد لهؤلاء الأردياء أن الحرام لن يدوم، فإنه سينخر ضميرهم لا محالة، بينما الحلال القليل هو بركة".
القلب المقدس
وأفردت صحيفة ميامي هيرالد الأمريكية تقريرًا مهمًّا بعنوان "في يوم عيد الميلاد" بعام 2008، حضر المسيحيون منذ الصباح الباكر إلى كنيسة "القلب المقدس" في منطقة الكرادة ببغداد، وبالرغم من أن المسيحيين قد أصبحوا بالفعل هدفًا للمسلحين في العراق؛ نظراً للحرب الأهلية التي كان يشهدها البلد، إلا أن الآلاف منهم حضروا الكنيسة بدون تردد أو خشية، وأدوا صلاتهم وبعدها احتفلوا على طريقتهم الخاصة خلال استعراضهم لسانتا كلوز في الحديقة الأمامية للكنيسة.
ولّت تلك الأيام، ونعم العراقيون عموماً بنوع من الاستقرار النسبي في عامين 2009 و2010 بعد نجاح الخطة الأمريكية في العراق، وتراجعت على إثرها الهجمات المسلحة بحق المسيحيين من قبل متمردين تابعين للسنة والشيعة في البلد. الفاجعة زادت على المسيحيين هذا الصيف بعد وصول مسلحي "داعش" مدينة الموصل أمام انسحاب مفاجئ للجيش والشرطة الاتحادية، ليتركوا 200 ألف مسيحي عُرضة للاستهداف من قبل المتمردين الذين يسيطرون على مدينة الموصل اليوم بالكامل.
المسيحيون بنزوحهم هذا، يعد الأول من نوعه منذ 1600 سنة عندما غادروا العراق بسبب الحروب القديمة التي ألقت بظلالها عليهم.
بطريركية الكلدان
350 كنيسة
قال المطران الكلداني فرنسيس قلابات الذي يقيم في ولاية ديترويت الأمريكية: "كنت قد حضرت في الأسبوع الماضي جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأمريكي ودار النقاش حول كيفية إنقاذ مسيحيي الشرق الأوسط من العنف ولا سيما في العراق بعد الهجمة الأخيرة التي لحقت بهم، فكان الإجماع في الجلسة، أن هناك جهودًا تسعى لإخراج المسيحيين من الشرق الأوسط عموماً، والقضاء على مسيحيي العراق بشكل خاص، بدليل أن المسيحيين كانوا يمتلكون في العراق 350 كنيسة، صارت اليوم 40 كنيسة فقط في عموم العراق بعد تعرض غالبيتها إلى التفجيرات، فضلاً عن استهداف المدن الأثرية والتاريخية القديمة في الموصل".
ويقول المطران الكلداني قلابات: إن المسيحيين الموجودين في العراق قد قل تعدادهم من مليون إلى 400 ألف مسيحي لاجئ في عموم العراق أو ما يسمى اليوم بالنازح الداخلي.
بطريركية الكلدان
أمريكا المجرم الأول
وانتقد المطران الكلداني، الولايات المتحدة ودورها السيئ في العراق؛ لأن احتلالها للبلد كان سبباً وراء تهجير المسيحيين الذين هم ضحايا الغزو الأمريكي على البلد، واعتبر المطران أن أمريكا مارست خططاً سيئة، أهمها الانسحاب الأمريكي من البلد الذي كان سبباً رئيسياً وراء الهجمات التي لحقت بالمسيحيين على مدى الأعوام الماضية؛ كون الانسحاب زاد من الانقسام المجتمعي والاحتقان الطائفي؛ بسبب سياسات رئيس الوزراء السابق.
وعدّ قلابات، غياب الوحدة الوطنية الحقيقية في العراق هو السبب الآخر بصعود تنظيم "داعش" إلى الموصل وظهوره بهذه الوحشية.
بطريركية الكلدان
الربيع ضد المسيحيين
ويُجمع الأساقفة والمطران في الكنائس المختلفة بالشرق الأوسط، أن الملوك والحكام العرب هم الأساس في استهداف المسيحيين وتعمد إزالتهم من المجتمع العربي. 
ويقول المسيحيون: إن ثورات الربيع العربي جاءت لتحطم التنوع الاجتماعي؛ كون الأنظمة الشمولية التي أزيلت تم استبدالها بأنظمة "إسلامية متشددة".
ولجأ المسيحيون، إلى إقليم كردستان العراق هرباً من بطش مسلحي "داعش" في يونيو الماضي عندما وقعت مدينة الموصل بيدهم، فنزحت نحو 200 ألف عائلة مسيحية إلى كردستان، لتبدأ هناك معاناة جديدة في إيجاد فرص عمل؛ كون السلطات الكردية لا تستطيع استيعاب حجم العوائل الكبيرة في ظل أزمتها المالية التي كانت تمر بها؛ بسبب سياسات رئيس الوزراء المالكي عندما كان حاكماً للعراق.
وعانى المسيحيون من الاضطهاد على يد العرب، حينما كان صدام حسين في السلطة قبل الاحتلال الأمريكي، إذ مورست بحقهم سياسات التهميش والتمييز العرقي التي كانت غير ملموسة بشكل واضح، لكنها موجودة ولا يمكن إنكارها.
بطريركية الكلدان
المستقبل!
وبعد هذه المعلومات، تثير مسألة المسيحيين جملة من الأسئلة حول مستقبلهم المجهول في العراق، فهل المسيحيون سكان العراق الأصليون؟ وهل الموصل مدينتهم الأصلية؟ وهل سيستطيعون العودة في يوم ما إلى ديارهم الأصلية؟ وماذا ستفعل أمريكا والمجتمع الدولي والأكراد للمسيحيين في العراق؟ أم أن التنوع الاجتماعي انتهى بالعراق؟
أجاب المطران الكلداني فرنسيس قلابات، على هذه الأسئلة المطروحة خلال مقابلته عبر "سكايب" قائلاً: "المسيحيون وبعد نزوحهم إلى كردستان انشغلوا في كيفية توفير فرص عمل لهم، فكثير منهم اشتغل عامل نظافة في العاصمة آربيل، فهم الآن غير معنيين بهذه الإجابات بقدر ما هم منشغلون في كيفية تأمين لقمة العيش وتوفير المال الجيد لأطفالهم؛ لدفعها كأقساط شهرية في المدارس الكردية؛ لأنها غالية، فضلاً عن انشغالهم في البحث عن مأوى جيد بدلاً من السكن بالمباني غير المكتملة في ظل برودة الشتاء هذا".

شارك