في تقرير "كارنيجي": مستقبل الإخوان مجهول وبين فكي رحى

الإثنين 03/أغسطس/2015 - 05:39 م
طباعة في تقرير كارنيجي:
 
في تقريره الأخير عن جماعة الإخوان في مصر، قال تقرير لمعهد "كارنيجي للسلام الدولي"، إن جماعة الإخوان المسلمين - أكبر حركة معارضة في مصر وواحدة من أقدم الحركات السياسية في البلاد- تعيش بين فكي رحى، الفك الأول متمثل في حملة أمنية لم يسبق لها مثيل من أمن الدولة، والفك الثاني جيل شاب يضغط من أجل تحرك أقوى ضد نظام عبدالفتاح السيسي.
وأضاف التقرير، أن مصر والمنطقة بكاملها تواجه تداعيات واسعة النطاق بالنظر إلى أن الجماعة التي اعتنقت طويلًا التغيير التدريجي، تتحول إلى جماعة تدافع عن التغيير الثوري، وتكافح لتحدد ما إذا كان ذلك يعني تبني استراتيجية للعنف ضد الدولة.

في تقرير كارنيجي:
وبحسب التقرير، فإن جماعة الإخوان المسلمين واجهت العديد من حملات القمع، خاصة الحملة الطويلة في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، لكنها لم تتعرض مطلقًا لفترة من القتل والسجن والتعذيب وأشكال القمع الأخرى مثل تلك التي تشهدها منذ انقلاب يوليو 2013 ضد الرئيس السابق محمد مرسي العضو البارز في الجماعة.
خلصت المراجعة الداخلية التي أجرتها جماعة الإخوان المسلمين للعام الكارثي الذي أمضاه مرسي في السلطة، إلى أنها فشلت في أن تكون ثورية بما يكفي، وأن الصفقات السياسية التي حاولت إبرامها مع الجيش وأطراف الدولة الأخرى جاءت بنيران عكسية.
يشعر زعماء الجماعة بالقلق من فقد ولاء الشباب الذين يتحملون وطأة القمع، كما أنهم عرضة للانقياد للجماعات المتطرفة، خاصة “الدولة الإسلامية” و”القاعدة” وفروعهما.
وأصبح القادة أكثر مراعاة للأعضاء الشبان الذين يدفعون الجماعة إلى مناطق ومواقف لم تعرف من قبل.

اتجاه أكثر ثورية

اتجاه أكثر ثورية
استطاعت جماعة الإخوان المسلمين، أن تقف على قدميها مرة أخرى كمنظمة داخل مصر وخارجها، وتجري انتخابات لمراكز قيادية سرية، منها المرشد العام وأعضاء مكتب الإرشاد، وأيضًا لاختيار أعضاء مكتب للشؤون الخارجية في إسطنبول.
وما زال زعماء الجماعة والناشطون بها في مرحلة مبكرة من تعريف ما سيعنيه بالنسبة للجماعة أن تصبح ثورية، والشيء المؤكد الوحيد أنهم عزموا على مواصلة المعارضة لأي دولة مصرية رأوا أنه لا يمكن إصلاحها.
ويقول التقرير: “لا يزال الموقف الرسمي للإخوان المسلمين حتى الآن يتبنى إلى حد كبير المقاومة غير العنيفة، لكن ما يقوله الأعضاء والزعماء في السر والعلن متباين بدرجة أكبر، وتبنى العديد من بيانات الإخوان المسلمين مبدأ القصاص، ويعبر بعض الأعضاء عن القلق من التخلي عن عقود من السلمية، ومن جرهم إلى صراع مسلح مع قوات الأمن، وهي معركة لا يمكن الفوز بها ومدمرة بدرجة بالغة. ويقول آخرون إنه في إطار عنف الدولة الذي لم يسبق له مثيل ضد الإخوان وجماعات المعارضة الأخرى فإن مواصلة الدعوة إلى المقاومة السلمية هراء.
وزاد النظام من حملته الأمنية ضد الإخوان، بما في ذلك التهديد بإعدام زعماء كبار، بعدما صعد متشددون مقرهم سيناء العنف ضد أهداف حكومية في صيف 2015، رغم أن الدولة لم تثبت مسؤولية الإخوان عن ذلك العنف، وزاد ذلك المخاطر أكثر من أي وقت مضى.
وقال التقرير، إن جماعة الإخوان المسلمين في مصر خرجت من الموقف الدفاعي الذي اتخذته في أول 18 شهرًا بعد انقلاب 2013 الذي أطاح بمحمد مرسي من الرئاسة، واختارت الجماعة هيئات قيادة جديدة.
وبناءً على مقابلات كاتبي التقرير، ناثان براون وميشيل دون، مع عدد من أعضاء الجماعة والمراقبين خلال شهري مايو ويونيو 2015، فمن الواضح أن أعضاء وزعماء الإخوان المسلمين أجروا مراجعة داخلية مكثفة ومثيرة للجدل فيما يبدو للأخطاء التي حدثت بين سقوط حسني مبارك في 2011 والإطاحة بمرسي في 2013، والمفاجأة أنهم خلصوا إلى نتيجة مشابهة لما عبرت عنه جماعات المعارضة العلمانية الأخرى بخصوص الإخوان، وهو أن الجماعة لم تكن “ثورية” بما يكفي. لكن ليس من الواضح بنفس الدرجة وربما لم يتقرر بعد كيف سيترجم هذا الرأي إلى استراتيجية سياسية محددة المعالم.

سيناريوهات لمستقبل الإخوان

سيناريوهات لمستقبل
وسبق لمعهد كارنيجي أن وضع دراسة سابقة في 22 أكتوبر 2014 بعنوان: “الإخوان المسلمون ومستقبل الإسلام السياسي في مصر”، تطرقت إلى الاضطرابات التي تشهدها الساحة السياسية المصرية، وأشارت إلى أن هذه الاضطرابات “تلقي بظلال من الشك على احتمالات حدوث تكامل بين القوى الإسلامية في مصر مستقبلًا، وكذلك قدرة النظام المصري على تحقيق الاستقرار السياسي“.
وأوضح التقرير الذي أعده الدكتور أشرف الشريف، محاضر العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن هذه الاضطرابات تشمل الانشقاقات المجتمعية والاستقطاب والعنف، لافتًا إلى أن تغيير الآليات الداخلية والخارجية للمنظمات الإسلامية يشير إلى خمسة سيناريوهات محتملة لمستقبل جماعة الإخوان المسلمين.
وأضاف أن “مسار الجماعة سيكون له آثار واسعة النطاق على الإسلام السياسي وإرساء الديمقراطية في مصر“.
 وحدد التقرير هذه السيناريوهات الخمسة كالتالي:
السيناريو الأول: النظام المصري سيظل حريصًا على القضاء على جماعة الإخوان، حتى في ظل افتقاره إلى الوسائل التي تمكنه من ذلك، وستواصل الجماعة مواجهة حملة قمعية لا ترحم من قبل النظام، والتي تشمل اعتقالات تعسفية وتجميد أصول ومواجهات عنيفة.
 السيناريو الثاني: تعود جماعة الإخوان إلى الحياة السياسية في مصر بتحقيق انتصار عن طريق كسب دعم شعبي، وتساعدها في ذلك الاحتجاجات المستمرة التي “تهز” النظام.
 السيناريو الثالث: يتفاوض الإسلاميون مع النظام بشأن عودتهم للحياة السياسية بنفس الطريقة التي كانوا عليها إبان فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وهي المشاركة السياسية للإخوان مع مراعاة خطوط حمراء يحددها النظام.
السيناريو الرابع: تنقسم جماعة الإخوان إلى قسمين رئيسين، القسم الأول يضم المعتدلين الذين يرون أن السياسة التقليدية للجماعة شديدة الصدامية، بينما يضم القسم الثاني المتشددين الذين يرون أن السياسة الحالية للجماعة شديدة التوافقية والتواؤم مع وجود أخطاء فكرية بها.
السيناريو الخامس: تعترف الجماعة بإخفاقاتها فيما يتعلق بالاحتجاجات الحالية وتنسحب من العمل السياسي وتركز على تجديد فكرها داخليًا.

في تقرير كارنيجي:
وحول (الآثار المترتبة على المجتمع)، أشار التقرير إلى أنه ليس من المعروف بعد أي من هذه السيناريوهات الخمسة لمستقبل الإخوان سينطبق على أرض الواقع، وذلك في ظل “إصرار النظام القديم على القضاء على الإخوان تمامًا، وإصرار الإخوان على عدم السماح بعودة النظام القديم“.
وأشار إلى أن استبعاد تحقق أي من هذه السيناريوهات الخمسة قد يجبر النظام والإسلاميين على اللجوء لخيارات أخرى، لاسيما المصالحة، وأنه حتى الآن وعلى المدى القريب والمتوسط، فإن المصالحة أو التفتت أو التجديد لا تزال خيارات غير واردة.
وقال تقرير كارنيجي إن: “جماعة الإخوان أثبتت أنها أكثر مرونة مما كان يعتقد قبل ذلك، مما يجعل الإسلام السياسي قوة معتبرة في السياسة المصرية في المستقبل القريب، وسيتطلب صعود سياسات ما بعد الإخوان إنهاء السياسات السلطوية للدولة القديمة، كما يتطلب تنمية اقتصادية وإصلاحات دينية وتأسيس حركات ديمقراطية تشاركية بخلاف الحركات الموجودة حاليًا على الساحة"“.
وخلص التقرير إلى أن اﻵليات الحالية لا تبشر بمستقبل ديمقراطي في مصر، وأن أي مسار نحو تغيير سياسي واجتماعي ديمقراطي في مصر لن يكون مرحبًا به من جانب الدولة القديمة أو الإسلاميين الذين لا يزالون غير راغبين في المشاركة مع الفاعلين الآخرين أو تبني فكر ديمقراطي جديد، وهو ما يجعل كلا الطرفين جزءًا من الأزمة الحالية أكثر من كونهما جزءًا من حلها.

شارك