مؤتمر "علماء أهل السنة" بتركيا.. محاولة جديدة لشرعنة العنف
الأربعاء 12/أغسطس/2015 - 08:10 م
طباعة
حذر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء اليوم الاربعاء 12 اغسطس 2015، من خطورة المحاولات المتكررة من قبل عدد من تيارات الإسلام السياسي والحركات الإرهابية والمتطرفة المتحالفة معها وعدد من الدول والجهات المتطرفة لشرعنة الأعمال الإرهابية والتخريبية التي تستهدف أمن مصر واستقرارها، وجرها إلى مربع العنف والفوضى الذي سقطت فيه دول عديدة في المنطقة العربية والإسلامية.
جاء ذلك في أعقاب مؤتمر عُقد لعدد من العناصر المتطرفة والمتورطة في أعمال العنف والعمليات الإرهابية، تحت عنوان "رابطة علماء أهل السنة" المنعقد في تركيا، المعروفة بعدائها الشديد لمصر ودورها العربي والإقليمي، وقد شهد المؤتمر حشدًا كبيرًا وموجهًا للهجوم على مصر والنيل منها وشرعنة العنف والقتل ضد مواطنيها وتبرير الأعمال التي من شأنها النيل من مؤسساتها وقواتها المسلحة.
وأكد المرصد أن هذا المؤتمر المُسمى بـ"رابطة علماء أهل السنة"، كان المعبر عن كافة الأطراف والتيارات التي خرجت من رحم ما يسمي حركات "الإسلام السياسي" والتي تبنت العنف سبيلا للحصول على المكاسب المادية والسياسية، والتي لا تمانع أبدا في التعاون مع الجهات الأجنبية والحركات العابرة للحدود للنيل من أوطانها وبلدانها وإنهاك شعوبها ودفعهم إلى دائرة العنف المفرغة.
ونبه المرصد إلى أن هذا المؤتمر كان بمثابة عرض خدمات لتلك الجماعات أمام الجهات الأجنبية للفوز بصفقات والحصول على دعم دولي من جهات مشبوهة لتنفيذ مخططات خبيثة داخل البلدان والدول الإسلامية، حيث مَثل هذا المؤتمر التجمع الأكبر للتيارات المتطرفة في المنطقة العربية لعرض خدماتها أمام الجهات الأجنبية صاحبة المصلحة في زيادة مساحة الفوضى والعنف في المنطقة.
وأشار المرصد إلى أن المؤتمر لم يخرج بنتاج شرعي معتبر أو اجتهاد فقهي محدد يمكن أن يكون عُرضة للنقاش والرد، وإنما كان تدشينًا لتحالف تيارات العنف والتطرف، والأطراف الداعمة له، من أجل شرعنة العنف والقتل باسم الدين، مستغلة في ذلك عدد من الشعارات التي دأبت تيارات الإسلام السياسي على مر التاريخ على استخدامها وتوظيفها لخدمة أهدافها وتحقيق مآربها.
ونبه المرصد إلى أن البعد الطائفي كان حاضرًا وبقوة في هذا التجمع، والذي عبر عنه عنوان المؤتمر باعتباره تجمعًا لعلماء أهل السنة على حد تعبيرهم، وهي مسميات تسعى لترسيخ الطائفية وخدمة الأجندات الخارجية في إعادة تقسيم المنطقة العربية والإسلامية إلى دويلات طائفية متناحرة ومتحاربة.
وأكد المرصد على ثقته الكاملة والكبيرة في صلابة الجبهة الداخلية المصرية، وقدرة المؤسسات الوطنية على التصدي لمثل تلك المخططات والأجندات الخبيثة، وعلى المكانة الكبرى والخاصة للأزهر الشريف في قلوب وعقول الأمة الإسلامية قاطبة، باعتباره منارة العلم ومنبر الهدى في العالم الإسلامي، وعلى قدرة مصر وشعبها في إحباط هذه المخططات وحفظ أمن الوطن وسلامته من التهديدات الإرهابية المحدقة من هنا وهناك.
وكان مؤتمر ما يسمى "رابطة علماء أهل السنة" قد اصدر بيانا ختاميا لأعماله هذا نصه:
البيان الختامي لمؤتمر علماء أهل السنة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد،
تداعى علماء الأمة من أنحاء العالم، تحت مظلة رابطة علماء أهل السنة يومي 23-24 من شوال 1436هـ الموافقَيْن لـ 8-9 أغسطس 2015م، بمدينة اسطنبول، وذلك لمناقشة أوضاع الأمة وما يجري فيها من استبداد وسفك للدماء وإزهاق للأرواح، وانتهاك للأعراض ، وانقلاب على الشرعية وأحكام جائرة، وإعدامات فاجرة، وتنكيل بالعلماء والدعاة، وحرب على الإسلام ومعتقداته وقيمه وثوابته، وارتكاب لأبشع الجرائم ضد الإنسانية التي تنافى ما جاء بالشرائع السماوية والمواثيق الدولية.
وإذ يتابع العلماء ما يجري في مصر وسوريا والعراق واليمن وليبيا وفلسطين وبورما وبنجلاديش وكشمير والعالم الإسلامي بأسره، فإنهم يثمنون رباط ومثابرة المحبوسين ظلما والمقاومين لهذه الأنظمة المستبدة، والمدافعين عن حقوقهم الشرعية، ويؤكدون على ما يلي:
أولا: أن النفس الإنسانية لها حرمتها المقدسة، والنصوص الشرعية في القرآن الكريم والسنة النبوية قاطعة بهذا، حتى جعل القرآن الكريم قتل نفس واحدة بمثابة قتل الناس جميعا، قال تعالى: "مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا". [سورة المائدة: 32] .
ثانيًا: أن الإرهاب الذى تمارسه هذه الأنظمة الطاغية المستبدة ، من قمع وقتل وتشريد، كان له آثار كارثية؛ حيث أَزْهَقت الأرواح، وسفكت الدماء، وارتكبت جرائم ضد الإنسانية، وتطاولت على ثوابت الأمة ، وأفسدت في الأرض، وأشاعت زورا وبهتانا أن الأمة الإسلامية هى مصدر الإرهاب ، واعتقلت وقتلت كثيرا من علماء الأمة ، وأعلنت حربها على الإسلام عقيدة وشريعة، مما أدى إلى ظهور فكر الإلحاد، وتوسيع رقعة الغلو والتطرف ، وجعل شباب كثيرين يتجهون إلى هذين الاتجاهين، ويُحمِّل العلماءُ الأنظمة الإنقلابية وكل من عاونها مسئوليةَ هذه الانتهاكاتِ جميعًا.
ثالثا: أن أحكام الإعدامات "المسيَّسة" التي يُلوِّح بتنفيذها نظامُ الانقلابِ في مصر ضد الأبرياء من أبناء الأمة، وعلى رأسهم الرئيس الشرعي أ.د. محمد مرسي الذي أعلن أمام العالم أنه تعرض لخمس محاولات اغتيال داخل السجن .. هي نذير شؤم إذا تم تنفيذها فستكون لها عواقبها الوخيمة، محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، ويرى العلماء أن الوقوف ضد تنفيذها هو واجبٌ شرعيٌّ وإنساني وحقوقي؛ منعًا للفتنة، وحقنًا للدماء، والله تعالى قال: "وَاتَّقُوا فِتْنَة لَا تُصِيبَن الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّة وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه شَدِيد الْعِقَاب" [سورة الأنفال: 25].
رابعًا: أن الانقلاب في مصر وما شابهه من انقلابات فاقدة الشرعية ويترتب عليه فقدانها الشرعية وعدم شرعية ما يصدر عنها من قرارات وأحكام وأنه ليس على الشعوب سمع ولا طاعة لها وانه يجب على الأمة السعي الى تغييرها وشكل المؤتمر لجنة تبحث ألية التغيير ، ويحذر المؤتمر المجتمع الدولي من مغبة الصمت عن هذه الجرائم ويعتبره شريكا فيها .
خامسا : يرى العلماء أن الدفاع عن الدين والنفس والحرم والمال واجب شرعي جماعي وأن منع الظلم ودفعه ورفعه مما اتفقت عليه الشرائع، وتواضعت عليه البشرية، فالله تعالى حرم الظلم على نفسه، وجعله بين العباد محرمًا، وأباح للمظلومين الانتصار؛ إذ قال سبحانه: "وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ. إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ". [سورة الشورى: 41-42].
سادسًا: أن العمليات غير المنضبطة بالشرع كالتي يقوم بها تنظيم الدولة ونحوه كتفجير المساجد وقتل الأبرياء هي مخالفة للشرع وليست داخلة في الجهاد الشرعي ونحذر الشباب من الانضمام اليها .
سابعا: أن ما تتعرض له الأمة الإسلامية من أخطار تغول المشروع الصفوي الإيراني يوجب على الأمة عامة، والعلماء في أقطارهم خاصة، الاعتصام بحبل الله المتين والوقوف صفًّا واحدًا أمام مشروعات تفتيت الأمة الإسلامية وتغيير عقيدتها، وذلك بتحصين أهل السنة وتوعيتهم تجاه معتقدات هذا المشروع.
ثامنا: يؤكد العلماء أن القدس والمسجد الأقصى المبارك سيبقيان قضية المسلمين المركزية مهما حاول الطغاةُ والمستبدون إشغالَ الشعوب عنها بقمع الأحرار وقتلهم وسجنهم .. كما نؤكد على ما جاء في "نداء الأقصى" من تبني العلماء كفالةَ ألف مرابط في المسجد الأقصى، وندعو علماء الأمة وأصحاب الرأي والقرار واليسار فيها إلى بذل أموالهم وإمكاناتهم لتغطية هذه الكفالات وتوسيعها وزيادتها؛ دفاعًا عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونصرةً لله ورسوله.
تاسعا : يؤكد العلماء على ما جاء في نداء الكنانة ( 1 ، 2 ) من قرارات وأحكام .
وأخيرا: فإننا نؤكد أن علماء الأمة سيواصلون جهادهم الشرعي في توعية الأمة وحفظ هويتها، والوقوف ضد ما يهددها من أخطار، والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".