التوحيد والجهاد" ودلالات مبايعة "البغدادي" والبراء من "المقدسي"
الأحد 27/يوليو/2014 - 03:34 م
طباعة
أبو قتادة وأبو محمد المقدسي
في تطور جديد، ربما يعزز من نفوذ تنظيم "الدولة الإسلامية" تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"- داعش- سابقاً، والذي أعلن الخلافة الإسلامية منذ نحو شهرين، بايع تنظيم "التوحيد والجهاد" في الأردن أمير تنظيم "الدولة الإسلامية" أبو بكر البغدادي، واستهجن قيادات تنظيم "التوحيد والجهاد" موقف منظري التيار السلفي الجهادي أبو محمد المقدسي وأبو قتادة من إعلان تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال بيان لجماعة "التوحيد والجهاد" يحمل توقيع "أبناء دعوة التوحيد والجهاد في الأردن"، ونشر على مواقع تابعة لهم: "إنه صار واضحا للعيان وليس يحتاج إلى برهان أن الدولة الإسلامية أعزها الله هي اليوم قلعة الإسلام وحصن التوحيد وجندها هم رأس حربة المسلمين".
الجديد أن البيان مساء أمس (الأربعاء) تبرأ من بيانات أبو محمد المقدسي وأبو قتادة، فيما يتعلق بما أصدروه في حق الدولة الإسلامية، معتبرين إياها باطلة شرعا وواقعا، ولا تمثلنا ولا ترضينا، وكل من وافق عليها وصرّح بتأييدها فهو لا يمثّلنا ونبرأ إلى الله من فعله.
ولم يكن غريباً إصدار جماعة "التوحيد والجهاد" بيان مبايعة أبو بكر البغدادي، حيث تعتبر جماعة "التوحيد والجهاد" المنشئ الأول للبغدادي، إلى أن تطور بعد ذلك ليصبح تنظيم الدولة الإسلامية بعد إسقاط تنظيم "داعش"- الدولة الإسلامية في الشام والعراق.
جماعة التوحيد والجهاد
وتعتبر جماعة "التوحيد والجهاد" إحدى الجماعات المسلحة، التي أدرجتها الولايات المتحدة الأمريكية جماعة إرهابية في العراق، تأسست على يد أبي مصعب الزرقاوي، الذي بايع أسامة بن لادن، واتحد معه، حيث أصبح اسمها في ذلك وقتذاك، تنظيم "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين"، وتحالف التنظيم مع سبعة جماعات مسلحة عراقية أخرى مكوناً تشكيلاً جديداً سمي "مجلس شورى المجاهدين في العراق"، وتم اختيار عبد الله رشيد البغدادي- أبو بكر البغدادي- أميراً للجماعة، حيث تصدر كافة بيانات وأشرطة هذه الجماعات، حيث توسع وقتها البغدادي في العمليات.
المرتكزات الفكرية لـ"التوحيد والجهاد"
- تكفير عموم الشيعة، والدعوة لإبادة الشيعة في العراق بصفتهم المتحالف مع الغزاة الأمريكيين.
- الاعتماد الأساسي على مبدأ "الحاكمية"، سلاح الجماعات المسلحة في تكفير المجتمع، بعد الكفر بالدساتير والنظم والمؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية في العالم الإسلامي باعتبارها لا تلتزم بالتوحيد.
- الكفر بالديمقراطية والمجالس النيابية، ونزع الشرعية عن الحكومات، واعتماد تقسيم المجتمعات والمؤسسات إلى دار الإسلام أو دار الكفر لتسويغ الأحكام والفتاوى، والتمايز عن الحركات الإسلامية الأخرى من خلال مفهوم الطائفة المنصورة، واعتبار الجهاد العمود الفقري لأيديولوجيا التيار وعمله.
- الاعتقاد في جاهلية المجتمع.
- تقسيم المجتمع إلى دار الإسلام ودار الكفر.
- الولاء للإسلام والمسلمين والبراء من الشرك والمشركين.
- الاعتماد على العمليات الانتحارية فيما يعتبرونه "جهاد".
- الاعتماد على تصنيف الأعداء إلى عدو بعيد وآخر قريب.
- الحكم بكفر كل من لم يحكم بما أنزل الله.
انتقادات المقدسي لـ"الدولة الإسلامية"
كان المرجع الروحي للتيارات السلفية الجهادية في الأردن والعالم، عصام البرقاوي المعروف بـ"أبو محمد المقدسي" انتقد منذ البداية تصرفات تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"- داعش- وحمله مسئولية دماء المسلمين التي تراق في كل من سوريا والعراق.
كما هاجم المقدسي، إعلان تنظيم الدولة الإسلامية معتبرا أن قيام "دولة الخلافة الإسلامية سيتسبب في مزيد من "سفك الدماء المحرمة"، وقال في بيان له في أول موقف معلن له عقب إطلاق سراحه من السجون الأردنية منتصف يونيو الماضي بعد إتمام مدة محكوميته: إن "إعلان داعش الخلافة يهدد بسفك الدماء وفلق هامات المسلمين بالرصاص، وإننا لا نثق بعقلية الممسكين بسلاح هذا التنظيم".
وقال المقدسي، في بيانه تحت عنوان (هذا بعض ما عندي وليس كله): إننا نتمنى رجوع الخلافة وكسر حدود رايات التوحيد، وتنكيس رايات التنديد، ولا يكره ذلك إلا منافق، وإن ما يدعو إلى التساؤل هو ماذا سيرتب القوم على هذا الإعلان، والمسمى الذي طوروه من تنظيم إلى دولة عراق، ثم إلى دولة عراق وشام، ثم إلى خلافة عامة.
وتمحور بيان المقدسي حول عدة بنود، قال إنه وقعت عليه ضغوط معنوية للتراجع عنه إلا أنه أصر على إصداره لبيان الحق، معتبراً أعضاء تنظيم الدولة في العراق روافض ومرتدين.
بيان مُبايعة (التوحيد والجهاد) لتنظيم الدولة الإسلامية
وانتقدت الجماعة في بيان لها عممته الأربعاء 23 يوليو موقف منظري التيار السلفي الجهادي أبو محمد المقدسي وأبو قتادة من إعلان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، إقامة الخلافة الإسلامية وتنصيب زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين.
وقال السلفيون في بيان حمل توقيع "أبناء دعوة التوحيد والجهاد في الأردن"، ونشر على مواقع جهادية، "إنه صار واضحا للعيان ولا يحتاج إلى برهان أن الدولة الإسلامية أعزها الله هي اليوم قلعة الإسلام وحصن التوحيد وجندها هم رأس حربة المسلمين".
وأعلنوا "تبرأهم من بيانات المقدسي وأبي قتادة وما أصدروه في حق الدولة الإسلامية"، قائلين إنها "باطلة شرعا وواقعا، وعلى ذلك فهي لا تمثلنا ولا نرتضيها، وكل من وافق عليها وصرّح بتأييدها فإنه لا يمثّلنا ونبرأ إلى الله من فعله".
وأكدوا أن هذا البيان "يمثل الطائفة الأوسع من أبناء دعوة التوحيد والجهاد" أو ما يعرف بـ"التيار السلفي الجهادي" في الأردن ويتبناه الفئة الأكبر من أعيانهم وطلبة العلم وأصحاب السابقة في ساحات الجهاد من أبناء هذه الدعوة المباركة، على حد قولهم.
وأشار البيان إلى أن القيادي في التيار أبا محمد الطحاوي، "بارك فتوحات العراق التي أسماها بـ(قادسية البغدادي)، ودعم إعلان الخلافة وبيعة الخليفة أبي بكر"، منوهين إلى أن موقف الطحاوي "يعبر عن التوجه الأصيل لأبناء دعوة التوحيد والجهاد".
من كل ذلك، يبدو أن موقف السلفية الجهادية في الأردن باتت مضطربة بشدة، بفضل إعلان "أبو بكر البغدادي" إعلان الخلافة، ففي الوقت الذي اعترضت فيه قيادات كبيرة في تنظيم الجهاد على إعلان البغدادي "الخلافة الإسلامية"، أعلنت جماعات أخرى لها ثقلها الجهادي تأييدها لتلك الخطوة.
فمن الممكن القول إن إعلان "الخلافة الإسلامية الوليدة" لاقت أصوات رفض وعداء من قيادات لها ثقل تاريخي وشرعي في الساحة الجهادية، أبرزها موقف الأب الروحي للسلفية الجهادية الأردني المقدسي والذي شن هجوما قاسيا على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، محذرا من "سفك الدم الحرام" بعد إعلان التنظيم قيام "الخلافة" بالمناطق الخاضعة لسيطرته.
ومع ذلك من المرجح أن تلتحق عدد من التنظيمات والجماعات الجهادية بـــ"الخلافة الإسلامية الوليدة" في الأيام المقبلة، خاصة في ظل ما تحققه داعش من توسيع رقعة نفوذها في العراق تغري بعض الكيانات الجهادية الإرهابية بالالتحاق بها، كما حدث مع القاعدة في أعقاب هجمات نيروبي ودار السلام في العام 1998، حين ألهمت عددا من الجماعات المحلية بالانخراط في مشروعها بينها الجماعة الإسلامية المصرية وتنظيم الجهاد المصري والجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية.
ومن خلال المشهد الراهن يرجح أن يلتحق عدد من قواعد وأفراد جبهة النصرة السورية بداعش، وهو ما حدث فعلا من مجموعات قليلة سابقا؛ مما سيؤدي إلى إضعاف "النصرة"، كما يرجح أن تلتحق المجاميع الجهادية المحلية الصغيرة في المحافظات السورية وبعض الحركات الإسلامية في العراق، أما على مستوى التنظيم أو الأفراد، كما يتوقع أن تعلن جماعة "أنصار بيت المقدس المصرية" الناشطة في سيناء مبايعتها لداعش في الأيام القادمة.
في المغرب العربي المشهد يبدو أوضح فزخم داعش كبير جدا بين أنصار التيار الجهادي وقادته، خاصة وأن التنظيم يعتمد على المقاتلين التونسيين بشكل أساسي في سوريا وبنسبة أقل في العراق، فمن المرجح أن تبايع تنظيمات أنصار الشريعة في تونس وليبيا الدولة الإسلامية قريبا.
وفي إفريقيا جنوب الصحراء، فيتوقع أن يعلن عدد من قادة الحركة الجهادية الموريتانية الالتحاق بداعش ومبايعة البغدادي خليفة للمسلمين، ويمكن أن تسري عدى المبايعة نحو بقية تنظيمات الجهاد في مالي وإقليم الأزواد كحركة أنصار الدين، ويرجح مراقبون أن تعلن حركة شباب المجاهدين الصومالية موقفها النهائي من "الخليفة الجديد" في الأيام القليلة القادمة والآمر ذاته بالنسبة لجماعة "بوكو حرام" النيجرية، وإذا ما وقع ذلك فعلا فإن القارة الإفريقية بشمالها وصحرائها و"قرنها" الملتهب ستصبح الساحة الساخنة لنشاط الدولة الإسلامية في المستقبل.