في المؤتمر الدولي.. المسلمون ضحايا للإرهاب أكثر من الاقليات والأردن نموذج في استقبال اللاجئين
الأربعاء 09/سبتمبر/2015 - 02:53 م
طباعة

كما هو متوقع تحول مؤتمر "ضحايا الملاحقة بسبب العرق والدين في الشرق الأوسط" الذي انعقد أمس الثلاثاء 8 سبتمبر برعاية فرنسية أردنية مشتركة إلى مكلمة كبري رثت بشكل كبير حال الاقليات في الشرق واللاجئين في أوروبا ولكن لم يتغير في الواقع شيئا وكان ممثلون عن ستين دولة قد التقوا في العاصمة الفرنسية، في إطار مؤتمر افتتح أعماله الرئيس الفرنسي فرانسو هولاند، خصص لحماية المكونات الدينية والعرقية وضحايا الإرهاب والعنف
وناقش المؤتمر الذي انعقد بمشاركة أكثر من مائة شخصية دولية من وزراء خارجية، وشخصيات دينية، مسيحية وإسلامية، وبرلمانين وإعلاميين من دول الشرق الأوسط والعالم، أهمية تعزيز التسامح والتنوع في منطقة الشرق الأوسط، وحماية السكان الذين تتعرض سلامتهم وهويتهم للخطر وتوفير المساعدة لهم.
وترأس الوفد الأردني كشريك أساسي في تنظيم المؤتمر وأكبربلد عربي استقبل اللاجئين العراقيين والسوريين وزير الخارجية ناصر جودة، وشارك به بطريرك القدس للاتين فؤاد الطوال، والأب رفعت بدر والأب نبيل حداد والنائب بسام البطوش والشيخ حمدي مراد والدكتور وائل عربيات.
ضحايا الإرهاب

وأكد جوده رفض الأردن الكامل والقاطع لجميع أشكال الاستهداف لأي مكونٍ في منطقتنا على أساس عرقي أو ديني، مشيراً إلى أن أكثر ضحايا هذا الإرهاب هم من المسلمين، وهو يسعى لتفتيت المجتمعات، ويجد بيئته الحاضنة في الخراب والتهجير والترويع والقتل. كما أكد أن الأردن يقوم بواجبه كاملاً، في المجابهة الشاملة للإرهاب والتطرف، وبواجبه الإنساني، بتحمل أعباء استضافة وتأمين الملايين من اللاجئين المهجّرين، من شتى العروق والأديان".
واقتبس جودة من خطاب الملك عبدالله الثاني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأنه "لا بدّ من توجه عالمي آخر، وهو التأكيد الحاسم على الاحترام المتبادل بين أتباع الدين الواحد وبين الأديان والشعوب على اختلافها، إن تعاليم الإسلام الحنيف واضحة بهذا الشأن، فالإسلام يرفض الصراع الطائفي بالمطلق، ويحرم العنف ضد المسيحيين والطوائف الأخرى من مكونات المجتمعات في البلدان المختلفة"، كما أن "المسيحيين العرب جزء لا يتجزأ من ماضي منطقتنا وحاضرها ومستقبلها".
وقال: "لقد بادرت القيادة الهاشمية، منذ وقت مبكر، لتقديم ورعاية المبادرات السامية النوعية والواعية إلى تركيبة المنطقة وخطورة التحديات التي تواجهها، انطلاقا من "رسالة عمّان"، مروراً إلى "كلمة سواء"، إلى "أسبوع الوئام العالمي بين الاديان"، وبهذا نحن نترجم الأقوال إلى أفعال. إضافة إلى مبادرة ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله بعقد "المؤتمر الدولي للشباب "السلام والأمن"، وقد تمخض عنه "إعلان عمّان للشباب" الذي يقدم خارطة طريق نحو إطار أفضل للسياسات من أجل دعم دور الشباب وتمكينهم من التعامل مع الصراعات، ومنع العنف والتصدي له".
وتابع: "في الوقت الذي تبحث فيه الدول الأوروبية والمنظمات الدولية عن سبل معالجة أزمة اللجوء الإنساني من منطقتنا، وبالأخص من سوريا، والتي وصلت تداعياتها إلى شواطئ أوروبا وعواصمها، لتثقل ضمير الإنسانية بنتائج المأساة التي يعانيها ضحايا التطرف، والعنف، والنزاعات المستعرة في منطقتنا، لا بدّ من الإشارة إلى أن بلدي، الأردن، هو من أكثر الدول التي تحمّلت، ولا تزال، أعباء المأساة الإنسانية الناجمة عن الأزمة السورية التي دخلت عامها الخامس، وقد تحملت وتتحمل هذا العبء ولسنوات ايمانا مطلق بمبادئنا وديننا وقناعاتنا."
وأضاف "أنه وفي الوقت الذي يتمسّك فيه الأردن بموقفه، إزاء حصريّة الحل السياسي للأزمة السورية، وأولوية دعم العملية السياسية لتحقيق الاستقرار في العراق، ونزع أي غطاء مفترض عن جماعات العنف والإرهاب؛ فإن استمرار غيابِ الحل الشامل والعادل عن القضية الفلسطينية، بوصفها القضية المركزية، هو ما يزيد من مشاعر الإحباط وفقدان الثقة بالشرعية الدولي"ة.
وأشار جودة إلى أن الأردنيين قدموا على مرّ التاريخ صورة مشرقة جديرة بالقراءة والتعميم، بأن تكون نموذجاً حياً للعلاقة بين المكونات الوطنية، واعتبار التنوع المذهبي والعرقي عامل قوة ومصدر ثراء للمجتمع والدولة. وقال: "لقد تجاوز الأردنيون مفردة "التعايش" بين المكونات الداخلية، كما لا يوجد في قاموسنا كلمة مثل "أقليات"، إلى واقع يتجسد فيه التآخي بأبهى صوره، وتقوم فيه العلاقات على أساس من الوحدة الثقافية وقيم المواطنة، والاعتزاز بالتنوع، وصون الخصوصيات في إطار الهوية الوطنية الجامعة. لقد قام الأردنيون؛ المسيحيون والدروز والشركس والأكراد والشيشان وغيرُهم، وبوصفهم مواطنين أردنيين، وجزءاً أصيلاً من الذات الوطنية، بأدوار تاريخية مهمة ومشهودة، في خدمة الأردن، وبناء نهضته والدفاع عن منجزاته، وفي مسيرة التنوير والوعي والانفتاح، ونظرة إلى تركيبة الوفد الأردني المشارك اليوم تؤكد هذا الذي أشرت إليه".
الأردن يتحمل

أشار البطريرك الطوال، بطريرك القدس للاتين، إلى أن الكنيسة الكاثوليكية في الأردن كانت في طليعة من قدّم المساعدة للمهجّرين العراقيين، مؤكداً أن "المطلوب هو إحلال السلام"، والانتقال من "الكلام إلى الأفعال"،
وقال البطريرك الطوال في مستهل كلمته: "لقد انتهى وقت الكلام، وحان وقت الأفعال. فقد أصبحت منطقة الشرق الأوسط ممزقة بالحروب، وطغى عليها سيل من العنف لم يسبق له مثيل، وهي بالتالي تشهد أسوأ الأزمات في تاريخها. وفي خضم هذا المشهد المأساوي، لا يمكن لأحد أن يقف متفرجاً غير مبال".
وتابع "على مسئولي الحروب تحمّل الآثار الناجمة، ومنها تدفق اللاجئين من العراق وسوريا. فالأردن، يستضيف نحو 740 ألف لاجئ سوري، و8 آلاف مهجّر عراقي. وقد أصبحت ظروف حياتهم مثار قلق، فهم بحاجة إلى عمل خلال فترة مكوثهم، كما يحتاج أطفالهم إلى التعليم"، مشيراً إلى أن "الكنيسة الكاثوليكية في الأردن كانت في طليعة من قدّم المساعدة للمهجّرين العراقيين. لكنها في الوقت عينه لا تستطيع أن تفعل أكثر، فهي متعبة، وجمعية الكاريتاس أيضاً متعبة، كما تعب اللاجئون وسط مستقبل قاتم".
ولفت بطريرك القدس للاتين إلى أن "أهمية المؤتمر لا تتم من دون الشعور باللاجئين الذين تدفقوا نحو شواطئ أوروبا، وقد دفعهم إلى ذلك الشعور باليأس، والبحث عن المساعدة والحياة، والهرب من الموت في العراق وسوريا، بالتالي، علينا ألا نتظاهر بأنهم سيعودون إلى ديارهم من دون إحلال السلام هناك. نتيجة لهذا، فالمطلوب شيء واحد، وهو إحلال السلام في العراق وسوريا"، و"الحاجة الماسّة لحلّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مصدر التوتر الأول في المنطقة".
وتابع "لقد حان وقت وقف تجارة وبيع الأسلحة إلى هذه البلدان، حتى إلى من يطلق عليهم اسم المتمردين المعتدلين، الذين لا وجود لهم. فهل هنالك ما يسمّى قنابل معتدلة؟". مؤكداً أنه في حالة الحرب "لا يوجد فعل أو ردة فعل معتدلة". وخلص البطريرك الطوال إلى القول: "إن منطقة الشرق الأوسط تحتاج إلى السلام، وكذلك يحتاج شعبها ومكوناتها إلى السلام، كما تحتاج أوروبا إلى ذلك".
500 الف لاجئ

وفي سياق متصل حض رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر الاتحاد الأوروبي على القيام بأعمال "جريئة وحازمة" لمواجهة اسوأ أزمة هجرة في أوروبا منذ 1945
وأقر يونكر بأن "الأرقام هائلة" مذكرا بأن حوالي 500 الف لاجئ وصلوا إلى الاتحاد الأوروبي منذ مطلع السنة "لكن الوقت ليس مناسبا للهلع" وإنما "يجب القيام بأعمال جريئة وحازمة للاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء ومؤسساته".