إطلالة على العدد 289 من مجلة "البوابة"
الإثنين 21/سبتمبر/2015 - 02:42 م
طباعة
صدر اليوم الاثنين 21 سبتمبر 2015م العدد 289 من مجلة "البوابة" التي حمل عنوانها الرئيسي "البيت الحرام التاريخ السياسي للحج"، والتي تصدر عن مؤسسة المركز العربي للصحافة ويرأس تحريرها الدكتور عبد الرحيم علي، ويرأس التحرير التنفيذي الدكتور محمد الباز.!
ورصد د.عبد الرحيم علي رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير في مقاله الافتتاحي الذي جاء بعنوان: "حكومة جديدة.. وتحديات كبيرة" التغيير الوزاري الأخير قائلا: "تمر مصر بمرحلة خطيرة من تاريخها المجيد، مرحلة كتب علينا فيها أن نواجه كل معارك الشر في توقيت واحد. الإرهاب مدعومًا بخطط دولية لتقسيم بلادنا وتفتيت قوتنا. والفساد مدعومًا بحلف معدومي الضمائر وبائعي الأوطان وسارقي قوت الشعب، وفريقًا من أبناء جلدتنا، يتآمر علينا، مستخدما المال الحرام؛ من أجل شراء أغلبية برلمانية، يستخدمها فيما بعد في تفتيت البلاد وتقزيم دورها، معارك مصيرية حاسمة تخوضها مصر دفاعًا عن حاضر ومستقبل أبنائها، وفي هذه الأجواء يأتي الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق، التي صاغها المصريون وتوافقوا عليها بعد ثورة 30 يونيو، ألا وهو «الانتخابات البرلمانية»، التي انطلقت مراحلها التحضيرية منذ أيام، هكذا توجب على الحكومة الجديدة التي يقودها المهندس شريف إسماعيل، ومعها المصريون جميعًا أن يخوضوا، في توقيت واحد، معركة «حق الشهيد» ضد الإرهاب جنبًا إلى جنب، معركة حق الفقير في مواجهة الفساد، جنبًا إلى جنب معركة «حق الوطن» في بناء دولة المؤسسات.. دولة الديمقراطية والحرية والعدل والمساواة وكما وقفت حكومة المهندس إبراهيم محلب بقوة ضد مؤامرات وسيناريوهات الجماعات والأحزاب المتسترة بالشعارات الدينية، والساعية لاختطاف الوطن وإعادة التمكين لـدولة المرشد".
وتابع: "مطلوب من حكومة شريف إسماعيل أن تقف بكل صلابة ضد مؤامرات وسيناريوهات بعض رجال الأعمال الساعين لاختطاف مصر عبر السيطرة على الأغلبية في البرلمان القادم؛ لأن مصر في مفترق طرق، ولا ينبغى لوطني مخلص، خاصة لو كان عضوًا في تلك الحكومة، أن يتقاعس عن القيام بدوره، كل في موقعه حماية لمصر ودفعًا للصائل عن أهلها ولقد كنت، وما زلت، على يقين لا يطوله الشك بوصولنا إلى مستقبل أفضل، ولا يغادرني التفاؤل بقدرة مصر على تجاوز أزماتها والتحديات التي تواجهها، ولا شك أن الأخطر من هذه التحديات- والذي يواجه بالطبع الحكومة الجديدة- يتمثل في مثلث من التحديات متكامل الأضلاع: الإرهاب والفساد واستخدام المال الحرام في السياسة".
وأشار إلى أن الإرهاب، يولد فكرًا، ثم يتحول إلى سلوك عدوانى دموي، والكارثة تبدأ دائمًا من الخلط المتعمد بين الدين والسياسة؛ لذا فإن مواجهة الأحزاب الدينية أصبحت واجبًا مقدسًا، ليس لأسباب تتعلق بالحفاظ على العقيدة الإسلامية الصحيحة فحسب، بل أيضًا لأن وجود مثل هذه القوى- المخالفة لما ينص عليه الدستور المصري- يعني تغذية التنظيمات الإرهابية بمزيد من العناصر البشرية المخدوعة المضللة، ما يتيح لها أن تسفك المزيد من دماء الأبرياء والفساد- بدوره- لا يقل أهمية عن الإرهاب وقدرة على التدمير، وقد برهنت الأحداث الأخيرة على أن تركة الفساد الثقيلة تحتاج نضالًا لا يتوقف، ومقاومة لا تكل، وصراعًا طويلًا يعي، من خلاله، الفاسدون أن بقاءهم مستحيل في ظل إرادة سياسية جادة في الانتصار لقيم الشرف والنزاهة وقدسية المال العام.
وفي مقاله الذي جاء تحت عنوان" الحج السياسي" قال الدكتور محمد الباز رئيس التحرير التنفيذي: "يخرج عباد الله الطيبون من كل فج عميق قاصدين بيت الله الحرام، ليس في قلوبهم إلا قصد وجه الله الكريم، يطوفون حول البيت العتيق، ويسعون بين الصفا والمروة، ويقفون على جبل عرفات، ويرجمون إبليس اللعين مودعين في جمراتهم كل غضبهم من تآمره الأكبر عليهم، يدعون الله راجين عفوه ومغفرته، طامعين في أن يعودوا من الأراضي المقدسة كيوم ولدتهم أمهاتهم لا لهم ولا عليهم، فهم خلصاء الله الذي أزال عنهم الذنوب ولا يفكر عباد الله الطيبون في شيء أكثر من هذا، قد تراودهم الدنيا فيأتون ببعض الهدايا البسيطة، طالبين بها رضا من حولهم، وبعد أن يعودوا وتستقر بهم حياتهم، يطعمون في أن يعودوا مرة أخرى، فأشواقهم تقودهم إلى أرض الرحمات التي لا تنقطع".
وتساءل: لكن هل هذا هو الحج كله؟ ليجيب قائلا: "إنها الشعيرة الأعظم في الإسلام.. ليس لأنها الأهم، ففي الصلاة كل العبادات، وفي الصوم الإخلاص كله لله، وفي الزكاة كل معانى الإيثار للآخرين، وفي الشهادة توحيد مطلق وتسليم لله.. وهي كلها شعائر عظيمة، لكن يظل الحج هو الأعظم، لأن أثره يتجاوز إيمان الفرد بما يعتقد أنه صحيح، ويتجاوز أيضًا علاقة المسلم بربه، التي هي علاقة خاصة جدًا، ليتم من خلاله الإعلان عن قوة الإسلام وسطوته وتحديه للعالم كله ولا تجد ديانة أخرى يجتمع لها في مكان واحد كل هذه الملايين، في مؤتمر عالمي كل عام، لا يتم إلغاؤه مهما كانت الأسباب، بل إن الخلافات السياسية تتوارى في ثيابه، فكم من دولة اختلفت سياسيًا مع النظام السعودي، حارس الحرمين وخادمهما، لكننا لم نجد أبدًا دولة منعت مواطنيها من الذهاب إلى الأراضي المقدسة، لقناعة الجميع بأن البيت بيت الله، لا يستطيع أحد أن يمنع أحدًا عنه، وإذا كانت هناك سلطة للدولة السعودية، فهي سلطة تنظيم وليست سلطة ملكية على الإطلاق.
وأشار إلى أن الفقهاء المفكرون انتبهوا إلى ما في الحج من سمات سياسية، ومن بين ما استقروا عليه، وهو ما جمعته من سطور كثيرين ما يلى:
أولًا: الحج من الناحية السياسية هو مؤتمر اجتماع وتعارف وتنسيق وتعاون بين المسلمين، وتتجلى الفائدة السياسية عندما يتحول الأمر إلى واقع عملي منظم في عدد من الصور، ففي الحج، الذي هو مؤتمر إسلامي بكل المعاني، تتجمع قيادات المسلمين في العالم الإسلامي ومن مناطق الأقليات الإسلامية، يجتمعون تحت رعاية الجهات الرسمية والمؤسسات الشرعية العامة.
ثانيًا: تتجلى السياسة في الحج أيضًا في مخاطبة كافة المسلمين ممن يحضرون الحج، وحتى من لا يحضرونه بما ينقل لهم عن طريق الأشخاص، ليعلموه ويبلغوا من وراءهم، أو بما يستجد من وسائل حديثة من النقل المباشر وغير المباشر للحج، وما يعلن فيه من بيان للقضايا التي تهم الأمة كلها.
ثالثًا: تأتي خطبة عرفة وما تتضمنه من معان وكأنها بيان للأمة كلها، وهي في ذاتها خطبة سياسية أكثر منها خطبة دينية، يعلن من يلقيها عن تماسك الأمة في مواجهة الأخطار التي تحيط بها، ورغم أنها لا تتجدد كثيرًا كل عام، إلا أنها تظل رسالة واضحة للعالم كله، وليس للمسلمين فقط، بأن الكيان الذي يجتمع حوله المسلمون في كل مكان أقوى وأعظم من أن يتحداه أحد.
رابعًا: يتعاظم شأن السياسة كذلك في الحج من خلال تحديد حرمة المكان وبيان عمقه الاستراتيجي الذي يشرع لمن يدين بالدين أن تطأ قدماه المدينة المحرمة المقدسة، فيأتي المسلم إلى البيت الحرام بشعور الانتماء للأمة الإسلامية، كما لو كان البيت بيته، بينما تتمنع قداستها وحرمتها عن قبول من لا يدين بدين أهلها، ولا ينتمي لولائها الديني زمانًا ومكانًا وأمة، أن يطأها بقدميه دون أن يؤمن بقدسيتها وحرمتها.
وأشار إلى أن هذا كلام رغم أهميته إلا أنه يظل إنشائيًّا تمامًا، يستخدم كلمة السياسة فقط، لكن دون الغوص في عمق السياسة وتبعاتها، ودون أن ينظر إلى الوجه الشرير في الأمر وهو الأهم والأخطر هنا فإذا أردت أن تتحدث عن الجانب السياسي في الحج، فلا يمكن أن تبتعد عن منطق الصراع الذي تلعب على أطرافه السياسة، فالصراع هو جوهر كل شيء، وبدون صراع لا يمكن أن تستقيم الحياة أبدًا ومن يسيطر على تنظيم الحج منذ ظهوره كفرض طالب به الله عز وجل إبراهيم الخليل هو من يملك قوة روحية تجعل المسلمين جميعًا يدينون له إن لم يكن بالولاء، فعلى الأقل بمحبة تستند إلى أنهم يخدمون بيت الله الحرام، وقد يكون هذا سببًا في محبة المسلمين لمن يحكمون السعودية الآن ويمكن أن تجد حالة من التزيد التي تعكس نوعًا من التطرف والتعصب، فهناك من يرى أن البيت الحرام لا بد أن يكون تحت يد نظام سني، في إشارة إلى استبعاد الشيعة تمامًا عن الأمر، وفي إشارة أخرى إلى قصر الأمر على العائلة السعودية، وهي إشارة مبطنة بالطبع، لكن هذا لا يمنع أن العائلة السعودية، التي تستمد كثيرًا من شرعيتها وقوتها من رعايتها للحجاج، تعمل بإخلاص وتفان من أجل إخراج المؤتمر السنوي للحج على أكمل وجه.
وتابع: ستكون حسن النية تمامًا، وتقول: إن الحج يعكس قوة المسلمين وتماسكهم، لكن ما رأيك إذا استخدمت العقل قليلًا، وأبديت قليلًا من التأمل، وفي الحج جرت اجتماعات عديدة استطاع فيها الحجاج الإيرانيون أن يستقطبوا عددًا كبيرًا من المسلمين في أنحاء العالم إلى المذهب الشيعي، ولم يكن هذا الاستقطاب بالأفكار فقط، ولكن كان بالمال أيضًا، وهنا في مصر عاد حجاج كثيرون وهم يحملون معهم المذهب الشيعي، ومعه الكثير من المال، وكأني بالحجاج الإيرانيين يتعاملون مع الحج على أنه مناسبة سياسية لنشر مذهبهم، وليس لأداء الفريضة فقط وستقول إنه من حقهم أن يفعلوا ما يشاءون، فطالما أنهم يعرضون فكرة دون أن يفرضوا مذهبهم على الناس بالقوة، فلا ضرر ولا ضرار، وهو كلام مقبول على المستوى النظري؛ لأنهم واقعيًا يتربصون بموسم الحج كل عام، ولا ينسى أحد حالات الشغب الكثيرة التي وقف وراءها الحجاج الشيعة، وهو ما استدعى تدخلًا بالقوة، فقد عمد الإيرانيون في أكثر من موسم إلى إفساد موسم الحجاج، لإظهار النظام السعودي عاجزًا عن حماية الحجاج".
وكشف عن أن الحج أيضًا كان ساحة لتنمو جماعة الإخوان المسلمين، ويشهد متابعو ملف الإخوان أن التنظيم الدولي للجماعة كان يحرص على عقد اجتماع سنوي في الحج، ولأن المناسبة دينية في الأساس، فلم يلتفت كثير من الدول إلى أن أعضاء وقيادات التنظيم كانوا يلتقون في اجتماعات سياسية في حرمة الحرم الشريف، وهو ما تنبهت له الأجهزة الأمنية في مصر منذ سنوات طويلة، وكانت تمنع عددًا من قيادات الجماعة من السفر إلى الحاج؛ لأنها كانت تعرف أن الرحلة ليست دينية المقصود بها وجه الله وحده، ولكنها رحلة سياسية المقصود بها وجه التنظيم الدولي دون غيره ولقد انتهكت الجماعات المتأسلمة حرمة البيت الحرام، أخفت في ساحاته خططها ومؤامراتها على جموع المسلمين، ولا أحد يدرى هل كان قيادات الجماعة يتفقون على قتل المسلمين وخراب ديارهم وتشريدهم، وهم بالقرب من الكعبة الشريفة، أم أنهم كان يخجلون من أنفسهم، ويفعلون ذلك في أماكن بعيدة عن أرض الحرم.
واختتم مقاله بقوله: "تستطيع أن تستبشع كل ما يفعله المتأسلمون من استغلال واضح للحج، يمكنك أن تستبعد أنهم يفعلون ذلك من الأساس، لكن هذا ما جرى، وما سوف يجرى؛ لأن هذه الجماعات تنطلق من أرضية أنها على الحق، وهو ما يجعلها تستبيح أي وكل شيء، بل لا يمنعها من ارتكاب الموبقات جميعا؛ لأنها تعتقد أنها تخدم دين الله، رغم أنها لا تخدم إلا نفسها، ويعرف العالم كله أن اللحظة التي يجتمع فيها المسلمون في مكان واح
وبزي واحد هي اللحظة الأقوى في حياة المسلمين، وفي حياة دينهم أيضًا، ولو كان في أيديهم لأنهوا هذه اللحظة، وهو ما لا يجب أن تستبعده أيضًا، فكل شيء جائز... ولا تستهين بما يروجون من أقاويل عن هدم الكعبة، فهناك من يعيشون على هذه الأرض ويحلمون بأن تهدم الكعبة بالفعل؛ لأنها لا تشكل رمزًا دينيًّا فقط، ولكنها أيضًا رمز سياسي، يمنح أصحابه القوة التي لا يدركون قيمتها ولا معناها، وهذه هي مصيبتهم الكبرى.
وتناولت المجلة العديد من التقارير والأخبار المهمة، منها: الجيش يواجه الإرهاب ببسالة في سيناء.. المال الحرام في البرلمان.. لا يلدغ المصري من السلفيين مرتين..