عاصفة الحوثي .. تدفع باليمن إلى المجهول.. والإخوان الخاسر الأكبر
الأربعاء 27/أغسطس/2014 - 10:27 م
طباعة
دخل اليمن دوامة التظاهرات والاعتصامات والمطالب من جديد، وذلك عقب قرارات الحكومة اليمينة برفع الأسعار، وخاصة أسعار الوقود المعروفة في اليمن بـ"الجرعة"، حيث دعت العديد من القوى السياسية والوطنية اليمنية وفي مقدمتها جماعة الحوثي إلى تظاهرات حاشدة ظاهرها مواجهة رفع الأسعار والانحياز للفقراء، وباطنها خطوةٌ نحو مزيدٍ من التمدد والتمكين.
الحوثي يصعد.. والرئيس يهدد
صعدت جماعة الحوثي مع الحكومة والرئيس عبدربه منصور هادي، فقد نصبت جماعة الحوثي اليوم خيام جديدة على المدخل الشمالي من العاصمة صنعاء في بني الحارث ونهم وبني حشيش وحتارش وارحب.
فيما أكد عبد الملك الحوثي، زعيم جماعة الحوثي في اليمن، استمراره في التصعيد حتى تنفيذ مطالب الجماعة وهي إسقاط الحكومة والتراجع عن قرار رفع أسعار المشتقات النفطية والبدء بتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
وقال عبد الملك الحوثي، في كلمة متلفزة بثتها قناة "المسيرة" الخاصة بالجماعة، إن "الأسبوع هذا هو نهاية المرحلة الثانية وستبدأ المرحلة الثالثة مع بداية الأسبوع القادم"، مضيفاً: "نتمنى أن لا نصل إلى المرحلة الثالثة" التي أكد أنها ستكون "أشد إيلاما وقلقا ونتائجها فظيعة"، ووصف زعيم جماعة التمرد الحوثي في اليمن، الحكومة الحالية بـ"الدواعش والتكفيريين" متوعدًا باجتثاثهم.
وكان الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، قد دعا جماعة الحوثيين إلى إزالة مظاهر التوتر المتمثلة في المخيمات والاعتصامات المسلحة في العاصمة صنعاء قبل البدء بأي حوار حول مطالبهم.
وجاء ذلك في رسالة بعث بها هادي إلى عبد الملك الحوثي وتضمنت "إزالة مظاهر وعوامل التوتر المتمثلة في المخيمات والتجمعات المستحدثة على مداخل العاصمة والطرق المؤدية إليها، كما تضمنت مطالب هادي استكمال تسليم محافظة عمران للدولة وخروج المسلحين من المدينة، وأيضا وقف إطلاق النار في محافظة الجوف واستلام الجيش لكل المواقع"، وبخصوص مطالب الحوثيين، قال هادي إنه يمكن من خلال الحوار مع اللجنة الرئاسية التوصل إلى كل المطالب والآليات المتفق عليها.
الحوثيون والإخوان.. صراع مع الدولة وضدها
يمثل صراع التجمع اليمني للإصلاح، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن، وجماعة الحوثي، من الإشكاليات التي تواجه الدولة الوطنية اليمنية في ظل صراع مذهبي قبائلي متشعب ومتسع قد يهدد الدولة بتأسيس دوليات مختلفة، مع تنامي قوى المليشيات المسلحة وتراجع يد الدولة في بسط نفوذ الأمن والاستقرار.
وكان انتصار الحوثيين على الإخوان في محافظة عمران التي كانت في حماية أحد أقوى الألوية العسكرية، أي اللواء 310 بقيادة العميد حميد القشيبي المحسوب على اللواء علي محسن صالح الأحمر، والمحسوب بدوره على الإخوان المسلمين هو تغير في الاستراتيجية وتوازنات القوى على الأرض لا علاقة له بالتوازنات التي كانت قائمة في الماضي.
يبدو واضحا أنّه بعد الاستيلاء على مدينة عمران قبل نحو ما يقرب من شهرين، يسعى الحوثيون حاليًا إلى قطف الثمار السياسية لإنجازهم العسكري الذي قضى على زعامة آل الأحمر، أي الزعماء التاريخيين لقبيلة حاشد القوية، فالانتصار الحوثي يعتبر الإصلاح أحد أكبر الأحزاب والقوى اليمنية .
وهناك على الأرض صراعات متبادلة تظاهرات مختلفة بين الحوثيين والاخوان، وصراعات عسكرية في عمران وغيرها من المدن اليمنية، المرحلة الماضية ادت الي تراجع جماعة الاخوان في اليمن عقب حظرها في مصر والسعودية والإمارات، وهو ما وضعها في موقف ضعف أدى إلى تراجعها على الساحة اليمنية.
ويهدف الحوثيون في المقام الأول من سلسلة التظاهرات الضخمة بصنعاء إلى إسقاط حكومة محمد سالم باسندوه، المحسوب على الشيخ حميد عبدالله الأحمر الذي يعتبر من كبار القيادات الإخوانية في اليمن، واسقاطها يعني كسر شوكة جماعة الاخوان في اليمن.
وسطات أممية
كشفت صحيفة "البيان" الإماراتية عن اتصالات يقوم بها المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر، لإيجاد تقارب بين جماعة الحوثي والرئاسة اليمنية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر وصفتها بـ"المسئولة"، أن الاتصالات التي يديرها المبعوث الدولي جمال بن عمر أسفرت عن تقارب كبير بين من وصفتهم الصحيفة بـ"المتمردين الحوثيين" والرئاسة اليمنية، بشأن تشكيل حكومة شراكة وطنية يختار الحوثيون عدداً من الوزراء فيها، وأشارت الصحيفة إلى أن الخلاف ما يزال مستمرًا حول المبلغ المقترح خفضه في أسعار المشتقات النفطية التي رفعت الشهر الماضي.
و حسب الصحيفة، أوضحت المصادر أن الحوثيين يطالبون بتجميد كامل لقرار رفع أسعار المشتقات النفطية إلى حين تشكيل حكومة جديدة وتشكيل لجنة اقتصادية تتولى دراسة الوضع الاقتصادي والفساد وتقترح حلولاً بديلة لما بات يعرف بالجرعة الاقتصادية، في حين تقترح الرئاسة اليمنية إلغاء 50 في المئة من الزيادة الجديدة على المشتقات النفطية.
وأكد المبعوث الأممي إلى صنعاء، أن الوضع في اليمن يعد الأسوأ منذ عام 2011، داعيًا إلى تمكين الدولة من ممارسة سلطاتها على كافة مناطق البلاد، لافتا إلى أن الوضع في اليمن بات مقلقًا جدًا، ولعله الأكثر إثارة للقلق منذ بداية العملية الانتقالية، محملا جميع الأطراف في اليمن مسئولية ما آلت وما ستؤول إليه الأمور، مؤكداً أنه "لا مخرج من هذه الأزمة سوى عبر حل سلمي توافقي بناءً على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني".
واقترح بنعمر، خلال مؤتمر صحفي الثلاثاء، للوصول إلى مخرج سلمي للأزمة "اتخاذ جملة خطوات منها التوقف عن أي أعمال من شأنها تهديد الأمن والاستقرار، والامتناع فوراً عن استخدام العنف كوسيلة لبلوغ أهداف سياسية".
ودعا المبعوث الأممي إلى وقف التصعيد السياسي والإعلامي ووقف حملات التحريض المذهبي والجهوي ثم الدخول في مفاوضات جدية وذات مصداقية، مطالبًا في الوقت نفسه الدولة بممارسة سلطاتها على أراضيها كافة.
حسابات التعامل
يبدو أن ليس هناك العديد من المناورات في التعامل بين الرئيس اليمني وجماعة الحوثي، في ظل استمرار الأخيرة في مواجهة الحكومة.
ويقول الكاتب اللبناني خير الله خير الله في مقال له بصحيفة "الراي" الكويتية بعنوان" الحوثيون والثمار السياسية لانتصاراتهم" : تظاهرات معادية للحوثيين بعدما صار محظورا عليه الوجود العلني في صنعاء، لا ينوي الحوثيون احتلال صنعاء التي لديهم وجود كبير داخلها، لكنّهم عملوا في الأسابع القليلة الماضية على تنظيم سلسلة من التظاهرات الضخمة من أجل اسقاط حكومة محمد سالم باسندوة المحسوب على الشيخ حميد عبدالله الأحمر الذي يعتبر من كبار القيادات الإخوانية في اليمن.
واضاف خيرالله :"هدف الحوثيين الدخول في الحكومة اليمنية واثبات أنّهم (أي ايران) صاروا جزءا لا يتجزّأ من تركيبة السلطة في اليمن، أيا يكن شكل هذه التركيبة من جهة وعلى كلّ مستوياتها من جهة أخرى".
والحل الثاني، هو اللجوء إلى القوة وهو الاحتمال غير المتوقع اللجوء له لأنه يفتح باب الحرب الأهلية على مصراعيها في ظل حالة الصراع السياسي الذي تشهده البلاد منذ 2011، بالإضافة إلى تردي الوضع الأمني وانتشار القاعدة بعددٍ من المحافظات اليمنية وخاصة في حضر موت.
ويري المحللون أن الأزمة اليمنية سوف تخرج عبر الحوار بمشاركة المجتمع الدولي لفرض عقوبات على جماعة الحوثي، بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة باليمن.
المشهد الآن ..
يتضح من مجريات الأحداث أن اليمن مقبلٌ على تطورات وتغيرات جديدة، تتراجع فيها قوة جماعة الإخوان، وتكسب جماعة الحوثي أرضًا جديدة في مختلف المدن اليمنية في ظل علاقاتهم الجيدة مع الحراك الجنوبي، وفي ظل وجود قنوات اتصال مع مؤسس المؤتمر الشعبي العام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، الذي لا يثق بعلي محسن صالح الأحمر المحسوب بدوره على الإخوان، ابن قريته الذي انقلب عليه، ولا بالإخوان الذي دبروا محاولة اغتياله .
اليمن في ظل مخرجات الحوار، أحد الملفات التي تعتبر ذات أهمية لكلا من السعودية وإيران، فكلاهما يلعبان لعبة القط والفأر في المنطقة في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين، كلاهما يخسر هنا ويربح هناك وليس من المستبعد أن تنتهي الأوضاع في صنعاء عبر الرياض وطهران.
وذكرت الناشطة في الثورة الشبابية نادية عبد الله وباعتبارها إحدى الحاضرات لاجتماع الرئيس منصور هادي مع رئاسة هيئة الاصطفاف الشعبي والأمانة العامة، إن الرئيس هادي قال: إن إيران تدعم الحوثي بشكل كبير جدا، وهي تسعى لمقايضة صنعاء بدمشق، وأن الحوثيين شباب طائشين يريدون أن يجروا اليمن إلى حرب أهلية ويفكروا بحكم اليمن ولا يهمهم جرعة أو شعب ولا يهمهم الثوابت الوطنية.
وشدد الرئيس خلال الاجتماع: سنعمل عملية قيصرية لإخراج الحوثي من مداخل صنعاء ولن نسمح لجر البلاد إلى حرب من طاقة إلى طاقة كما كان يريدها علي صالح، والذي بعض من أنصاره يدعمون الحوثي في عمران وغيرها، ويدعمونه بالسلاح ولن نسمح لأحد بلي الذراع، مضيفًا: قادر أن أزحف بالجيش من صنعاء إلى حدود السعودية وعمان، ولكن لا أريد أن أدخل البلاد في حرب أهلية.