حقيقة مواقف ومشاركات قوى الإسلام السياسي في ثورة 25 يناير.. القوى السلفية (3)
الخميس 28/يناير/2016 - 04:17 م
طباعة
فسر البعض الإسلام السياسي بأنه: تلك الحركات السلفية التي اتخذت من الإسلام غطاء أيديولوجيا، والتي بدأت في شكلها الحديث بمدرسة حسن البنا في مصر والمودودي في باكستان، وهي الحركات التي رفعت شعار "الحاكمية لله"، وحاولت إعادتنا لمربع الدولة الدينية التي تجاوزها التاريخ. وبالنسبة لمصر يضم "الإسلام السياسي" عددًا من التنظيمات، على رأسها جماعة "الإخوان المسلمين" الذين أسسوا بعد ثورة يناير 2011، حزب الحرية والعدالة، والذي تم حله بعد ثورة 30 يونيه 2013، وظهرت الحركة السلفية على رأسها حزبا النور والفضيلة، وحزب البناء والتنمية لتنظيم الجهاديين أيضًا. وإن اختلفت تلك التيارات الإسلامية في أساليبها إلا أنها اتفقت في برنامجها وهو "إقامة دولة إسلامية طبقًا للشريعة الإسلامية"، أي دولة دينية ذات مرجعية إسلامية ولا بديل آخر عنها.
وفي هذا التقرير نرصد مدى قرب وبعد هذه الفصائل ليس فقط عن السلطة في مصر منذ عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، بل أيضًا مواقف ومشاركات هذه الفصائل في الحياة السياسية في مصر سعيًا إلى السلطة بداية من ثورة 25 يناير 2011، وما تبعها من أحداث ومواقف سياسية لهذه الفصائل.
وسوف نتناول في هذا الملف الشامل:
1- مواقف جماعة الإخوان المسلمين من نظام مبارك.
2- مواقف الجماعة الإسلامية من نظام مبارك.
3- مواقف القوى السلفية من نظام مبارك.
4- مواقف ومشاركات جماعة الإخوان في ثورة يناير.
5- مواقف ومشاركات الجماعة الإسلامية في ثورة يناير.
6- مواقف ومشاركات القوى السلفية في ثورة يناير.
7- الإخوان و30 يونيو.
8- الجماعة الإسلامية و30 يونيو.
9- القوى السلفية و30 يونيو.
تناولنا في الملفين السابقين موقف كل من الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية من نظام مبارك، وفي هذا الملف نتناول موقف القوى السلفية:
ثالثًا: مواقف القوى السلفية من نظام مبارك
مدخل
إن الحالة السلفية تفتقد التنظيم العالمي أو الإقليمي – على غرار جماعة الإخوان المسلمين. كما تفتقد الأشكال الحركية الموحدة المحلية في البلاد العربية، بل إنها تتسم باختلافات داخلية واسعة وكبيرة، بينها الخلاف على شرعية من هو السلفي أولاً، وثانياً وهو الأهم، الخلاف في شأن الموقف من العمل السياسي واستراتيجيات التغيير والإصلاح، ما بين مجموعات تؤمن بمبدأ طاعة ولي الأمر، أي قبول حكم المتغلب، ومجموعات أخرى تقوم على مبدأ المفاصلة، أي تكفير الحكام والخروج عليهم. والسلفية مصطلح فضفاض يختلف تعريفه بين الباحثين. فهي ليست متجانسة في الرؤى والأفكار، بل هي تيارات متنوعة ومتباينة، وهي في كثير من الأحيان متضاربة في اتجاهاتها السياسية. ولا يقف الاختلاف على تعريف السلفية عند حدود الباحثين في العلوم الاجتماعية والسياسية، إذ يحتدم السجال داخل الخطاب السلفي نفسه بين تياراته المتعددة على من هو الممثل الشرعي لهذا الخطاب؟ فتعريف السلفيين التقليديين للسلفية يختلف تماماً عن تعريف السلفيين الجهاديين لها.
وفيما يبدو أن الخريطة القديمة للتصنيف السلفي بين سلفية علمية، والدعوة السلفية، والسلفية الحركية، والسلفية المدخلية، وأنصار السنة... إلخ، ذلك التصنيف الذي كان قائماً على الاختلافات في المنهج الحركي وفي الفكر العقيدي، بحاجة الآن إلى تصنيف سياسي موازٍ لفهم خريطة الفرز الحالية وتداعياتها من اشتباكات وتقاطعات مستجدة.
ومحور المعركة الآن هو التنازل العقائدي الخطير (وفقًا للمنهج السلفي) الذي أقدمت عليه سلفية الإسكندرية بالانخراط في السياسة الحزبية والبرلمانية على أساس الديمقراطية الكفرية، فهم الآن متهمون بأنهم أصبحوا "سلفية مونتسكيو وجون لوك وجان جاك روسو". ويدور الجدل الآن، وبشدة، على أرضية الولاء والبراء، وهل أن تكفير البرلمان والحكام حكمي أم عيني؟ وهل أن طبيعة الدعوة توقيفية لا تحتمل التحزب أم لا؟ إلى غير ذلك من المسائل.
بالتأكيد، هذه الخلافات كلها قديمة، والاتهامات المتبادلة بالتبديع والتفسيق والدخن واتباع آراء القطبية والخوارج، ثم المرجئة والجهمية من الطرف الآخر قديمة قدم ظهور السلفية المعاصرة. إن المنهج السلفي قائم أساساً على البراءة من كل قول وصاحبه لا يوافق منهجهم، وإلا من أين أتت مصطلحات: مشايخ المارينز، والأباتشي، ومشايخ الانبطاح، ومشايخ الحيض والنفاس، ومشايخ التخذيل وغيرها من الأوصاف (التي قد ينطبق كلها أو بعضها على كل المشايخ السلفيين عند التحقيق)؟ فمن صميم منهجهم البراءة ليسلم لهم المنهج، وليخرجوا بتوحيدهم الصافي ومنهجهم الكامل الوافي تحت الراية النقية بلا تقية.
من هنا سوف يكون تركيزنا على مواقف ومشاركات الدعوة السلفية بالإسكندرية والتي أنتجت لنا حزب النور الذراع السياسية لها بعد ثورة 25 يناير، وتحولات المواقف من الدعم إلى العداء بينها وبين باقي فصائل تيار الإسلام السياسي.
آليات العمل والانتشار
بعد انفصال المدرسة السلفية عن تيار الجماعة الإسلامية في الجامعات وتخرج هؤلاء الطلاب أطلقوا على أنفسهم الدعوة السلفية في عام 84-1985؛ وذلك لإثبات شمولية دعوتها. على حد تعبير الشيخ عبد المنعم الشحات المتحدث الرسمي لها.. بينما تتصاعد وتيرة الحركة الطلابية الإسلامية في الجامعات المصرية أوائل السبعينيات، بدأ في الإسكندرية محمد إسماعيل المقدم، طالب كلية الطب، درسه الأسبوعي بمسجد عمر بن الخطاب بالإبراهيمية، الذي أصبح نواة لتجمع مجموعة صغيرة لا تتجاوز عشرة من الطلبة المتدينين- أبرزهم أحمد فريد- المتأثرين بدروسه عن التوحيد والعقيدة.
مع نمو نشاط الطلاب الإخوان في الجامعة، قدّم عماد عبد الغفور، الطالب بكلية الطب آنذاك، ورئيس حزب النور السابق، اقتراحًا لتطوير العمل السلفي وبدء النشاط داخل الجامعة، عام 1980، فاختارت المجموعة اسم "المدرسة السلفية"، واختير محمد عبدالفتاح (أبو إدريس) مسئولاً عنها.
ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية
مع منتصف الثمانينيات، توسع النشاط السلفي في المدينة واعتمد اسم "الدعوة السلفية"، التي سرعان ما شكَّلت مجلسًا تنفيذيًّا لها، يضم: محمد عبد الفتاح أبو إدريس قيِّما أي مسئولاً أولاً، والشيخ ياسر برهامي نائبًا له، وعضوية كل من: الشيخ محمد إسماعيل المقدم، الشيخ أحمد فريد، الشيخ أحمد حطيبة، الشيخ سعيد عبد العظيم، والشيخ علي حاتم.
كما شكّلت لجان عمل (المحافظات اللجنة الاجتماعية لجنة الزكاة لجنة الشباب). حظيت الدعوة السلفية عام 1986 بزيارة استثنائية من الشيخ أبي بكر الجزائري، الذي زار كل مقراتها تقريبًا بالإسكندرية، ودعم موقفها في مواجهة الإخوان المسلمين، كما صحب بعضُهم أبرزَ علماء السعودية (الشيخ بن باز، الشيخ بن عثيمين) لعدة أشهر في المملكة، ما أكسبهم ثقة وتمسكًا بمنهجهم. كما اتصلوا بمشايخ أنصار السنة المحمدية المؤسسين، وإن اختلفوا مع الجمعية في بعض الآراء الفقهية.
ثم أصدرت الدعوة السلفية في هذه المرحلة مجلة (صوت الدعوة) وهي مطبوعة إسلامية شهرية ظلت تصدر دون انتظام إلى حين تم إيقافها نهائيا سنة 1994م، وكانت تهتم بكل ما يتعلق بالمنهج السلفي من خلال مقالات شرعية مطولة يكتبها الدعاة السلفيون.
ولم يتوقف النشاط السلفي في الإسكندرية على الجوانب التعليمية والدعوية فحسب، بل تعداه إلى جوانب اجتماعية وإغاثية ككفالة الأيتام والأرامل، وعلاج المرضى، وغير ذلك من النشاطات جرى العمل فيها من خلال "لجنة الزكاة" التي كان لها فروع في كل منطقة وحي من مناطق وأحياء الإسكندرية.
وتمثلت قوة معهد الفرقان لإعداد الدعاة في 1986 في أنه شرع دعاته السلفيون في الإشراف عليه، ويضعون مناهج التدريس لطلابه، وقد لاقى هذا المعهد سمعة طيبة حتى ذاع صيته بين الراغبين في طلب العلم الشرعي بكافة فروعه (فقه، تجويد، حديث، أصول، توحيد، قرآن) حتى من بين خريجي الأزهر. وفي فترة وجيزة خَرَّج المعهد عددًا من الدعاة حملوا مشعل الدعوة السلفية في مصر، انتشروا في عدد من المحافظات والأقاليم حتى صارت الدعوة السلفية بفضله تصدر دعاتها إلى كل أقاليم القطر المصري وخارجه، وهم الذين هيئوا لها فيما بعد هذا المدد السلفي الذي بات ملحوظًا، على الرغم من أنهم اختاروا منهجاً دراسياً متعمقاً يفوق عمقه المناهج التي تدرس في المعاهد الدينية الرسمية وغير الرسمية.
ثم تطورت لجان الزكاة والنشاط الاجتماعي، والعمل الدعوي بالمساجد، إلى أن تم حل كل هذه اللجان والمجلس التنفيذي نفسه في 1994، على خلفية توقيف قيِّم المدرسة الشيخ محمد عبد الفتاح، وتسلمت وزارة الأوقاف معهد الفرقان، ومُنع من بعدها مشايخ الدعوة من إلقاء الدروس والمحاضرات، أو حتى السفر خارج الإسكندرية.
اختارت الجمعية العمومية "القيم"- وهو المسئول الأول عن الدعوة- ونائبه ومجلس الإدارة بالاقتراع السري المباشر، وانتهى الأمر باختيار الشيخ "محمد عبد الفتاح أبو إدريس" قيّمًا، والشيخ "ياسر برهامي" نائبًا، وعضوية كل من: الشيخ محمد إسماعيل، والشيخ أحمد فريد، والشيخ أحمد حطيبة، والشيخ سعيد عبد العظيم، والشيخ علي حاتم، وكانت قرارات المجلس التنفيذي تُتخذ بالأغلبية مع ترجيح جانب "القيِّم"- الذي هو بمثابة رئيس الدعوة السلفية- عند التساوي.
ولما كانت الدعوة "جزءًا من واقع مليء بالحسابات المعقدة"، على حد تعبير الشيخ ياسر برهامي، فقد استفز توسعُ السلفيين الأجهزةَ الأمنية التي شرعت في التضييق عليهم، محاولة تفكيك الروابط التنظيمية لهذا التجمع الأصولي الذي جذب في فترة محدودة عشرات الآلاف من الشباب المتدينين، وبلغ هذا التضييق ذروته في القضية التي تم فيها توقيف قيّم الدعوة السلفية "الشيخ أبو إدريس"، و"الشيخ سعيد عبد العظيم" عام 1994، وهي القضية التي تم فيها وقف مجلة "صوت الدعوة"، وإغلاق معهد "إعداد الدعاة"، الذي جرى تسليمه لوزارة الأوقاف، على أساس أن الوزارة سوف تستمر في العمل وهي التي سوف تشرف عليه، إلا أن ذلك لم يحدث وتوقف العمل فيه تمامًا، كما جرى حل "المجلس التنفيذي"، واللجنة الاجتماعية، ولجنة المحافظات.
ولم يبق للسلفيين من مجالات عمل سوى الجامعة وبين الطلائع، وهو ما لم يتم الاعتراض عليه من قبل الأجهزة الأمنية في هذه الفترة وظل مستمرًّا حتى عام 2002، العام الذي تم فيه إيقاف العمل في الجامعة والطلائع والعمل خارج الإسكندرية، وقد كان السفر والتنقل ممنوعاً على الدعاة السلفيين خارج الإسكندرية منذ أواسط التسعينيات.
ويرجع أنصار الدعوة السلفية استهداف الأمن لهم إلى الأحداث العالمية في ذلك الوقت والحرب الأمريكية على ما يسمى الإرهاب التي كانت في ذلك الوقت ذات تأثير كبير على مستوى العالم، وكان لها انعكاساتها على المستوى المحلي.
رفضت الدعوة السلفية الديمقراطية واعتبرتها كفرًا، واعتبرت من يقبلها يضحّي بعقيدة التوحيد؛ لأنها قد تأتي برئيس ملحد أو كافر، وتعرض تطبيق الشريعة على الخيار الشعبي. ولكنها لم ترفض المشاركة السياسية والانتخابات من حيث المبدأ .
وتعلل ابتعادها عن المشاركة السياسية إلى ما يسميه مُنظّرها الأول الشيخ ياسر برهامي "موازين القوى المنحرفة التي لا تعرف معروفًا ولا تنكر منكرًا، وتفرض على المشاركين التنازل عن عقائد ومبادئ لا يرضى أحد من أهل السنة بالتضحية بها". ولكن كل هذه الأمور تغيرت بعد ثورة 25 يناير.
قبل 25 يناير 2011
لم يعترف التيار السلفي بالعمل السياسي قبل ثورة 25 يناير 2011، فكان وما زال يرى الديمقراطية كفرًا، ولا تنتمي لشرع الله، وأن ما يستند إليه السياسيون في العمل السياسي من نظم حكم هي بعيدة كل البعد عن الشريعة الإسلامية، وإجمالا هناك خمسة أسباب رئيسة لعزوف السلفيين في ما مضى عن العمل السياسي، وهي رفض الديمقراطية والكُفر بها، التنازل عن الثوابت الإسلامية، الفصل بين الأهداف الشرعية والسياسية، الدعوة إلى الدولة الدينية، وأخيراً التضحيات الرائدة والمقابل الزهيد.
وهذا لا يعني أن السلفيين لم تكن لهم مواقف محددة من الملفات المطروحة، ففي الواقع، كانوا يدعمون بشكل أو بآخر تيارات أو فصائل إسلامية محددة.
بين السلفيين والإخوان
قد أنشأ حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين عام 1928، وقد احتوت الجماعة خلال مسيرتها الماضية عدداً من العلماء منهم: محمد الغزالي وعبد القادر عودة والبهي الخولي ومصطفى السباعي وعبد الكريم زيدان وغيرهم... ولكن أبرز العلماء الذين أحدثوا تغييراً نوعياً في بعض وجهات نظر الإخوان وآرائهم كان سيد قطب، فقد طرح أفكارًا متعددة في مجال القومية والوطنية والديمقراطية والحكم والواقع العربي والإسلامي.
"نقطة القوة عند السلفيين والتي يتميزون بها عن الإخوان، في إحاطتهم بعلوم التراث، وحرصهم على تمحيص العقيدة واتباع السنة وإشهار أحاديثها الصحيحة، لكن نقطة الضعف عندهم في سطحية وعيهم للواقع وإن كانوا قد بدءوا التخلص من ذلك".
وإذا تجاوزنا الالتباس الذي حدث حول فكرة (تكفير المجتمع) التي فهمها بعضهم من بعض عبارات سيد قطب، فلا خلاف على أن هناك إضافة وتسديدًا وتصويبًا لما طرحه حسن البنا في الحديث عن الديمقراطية والوطنية والقومية التي كانت سائدة في مصر آنذاك، فقد اعتبر سيد قطب القومية والوطنية نوعًا من الأوثان الحديثة التي كانت تقتضي تعظيم الأقوام والأوطان والخضوع وصرف الحب لها، وجاءت لتجعل المسلم يستبدل أخوة القومية والوطنية بأخوة الإيمان، وكان هذا الموقف تسديدًا لما طرحه حسن البنا عن القومية والوطنية، والذي تجنب فيه أن يعطي الحكم الشرعي على القومية المطروحة آنذاك في حياة الشعب المصري، بل تحدث عن الأنواع المقبولة والمرفوضة من القومية والوطنية.
أما عن السلفيين فمن المعلوم أن السلفية منهج له بذور وأتباع في كل مناطق العالم الإسلامي، وتأتي نقطة القوة عند السلفيين في إحاطتهم بعلوم التراث، وحرصهم على تمحيص العقيدة واتباع السنة وإشهار أحاديثها الصحيحة، والبعد عن الأحاديث الضعيفة، لكن نقطة الضعف عندهم في سطحية وعيهم للواقع، وهذا جعلهم يقعون في خطأ إنزال أحكام شرعية صحيحة وسليمة على واقع مخالف، وهذا ما أوجد انفصالًا لهم عن الواقع، وبعدًا لهم عن مسار الأمة الحقيقي، والتفاعل معه، وبالتالي جعلهم موضع استغلال من بعض الحكومات، والحكام.
نظرية الحكم لدى السلفيين
تعددت الأقوال والتصريحات من فصائل مختلفة للتيار الإسلامي حول ما يسمى بـ "نموذج الحكم الإسلامي"؛ ولأننا هنا نتناول الفصيل السلفي فقد نعرض تصريحات عبد المنعم الشحات المتحدث باسم الدعوة السلفية والذي يطلقون عليه "أسد السنة" حول هذا الموضوع من خلال تفريغ مجموعة من حلقاته المسجلة على موقع "أنا سلفي" والتي يتدارسها أعضاء الدعوة السلفية.
وفي 31 أكتوبر 2010، وتحت عنوان "لماذا نقاطع الانتخابات" تساءل عبد المنعم الشحات في بداية الحلقة: "إذا كنا ممكنين هل نبني النموذج الديمقراطي؟".
وقد أجاب على نفسه بالقول: "ما نجزم به، لا.. لا نبني النموذج الديمقراطي.. بل نبني النموذج الإسلامي، والنموذج الإسلامي يخالف النموذج الديمقراطي تمامًا.
وأحد المشاكل أن إخواننا الذين يدخلون الانتخابات يضطرون إلى الثناء على النموذج الديمقراطي ويضطرون إلى أن يجعلوا أسمى أمانيهم هو تطبيق النموذج الديمقراطي.
لدينا نظام إسلامي مقيد بالشرع، والشورى فيه مقيدة بالشرع، بينما النظام الديمقراطي ليس فيه كذلك، وإن كان هناك نظام ديمقراطي الشورى فيه مقيدة بالشرع فلم تكن هذه ديمقراطية؛ لأن قوام الديمقراطية حكم الشعب، فحينما نقيدها بالشرع فأنت تهدم الركن الأعظم للديمقراطية، فإذا نحن سنقيم نظامًا فسوف نقيم نظامًا إسلاميًّا وليس ديمقراطيًّا.
والنظام الإسلامي الشورى فيه مقيدة بالشرع، والشورى لا تلزم بوجود أحزاب بل لا يجوز وجود أحزاب، فكل كتب العقيدة تنص على التحذير من الفرقة، فالشورى أن يشاور الإمام الأمة، فليس هناك من هو جالس في كراسي المعارضة ومن هو جالس في كراسي الحكومة، وليس هناك تداول سلطة، فعقد الإمامة عندنا عقد أبدي إلى أن يموت الإمام أو يطرأ عليه ما يوجب انخلاعه."
ويتساءل مرة أخرى عبد المنعم الشحات: "فماذا تبقى من الديمقراطية؟ ولماذا ننقح إسلامنا من غيرنا؟
ليس هناك مجلس مخصص للشورى بل الإمام يستشير أهل الحل والعقد، والإمام يحتاج في النظام الإسلامي إلى مجتهدين دائمين ليشاورهم في الأمر الشرعي" هذا النموذج الإسلامي للحكم طبقًا لرؤية الدعوة السلفية وذراعها السياسية حزب النور، والتي تؤكد على:
1- ليس هناك تداول للسلطة.
2-عدم وجود أحزاب سياسية.
3-عقد الإمامة أبدي ينتهي بموت الإمام.
4-ليس هناك مجالس نيابية .
5-الإمام يختار المجموعة التي يحق له مشاورتها.
6-رأي الشورى ليس ملزمًا للإمام؛ لأنه رأي استشاري وليس قرارًا أو قانونًا.
7-الإمام هو الذي يسن القوانين.
وعن موضوع الديمقراطية يقول عبد المنعم الشحات في مقطع فيديو آخر في 3 أغسطس 2011 على موقع "أنا سلفي": في الواقع بعض المصطلحات لا يصلح الإجابة عليها إجابة مجملة منها (الديمقراطية) فلا نقول فقط بأن الديمقراطية حرام بل الديمقراطية كفر.. لأن المراد بها حكم الشعب بنفسه، والتي من أصولها النظرية أنه إذا الشعب اختار الشذوذ يقر الشذوذ، فهذه الديمقراطية تتناقض مع الإسلام.
خلاصة القول عند الدعوة السلفية وحزب النور:
1-لا يجوز ترشح المرأة للانتخابات.
2-لا يجوز ترشح المسيحي للانتخابات.
3-الديمقراطية كفر.
ومن أجل هذه العقيدة السلفية التي تكفر الديمقراطية، ليس فقط بل تحرم مشاركة المرأة والمسيحي بشكل عام في أي عمل سياسي به شبهة الولاية، لم تعمل الدعوة السلفية في السياسة طيلة حكم المخلوع مبارك، بينما كانت أداة طيعة في أيدي المؤسسة الدينية لمحاربة المعارضة المصرية سواء كانت من داخل الصف الإسلامي أم من خارجه".
الدعوة السلفية وعلاقاتها الأمنية
أثارت محاولات التيار الإسلامي بعد الثورة تفكيك وزارة الداخلية تحت مزاعم التغيير والتطهير، استياء وتذمر ضباط الشرطة وقياداتها، وقرر عدد كبير منهم فتح الصندوق الأسود للإسلاميين، وفضح تعاملاتهم مع جهاز أمن الدولة «المنحل».
وقد كشف مصدر أمني لبوابة «فيتو» في العدد 31 عن يوم الثلاثاء 7 أغسطس 2012 الكثير من الأسرار والمفاجآت عن كواليس قيادات أحزاب السلفيين، الذين خرجوا من رحم «أمن الدولة» ويستكملون المسيرة حاليًا مع جهاز الأمن الوطني.
اللواء أحمد رأفت- نائب رئيس الجهاز السابق
المصدر أكد أن عدداً من قيادات الدعوة السلفية قام الجهاز المنحل بتجنيدهم، وتصنيفهم على أنهم قوة إصلاحية، وليست ثورية، يمكن التعامل معهم والاستفادة منهم عند الحاجة، مشيرًا إلى أن اللواء أحمد رأفت- نائب رئيس الجهاز السابق- قام بتأسيس إدارة خاصة للتعامل مع السلفيين، وانبثق عن هذه الإدارة عدة إدارات فرعية في جميع المحافظات، وتم اختيار الضباط للعمل في هذه الإدارة على أعلى مستوى، وكانت الإدارة معروفة باسم «التنظيمات الخاملة»، وكان شرط الالتحاق بهذه الإدارة أن يكون الضابط حافظًا لنصف القرآن الكريم على الأقل؛ كي يستطيع التعامل مع أعضاء التنظيم بسهولة، ويسوق لهم الحجج من القرآن والسنة؛ حيث إن شباب الدعوة السلفية يتحولون إلى أسرى لشيخهم يفعل بهم ما يريد، ويوجههم كما يشاء دون تفكير منهم، وأصدر رأفت قرارًا بأن تخضع الإدارة لإشرافه مباشرة وترفع التقارير تحت بند «سرى للغاية»، وحققت الإدارة نجاحًا منقطع النظير، واستطاعت تجنيد عدد هائل من السلفيين، ومنهم مَن تمت السيطرة عليه بالترغيب عن طريق تقديم الخدمات له ولأسرته، مثل العلاج على نفقة الجهاز وتوفير فرص عمل لأي فرد من أفراد عائلته، وتقديم مبالغ مالية شهرية من الجهاز، بالإضافة إلى العديد من الخدمات، ومنهم مَن تم تجنيده عن طريق الترهيب بالاعتقال له ولأفراد عائلته، أو محاربته في مصدر رزقه، أو التهديد بخطف أبنائه.
النجاحات التي حققتها الإدارة الوليدة في ذلك الوقت، وصلت إلى محافظة الإسكندرية، بعد نجاح الضابط المسئول عن الإدارة بمحافظة الإسكندرية في تجنيد قيادي سلفي، معروف بآرائه الصدامية، التي وصلت مؤخرًا إلى حد تكفير أديب نوبل الراحل نجيب محفوظ، وتم تصنيف ذلك القيادي في الفئة «ج» ويمكن التعامل معه. وطبقًا للمعلومات التي حصلنا عليها تم تجنيد عضو بارز بحزب النور، عندما كان طالبًا في جامعة الإسكندرية، وكان الشاب السلفي يتمتع بقدرة فائقة على الإقناع، وصاحب تأثير في شباب الجامعة، وبدأت عملية تجنيده وهو في أواخر السنة الثانية من الجامعة.
وفي بداية الأمر رفض الشاب السلفي- الذي صار نجمًا تتسابق عليه الفضائيات- التعامل مع الأمن، قائلًا: «مش هشتغل جاسوس على إخواني» فكان الرد سريعًا من الضابط المكلف بتجنيده: «يا أخ كلنا إخوة في الله، لكن منا الصالح ومنا الفاسد، وكل ما نطلبه هو استئصال أي فرد صاحب فكر متطرف؛ لكي لا يؤثر على استكمال مسيرة الدعوة». إلا أنه أصر على موقفه، ورفض، فتم تهديده بالرسوب في امتحانات السنة الثالثة، وملاحقته، وتلفيق قضية مخلة بالشرف، فما كان منه إلا أن استجاب وأذعن لتعليمات الضابط المكلف بتجنيده، وأصبح «رجل أمن الدولة في جامعة الإسكندرية»، وبعد انتهاء المرحلة الجامعية في عام 2005وعودته إلى القاهرة تم تسليمه لمسئول الإدارة بالقاهرة، واستمرت علاقته بالجهاز قوية حتى اندلاع الثورة. المثير أن بعض شيوخ الدعوة السلفية ذائعي الصيت تم تجنيدهم للعمل مع الجهاز مقابل ترك الساحة أمامهم لنشر الدعوة، والأكثر إثارة في القضية أن تجنيد قيادات السلفية كان أسهل من تجنيد الشباب؛ حيث إن القيادات كانوا يعلمون جيدًا أن معارضة النظام بشكل صريح تعني إغلاق باب العمل الدعوي في وجههم، وربما تجعلهم من سكان السجون التي لا يطيقونها، فقد كانوا يعلمون جيدًا أن المشاركة في تنظيمات سرية شيء خطير، فهم أصحاب مقولة «تأييد الحاكم الظالم والفاسد يغلق باب الفتنة»، وكشفت متابعة المنتمين للتيار السلفي وجود تيار داخل الجماعة السلفية، تم تصنيفه بتيار السلفية الحركية، ويمثلهم الشيخ محمد عبدالمقصود، ونشأت أحمد، وفوزي السعيد، ومحمد حسان، وهؤلاء كان يطلق عليهم داخل الجهاز «غير متعاونين» والتعامل معهم بحذر لشعبيتهم الجارفة.