رفض الشيعة لـ"التحالف الدولي".. يدخل أمريكا في صراع جديد

السبت 20/سبتمبر/2014 - 03:14 م
طباعة رفض الشيعة لـالتحالف
 
تظاهر المئات من أتباع التيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، اليوم السبت، في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، احتجاجا على التدخل العسكري الأمريكي، رافضين أي تدخل عسكري أمريكي بري في العراق في محاربة تنظيم "داعش".
رفض الشيعة لـالتحالف
وحمل المتظاهرون لافتات ورددوا شعارات تندد بالولايات المتحدة وما يصفونه بالاستعمار الجديد.
والتيار الصدري في العراق، هو تيار سياسي وديني يتبع للزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر.
وقفوا ضد القوات الأمريكية وسياستها ورفضوا اتفاقيات الحكومة مع أمريكا قبل ذلك، استمدو رفضهم هذا من مرجعهم محمد صادق الصدر حيث كان رافضا لأمريكا. 
نظموا العديد من المظاهرات ودخل جيش المهدي في مواجهات عسكرية مع القوات الأمريكية في 2004 حتى 2008 وفي 2009 تشكل لواء اليوم الموعود الذي حل محل جيش المهدي في مواجهة القوات الأمريكية.
وكان مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري أصدر بيانا الاثنين الماضي رفض فيه ما وصفه بـ"التدخل الأمريكي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية" الذي كان معروفا باسم "داعش" واصفا الأخير بأنه صنيعة أمريكية.
وحذر الصدر الولايات المتحدة من عواقب قرارها بالتدخل في العراق.
ودعا أتباعه إلى الانسحاب من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية حال تدخلت القوات الأمريكية أو غيرها براً أو بحراً بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فـ"الاستعانة بالظالم ولو على الظالم حرام" وفق ما جاء في البيان.
وتشهد العراق إجراءات أمنية مشددة حيث انتشرت أعداد كبيرة من قوات الأمن وقوات مكافحة الشغب، بينما يتولى عناصر من التيار الصدري جانبا من تطبيق الإجراءات الأمنية من بينها عملية تفتيش الأفراد.
رفض الشيعة لـالتحالف
ويبدو أن التيار الصدري، أعلن محاربة التحالف الدولي، الذي تم تشكيله مؤخرًا من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، لمواجهة داعش في سوريا والعراق، وعلى الرغم من أن أمريكا تدخلت للقضاء على داعش الذي يحارب الطائفة الشيعية في العراق إلا أن الشيعة يتمسكون بعدم التدخل الأمريكي في شئونهم، فهم يفضلون محاربة داعش والقضاء على التنظيم بأنفسهم دون السماح بالتدخل الخارجي، وذلك في توقع منهم بأن أمريكا تسعى للسيطرة على العراق.
الغريب في الأمر أن التيار الصدري، منذ أن شنت داعش هجوما على مناطق في العراق واستولت على العشرات من القرى العراقية، لم يستطع التيار مواجهة التنظيم وحده، ولكنه فضل أن يواصل الحرب دون أي مساعدة خارجية.
واتهم نواب وأكاديميون شيعة في العراق، أمريكا بـ "عدم الجدية والصدق"، في محاربتها "تنظيم الدولة الإسلامية: داعش"، في العراق، معتبرين أن أمريكا لها "مآرب" أخرى من هذا التدخل.. على حد وصفهم.
واعتبروا أن التدخل الأمريكي، جاء لـ"سرقة" جهود الجيش والمقاومة العراقية، ومحاولة العودة إلى العراق، وتطويق محور المقاومة "في إشارة إلى إيران ودمشق وحزب الله".
رفض الشيعة لـالتحالف
وقال فالح حسن جاسم، عضو التحالف الوطني، وهو الائتلاف الأبرز للشيعة وصاحب الأغلبية في البرلمان العراقي: إن "التدخل الأمريكي، جاء لسرقة جهود الجيش العراقي ورجال الحشد الشعبي الذين لبوا نداء المرجعية مع فصائل المقاومة لمحاربة تنظيم داعش".
 وأضاف جاسم في تصريح لوكالة الأناضول: "إذا كانت أمريكا جادة في مساعدة العراق ودعمه عسكريا، عليها أن تدعم الجيش من خلال المعدات والأسلحة والأجهزة، ضمن اتفاقية الإطار الاستراتيجي اتفاقية وقعها البلدان عام 2008 للتعاون الاستراتيجي في المجالات الأمنية والخدمية والاقتصادية لغرض تحقيق النصر بأسرع وقت ممكن واختصارا للمدة الزمنية.
ووصف جاسم أمريكا، بأنها تتعامل بازدواجية؛ فهي تدعم الإرهاب في سوريا، وتقول في ذات الوقت إنها تريد أن تقاتل داعش، لذلك أمريكا سعت لتهويل هذا التنظيم لغرض العودة للعراق مرة أخرى.
المفوض الأوروبي لشئون التنمية والمساعدات الإنسانية،  بول نيلسون، أكد أن الولايات المتحدة تسعى للسيطرة على نفط العراق وأنها في طريقها لأن تصبح عضوا في منظمة أوبك، جاء ذلك بعد أن تقدمت الولايات المتحدة وبريطانيا بمشروع قرار للأمم المتحدة من شأنه إنهاء العقوبات التي فرضت على العراق عام 1990 ويمنحهما السيطرة على عائدات النفط لمدة عام على الأقل، وسيجعل هذا القرار دور الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى استشاريا فقط دون سلطة تذكر وسينهي بشكل تدريجي برنامج الأمم المتحدة الإنساني للنفط مقابل الغذاء خلال أربعة أشهر .
من جانبهم امتنع مسئولون فرنسيون عن التعليق على مشروع القرار الأمريكي المطروح على مجلس الأمن بهدف رفع العقوبات الدولية المفروضة على العراق.
في المقابل، وصلت أول مجموعة من المدربين الألمان إلى العراق لتدريب المقاتلين الأكراد على مكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية": "داعش".
وسيتم تدريب الوحدات العسكرية الكردية على اكتساب المهارات اللازمة وحيازة الأسلحة المضادة للدبابات، كما ذكرت وزارة الدفاع الألمانية، ويدخل في البرنامج التدريبي أيضا تعليم المقاتلين الأكراد اكتشاف وإزالة الألغام.
وكان آية الله علي خامنئي، قائد الثورة الإسلامية الإيرانية، قال: إن الولايات المتحدة تسعى لمحاولة استعادة السيطرة على العراق باستغلال التنافسات الطائفية.
ورفض خامنئي مشاركة بلاده في التحالف الأمريكي، متهما واشنطن بامتلاكها أيادي قذرة فيما يتعلق بظهور داعش، حيث أكد أن أي تدخل أمريكي في شئون العراق، سيكون نتيجته مماثلة للتي ظهرت على مدار أكثر من 10 سنوات منذ بدء الغزو الأمريكي للعراق 2003.
وأضاف: لا نوافق عليه لأننا نعتقد أن الحكومة العراقية والأمة والسلطات الدينية قادرة على إنهاء الفتنة.
ويقول المراقبون: إن تصريحات الخامنئي، تحذير من محاولة انتقاء أي خليفة لرئيس الوزراء نوري المالكي، وسط تكهنات بأنه ربما يدفع لترك منصبه بسبب أزمة يحمله كثيرون في الغرب المسئولية عنها بعد ثماني سنوات من إثارة الحكومة التي يقودها الشيعة نفور الأقلية السنية.
رفض الشيعة لـالتحالف
ومن الجدير بالذكر، أن إيران قد غابت عن الاجتماع الدولي الذي دعت إليه باريس، من أجل حشد الدول على مستوى العالم لمواجهة تنظيم "داعش".
وبحسب صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، فإنه على الرغم من توجيه فرنسا الدعوة لأكبر قوة شيعية بالمنطقة، إلا أن طهران رفضت الانضمام للتحالف الذي تحاول واشنطن تكوينه لمواجهة داعش.
شنت فرنسا، أول هجماتها على العراق منذ أن تعهدت بالانضمام إلى الحملة العسكرية على "داعش"، الذين سيطروا على أجزاء من البلاد.
وقال بيان من مكتب الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند أمس بعد قليل من الغارات شنت طائرات رافال أول هجوم على مستودع إمدادات تابع للإرهابيين.
وأشار البيان إلى أن الهدف في شمال شرق العراق دمر تماما، وأضاف أن هناك عمليات أخرى في الأيام المقبلة.
وشنت الولايات المتحدة، إلى الآن، أكثر من 170 غارة جوية على أهداف تابعة لـتنظيم "داعش" في العراق منذ منتصف أغسطس، وتقول الولايات المتحدة: إن التنظيم يشكل تهديدا للأمن العالمي.
ويسيطر التنظيم على عشرات المدن في العراق وسوريا، معلنا تأسيس ما وصفه بـ"الخلافة الإسلامية".
ويبدو أن أمريكا تواجه مأزقًا وستدخل في صراع آخر ليس فقط مع "داعش" ولكنها قد تواجه الشيعة، بعد الهجوم الشيعي من العراق وإيران، وقد تواجه أيضا الدول الأخرى مثل فرنسا هجوما واعتراضا بعدما قامت بشن هجماتها على بغداد أمس، ولكن تظل أمريكا على مواقفها في مواجهة داعش التي تتوعدها بصفة مستمرة، حيث ترى الولايات المتحدة أن محاربتها في العراق وسوريا أنسب الحلول في الوقت الحالي، وهو الأمر الذي يرفضه التيار الشيعي في العراق.

شارك