المملكة الوهابية وتمويل الإرهاب بعناية واشنطن
الثلاثاء 01/مارس/2016 - 03:27 م
طباعة
الكتاب: "النوم مع الشيطان"
المؤلف: روبرت باير
الناشر: وكالة أخبار الشرق الجديد
كثيرة هي الكتب التي تناولت علاقات المملكة السعودية الوهابية بالتنظيمات الإرهابية على مستوى العالم، خصوصًا تلك التنظيمات التي تتبني الفكر السلفي الوهابي السُّنِّي، تحت دعوى مواجهة العدو الأول للسُّنَّة وهي الدولة الإسلامية الشيعية إيران، التي تعتقد المملكة الوهابية أنها أخطر على الإسلام والمسلمين من الدولة العبرية، ولكون الذهنية الوهابية قائمة على العنصرية الدينية والجنسية في آن قد استغلت الولايات المتحدة الأمريكية هذه الذهنية الوهابية في تحقيق أهدافها في تقسيم الدولة العربية بداية من العراق، ولأن المصالح النفطية متداخلة بين الوهابيين والأمريكان فقد قاموا بالتعاون فيما بينهم في السيطرة على حقول النفط في آسيا الوسطى.
الكتاب الذي بين أيدينا قامت وكالة أخبار الشرق الجديد بتبني ترجمته ونشره على موقعها الإلكتروني لما به من مواد علمية واعتراف لضابط في المخابرات الأمريكية عن ضلوع المملكة الوهابية في تأسيس وانتشار وتمويل تلك الجماعات الإرهابية على مستوى العالم، وإذ نقدم للقارئ بعض مقتطفات هذا الكتاب لتبيان تلك المواقف في الوقت الذي تدعي فيه المملكة الوهابية محاربتها لتلك الجماعات وعلى رأسهم تنظيم الدولة "داعش".
الصمت الأمريكي على رعاية السعودية للإرهاب
وتحت عنوان "المال والصفقات والصمت الأمريكي على رعاية السعودية للإرهاب" يقول مؤلف الكتاب: "مرة أخرى، لم يكن أمام واشنطن أي خيار. لم يكن الوضع في الرياض كما حاولت الإدارة أن تظهر، وكان هناك انتقاد كبير للعائلة المالكة حول تمويل وتغطية الأشخاص الذين يقتلون الأمريكيين. وبالتأكيد لم تكن واشنطن على استعداد لتأديب المملكة، والولايات المتحدة كانت تنال حصة الأسد من الإنفاق على الدفاع في البلاد، والذي يمثل نصف الإنفاق الحكومي السعودي".
السعوديون لا يستطيعون تحمل 7،2 $ مليار للصفقة السعودية مع بوينغ. ودعت الصفقة للتوقيع على 500 مليون عقد للدفع، ولكن السعوديين يمكنهم تامين 60 مليون دولار فقط. وبحلول العام 1997 استحقت 2.8 مليار دولار على الطائرات، ولكن لا يمكن أن تخصص من الميزانية. سلطان سرق المال من "اليمامة"، وفي يوليو 1997 أدى جنون سلطان به إلى وزارة الدفاع. فقال: إن دفعة بوينغ لا بد أن تأتي من الميزانية، ولتغطية المبلغ اجلت الوزارة شراء قطع الغيار وتسليم الطائرات الجديدة، والتي تكلف المملكة العربية السعودية الملايين.
في أواخر سبتمبر 1996 كان عبد الله حذرًا جدًّا حول الوضع المالي للملكة العربية السعودية، وقد حاول إرسال رسالة إلى إدارة كلينتون .
عبد الله لم يتمكن من دفع السفارة الأمريكية في الرياض على الإصغاء، فمهمتها الوحيدة الضغط على السعوديين لدفع فواتيرهم في الوقت المحدد. لم يثق عبدالله بالأمير بندر ليكون القناة المعتمدة مع البيت الأبيض؛ لأنه في نهاية المطاف، هو كان مخلصًا لأبيه، سلطان. وأفضل ما كان يمكن أن يفعله عبد الله هو التداول في مشاكل المملكة مع السفير السابق ريتشارد مورفي. كان ميرفي معروفًا في العالم العربي كما في الولايات المتحدة بأنه خبير في شئون الشرق الأوسط.
علاوة على ذلك، لم تكن لديه صلة بإسرائيل، على الأقل هذا ما يعرفه عبد الله. وكان ميرفي مشكلة الحكومة لما يقرب من سبع سنوات وكان له نفوذ في واشنطن.
في اجتماعهم يوم 23 سبتمبر 1996 أوضح عبد الله لميرفي أن الولايات المتحدة بحاجة للتشاور مع السعودية قبل اتخاذ أي مبادرات جديدة في المنطقة... عبد الله استعاد تجربة حرب الخليج منتقدا إدارة بوش، وقال: إدارة الرئيس بوش ضللت المملكة العربية السعودية حول التكاليف. دفع ثمن القواعد الأمريكية في المملكة العربية السعودية كان يكلف مليارات إضافية. (وبعبارة أخرى، المملكة العربية السعودية لا يمكنها أن تحمل تكاليف بوينغ أو أي تكاليف أخرى إذا انتقلت إلى المشاكل الإقليمية).
وقال عبد الله: إدارة كلينتون عليها التخلص من صدام حسين على الفور – والى الأبد. وفي الوقت نفسه، لا يسمح بأن يعتقد العرب أن الولايات المتحدة تشن حربًا ضد الشعب العراقي. أخيرًا، يجب على الولايات المتحدة التوصل إلى تسوية مؤقتة مع طهران .
ولكن في تلك الفترة لم يلق نداء عبدالله آذانًا صاغية في واشنطن، فكلينتون كان يعمل على الولاية الثانية.
في الوقت نفسه، واصل الأمير سلطان شراء الأسلحة التي لا يمكن لأحد تحمل عبئها. في ديسمبر 1996 أبرمت المملكة العربية السعودية صفقة أسلحة عديمة الفائدة، فاشترت أربعة وأربعين طائرة هليكوبتر من طراز أوغستا 412- التي يمكن تمويلها من "نفط اليمامة"، وهو ما يعني أنها ستكون مخفية على الشارع السعودي.
في وقت لاحق من الشهر، دخل سلطان السوق مرة أخرى بشراء مئة واثنتين من طائرات F- 16 المقاتلة والمتعددة المهام. وفي وقت لاحق من ذلك العام، قام السعوديون بإبرام صفقة بـ 3 مليار دولار مع فرنسا.
ناهيك عن أن المملكة كانت تتكلف على اليمامة وحدها 4.5 مليارات دولار كمتأخرات.
الضربة الحقيقية جاءت في 18 ديسمبر العام 1996، عندما استدعى وزير الدفاع ويليام بيري ووزير الخارجية وارن كريستوفر، ونائب الرئيس آل غور بندر إلى البيت الأبيض، ليس للاستفسار عن التقدم المحرز في تحقيق "الخبر"، بل لعدم السماح لبندر بالذهاب إلى منزله في بوتوماك إلى أن يوافق على إعطاء البوسنة 2 مليون دولار في الشهر كمساعدات.
وكلما تواصل البيت الأبيض أكثر مع عبد الله، كلما قلت محبته، فكان يهدد ليس فقط بتقليص عقود الدفاع والطيران المدني ولكن أيضًا باتخاذ خط مستقل عن السياسة الخارجية.
وكان دائمًا يعزف عن رسالة ريتشارد مورفي: إما الإطاحة بصدام حسين، أو تركه وحده، ورفع العقوبات. كلينتون لم يفعل شيئًا حول سياسة العراق- وصدام كان في مربع "الاحتواء "، في السعودية كان الأكثر انحيازًا إلى جانب صدام الإسلاميون المتشددون الذين أصبحوا شائعين في الجيش السعودي.
وفي يونيو 1997 بعث عبد الله رسالة إلى المبعوثين الخاصين لفتح قناة خلفية لم يكن من المفترض أن تعرفها الولايات المتحدة.
بحلول العام 1996 كان النفط تحت المتوسط بـ 21 دولارًا للبرميل، وفي العام التالي ارتفع سعر برميل النفط إلى 23 دولارًا، أي قفز بما يقرب من 10 %.
رأى عبد الله أن اتفاقات أوسلو العام 1993 كانت: كذبة. وقد بيعت للعرب على أساس أن الفلسطينيين حصلوا على شبه دولة قابلة للتطبيق في الضفة الغربية وقطاع غزة- الولايات المتحدة وقرار الأمم المتحدة 242. ولكن ليس هناك من مستوطنة واحدة تم تفكيكها في ظل أوسلو. ازداد عدد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية من 250,000 إلى 380,000، ووصل عدد المستوطنين اليهود في غور الأردن إلى ,000 يستهلكون 75 % من المياه ويتركون الباقي لمليوني فلسطيني للعيش."
تجارة السلاح والنفقات النفطية
وحول تجارة السلاح مصدر ثروات الأمراء وطريق آمن لاسترداد النفقات النفطية الأمريكية يقول المؤلف: "بالنسبة لصناع الأسلحة الأمريكية، المملكة العربية السعودية هي قطاع فرعي تصنع لحسابه الأسلحة ضمن قواعده الغريبة، نحن نشتري النفط من المملكة العربية السعودية ونقوم بمعالجته، ووضعه في سياراتنا، ونسبة مما ندفعه ثمنا لذلك يذهب لتمويل الأعمال الإرهابية ضد أمريكا والمؤسسات الأمريكية في الداخل والخارج.
المال الذي يكسب من مبيعات النفط، تشتري فيه العائلة المالكة السعودية الأسلحة لحماية نفسها من الداخل والخارج، ولكن في الغالب من الداخل. نبيع السعوديين تلك الأسلحة ونحن على علم بأن المبلغ X من سعر الشراء سيذهب لتغطية "العمولات" التي تدفع لعدد قليل جدا من السعوديين الذين يسيطرون على صفقات الأسلحة، والمبلغ Xهو أقل بكثير من المبلغ Y الذي يذهب لتمويل الجماعات الإرهابية التي تعتمد السعودية مقرًّا لها.
ولكن شراء الأسلحة لا يساعد فقط على حماية آل سعود من رعاياهم، بل هي أسهل طريقة للأمراء السعوديين لسحب المال من الخزانة الوطنية. فالمعاملات المالية لشركة أرامكو السعودية- شركة النفط الوطنية- تدار من الغرب لمنع الغش.
الصناعات الفرعية- التسلح والبناء- هي أعظم أهداف الأسرة الحاكمة، والجدير بالذكر أن "بكر بن لادن" يحصل على حصة الأسد من الكسب غير المشروع لهذه الصناعات. من وجهة نظر الولايات المتحدة، فإنها تبيع أسلحتها للمملكة العربية السعودية؛ لأنها أبسط طريقة للتأكد من أن النفقات التي تصرفها الخزانة الميركية على النفط تعود إلى الولايات المتحدة في شكل من أشكال الدفاع عن عائدات الصناعة.
قانون مراقبة تصدير الأسلحة الأمريكية يتطلب من السلطة التنفيذية إعلام الكونغرس بجميع اتفاقات المبيعات العسكرية الأجنبية والمفاوضات الحكومية المقترحة والمبيعات التجارية المباشرة التي تزيد عن 14 مليون دولار. ومن بين الأشياء التي اعتمدت من قبل المملكة في السنوات الست منذ 1994:
- تسليم 1500 صاروخ رايثيون AIM-9L و300 AIM-7M صورايخ جو-جو. (مدير وكالة المخابرات المركزية السابق جون دويتش هو في مجلس رايثيون).
- تسليم 700-10 Paveway II GBU القنابل الموجهة بالليزر.
- 130 مركبة 90 ملم
- صفقة شملت عددًا من مركبات 130 ملم مدافع رشاشة ومدافع رشاشة من عيار M2.50، وما يقرب من170,000 طلقة 90 ملم.
- صيانة ودعم أجهزة الإنذار المحمولة جوًّا وأنظمة التحكم (اواكس) ونظم الدفاع الجوي KE-3 ناقلات التزود بالوقود جوا، وهواك وباتريوت.
- تسليم ريثيون هوك صواريخ أرض جو.
- خمسمائة وستة وخمسون قنبلة موجهة للروكويل GBU-1.
ولكن تلك ليست سوى تذكرة بنود صغيرة. ومنذ ذلك الحين توصل وزير الخارجية هنري كيسنجر إلى آلية لتسليم السلاح مقابل النفط، والسعوديين لديهم حركة شراء تصاعدية فاشتروا بـ 100 مليار دولار من الولايات المتحدة آلات قتالية ودبابات ام 1 وسفن قتالية، وأكثر من ذلك. لسنوات كانت السعودية رقم واحد في العالم كمستهلك لأنظمة التسلح والأسلحة الأمريكية.
ووراء كل صفقة، هناك لجنة، ووراء كل لجنة، هناك سعودي من العائلة المالكة ينتظر خلف الباب للحصول على العمولة الخاصة به، فهناك طرق أخرى للوصول. البروتوكولات التي تحكم المبيعات العسكرية الخارجية الأمريكية للسعوديين تقول: إن الأموال التي يتعين أخذها من الخزينة السعودية يجب وضعها في الصندوق الاستئماني الذي يدار من قبل وزارة الدفاع الأمريكية. مدفوعات محددة للبائعين يتم صرفها من الصندوق الاتئماني. وكل شيء يعمل جيدًا إذا دفع السعوديون فواتيرهم في الوقت المحدد، ولكن نظرًا إلى أن ذلك لا يحصل عادة، يبدأ الجمع العكسي من سلاح الجو السعودي.
لأن الجمع العكسي يأخذ أساسًا من المشتريات العسكرية، يمكن من خلال استخدامه أن يكون السعوديون قادرين على شراء أسلحة متطورة، بما في ذلك طائرات الاستطلاع الإلكترونية، دون معرفة الكونجرس الأمريكي، وهذا انتهاك واضح لتصاريح المبيعات العسكرية الخارجية.
وقد جمعت 2.1 مليون دولار للدفع للبائعين المحليين. من جهة أخرى اختفت 1100000$ ببساطة في جيب شخص ما. الأمريكي الذي عرف قصة الجمع العكسي، بالمناسبة، عمل لسلاح الجو الملكي السعودي بموجب عقد مع بي دي إم، عندما كانت إحدى الشركات التابعة لمجموعة كارلايل متلون .
وقدر الأمير بندر في مقابلة مع PBS أن السعوديين صرفوا منذ أوائل 1970 حوالي 400 مليار دولار لإنشاء الدولة الحديثة، و50 مليار دولار ضاعت بسبب الفساد. (وقال بندر "نحن لم نخترع الفساد") وربما 125 مليار$ عادت إلى العائلة المالكة السعودية عن طريق الرشاوى.
في صيف العام 1992، وافق جورج بوش الأب على بيع ما يصل من اثنين وسبعين طائرة F- 15 إلى المملكة العربية السعودية، بتكلفة إجمالية وصلت إلى 9 مليارات دولار، بما فيها الأسلحة والدعم على الأرض. والتحسينات التي وضعها ماكدونيل دوغلاس (وهي الآن جزء من شركة بوينغ)، يمكن أن تحمل أكثر من اثني عشر طنا من أسلحة الجو- جو والجو- أرض، بما في ذلك صورايخ سايد وصواريخ سبارو وأكثر من 160 قنبلة بتشغيل واحد.
طائرات F- 15 لعبت دورًا بارزًا في حرب الخليج الأولى، وفي وقت مبكر من العام 1994 وقبل أن يبدأ التسليم، وافقت إدارة كلينتون على بيع ما يصل من خمسة وعشرين طائرة F- 15 للإسرائيليين.
بالنسبة إلى ماكدونيل دوغلاس يبقى لدى الإسرائيليين أكثر من سبب يدعو للقلق من مبيعات الدول الهائلة للأسلحة المتطورة، وبالأخص من الحكومة التي ترقد فوق برميل بارود أي التطرف الإسلامي الوهابي. وكما أثبت التاريخ مرارًا وتكرارًا، فمبيعات الأسلحة للدول غير المستقرة يمكن أن يأتي بنتائج عكسية. (مثل مساعدة وكالة المخابرات المركزية لحركة طالبان عندما كانوا يقاتلون من أجل الحرية الأفغانية).
الحماية الأمريكية للإرهاب
وتحت عنوان قطر والقاعدة وخالد الشيخ والأمير الأسود... هكذا تحمي واشنطن الإرهابيين، يقول المؤلف: "بضعة أشهر قبل أن أستقيل من وكالة المخابرات المركزية، كنت أتساءل إن كان هناك أي شيء ليس للبيع في واشنطن. وعلى الرغم من أنني كنت دائمًا في الخارج، لكن لاحظت أن بندر وطائرات البوينغ، ومجموعات كارليل وايكسون يشغلان واشنطن. فشهدت على فضيحة تمويل الحملات الانتخابية، ولاحظت كيف كانت الاصوات تشترى بمئات آلاف الدولارات. شهدت على سلطة بندر في واشنطن... ولكن أتساءل لماذا يحصل ذلك؟ هل يجب العودة إلى الشرق الأوسط للحصول على الجواب؟".
في أوائل أكتوبر تشرين الأول العام 1994، عندما كنت نائبًا لرئيس العمليات في العراق، قال لي أحد العملاء في عمان: إن صدام حسين يتحرك نحو الحدود الكويتية. لم أكن أصدق ذلك. فكم سيكون غبيًّا لو فعل ذلك؟
وعندما عدت إلى واشنطن، علمت أن الأقمار الصناعية قد التقطت حركة المدرعات العراقية جنوبا باتجاه الحدود الكويتية، ولكن الأقمار الصناعية لن تقول لنا ما إذا كان صدام ينوي عبور الحدود فعلا؛ لذلك نحن بحاجة إلى عملاء، والمشكلة الوحيدة هي أنه لم يكن لدينا عملاء هناك، لم يكن لدينا شخص بجانب صدام، أو أي مصدر في جيشه، ليقول لنا ما إذا كان الجيش سيتوجه إلى الكويت.
الاتصال الأول الذي جاءني من غرفة العمليات في البيت الأبيض كان يفيد بأن البحرية الأمريكية والرئيس ينويان إرسال ناقلات عسكرية إلى الخليج، ولكنهما أرادا معرفة ما إذا كانت وكالة الاستخبارات المركزية تشجع هذه العملية.
كنت أعرف أنه لم يكن لدينا مصادر، لذلك بادرت إلى الاتصال بمكتب السعودية لمعرفة ما إذا كانوا لاحظوا وجود أي نشاط غير معتاد على الحدود العراقية، فبدو الحدود العراقية-السعودية كانوا يعبرون طوال الوقت.
وقال ضابط في المكتب: "لا يوجد شيء على الإطلاق لا شيء".
كنت أعرف أنه يقول لي الحقيقة؛ لأن المملكة العربية السعودية هي حليفتنا. وكان لدينا جنودنا في المملكة. فقد عملنا على إبقاء أسطولنا في الخليج.
وأضاف: "الكويتيون ليس لديهم أدنى فكرة عما يسعى إليه صدام"، "لم يتم استدعاؤهم إلى الحدود لمعرفة ما يجري"، ولكن لم يكن هناك من خيار.
فبعد خمس عشرة دقيقة بلغ حرس الحدود الكويتية بأنه يرى دبابة عراقية تتحرك مع طاقمها.
وبالصدفة، بعد دقيقتين، اتصل جورج تينيت من البيت الأبيض، رئيس الاستخبارات في مجلس الأمن القومي- بالمسئول عن تبليغ واشنطن بكل الإحداثيات حول الأزمة قائلًا: "اللعنة ماذا يجري في العراق؟ أنا غير راضٍ عما يجري.
وأتساءل: هل الأموال التي تدفع لجهاز الاستخبارات تخصص لشراء المناظير فقط؟ ما الذي لا نعرفه عن شمال الخليج. عراق صدام إجمالا كان منغلقًا تمامًا عن العالم، وكان من الصعب جمع المعلومات الاستخبارية. ولكن ماذا عن أصدقائنا مثل الكويت والمملكة العربية السعودية،-القلب الذي يضخ الدم في حياتنا الاقتصادية؟
ومنذ ذلك الوقت بدأت أقرأ التقارير القادمة من الرياض، لم يكن هناك شيء بارز، لم يكن هناك أي كلمة عن الانقسامات في العائلة المالكة أو علاقتها بالوهابيين، ولا عن رجال الدين الوهابيين، الذين يحصلون على ما يريدون من آل سعود .
ومن خلال النظر مرة أخرى لبيانات العام 1986، لم يكن هناك الكثير لتقرأه في الصحف والمجلات الأكاديمية. عندما نصل إلى الخليج، نصبح عميانًا، وإذا كان هناك مكان يشتعل بالنيران، فنحن لن نعرف إلا بعد فوات الأوان.
في ذلك العام توجهت إلى بيروت، ولم أستغرق وقتا طويلًا لمعرفة أنها لم تكن بيروت التي تركتها في العام 1988. كانت المدينة في تلك الفترة تشهد انقسامات كبيرة بسبب الحرب الأهلية، والآن هي تبنى من جديد. فكان رئيس الوزراء رفيق الحريري يعيد بناء وسط المدينة، بعد أن استقدم أفضل المهندسين المعماريين في العالم للمساهمة في عملية البناء. وقيل إنه حفر جزءًا من بيروت الرومانية القديمة. وكان يجري حفر نفق تحت المدينة العصرية لتسهيل حركة المرور. وكان هناك طريق جديد إلى المطار. وبعد بضع سنوات، ستنافس بيروت باريس ولندن.
لا يزال الشرق الأوسط يعاني من جروح كثيرة، ويحتاج إلى الكثير من الوقت ليضمد تلك الجروح.
سائق التاكسي الذي أخذني من بيروت الغربية إلى بيروت الشرقية عشية عيد الميلاد من ذلك العام، قال إنه أول مرة يقطع الخط الأخضر..
في هذه المرحلة حاولت المعارضة القطرية أن تلجأ إلى بيروت ودمشق. وقد كنت مهتمًّا بأمير قطري بارز يدعى حمد بن جاسم بن حمد آل ثاني.- "الأمير الأسود" تخرج من كلية سانت هيرست العسكرية في بريطانيا- وأنا أعطيك الاسم الكامل؛ لأنه يبدو أن كل ولي عهد تقريبًا في قطر يحمل اسم حمد أو جاسم. أما وزير الخارجية فهو حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني.
وكان الأمير الأسود وزيرًا للاقتصاد ورئيسا للشرطة، وقد حاول الإطاحة بأمير البلاد في فبراير شباط العام 1996، بدعم من الأمير الأب "خليفة" الذي أطاح به ابنه في العام 1995. ولكن النقطة الأساسية هي أن قطر دولة دسيسة في الخليج. السعودية ومصر، وسوريا دعموا محاولة الانقلاب في فبراير 1996 وكانوا يسعون لتقويض الحكومة القطرية. فكانت قطر مصدر سحر لمن يهتم بالسياسة الخليجية، وكانت أيضًا الجائزة الكبرى لشركات النفط في العالم. فبالإضافة إلى احتياطياتها النفطية، قطر تملك واحدة من أكبر حقول الغاز في العالم. وكانت لها أيضًا علاقة جيدة مع الإسرائيليين.
من خلال عدد من اللقاءات التي أجريتها مع أصدقائي القدامى في بيروت، وجدت شخصا يعرف "الأمير الأسود" الذي كان يعيش في دمشق، في مجمع مراقب من كبار ضباط الجيش والمخابرات. والوصول إليه لم يكن سهلا.
ولكن في نهاية المطاف وصلت إلى زميل "يعمل" لدى الأمير، الذي وافق على لقائي في لبنان. وكان شرطه الوحيد أن يتم اللقاء في فندق في وادي البقاع- شتورة بارك أوتيل- الذي كان يدار من قبل الاستخبارات السورية.
وفي يوم اللقاء توجهت إلى البقاع، إلى الفندق المذكور فكان "الأمير الأسود" في الانتظار مرتديا زيه العسكري والكوفية تلف عنقه، وكأنه مقاتل فلسطيني، وليس أميرًا خليجيًّا. كانت الغرفة مظلمة باستثناء موقد حرق الغاز في الزاوية. قدم "الأمير الأسود" الشاي، وقال: "كما تعلمون، كنت مع ياسر عرفات في الأيام الأولى من العمل الفدائي، تدربت في معسكراته، وحاربت إلى جانبه ".
كان الأمير يحاول أن يقول إنه لا يشبه أبناء عمومه، فهو مقاتل، من الطراز الأول، ولا أحد يستطيع أن يعبث معه.
وفي تلك اللحظة أدركت سبب موافقة الأمير على مقابلتي، هو أراد الاستقصاء حول علاقة واشنطن الخارجية ببلاده وبالوزير حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني، أو "حمد الجيد"، كما كان معروفًا في واشنطن.
حمد كان وزير الخارجية وصديق واشنطن وإسرائيل، وراعي المؤتمرات الاقتصادية العربية التي كانت تعقد في قطر وتدعى إليها إسرائيل التي فتحت مركزًا اقتصاديًّا لها في الدوحة.
قطر وعدت بإجراء انتخابات ديمقراطية، وسمحت للمرأة بالتحرك، وعقدت صفقة مع انرون بمليارات الدولارات.
والوزير حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني، كان وزيرا مقبولا اجتماعيا كما بندر- وهو يمتلك مزرعة على طريق فوكسهال، أغلى حي في العاصمة.
وقال لي "الأمير الأسود": "ابن عمي اشترى مقعدًا في مجلس الأمن القومي؟" فأجبت: "لا أحد يشتري ويبيع واشنطن". فأضاف "إنه وزير ملعون، وغني، متأكد من أنه يمكن أن يملك المكان، لكنه لا يستطيع شراءه".. لديك الكثير لتتعلمه، يا صديقي". وانتهى اللقاء ولكنه لم يكن الأخير.
فلاحقًا التقيت بالأمير في أكثر من مكان، وفي كل لقاء كان يعرب عن ثقته بي، وكنا نتحدث عن دولة قطر، وكان واضحًا أن الأمير يريد توجيه طعنة في القلب لابن عمه وخصمه، ووزير خارجيته.
وفي أحد المرات دعاني "الأمير الأسود" إلى منزله في دمشق، وكان قد بنى لنفسه منزلًا من طابقين في مجمع عسكري شمال غرب دمشق. وكان للتجمع حديقة بحجم ملعب كرة قدم.
وفي إحدى الجلسات قال لي الأمير: "هل تعرف شيئًا عن ابن عمي حمد بن جاسم بن جابر"؟ فقلت إني التقيته في مكتب ليون فيورس مستشار الأمن القومي. وذكرت كيف طلب مني مغادرة المكتب لدى وصول وزير الخارجية.
فقال: "أنا لا أعرف إذا كنت صادقًا معي أم لا؟ لكن حكومتك تلعب لعبة خطيرة للغاية". سألته ما الذي كان يقصده؟
"دعونا نبدأ مع بن لادن" وزير الخارجية هو واحد من مؤيديه الرئيسيين وهو يكره السعوديين.
عرفت ذلك عندما كنت في وكالة الاستخبارات المركزية، وأنا سمعت سلطان وكبار الأمراء وهم يصفون وزير الخارجية "بالكلب".
وقد كنت أعرف أن وزير الداخلية، عبد الله بن خالد، التقى أسامة بن لادن في 10 أغسطس 1996، ولكن هذا لا يعني أي شيء. فهناك الكثير من العرب كانوا يحجون إلى الخرطوم لرؤية بن لادن. المخابرات العراقية أيضا التقت بن لادن في عدة مناسبات.
هل تعرف من هو خالد الشيخ حمد؟ "مو" يتم إسقاطها من كلمة "محمد" باللغة العربية التي يتحدثها القطريين. فكان "الأمير الأسود" يشير إلى خالد شيخ محمد.
فقلت: لا؛ لأنني كنت أسعى لمعرفة القصة من البداية إلى النهاية، وأضاف "إنه قائد العمليات الإرهابية التي ينفذها بن لادن، وكان هدفه تفجير الطائرات".
في العام 1995 كنت قائدًا للشرطة عندما جاء إلى قطر آتيا من الفلبين بعد اعتقال اثنين من أعوانه، فاقتدناه فورًا إلى وزير الداخلية عبد الله بن خالد، الوهابي المتعصب، وطلب مني أمير البلاد أن أساعد عبد الله ..
أصبح من الواضح بالنسبة لي أن "الأمير الأسود" يريد مني أن أفعل شيئا بهذه المعلومات. فمعظم العرب يقومون بذلك وكنت أرغب في سماع بقية القصة.
"فسألت: "أين هو خالد شيخ الآن؟" "عندما غادر خالد شيخ محمد قطر العام 1996، لم أكن متأكدًا من ظروف الانتقال.
وقال: أعتقد أنه في "براغ"، فأنا أعلم أن محمد شوقي اسطنبولي ذهب إلى هناك". وكان محمد شقيق خالد شوقي اسطنبولي، الذي فرغAK- 47 في صدر أنور السادات في العام 1981. وكان محمد نفسه مطلوبًا في مصر بتهمة القتل.
وعندما انتهى، سألته: "هل هناك دليل على كل هذا؟ "فقال: "بل لدي أكثر من ذلك بكثير. فأنا كنت وزيرًا للاقتصاد، وكلما جاء الوقت لوضع المال في الانتخابات الأمريكية، كنت أنا من يفعل ذلك" .
أنا لا اهتم بقيام الحكومات الأجنبية بوضع المال في الانتخابات الأمريكية، ولكنني اهتم لخالد شيخ محمد، وكنت أعرف بالفعل المؤامرات التي تحدث- كنت أعلم بخطة خالد شيخ محمد لتفجير الخطوط الجوية الأمريكية.
ولكن كيف يمكن لي إيصال المعلومات إلى وكالة الاستخبارات المركزية؟ فقد كنت خارج الوكالة والشيء الوحيد الذي يمكن فعله هو إرسال المعلومات والوثائق بالبريد الإلكتروني لصديق لا يزال في وكالة المخابرات المركزية والطلب منه تمرير المعلومات لمركز مكافحة الإرهاب، وإدراج جميع البيانات، بما في ذلك اسم "الأمير الأسود".
كنت آمل أن تقوم واشنطن بإرسال شخص للتحدث معه ولكن رد صديقي بعد يومين: "لا مصلحة لنا" لم أكن لاستسلم؛ لذلك طلبت مساعدة مراسل صحيفة نيويورك تايمز جيم رايزن، فإذا نشرت المعلومات، خاصة الوثائق في صحيفة نيويورك تايمز ربما تجذب انتباه شخص ما من حلفائنا في الخليج، حول واحد من أكثر الإرهابيين فتكًا في العالم.
وفي هذا الوقت كنت قد انتقلت إلى نيويورك، وكان "الأمير الأسود" لا يزال مستعدًّا لإخراج كل ما لديه، وعندما تقرر ذهاب رايزن إليه اختطف "الأمير الأسود" في بيروت ونقل جوًّا إلى الدوحة.
وحتى كتابة هذه السطور، هو في سجن بلا نوافذ، وتقول عائلته إنه يجري حقنه بالمخدرات. وبمجرد اختفائه هناك حقائق ثابتة أصبح من المستحيل تقريبًا الحصول عليها.
وبعد أن اختفى "الأمير الأسود" التقيت في نيويورك بواحد من رفاقه، ولد في سري لانكا، وكان مجنس أمريكيا. وكان يعمل للبعثة القطرية في الأمم المتحدة، قال إنه كان قلقًا من التحدث معي، وأنه لا يريد المزيد من المتاعب.
وبعد أن أقنعته أنني كنت صديقا "للأمير الأسود"، قال لي قصته: "في العام 1995، عندما أطاح أمير البلاد الحالي بوالده، قمت بخطأ تكتيكي لانحيازي إلى جانب الأب والأمير الأسود، ما جعلني عدوًّا لوزير الخارجية وأمير البلاد. وفي أحد الأيام التقيت وزير الخارجية في نيويورك فقال لي إنه يجب أن أختار بين الجانبين، والإبلاغ عن الأمير الأسود". فقلت "لماذا؟" "أنا لم أكسر القانون". أجاب الوزير: "لا يهم، سترى قريبًا".
كان من الواضح بالنسبة لي أن وزير الخارجية له الكثير من النفوذ في واشنطن، الأموال التي أنفقت سمحت لقطر أن يكون لها تأثير على مكتب التحقيقات الفدرالي، الذي أرسل فريقا إلى الدوحة في شهر فبراير 1996 لاعتقال خالد شيخ محمد. أيضًا لتسخير الـ FBI لترهيب المعارضة في قطر.
للأسف، لم تكن تلك هي نهاية القصة، ففي العام 1998، عندما كنت أعيش في فرنسا، تلقيت مكالمة من صحيفة وول ستريت جورنال من شاب يدعى داني بيرل. والتقينا في جنيف لنتحدث عن خالد شيخ محمد وقطر. كان يستمع، ويأخذ الملاحظات، وبعد فترة قال إنه طرح قصة خالد شيخ محمد، ولكن نحن الاثنين لا نملك المزيد من المعلومات لننشرها.
بعد يومين من 11 سبتمبر وصلتني هذه الرسالة على البريد الإلكتروني من بيرل: مرحبا، كيف الأمور؟ لم يصدر كتابك؟ آمل أنك لم تكن بالقرب من البنتاغون الثلاثاء؟
بعض المشتبه بهم كان من المفترض أنهم يحملون جوازات سفر تابعة للإمارات العربية المتحدة، وأتذكر أنك كنت قد تحدثت عن الفجيرة.
وأدعوك للتحدث عن خالد شيخ محمد وقطر.
ليس لدي أي وسيلة لمعرفة ما إذا كان بيرل ذهب إلى كراتشي وسأل عن خالد شيخ محمد. ولكن صحيفة وول ستريت جورنال تقول لا، إنه يعمل على قضية مختلفة.
فبيرل قتل وأصابع الاتهام كانت موجهة لخالد شيخ محمد، فقد علمت من صديق في لندن أنه بعد بضعة أيام من 11 سبتمبر تحدث بيرل مع وزير خارجية قطر للتساؤل عما إذا كان خالد شيخ محمد وراء الهجمات. لم أكن بحاجة إلى معرفة رد القطريين، فبالتأكيد نفوا بشدة معرفة أي شيء عن 11 سبتمبر وخالد شيخ محمد.
وأتساءل عما إذا كان القطريون دعوا خالد شيخ محمد وقالوا له: "إن بيرل على الطريق".
لكننا لن نجد إجابات للكثير من الأسئلة، فحكومتنا يجب أن تطالب بالحقيقة وتبحث عنها في أماكن مثل قطر والمملكة العربية السعودية. وصدقوني، الأسئلة أكثر من الأجوبة بعد 11 سبتمبر.
وقال قطري آخر لي إنه في أواخر 1990، أيمن الظواهري، نائب بن لادن في مصر، وعشرات الزملاء موجودون في قطر- وبعلم الحكومة. كما في المملكة العربية السعودية، وما زلنا لا نملك جوابًا عن: لماذا ظهر عمر بيومي في سان دييغو مع مئات الآلاف من الدولارات، وساعد اثنين من الخاطفين السعوديين، فهو بمتناول مكتب التحقيقات الفدرالية، ويعيش بهدوء في مكان ما في المملكة العربية السعودية؟
كثيرًا ما كنت أتساءل إذا كان المال الذي تلقاه كولن باول عن خطابه في جامعة تافتس جاء من الحساب الذي تستخدمه وزارة الدفاع السعودية للدفع لعمر بيومي.
لكي نطالب المملكة العربية السعودية بالحقيقة يجب أن نقولها لأنفسنا قبل ذلك، وإلا سيكون هناك المزيد من 11 سبتمبر، والمزيد من المآسي مثل قتل داني بيرل.
المرض اليائس يتطلب علاجًا خطيرًا..
إجابات واشنطن للمملكة العربية السعودية- هي نفسها لبقية دول الشرق الأوسط: الديمقراطية سوف تعالج كل شيء. يجب التحدث إلى العائلة المالكة للتنازل عن جزء على الأقل من سلطتها، وتعيين الأمراء ذوي العقلية الإصلاحية، وتأسيس برلمان نموذجي، إيجاد اثنين من الأحزاب السياسية، إرسال جيمي كارتر لمراقبة الانتخابات الأولية، ومن خلال إيجاد بعض التعديلات الرياض ستكون أنقرة، أو ربما ستوكهولم.
الآلية الحكومية قد لا تعمل بشكل جيد، ولكن الناس سيدعمونها؛ لأنها ستجتث الفساد، وتقبض على الإرهابيين، وتعترف بحق الشعب في الحكم الذاتي.
وفي مقال لمجلة ناشونال جورنال في 6 أكتوبر 2001 لخص جهاز موثوق في واشنطن المشكلة، وقال نيد ووكر، سفير الولايات المتحدة في إسرائيل ومصر والرجل الثاني في سفارة الرياض في العام 1980: "لن تحقق التنمية الاقتصادية الحقيقية دون الديمقراطية، الاستقرار على المدى الطويل يشجع الديمقراطية، ويساعد على بناء المجتمعات المدنية".
وقال شاس فريمان، السفير السابق للمملكة العربية السعودية: "سيتم توجيه تنظيم القاعدة أولًا وأخيرًا للإطاحة بالنظام السعودي. وقد خاضت السعودية المعارك الخاصة لمكافحة الإرهاب". وأضاف أنتوني كوردسمان، وهو خبير شئون الشرق الأوسط في مركز للدراسات الاستراتيجية والدولية: "المملكة العربية السعودية تقود عملية واسعة النطاق للتغيير الاقتصادي الاجتماعي. إنها تغير وهذا ما دفع الأقليات للجوء للعنف".
يمكنك سماع هذه النغمة في جميع أنحاء واشنطن، حتى خارج وكالة الاستخبارات المركزية، سوف تنتصر الديمقراطية في الصحراء؛ لأنها انتصرت في أمريكا وأوروبا. الناس هم الناس، ونحن جميعًا نريد الشيء نفسه .
إن ذلك محض هراء، أنصار الديمقراطية يتحدثون عن انتخابات حرة ونزيهة في المملكة العربية السعودية- شخص واحد، صوت واحد، كل تسعة أمتار مربعة .
دعونا نلقي نظرة على آخر مرة كان فيها انتخابات ديمقراطية حقيقية في دولة عربية: الجزائر في أواخر العام 1991 وأوائل العام 1992. عندما كان الأصوليون على وشك الفوز بأغلبية ساحقة، وفرض الدستور الإسلامي، فتدخل الجيش ودخلت البلاد على الفور بحرب أهلية قتلت مئات الآلاف من الناس.
لماذا نتوقع أن تكون المملكة العربية السعودية مختلفة؟ وفقًا لأحد استطلاعات الرأي التي أجريت في أكتوبر 2001، 95 % من السعوديين المتعلمين الذين تتراوح أعمارهم بين العشرين عامًا وواحد وأربعين يدعمون بن لادن.. في أكتوبر 2002 سألت أحد زعماء المعارضة السعودية، محمد المسعري، فقال: "ليس هناك أي شك في أن الحكومة الإسلامية من شأنها أن تخلف آل سعود إذا سمح للسعوديين في تقرير مصيرهم السياسي".
استطلاع أكتوبر 2001 لم يجب عن سبب دعم السعوديين لـ"بن لادن" على الرغم من أنني أفترض أنه لا يهم حقًّا. ربما "بن لادن" لا يجرؤ على فعل ما ترفض الولايات المتحدة الأمريكية القيام به: الوقوف في وجه اللصوص الذين يحكمون البلاد. أو ربما كما يقول المحافظون الجدد في واشنطن: "إنهم يكرهون الغرب وقيمه، وأيا كان السبب، فإن الأثر العملي هو انتخابات ديمقراطية في السعودية".
نيد ووكر، الذي يعلم كل شيء عن الديمقراطية في المملكة العربية السعودية، ورئيس معهد الشرق الأوسط، مدعوم جزئيًّا من الأمراء السعوديين الذين يفضلون الزحف على ركبهم إلى مكة المكرمة للحصول على التصويت الشعبي.
رئيس مجلس الإدارة، ريتشارد بيرل، كان بمثابة شريك في شركات متخصصة في مجال التكنولوجيا، والسلع، والخدمات المتعلقة بأمن الوطن والدفاع. بينما بيرل كان شديد القسوة، وقال: إن السعوديين يحثون على الحرب ضد العراق، كان شركاؤه مجتمعين مع كبار رجال الأعمال السعوديين في محاولة لجمع 100 مليون دولار للاستثمارات الجديدة.
الوضع هو على النحو التالي:
- العالم الصناعي يعتمد على احتياطيات النفط في العالم الإسلامي وسيحتاج إليها لعقود قادمة، سواء قامت الدول العربية بتطوير احتياطياتها أو آسيا الوسطى.
- من بين الدول النفطية الإسلامية، ليس هناك ما هو أكثر أهمية من المملكة العربية السعودية، لأنها (أ) تجلس على رأس أكبر الاحتياطيات النفطية، (ب)؛ لأنها بمثابة الهيئة المشرفة على السوق الصناعي البترولي العالمي، و(ج) لديها المال، والإرادة السياسية، والحماسة الدينية لمواصلة السيطرة على شبه الجزيرة العربية وآسيا الوسطى.
- من بين الدول المستهلكة للنفط، لا أحد يستهلك أكثر من الولايات المتحدة، وبالتالي ليس هناك من دولة أكثر اعتمادًا على النفط السعودي.
- إذا استطاعت دبابات المملكة العربية السعودية، السيطرة على أربع أسر خليجية أخرى في المنطقة ممن يملكون مجتمعين 60 % من احتياطيات النفط المؤكد في العالم، الاقتصادات الصناعية لن تتراجع، بما في ذلك اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية.
شئنا أم أبينا، الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية في مركب واحد، مستقبلها هو مستقبلنا. في نهاية المطاف، ما نحتاج إليه في المملكة العربية السعودية والشرق الأوسط هو حكم القانون. أنا لا أتحدث عن شرعة الحقوق، وحرية الصحافة، وحرية العبادة، أو الحق في حمل السلاح. أنا أتحدث عن شيء أكثر أساسية- تحريم نشاطات الجهاديين والإخوان المسلمين وتجريم اللجان والسرقة، والرشوة. فقط من خلال معالجة تلك المشاكل يمكن أن تفكر في حقوق الآخرين أو الديمقراطية الحقيقية، التي من شأنها أن تساعد في فرض سيادة القانون، مثل فرض قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة، ووقف الرشوة، ووضع حد للمسئولين المتقاعدين من الحكومة الأمريكية.
إذا كنت تحمل منطق التقدم إلى الأمام، سيكون من الممكن تعديل قوس الحكومات الشيعية من طهران إلى الكويت إلى البحرين إلى المنطقة الشرقية، جميع البلدان التي عدد سكانها الشيعة كبير جدًّا. قبل 11 سبتمبر، أي حديث عن بناء الأمة على هذا النطاق كان يسحب من أي نقاش جدي في سياسة واشنطن. نحن الآن نواجه حل البيت السعودي، وليس أمامنا أي خيار آخر. الغزو والثورة قد يكونان الشيء الوحيد الذي يمكن أن ينقذ الصناعات الغربية لفترات طويلة، واشنطن دفعتنا للتعامل مع الشيطان. وهمسنا في أذنه وقلنا إننا نحبه.عندما تسير الأمور بشكل خاطئ، تقوم واشنطن بوضع يدها وتقول إنها على ما يرام. وكل هذا الوقت كانت أعيننا على المحافظ المنتفخة.