قمة الفرقاء.. خلافات الدول تهدد مبادرات "القمة الإسلامية"

الخميس 14/أبريل/2016 - 01:18 م
طباعة قمة الفرقاء.. خلافات
 
سلمت مصر التي رأست الدورة الثانية عشرة لمنظمة التعاون الإسلامي، رئاسة الدورة الثالثة عشرة إلى تركيا، على أن تكون فلسطين وجيبوتي وبوركينا فاسو نواباً، ومصر مقرراً.
قمة الفرقاء.. خلافات
وينتظر العالم الإسلامي صدور قرارات ومبادرات عملية من القادة في مؤتمر القمة الإسلامي المنعقد علي مدار يومين في تركيا بمدينة إسطنبول، في مقدمتها التصدي لظاهرة الإرهاب ومواجهة التطرف والعنف والتشدد التي تصب في مخزون خطاب الكراهية للإسلام والمسلمين "الإسلاموفوبيا"،  وبحث تأسيس الانتربول الاسلامي، والتي تعتبر ذات أولوية قصوى لما تشهده دول العالم الإسلامي من صراعات، إضافة إلى القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي والتي تعتبر قضية المسلمين الأولى.
وتوقع مراقبون أن يتخذ قادة العالم الإسلامي في القمة  قرارات ومبادرات عملية تسعى إلى النهوض بالعمل الإسلامي المشترك٬ والارتقاء بالدور المناط بمنظمة التعاون الإسلامي على الساحتين الإقليمية والدولية٬ بما في ذلك اعتماد الخطة العشرية الجديدة 2015-2025 وهي رؤية استراتيجية تتضمن أولويات محددة في مجالات: السلم والأمن، مكافحة الإرهاب والتطرف وغيرها.
كانت بدأت أعمال قمة منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، بحضور قادة العالم الإسلامي، اتخاذ قرارات ومبادرات عملية تسعى إلى النهوض بالعمل الإسلامي المشترك، والارتقاء بالدور المنوط بمنظمة التعاون الإسلامي على الساحتين الإقليمية والدولية.
وكان في مقدمة الحضور أمين عام المنظمة، إياد مدني، تلاه رئيس الوزراء الأردني، عبدالله النسور، وولي العهد البحريني، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ورئيس حكومة "الوفاق الوطني" الليبية، فائز السراج، فضلًا عن الرئيس الإيراني حسن روحاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، ورئيس ساحل العاج الحسن وتارا، وسلطان بروناي حسن البلقية، ورئيس جمهورية شمال قبرص التركية، مصطفى أقينجي، وأمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، وأمير الكويت، صباح الأحمد الجابر الصباح، والعاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس الأذري، إلهام علييف، والرئيس الكازاخستاني، نورسلطان نزارباييف، ورئيس الوزراء اللبناني، تمام سلام.
وتستمر القمة على مدار يومين بمشاركة أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة، إلى جانب رؤساء برلمانات ووزراء خارجية، تحت شعار "الوحدة والتضامن من أجل العدالة والسلام".
وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي مثل بلاده في القمة على استمرار جهود بلاده مع منظمة التعاون الإسلامي، والدول الأعضاء في خدمة العالم الإسلامي، مضيفًا أن "الحروب في سوريا واليمن والعراق وليبيا نتاج مشاكل داخلية وإقليمية ودولية".
وجدد الوزير التأكيد على ضرورة الحل السياسي لهذه الأزمة، مضيفاً: "إرادة الحل السياسي التي أبدتها موسكو وواشنطن باتجاه إيجاد تسوية للأزمة السورية والتحسن النسبي على الأرض دليل عملي على استعادة قدر من التوازن، ونأمل أن ينسحب ذلك على الساحة الدولية كلها".
قمة الفرقاء.. خلافات
من جانب آخر سيطرت الخلافات بين بعض رؤساء الدول على مواقفهم في القمة، وهناك ما يؤشر إلى فشل المبادرات المطروحة في القمة، وكانت الأخيرة هي الأولى التي جمعت بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس الإيراني حسن روحاني، بعد توتر العلاقات بينهما منذ مطلع يناير الماضي.
وقالت تقارير إعلامية إيرانية: "إن روحاني يأمل أن تسفر القمة الإسلامية عن لقاء مع العاهل السعودي في اسطنبول".
وأظهرت إحدى الصور التي نشرتها وسائل إعلام تركية للزعماء المشاركين في القمة، روحاني في موقع قريب ينظر إلى الملك سلمان باهتمام بالغ، فيما بدا أن العاهل السعودي لم يعر اهتمامًا بالرئيس الإيراني الذي ترى المملكة أن بلاده تعمل على زعزعة استقرار دولة المنطقة.
في الوقت نفسه، تجاهل وزير الخارجية المصري سامح شكري، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في ختام كلمته بالجلسة اﻻفتتاحية للدور الـ13 لقمة منظمة التعاون اﻹسلامي، في إسطنبول.
وقال شكري في ختام كلمته، اليوم الخميس: تتوجه مصر بالشكر إلى كافة الدول التي ساندتها خلال رئاستها للدور الـ12 للقمة اﻹسلامية.. واﻵن تنتقل الكلمة إلى الرئاسة التركية، متجاهلاً بذلك ذكر اسم الرئيس التركي أردوغان.
وتشهد العلاقات بين مصر وتركيا حالة من التوتر الشديد، عقب عزل الرئيس اﻷسبق محمد مرسي من حكم البلاد.
وكانت منظمة التعاون الإسلامي تعرف سابقاً باسم منظمة المؤتمر الإسلامي، وهي منظمة دولية تجمع سبعًا وخمسين دولة، وتصف المنظمة نفسها بأنها "الصوت الجماعي للعالم الإسلامي" وإن كانت لا تضم كل الدول الاسلامية وأنها تهدف لـ "حماية المصالح الحيوية للمسلمين" البالغ عددهم ما بين 1,3 مليار إلى 1,5 مليار نسمة، وللمنظمة عضوية دائمة في الأمم المتحدة.
والدول السبع والخمسون هي دول ذات غالبية مسلمة من منطقة الوطن العربي وإفريقيا وآسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا وشبه القارة الهندية والبلقان البوسنة وألبانيا.
وتأسست المنظمة في الرباط في 25 سبتمبر 1969، إذ عقد أول اجتماع بين زعماء العالم الإسلامي، بعد حريق الأقصى في 21 أغسطس1969؛ حيث طرح وقتها مبادئ الدفاع عن شرف وكرامة المسلمين المتمثلة في القدس وقبة الصخرة، وذلك كمحاولة لايجاد قاسم مشترك بين جميع فئات المسلمين.
وانعقدت القمة وسط تشديدات أمنية كبيرة، حيث ينتشر بمحيط انعقادها في منطقة "تقسيم"، وسط اسطنبول، المئات من مئات عناصر الأمن.
قمة الفرقاء.. خلافات
وسبق قمة القادة اجتماعات تحضيرية لوزراء خارجية الدول الأعضاء في "منظمة التعاون الإسلامي"، على مدار اليومين الماضيين، تم خلالها مناقشة مشروعي جدول الأعمال وبرنامج عمل الدورة الثالثة عشرة للقمة.
وبحث وزراء الخارجية الوثائق الختامية المقدمة للقمة والخاصة بكل من قضية فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي، وحالات النزاع في العالم الإسلامي والهجرة، ووضعية المجتمعات المحلية المسلمة في الدول غير الأعضاء، ومكافحة الإرهاب والتطرف.
كما بحث وزراء الخارجية الأوضاع الراهنة في كل من سوريا واليمن، وليبيا، وأفغانستان، والصومال، ومالي، وجامو وكشمير، والبوسنة والهرسك، واعتداءات أرمينيا على أذربيجان، وغيرها من الدول الإسلامية التي تشهد نزاعات وأوضاع أمنية غير مستقرة، ورفعوا توصيات ومقترحات بشأن تلك القضايا إلى مؤتمر القمة.
وأكدت تركيا في بيان سابق صادر عن الرئاسة أنها "ستبذل خلال فترة توليها رئاسة المنظمة، وفي قمة إسطنبول، جهودًا لإيجاد حلول للمشاكل الداخلية والخارجية التي يواجهها العالم الإسلامي، وتعزيز العلاقات بين الدول الأعضاء".
وحسب تسريبات إعلامية لمشروع البيان الختامي للقمة، فقد أدان قادة ورؤساء الحكومات الاعتداءات على البعثات السعودية في إيران، ورفضوا التصريحات الإيرانية التحريضية فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية بحق مرتكبي الجرائم الإرهابية في السعودية.
كما أدان البيان التدخلات الإيرانية في الشئون الداخلية للبحرين واليمن وسوريا والصومال واستمرار هذه الدولة في دعم الإرهاب.
وحسب المصادر نفسها فإن البيان يتضمن كذلك بندا يندد بالأعمال الإرهابية التي يرتكبها حزب الله اللبناني في الكويت والبحرين وعدد من الدول العربية الأخرى، كما يشير إلى دور الحزب في زعزعة الاستقرار وخلق الأزمات وإثارة الفتنة، وتصنف دول الخليج والدول العربية حزب الله اللبناني على أساس أنه منظمة إرهابية.
كما ستقر القمة الإسلامية، إنشاء مركز للتعاون والتنسيق بين المنظمات الشرطية؛ من أجل مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف والجريمة المنظمة العابرة للحدود.
وسيُعهد إلى الأمانة العامة للمنظمة عقد اجتماع لفريق خبراء حكوميين مفتوح العضوية في المجالين القانوني والأمني، من أجل استكمال مشروع النظام الأساسي للمركز.
من جانبه دعا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين تركيا إلى تحويل شعار القمة إلى واقع فعلي، مضيفًا أن "الاتحاد يثمن استلام الجمهورية التركية رئاسة القمة الإسلامية لفترتها المقبلة، ويدعو لها بالتوفيق والسداد، ولسائر بلاد الإسلام والمسلمين، بل وللعالم أجمع، ويدعوها إلى تبني تحويل شعار هذه القمة "الوحدة والتضامن" إلى واقع فعلي تمارسه جميع الدول الإسلامية، وتعيشه وتلمسه الشعوب، عبر تبني أحلامها وآمالها، وإزالة أي عوائق في طريق تحقيق تلك الوحدة وهذا التضامن المنشودين"".
قمة الفرقاء.. خلافات
وطالب القمة الإسلامية بـ"تبني آمال الشعوب الطامحة إلى الحرية والتغيير والتجديد"، بجانب "تفعيل التعاون الحقيقي بين الدول، بل والتكامل كذلك، وإزالة العوائق السياسية والاقتصادية البينية وغيرهم"، مشيرًا أن التعاون والتكامل في المجالات المختلفة من شأنه تقوية الجميع معًا، والاستفادة من الموارد لدى كل دولة، بما يجعل اتحاد الدول الإسلامية اتحادًا حقيقيًا يقدم الخير لأوطانه ومواطنيه، وللعالم أجمع".
وحث الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين "القمة الإسلامية على إدراج قضايا الإرهاب والاستبداد على جدول أعمالها، والبحث في الأسباب الحقيقية لهما، وما هي طرق العلاج الفعالة، لإزالة آثارهم السلبية على الإنسان والكون".
وأوضح: "كما أن هناك إرهابًا تمارسه تنظيمات مثل داعش وغيرها، فإن هناك كيانات تمارس إرهابًا منظمًا أمام مرأى ومسمع العالم مثل الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين الحبيبة، وهناك أنظمة تنتهج الإرهاب والانقلابات كأسلوب حياة لها ضد شعبها ووطنها، فالاتحاد لا يرى فصلًا بين الإرهاب والاستبداد حيث بينهما ارتباطًا وثيقًا".
كما دعا بيان الاتحاد القمة إلى "ممارسة ضغط دولي لمواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا التي تتبناها بعض الدول والمنظمات الغربية، لتشويه صورة الإسلام والمسلمين، ويستخدمها البعض لتحقيق أغراض عنصرية ضد أمتنا الإسلامية".
وكان وزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظمة ركزوا نقاشاتهم خلال اجتماعاتهم التحضيرية، على الصراعات والنزاعات التي تشهدها المنطقة، وانتشار الجماعات المتطرفة كما ركز المجتمعون على بحث القضية الفلسطينية.

شارك