داعش بين فتوى الخروج من الإسلام والقصف الجوي

الإثنين 29/سبتمبر/2014 - 06:53 م
طباعة مدرسة يتخذها مسلحوا مدرسة يتخذها مسلحوا “داعش”، لعلاج جرحاهم
 
وجه 126 عالمًا من علماء المسلمين في العالم، بمن فيهم مفتي الديار المصرية ومفتي القدس والديار الفلسطينية، رسالة مفتوحة إلى "مقاتلي وأتباع" تنظيم الدولة الإسلامية داعش قالوا فيها إن التنظيم "لا يمت إلى الإسلام بصلة".
نهاد عوض
نهاد عوض
واستند كاتبو الرسالة ـ التي تقع في 32 صفحة مرفقًا بها أسماء ومناصب المشايخ والعلماء في غياب تام لأسماء جزائرية أو سعودية - إلى الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة لضرب الإيديولوجية المتشددة التي يروج لها "خليفة المسلمين" أبو بكر البغدادي لتبرير ما يقوم به مقاتلوه من ذبح وتعذيب وسفك للدماء.
والهدف من الرسالة هو "دحض فلسفة داعش نقطة نقطة، بناء على نصوص القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة"، حسبما قال المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية- الأمريكية، نهاد عوض، الذي قال إن الرسالة تستخدم "نصوصًا دينية لتفنيد ما أتى به داعش من حجج لاستقطاب شباب وجعلهم يقاتلون في صفوفه"، وركزت الرسالة على 24 نقطة، أبرزها:
 قتل الأبرياء، وقدم المشايخ والعلماء في الرسالة نصين استشهد بهما العلماء الموقعون على الرسالة لإظهار أن ما قام به رفقاء البغدادي من قتل للنفس "حرام ومن أكبر الموبقات".
داعش بين فتوى الخروج
وعابت الرسالة قتل الرسل مثلما حدث للصحفيين جيمس فولي وستيفن سوتلوف، وعاملين بالمساعدات الخيرية مثل ديفيد هينز. وقال الموقعون إن داعش "ضرب بعرض الحائط كل التحريمات التي أتت في هذا المجال".
وشخص العلماء مسألة التكفير بالقول: "تكفير الناس ناجم عن غلو بعض علماء السلفية، في حين إن ملخص القول في هذا الأمر هو أن من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله، فهو مسلم ولا يجوز تكفيره".
وجاء في الرسالة أن هذه المسألة من الخطورة بمكان لما فيها من استحلال لدماء المسلمين وانتهاك لحرمتهم وأموالهم وحقوقهم. كما تناولت الرسالة، بالتفصيل، قضايا تتعلق بأهل الكتاب، والرق، والإكراه، والتمثيل بالجثث، والنساء والأطفال.
وليست هذه المرة الأولى التي يندد فيها القادة المسلمون بأعمال تنظيم الدولة الإسلامية، إذ قال رئيس مجلس المسلمين في ألمانيا أيمن مزيك، الأسبوع الماضي، إن مقاتلي داعش "مرّغوا الإسلام في الوحل".
وطالب العلماء الموقعون على الرسالة العالم بالتوقف عن تسمية التنظيم المتشدد بـ"الدولة الإسلامية"، لأن ذلك يسهم في ترسيخ الصورة بأن هذا التنظيم يحمي أراضي المسلمين من غير المسلمين.
داعش بين فتوى الخروج
ومن الجدير بالذكر أن هذه الرسالة من علماء مسلمين جاءت متماشية مع ما نشرته الصانداي تليغراف في عنوانها "القصف الجوي لا يمكنه حسم الحرب ضد داعش"، حيث أكدت أن تنظيم داعش سيخسر الحرب فقط عندما تصبح الايديولوجية (الفكر) التي ينطلق منها غير جاذبة لأنصاره في العالم الإسلامي.
 ويتناول الموضوع الذي أعده رئيس قسم الشئون الخارجية في الجريدة "دافيد بلير" جوانب عدة بالتحليل، منها أن القنابل التي يتم توجيهها بأشعة الليزر والمقاتلات الحديثة يمكنها أن تحدث أثرًا تدميريا كبيرًا في ساحة المعركة، لكنها لن تكون كافية لكسب الحرب.
داعش بين فتوى الخروج
 ويقول بلير إن وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" نشرت صورًا وفيديوهات عدة توضح آثار القصف الذي يطال عددًا من المواقع التابعة لـ"داعش"، ويضيف أن ذلك يجعل البعض يرجح بأن هذه القوة التدميرية الكبيرة للقذائف الأمريكية كافية لكسب الحرب خاصة بعدما انضمام القوات الجوية البريطانية إلى العملية، لكن ذلك يعبر عن سوء فهم كبير.
 ويؤكد بلير أن جماعة "داعش" الإرهابية ستنهزم فقط عندما تنتهي شبكة الأفكار التي تنفذ منها إلى قلوب أنصارها والشباب الذين ينضمون إليها للقتال سواء من دول الشرق الأوسط أو العالم الغربي.
 ويستدل بلير بعبارة للجنرال جوناثان شو قائد القوات البريطانية الأسبق في العراق قال فيها "هذه الحرب سيتم الفوز بها أو خسارتها في قلوب وعقول الشعوب الإسلامية".
 ويوضح بلير أن ملابسات الأزمة في العراق وسوريا الساحتين الأكبر لسيطرة داعش كانت متشابهة، حيث تم استبعاد المسلمين السنة من مراكز صنع القرار والمناصب الكبرى للحكومة بواسطة الأنظمة الطائفية الحاكمة.
 ويخلص بلير إلى أنه لابد من تحقيق شرطين أساسيين لإدراك النجاح في هزيمة داعش بشكل نهائي.
 الأول هو أن تتم تسوية الصراعات الدموية في كل من سوريا والعراق، وهو ما يعني حسب قوله رحيل بشار الأسد الذي ينتمي للطائفة العلوية .
 والشرط الثاني تمكين السنة من الحصول على حصة مناسبة في الحكومة ومراكز صنع القرار في الدولتين حسب تعبيره.
داعش بين فتوى الخروج
جاء ذلك متماشيا مع تحذير قائد الجيش البريطاني السابق الجنرال لورد ريتشاردز من أنه لا يمكن هزيمة ما يسمى بـ"تنظيم الدولة الإسلامية" الإرهابي من خلال الضربات الجوية فقط، مشيراً إلى أن حكومات ‏الدول الغربية مخطئة باستبعاد نشر قوات أرضية.
وقال ريتشاردز، الذي استقال من منصبه كرئيس للأركان العام الماضي، في تصريحات لصحيفة "ذي صانداي تايمز" البريطانية، إن "هناك حاجة إلى حملة عسكرية تقليدية يتم شنها بنفس نطاق الهجمات التي أطاحت بالرئيس العراقي الأسبق صدام ‏حسين في عام 2003 لسحق داعش"
وانتقد ريتشاردز التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، قائلاً: "في نهاية المطاف تحتاج إلى ‏قوات أرضية لتحقيق الأهداف التي حددناها لأنفسنا، كل ما ستفعله الضربات الجوية هو ‏تدمير عناصر داعش، لكنها لن تحقق هدفنا الإستراتيجي". ‏
وقال: "الطريقة الوحيدة لهزيمة داعش هي استعادة الأرض التي يشغلونها وهو ما يعني عملية ‏عسكرية تقليدية"، مشدداً على أن "الطريقة الوحيدة للقيام بذلك على نحو فعال هو استخدام جيوش الدول الغربية ولكنني ‏أتفهم المقاومة التي يبديها بعض السياسيين". ‏

شارك