انقسام إسلاميو تونس حول الانتخابات القادمة

الأربعاء 01/أكتوبر/2014 - 11:22 م
طباعة انقسام إسلاميو تونس
 
ينتظر الشعب التونسي خلال الاسابيع القادمة استحقاقيان هامان في المسيرة الديموقراطية أولهما الانتخابات البرلمانية في اكتوبر الجاري والثاني الانتخابات الرئاسية في نوفمبر القادم ، وتشير التوقعات للمراقبين السياسيين ان حركة "النهضة " قد تفوز بأغلبية لا بأس بها في الانتخابات البرلمانية بعدما تعلموا الدرس من الحركة الام في مصر "جماعة الاخوان " الا ان هذه الانتخابات قد احدثت انقسامات لا بأس بها بين الاسلاميين التونسيين وخير دليل على هذا تصريح الشيخ فريد الباجي بتحريم الانتخابات القادمة 
فريد الباحي
فريد الباحي
فقد صرح “الشيخ” التونسي فريد الباجي بتحريم إجراء الانتخابات القادمة “إلى حين إصلاح منظومة عمل هيئة الانتخابات التي ستؤدي إلى تزوير النتائج خاصة بعد الإخلالات المسجلة على مستوى تزكيات الناخبين” حسب قوله.
فلقد ظهر رجال الدين في الآونة الاخيرة بدول الربيع العربي كفاعليين سياسيين وفي تونس اقتصروا على الشق القريب من حركة "النهضة " الاسلامية والذين اتخذوا من معاداة خصومهم السياسيين مقياسا لخطبهم وفتياهم وبياناتهم الامر الذي ازعج جزء واسعا من التونسيين الذين أبدوا تخوفهم من مألات كارثية بسبب الخلط بين الديني والسياسي.
فانتقلت المعركة السياسية بين الاحزاب الحاكمة والمعارضة الى معركة بين رجال دين موالين للإسلاميين ورجال دين موالين للحداثيين، ف ”الشيخ” فريد الباجي على سبيل المثال جعل من معارضته لحركة “النهضة” الاسلامية عملا يوميا له من خلال تصريحاته الإذاعية والتلفزيونية التي تنطلق من الآيات والأحاديث والتفاسير الدينية التي يرويها.
تحركات الباجي لم تزعج المعسكر الحداثي رغم انها تمثل أقصى درجات الخلط بين الديني والسياسي بل كانت محل ترحيب حيث اصبح نجما تلفزيونيا يقدم البرامج وتستضيفه القنوات المدافعة عن “الحداثة” في كل المواضيع وتستقبله زعامات سياسية الى ان اصبح مكلفا ب” الامن العقائدي” في احدى مراكز الدراسات الامنية.
مختار الخلفاوي
مختار الخلفاوي
وحتى مهاجمته للإسلاميين بكل توجهاتهم من داخل منظومة الشريعة الاسلامية التي يتقن فريد الباجي اصطفاء الآيات والأحاديث التي تناسب موقفه. تماماً كما يفعل زعيم السلفية العلمية في تونس البشير بن حسن والذي ينتقي بدوره آيات وأحداث تدافع عن موقفه، فالمشكل ليس في آيات القرآن والفتوى، ف” لكل شيخ طريقة” وكل شخص له فتوى تروقه في ظل تعدد الفتاوى، بل إن اصل الداء يكمن في إقحام المقدس في صراعات سياسية.
وقد كشف تصريح الباجي الاخير بحرمة الانتخابات تداخلا لديه، او ربما هي رغبة في الظهور بعد غياب او تغييب عن الساحة، فالآراء الفقهية حول الانتخابات منقسمة بين فريق يفتي بتحريم العملية الانتخابية والنظام الديمقراطي وفريق اخر يرى ان الديمقراطية والانتخابات ما هي الا اجتهاد وتطوير لمبدأ الشورى الذي نص عليه الاسلام. لكن إصدار تصريح يقضي بحرمة اجراء الانتخابات “الى حين إصلاح منظومة عمل هيئة الانتخابات” فهي سابقة لا أساس علمي وديني لها، فلو أفتى بحرمة الغش والتزوير وتزييف إرادة الناخب لكان ذلك مقبولا.
كما ان المتابع للشأن السياسي في تونس يدرك ان “فتوى” فريد الباجي جاءت انتصارا لصديقيه المرشحين للانتخابات الرئاسية (نصر بن سلطانة والأزهر بالي) واللذان رفضت هيئة الانتخابات ترشحهما لوجود نقص في التوكيلات الشعبية. ولقد اعتبر البعض تصريح الباجي نوع من الفتوى مما ادي الي رد الكاتب مختار الخلفاوي على هذا من خلال مدونته الخاصة : "تعليقا على تصريح الشيخ فريد الباجي بحرمة الانتخابات ما لم تصحّح المنظومة الانتخابيّة الحاليّة:
الانتخابات مواضعات بشريّة تنظّمها - في إطار الديمقراطيّة - قوانين وضعيّة تنظر في مدى ملاءمة العمليّة الانتخابيّة ككلّ للمعايير الدوليّة للانتخابات، فيقال انتخابات حرّة وشفّافة ونزيهة ومراقبة دوليّا ومحلّيا أو يقال عكس ذلك انتخابات غير حرّة وموجّهة ومزوّرة ومدلّسة وغيره.. الانتخابات ليست تخضع للأحكام الشرعيّة حتّى يقال إنّها محرّمة أو واجبة أو مندوبة أو مكروهة أو مباحة.. فليدّخر الشيخ فتواه لغير هذا، فالحلال والحرام مجالهما الدين والانتخابات مجالها الدنيا..".

شارك