حكومة الشاهد... ماذا تريد حركة النهضة من الحكومة المرتقبة؟
السبت 06/أغسطس/2016 - 02:13 م
طباعة
يقود يوسف الشاهد رئيس الحكومة التونسية المكلف بالتشكيلة الوزارية مشاورات مكثفة مع الأحزاب والشخصيات السياسية والقوى المدنية وسط اقتناع المعارضة بأن التحالف بين الرئيس قائد السبسي وراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية جرف مسبقًا "وطنية" الحكومة المرتقبة، خاصة بعد ترويض اتحاد الشغل القوة الاجتماعية والمدنية الأولى في تونس.
موقف النهضة:
وقد أثار تكليف رئيس الجمهورية ليوسف الشاهد بتشكيل "حكومة الوحدة الوطنية" جدلًا على الساحة السياسية التونسية، فضلًا عن المجتمع المدني والشارع التونسي، وقد لاقى هذا التكليف ترحيبًا من البعض وانتقادًا واسعًا من البعض الآخر.
كما شهدت أحزاب الائتلاف الحاكم خلافات داخلية وتضاربًا في المواقف بشأن تكليف الشاهد، ومنها حركة النهضة التي برزت قيادات داخلها رفضت هذا التعيين؛ حيث لم تعتبر الشاهد رجل المرحلة.
وحول هذا الموضوع وحقيقة الخلافات داخل النهضة بخصوص تعيين الشاهد، قال القيادي وعضو مجلس الشورى عبد اللطيف المكي: إن الخلافات والنقاشات طبيعية داخل الحركة فهناك من يوافق وهناك من يعارض، مبينا أنها خلافات تحدث في جميع الأحزاب.
وأضاف المكي في تصريح لحقائق أون لاين اليوم السبت 6 أغسطس 2016، أن هناك من ساند هذا التعيين وهناك من عارضه لكن العبرة بالموقف النهائي للحركة الذي عبر عنه مجلس الشورى الذي انعقد أول أمس الخميس.
وكان مجلس الشورى قد صادق على قبول المكتب التنفيذي بتكليف يوسف الشاهد برئاسة الحكومة، واعتبر أن الحركة معنيّة بالمشاركة في الحكومة، وستساهم في مشاورات تشكيلها وستقرر موفقها الرسمي والنهائي في وقت لاحق على ضوء نتائج المشاورات مع رئيس الحكومة المكلف.
وحول ما إذا كانت الحركة اقترحت أسماء لتولي مناصب وزارية في حكومة الشاهد، اكتف عبد اللطيف المكي بالقول: إن رئيس الحكومة المكلف يعقد جلسات تشاورية مع مختلف الأحزاب وحركة النهضة لم تقدم بعد مقترحاتها.
وكان مصدر مطلع على مشاورات تشكيل الحكومة المرتقبة قال في تصريح سابق لحقائق أون لاين: إن حركة النهضة تفاوض من أجل الحقائب الوزاريّة ذات الصّبغة الاجتماعيّة، مضيفًا أن الحركة طالبت بوزارة الشباب والرياضة ورشّحت 6 أسماء لتولي مناصب وزاريّة من بينها حسين الجزيري وعماد الحمامي وسمير ديلو..
اتفاق السبسي والغنوشي:
ورغم تأكيد الرئيس التونسي قايد السبسي في أكثر من مناسبة بأن مبادرته أطلقها دون مشاورة أي طرف من جهة، وتأكيد النهضة أنها تفاجأت بالمبادرة تفيد تسريبات بأن "فكرة حكومة الوحدة الوطنية" تمت صياغتها مسبقًا من قبل كل من السيسي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، اللذان يوصفان بـ"شيخي صناعة السياسة في تونس" قبل عرضها على الاتحاد العام التونسي للشغل.
وقالت دوائر سياسية مطلعة: إن المبادر جاءت على خلفية اقتناع "الشيخين" بأن الائتلاف الحاكم، "النداء، النهضة، آفاق تونس والوطني الحر" قد فشل في تسيير مؤسسات الدولة وإدارة الشأن العام وسط دعوات المعارضة باستقالته وتوتر علاقته مع اتحاد الشغل الذي يطالب بإشراكه في صناعة القرار الوطني.
وأضافت الدوائر أن "كل من النهضة واتحاد الشغل على علم مسبق بترشيح الشاهد لسببين أولهما أن الحركة الإسلامية التي تمثل القوة الانتخابية الأولى حليفة للرئيس الباجي وثانيهما أن موقف المركزية النقابية يعدا أمرًا حاسمًا في إسناد المبادرة؛ نظرًا لما يتمتع به من نفوذ اجتماعي وسياسي.
وقد أعلنت أحزاب حركة الشعب والمسار الاجتماعي والحزب الجمهوري انسحابها من مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة لتصطف إلى جانب الجبهة الشعبية وباقي أحزاب المعارضة في رفضهم لاختيار قيادي من نداء تونس لرئاسة حكومة وحدة وطنية.
وتظهر قراءات سياسية أن صمت إتحاد الشغل وحماس الغنوشي من جهة، والكلمة التي ألقاها الشاهد مباشرة بعد الإعلان عن قرار تكليفه الأربعاء وانطلاقه في المشاورات صباح الخميس من جهة أخرى، يعد مؤشرا على أن مشاورات تمهيدية تمت في إطار التكتم الشديد قبل إطلاق المبادرة.
ويقول سياسيون: إن الضغوط التي تعرض إليها الحبيب الصيد رئيس الحكومة لإجباره على الاستقالة جاءت في أعقاب "اتفاق" الشيخين ومباركة العباسي على مضض لقرار سياسي بامتياز مسبق قبل حياكة مخرجاته الدستورية.
وتظهر قراءات أن كل من السبسي والغنوشي راهنا مسبقًا على تركيبة حكومية سياسية تحت يافطة حكومة وحدة وطنية خاصة بعد ترويض إتحاد الشغل من جهة، واقتناعهما بأن التركيبة يمكن تشكيلها بناء على "الأوزان" الانتخابية في ظل توقعهما مسبقا برفض كل من الإتحاد والجبهة الشعبية المشاركة من جهة أخرى.
المشهد التونسي:
وفي ظل انسحاب المعارضة التونسية من المشاورات وصمت اتحاد الشغل يبدو الشاهد قادمًا على حرب شرسة مع "الحليفين" في حال تمسكه بتركيز حكومة وحدة حقيقية بناء على تعدد المشهد السياسي، لا بناء على أوزان الكتل الانتخابية التي يستأثر فيها الحزبان المتحالفان بـ 158 مقعدًا من أصل 217 مقعدًا برلمانيًّا.
بات من الوضاح أن حركة الإخوان سوف تنتهز الأوضاع السياسية في تونس، وتحالفها مع "نداء تونس" من أجل فرض رؤيتها على حكومة يوسف الشاهد.. فهل ستنجح النهضة في ذلك؟