محمد حسان: «السيسى» وافق على مطالب الإخوان لحقن الدماء.. لكنهم رفضوا بعد أن وعدتهم «كاترين أشتون» بعودة «مرسى»
الأحد 14/أغسطس/2016 - 05:06 م
طباعة
على الطريقة السلفية فى إرجاع الامور الى الطرق الشرعية التقليدية أعتبر الداعية الإسلامى الشيح محمد حسان ان «الدية» هى الحل الشرعى لإطفاء النار المتأججة بين الدولة والإخوان وان الطرف الأقوى وهو الدولة عليه أخذ زمام المبادرة لذلك
وقال إن أول حلول الأزمة الدائرة الآن بين الدولة والمجتمع من جهة وبين الإخوان من جهة أخرى هو دفع «الدية» عن كل من سالت دماؤه وراح ضحية هذا الصراع، من أجل إطفاء النار المتأججة بينهما، وأضاف فى حواره مع «الوطن»، أنه بعد عزل «مرسى» تبنى مبادرة للمصالحة بين الإخوان والدولة، وذهب إلى الإخوان وقيادات تحالفهم، فأخبروه بتمسكهم بعودة «مرسى» وبمراجعتهم طلبوا عدم فض اعتصام رابعة بالقوة، وهو ما وافق عليه المشير السيسى وقتها بشروط، إلا أنهم رفضوا الصلح.. وإلى نص الحوار:
■ كيف ترى فكرة فض الأزمة بين الدولة والمجتمع من جهة والإخوان من جهة أخرى؟
- كلا الطرفين يرى أن له دماء يجب أن يأخذوا بحقها، ومن وجهة نظرى هناك حل شرعى لهذه المسألة، هو ما أقدم عليه سيدنا الحسن بن على - رضى الله عنه - عندما وقعت الفتنة بين أنصار على بن أبى طالب، وأنصار معاوية بن أبى سفيان، وأصبح القتل على المشاع، تماماً كما حدث فى السنوات الماضية. والحل يتمثل فى دفع الدية لأُسر القتلى، حتى تنتهى الأزمة بين الطرفين، فالله -سبحانه وتعالى- فضل أمة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم- من بين 70 أمة، وأجاز فيها القصاص والدية والعفو، فقال - عز وجل- (وَلَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، وقد نجد بعض أولياء الدم فى حاجه إلى المال، فهنا يجب دفع الدية، وسيدنا الحسن - رضى الله عنه - طالب بإطفاء النار المتأججة فى القلوب بين فريقى «على ومعاوية» - رضى الله عنهما، عن طريق دفع الدية، والدية هنا على العائلة ومن لم يستطع دفعها فالأمة هى من تتولى دفعها.
■ ولكن دفع الدية من جانب الدولة لضحايا الإخوان هو اعتراف بصحة موقفهم الذى بنوه على القتل وتحدى إرادة المجتمع وفرض إرادة الجماعة بالقوة والدم.
- الموقف حالياً يزداد صعوبة كل يوم لتعنت كل طرف وللابتعاد بين الطرفين، وأرى أن الطرف الأقوى هو الذى يجب أن يأخذ بزمام المبادرة بطريقة أو أخرى، إلا أن هذه الخطوة تحتاج إلى وقت وجهد، لكن ليست هناك مشكلة فالطرف الأقوى هو الدولة.
وفى اعتراف واضح منه بالتواصل مع الاخوان قبل فض اعتصام رابعة العدوية رغم تيقنه من رغبتهم في المواجهة المسلحة مع الدولة قال حذرت الإخوان وقلت لهم إن من يظن أن جماعة مهما كانت تستطيع أن تهزم دولة فهو أحمق وإنهم يخالفون سنن الله الكونية
■وهل يخرج القتلة من السجون مثلاً؟
- لم أقل بذلك ولا يصح أن أقول ذلك، وما أقوله هو أن القاتل المتعمد على الدولة أن تستوفى الجزاء منه، وأردد عليك مرة ثانية بأن دفع الدية هو وسيلة تطييب لخواطر وجوانح أهالى القتلى ويعمل على تنقية الأجواء حتى تندمل الجراح.
■ وكيف سيتم دفع كل هذه الديات؟
- هناك أهل فضل وخير فى الخليج والعالم الإسلامى على استعداد لدفع كل هذه الديات، والأمر سهل وليس صعباً بشرط أن يقبل الجميع بحل قبول الدية كبداية للحل وتطييب خواطر أولياء الدم.
■ التقيت قيادات الإخوان عقب عزل محمد مرسى وقبل فض اعتصام رابعة المسلح أكثر من مرة، ما المناقشات التى دارت بينكم؟
- قلت لهم آنذاك وحذرتهم: أحمق من يظن أن «جماعة» مهما كانت تستطيع أن تهزم دولة، فهذا أمر مستحيل على مر التاريخ كله. وكنت أقول لقياداتهم ورؤوس التنظيم، قبل فض اعتصامى رابعة والنهضة، إنه ليس من البطولة أن نُصدّر شبابنا ليحطموا الجدران الصلدة برؤوسهم، لأن رؤوس أولادنا ستتحطم وتبقى الجدران الصلدة كما هى، وقلت لهم: أنتم تعاكسون سنن الله الإلهية الثابتة فى الكون، وسعيت للتواصل والتوافق بين الطرفين فالتقيت الرئيس عبدالفتاح السيسى، وقيادات الإخوان، فاتُهمت بالخيانة وأننى بعت الدين، فيما عاد الإخوان وتحالفهم الآن ليقولوا «يا ليتنا كنا وافقنا على ما قدمته لنا فى وقت سابق».
■ من أين جاءت البداية لتدخل فضيلتكم فى محاولة لإيجاد وسيلة للتوافق وحل الأزمة آنذاك؟
- البداية جاءت منى، فذهبت إلى قيادات الإخوان وقيادات تحالفهم أجمع، فى مكان خارج منطقة «رابعة»، وقلت لهم «الصلح خير، وأظن أنكم لستم فى حاجة إلى رسالة أوضح من عزل الرئيس محمد مرسى، لتستوعبوا الظرف الراهن الذى وصلتم إليه، أنا لست رجل سياسة، لكن ألف باء فهم لسنن الله الكونية، تقول لكم تراجعوا حفاظاً على الدعوة وعلى الدماء وعلى البلد، فمن جاء بكم إلى الحكم هو الله -سبحانه وتعالى-، ثم الدعوة، فاتركوا الحكم لأننا لسنا متعبدين للحكم وارجعوا إلى الدعوة لأننا متعبدين بدعوة الخلق إلى الحق بحق، ارجعوا خطوة للخلف»، وسألت أحدهم: هل الكرسى غاية عندنا أم وسيلة؟، فأجاب «وسيلة»، فقلت: إذا كانت هذه الوسيلة الملعونة ستؤثر على الغاية التى من أجلها وُلدنا، أيصح أن نتمسك بها أم نتخلى عنها ونبحث عن وسيلة أخرى؟، فوسيلتنا الأولى هى الدعوة وتعبيد الخلق إلى الحق بحق، وسألته مجدداً: هل تنازل رسول الله فى صلح الحديبية عن صفة الرسالة يعتبر خيانة لدينه؟، وقد كان الصحابة قالوا له لو أمرتنا أن نميل على أهل مكة بسيوفنا ميلة رجل واحد لفعلنا، إلا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أبى ذلك فهل خان دينه؟»، وقلت لهم: الحكمة يا جماعة مش دين؟ الحكمة فعل ما ينبغى، على الوجه الذى ينبغى، فى الوقت الذى ينبغى، وأركانها العلم والحلم والأناة، وآفتها الجهل، والطيش، والعجلة، وأنتم إذا لم تأخذوا بالحكمة فى هذا الموقف فمتى تكون حكيماً؟، وهنا اتهمونى بالجبن والخيانة، فيما أرى الخيانة هى أن تصطدم بسنن الله الكونية. وفى تاكيد منه على ان الاخوان كان لديهم رغبة قوية في المواجهة واستفادتهم من العنف قال قلت سألت الدكتور عبد الرحمن البر عضو مكتب الارشاد هل الدماء المتوقعة فى «رابعة» ظنية أم يقينية؟ فأجاب «متيقنة» فسألته «وهل يجوز أن نترك باباً للمصالحة مقابل حقن دماء يقينية؟» فلم يرد
■ وما مطالب الإخوان التى عرضوها على فضيلتك لتتحدث فيها مع المشير السيسى وقتها؟
- قبل عملية فض رابعة بأيام، ذهبت إلى قيادات الإخوان، برفقة كل من الدكتور عبدالله شاكر، الرئيس العام لجمعية أنصار السنة والدكتور محمد مختار المهدى - رحمة الله عليه - والدكتور محمد عبدالسلام، والدكتور جمال المراكبى، والدكتور محمد أبوالحسن، وشقيقى محمود حسان، لأننى إذا ذهبت بمفردى قد يكذّبنى أحدهم أو يخوّننى، وكان من المفترض أن يأتى معنا الدكتور حسن الشافعى، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر لولا ظروف مرضه، وخلال لقائنا حمّلونى رسالة، طلبوا فيها عودة «مرسى» وجميع مؤسسات الدولة كما كانت، فقلت لهم: «خليكم عاقلين واطلبوا طلبات تتلاءم مع الظرف الراهن»، فذهبوا واتصلوا للمشاورة ثم عادوا مرة أخرى وقالوا: يجب تحقيق ثلاثة طلبات، أولاً عدم فض الاعتصام بالقوة - فى إشارة إلى رابعة والنهضة -، وثانياً وقف الحرب الإعلامية التى تشنها الفضائيات علينا، وثالثاً: الإفراج عن جميع المحبوسين، وهنا تدخل الدكتور عبدالرحمن البر عضو مكتب الإرشاد، وقال: وإسقاط كل القضايا. وكنت أدوّن كل كلمة يقولونها فى اللقاء، وبعدها أجريت اتصالاً باللواء العصار، وطلبت مقابلة الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وقتها قبل أن يصبح رئيساً، وكان حينها فى مكتب «السيسى» وقال لى حدد أنت الميعاد، فقلت له: غداً، فرد قائلاً: «عندى لقاء مع كاترين أشتون، الممثلة العليا للشئون السياسية والأمنية للاتحاد الأوروبى، هأجله ونلتقى غداً».
■ وما الذى دار بينك وبين الفريق أول عبدالفتاح السيسى، حينها؟
- استقبلنى الفريق أول عبدالفتاح السيسى - حينها - وجلست بجواره، وقال لى: «اللى ما اديتهوش للأوروبيين والأمريكان هعطيه ليك»، فطلبت منه: «عدم فض الاعتصام بالقوة والدماء، لأن الدماء ستخلّف فى مصر جيلاً يستحل حمل السلاح على الجيش لأول مرة فى التاريخ، فرد قائلاً: أنا مش هفض الاعتصام بالقوة، بس يرضيك إن هما يشلّوا حركة المرور فى «رابعة أو النهضة»، يا ريت يخلونا نُسيّر حركة المرور حول المنطقتين، فقلت له: «ثانياً: قلت له الإعلام، لأنه أول من سيحرق سيكون أنت والجيش»، فقال: هل يرضيك خطاب المنصة فى رابعة؟، فرددت: «لا والله ما يرضينى، ولو كان يرضينى لكنت أول من يقف عليها ولو قُطعت رقبتى»، فطلب منى تغيير خطاب المنصة، مقابل محاولة العمل على تغيير خطاب الإعلام. وأخيراً طلبت منه الإفراج عن المحبوسين والمعتقلين؟، فقال لى: «مش عندى» ليست ضمن صلاحياتى، فقلت له: «عندك» فقال لى ليست عندى، ولكنى عاودت وكررتها مرتين، وفى الثالثة قلت: «والله عندك»، فابتسم وقال لى حاضر، بس إدينى فرصة أرى رد فعلهم من وساطتك إيه؟.
■ وماذا كان ردهم على نقاط الاتفاق مع الفريق السيسى؟
- كانت الطامة الكبرى أنهم رفضوا جميع النتائج التى توصلنا إليها مع «السيسى»، وقالوا لى: «لن نتسامح ولن نتصالح»، يومها كاد أن يُغمى علىّ، وعرفت العلّة بعد ذلك وهى وجود كاترين أشتون، الممثلة العليا للشئون السياسية والأمنية للاتحاد الأوروبى فى مصر التى وعدتهم بعودتهم إلى الحكم، فقلت لأحدهم: ما زالت قلوبكم معلقة بكاترين أشتون، أقسم بربى من هنا تأتى الهزيمة، وقال لى عمرو دراج، فيما بعد إن «أشتون» قالت لهم اقبلوا بالأمر الواقع. وأنا وجهت سؤالاً محورياً للدكتور «البر»: هل الدماء المتوقعة فى النهضة ورابعة، دماء ظنية أم يقينية؟»، فرد قائلاً «متيقنة»، فقلت له: «وهل يجوز أن نترك باباً للمصالحة لحقن دماء يقينية؟»، فرفض الرد.
■ وهل تضمن انتهاء العنف حال دفع الدية؟
- الدية ستطفئ ناراً كثيرة، والعاقل يجب أن ينظر إلى الأمور بنظرة شمولية، فعلى الأقل دفع الدية سيعمل على تحييد فئة كبيرة، وأقول «من لا تستطع أن تكسبه فحيّده»، ولنا فى رسول الله قدوة وأسوة، فالمدينة كان فيها الأعراب واليهود لكنه وقع عقد صلح مع جميع الأطراف المتضاربة، فالقوة ليست فى القتل والسلاح، وإنما فى الرحمة.
■ كيف نستطيع أن نحمى الشباب من الفكر التكفيرى؟
- يجب أن نعمل على إعادة الشباب إلى المساجد وتعليمهم الوسطية والاحترام، وتكثيف المحاضرات الدينية فى الجامعات لتعليم صحيح الدين والفهم.