ازدواجية "النهضة" فى مواجهة الانشقاقات الداخلية
الثلاثاء 04/أكتوبر/2016 - 06:22 م
طباعة
عقبات امام الحكومة التنوسية
تونس- خاصة بوابة الحركات الاسلامية
تتواصل الانتقادات التونسية لحركة النهضة واتهامها بعدم المشاركة فى انقاذ الحكومة من كبوتها، فى الوقت الذى تضرب فيه الانشقاقات الداخلية حركة النهضة وحزب نداء تونس، وهو ما يزيد التحديات أمام الحكومة الحالية فى ضوء ارتفاع مستوى المعيشة واملاءات المنظمات الدولية الاقتصادية قبل تقديم مزيد من المنح، يأتى ذلك فى الوقت الذى تغازل فيه النهضة المؤسسة العسكرية فى تونس للحفاظ على الديمقراطية الهشة.
من جانبه أكد راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة أن الانتقال الديموقراطي في البلاد لم يكتمل بعد وذلك بسبب تأخر إنجاز الانتخابات البلدية والمحلية، مشيرا إلى أن الانتقال الديموقراطي في تونس هش ولم يكتمل بعد بسبب عدم إنجاز الانتخابات البلدية، داعياً البرلمان إلى الإسراع في المصادقة على قانون الانتخابات البلدية حتى يتسنى إجراء الانتخابات في أقرب وقت.
كان رئيس الهيئة العليا للانتخابات شفيق صرصار حذر في وقت سابق من أن تأخير إنجاز الانتخابات البلدية إلى العام 2018 سيكون بمثابة الكارثة على البلاد التي تعيش من دون مجالس بلديات منتخبة منذ الانتفاضة الشعبية التي أنهت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي في يناير 2011.
أوضح الغنوشي، أن الإرهاب من أخطر الملفات التي تواجه تونس رغم تلقي الإرهابيين ضربات شديدة، موضحا أن خطر الإرهاب مازال قائماً وهو خطر على البلاد والعباد ولا مكان له في تونس».
الغنوشي
وفى هذا السياق أشاد الغنوشي بتدخل الجيش في حماية المؤسسات الرسمية والمنشآت الحيوية أثناء الأزمات والاضطرابات، داعياً قادته إلى أن يبقوا حرّاساً للديموقراطية الهشة التي لم تكتمل بعد.
جاءت تصريحات الغنوشي في ظل تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس وسط تحذيرات من اندلاع احتجاجات اجتماعية في المحافظات الأكثر فقراً جنوب البلاد وغربها نتيجةً لانتشار البطالة والنقص الكبير في التنمية، بخاصة إذا لم تتخذ حكومة الشاهد إجراءات لمصلحة هذه المناطق قبل نهاية العام الجاري.
على صعيد آخر قال رئيس الوزراء التونسي إن حكومته تستعد لتدشين حزمة إصلاحات، من بينها تجميد زيادة الأجور وفرض إصلاحات ضريبية لتقليص العجز، مضيفا بقوله "نتوقع وصول عجز الموازنة إلى 6.5 في المئة بنهاية 2016 وهو ما يعتبر ارتفاعاً من 4.4 في المئة السنة الماضية، وأن حكومته تتوقع نمو الاقتصاد بمعدل سنوي يبلغ 2.5 في المئة كمتوسط على مدى الأعوام الأربعة المقبلة.
ويري مراقبون أن هناك موجة من الخلافات الداخلية تهدد تماسك حركة النهضة وبنيتها التنظيمية بالنظر إلى ارتباطها بملف حساس ألا وهو الملف المالي الذي كان سببا في انقسام عدد من التنظيمات المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين.
ويري مراقبون أن حركة النهضة ليست بمنأى عن الخلافات والهزات التي عرفتها التنظيمات التي تدور في فلك التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، عاد الملف المالي ليُلقي بظلاله على التطورات التي تشهدها حركة النهضة، وأصبح واحدا من الملفات الحادة التي عقدت الخلافات داخل هذه الحركة التي تُعاني أصلا من خلافات سياسية وأخرى تنظيمية.
وتفيد تقارير بأن عددا من القيادات التاريخية التي تم استبعادها من الهيئات السياسية مثل المكتبين التنفيذي والسياسي، عادت للحديث مُجددا حول الملف المالي، مُطالبة راشد الغنوشي بالكشف عن حقيقة الوضع المالي للحركة، والتدقيق فيه، وسط اتهامات مباشرة للغنوشي بالهيمنة على الموارد المالية للحركة، وتوظيفها بما يتلاءم مع خططه الشخصية لإحكام سيطرته على حركة النهضة.
وتجدد الحديث مؤخرا حول الملف المالي يتصاعد بشكل تدريجي، حيث خرج من الدوائر المُضيقة لحركة النهضة الإسلامية، إلى العلن من خلال تعليقات هنا، وتشكيات هناك، وانتقادات خجولة حينا لطريقة إدارة وتصرف راشد الغنوشي في المقدرات المالية للحركة، وأخرى عنيفة عكستها مواقف متباينة لعدد من القياديين البارزين في هذه الحركة.
غضب تونسي يتصاعد
وتُضفي حركة النهضة الكثير من الغموض حول هذا الملف الذي يتعلق بمالية تُوصف بالخيالية حصلت عليها حركة النهضة خلال فترة العمل السري سواء من التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، أو من بعض الدول والمنظمات والجمعيات الإسلامية المنتشرة في العالم، أو من خلال الاقتطاعات من أموال الزكاة في عدد من الدول، بالإضافة إلى الأموال التي حصلت عليها خلال فترة حكمها لتونس (2011-2013) عبر هبات من العديد من الأطراف التي سعت حينها إلى محاولة تكريس الإسلام السياسي في المنطقة العربية.
من جانيه أكد الأكاديمي التونسي الدكتور مصطفى التليلي أن إعادة طرح مسألة شفافية الملف المالي داخل حركة النهضة، تؤشر إلى عمق الخلافات التي تشهدها هذه الحركة، مشيرا فى تصريحات صحفية أن شفافية الوضع المالي لهذه الحركة لم تعد مسألة داخلية حزبية، وإنما هي مسألة تهم الرأي العام الذي كثيرا ما طالب حركة النهضة الإسلامية بتوضيح وضعها المالي، ومصادر تمويلها، باعتبار أن الشفافية تبقى أحد أهم شروط نجاح التجربة الديمقراطية.
وتشير عدة تقارير إلى انه لا يعرف ما إذا كانت حركة النهضة الإسلامية لها مالية حزب سياسي، أم مالية جماعة تخضع لشروط الشيخ، والعمل السري، كما لا يعرف مصادر تلك المالية، وكيف وأين تُصرف".، وكل الدلائل تُشير إلى أن هذا الملف مازال يخضع لعقلية الجماعة، والخضوع للمسؤول الأول، وبالتالي لا يُستبعد أن تزيد الخلافات حوله في الشرخ السياسي والتصدع التنظيمي اللذين قد يدفعان إلى حدوث انقاسامات أو انشقاقات داخل هذه الحركة.
وتوقع الدكتور مصطفى التليلي أن تتسبب هذه الخلافات الجديدة حول الملف المالي في تراكم الخلافات السياسية والتنظيمية داخل هذه الحركة بما قد يُهدد تماسكها مستقبلا، يُشاطر المراقبون هذه التوقعات باعتبار أن الخلافات حول هذا الملف لم تتوقف منذ العام 2012.
يذكر أن هذا الملف كاد أن يُفجر المؤتمر التاسع لحركة النهضة الإسلامية الذي عقدته في شهر يوليو من العام 2012، حيث برزت آنذاك خلافات حادة حوله لم يتمكن راشد الغنوشي من احتواء تداعياتها إلا بمساعدة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية، والداعية يوسف القرضاوي اللذين حضرا المؤتمر كضيفي شرف، حيث اقترحا ترحيل مناقشة هذا الملف إلى المؤتمر العاشر. غير أن الغنوشي استطاع خلال المؤتمر العاشر لحركة النهضة الذي عقدته في نهاية شهر مايو الماضي، تجاوز هذا الملف تحت شعارات وعناوين متعددة، ليعود هذا الملف ليطفو على السطح من جديد.