تمدد الحوثيين.. ينعش ربيع القاعدة في اليمن

الأربعاء 22/أكتوبر/2014 - 01:25 م
طباعة تمدد الحوثيين.. ينعش
 
شهدت الأيام الأخيرة معارك مفتوحةً بين كل من جماعة الحوثيين المسلحة من جهة، وتنظيم القاعدة ومسحلين قبليين من جهة أخرى، في عدد من المحافظات اليمنية، وتأتي أهم المناطق التي تشهد صراعا بين الحوثيين من جانب والقاعدة والإخوان من جانب آخر مناطق التي تمثل خارج "الجغرافيا الزيدية"، أو مناطق التماس" الزيدية- الشافعية"، الأمر الذي قد فتح بابا أمام الحرب الطائفية في البلاد في ظل غياب الدور القوي للمؤسسات الدولة الأمنية وعلى رأسها الأجهزة الأمنية والجيش، في ظل تأكيدات الحوثيين أن تحركاتهم وتوسعهم يهدف القضاء على القاعدة.

توسع الحوثيين

توسع الحوثيين
توسع الحوثيين وامتلاكهم زمام الأمور الأمنية في البلاد يسهم في تقويض الدولة وغيابها التام، يفسح المسرح أمام القبائل والجماعات المسلحة، لتناهض جماعة الحوثي التي بدت تواقة لاستعادة ما كان يعرف بـ"الجغرافيا الزيدية"، وما إن أحكمت القبضة على هذه الجغرافيا حين سيطرت على محافظة ذمار، واصلت توسعها جنوب صنعاء، في كل من إب ورداع، وسرعان ما وسعت طموحها لتبدو كما لو أنها تريد التوسع في المحافظات الشمالية، لكنها ما إن تجاوزت هذه الجغرافيا حتى اصطدمت بمسلحين قبليين وآخرين موالين للإصلاح في المناطق الوسطى.
و"الجغرافيا الزيدية" مصطلح يطلق على المدن التي اعتنقت المذهب الزيدي في اليمن، تاريخياً، وهي محافظات المرتفعات الجبلية في اليمن، وتشمل "صعدة، عمران، صنعاء، ذمار"، وتنتهي هذه الجغرافيا في ما بعد مدينة كتاب (بعد مدينة يريم)، على الطريق الذي يربط "صنعاء ذمار إب"، وعند مديرية الرضمة على الطريق الذي يربط صنعاء بعدن، وفي منطقة السوادية (قبل مدينة رداع)، على الطريق الذي يربط صنعاء ذمار البيضاء.
ويرادف "الجغرافيا الزيدية"، "اليمن الأسفل" أو "اليمن الشافعي"، وهي مصطلحات جغرافية اجتماعية سياسية تعود إلى أيام الصراع السياسي في اليمن تاريخياً، حيث شهدت هذه المناطق حروباً عدة على خلفيات سياسية.
ويدرك مسلحو الحوثي، وفق تقديرات محللين يمنيين، أن الحروب خارج إطار نفوذهم سيكون مكلفاً، لكنهم وفقاً للعديد من الشواهد، يستفيدون من رجال نظام صالح وبعض القيادات العسكرية التي ما تزال تُدين بالولاء له في تمددهم بمناطق الغرب والوسط، لكن التحركات التي حدثت خلال الأيام القليلة الماضية في أوساط القبائل في إب وتعز والحراك التهامي، والتهديدات التي أطلقها هؤلاء ضد التواجد الحوثي، تكشف مدى خطورة ما أقدم عليه الحوثيون في مناطق لا تقع ضمن نفوذهم القبلي أوالمذهبي.

الإخوان والقاعدة ضد الحوثي

الإخوان والقاعدة
استغل تنظيم أنصار الشريعة- فرع تنظيم القاعدة في اليمن- على ما يبدو غضب رجال القبائل السنية في اليمن، لشن حرب استنزاف، على الحوثيين في عدة محافظات في البلاد، أفسدت على الجماعة نشوة "الانتصار" الذي حققته ببسط السيطرة على العاصمة صنعاء.
وقاد تنظيم أنصار الشريعة مجموعة اغتيالات وعبوات ناسفة وعمليات قتالية استهدفت مسلحين حوثيين في مدينة رداع ومدينة العدين التابعة لمدينة إب، ومدينة عمران القريبة من العاصمة صنعاء، فضلاً عن عمليات أخرى وسط العاصمة صنعاء.
وشهدت مديريات بعدان والعدين والسّدّه وكتاب بمحافظة إب وسط اليمن انتشارا لمسلحين قبليين مسنودين بمقاتلين تابعين لجماعة أنصار الشريعة وهو ما اعتبر تطورا خطيرا على الساحة اليمنية.
وفي الجانب الآخر في محافظة البيضاء تتآزر القبائل التي تحتفظ باحتقانٍ سياسي اجتماعي ضد الزيدية، مع القاعدة، وشهدت المحافظة لقاءات موسعةً بين عدد من القبائل مثل "آل عباس"، وغيرها، تندد بالوجود الحوثي في المحافظة، وتتوعد بمقاتلته.
وأكدت تقارير إعلامية نقلا عن مصادر قبيلة مقتل 27 شخصا وإصابة 17 آخرين في هجوم استهدف مساء الاثنين بسيارة مفخخة اجتماعا لمقاتلين من الحوثيين وحلفائهم أثناء اجتماعهم في منزل عبد الله إدريس، رئيس فرع حزب المؤتمر بزعامة علي عبد الله صالح في مدينة رداع.
كما دارت مواجهات عنيفة في وادي ثاه وضواحي منطقة رداع أجبرت المسلحين الحوثيين على التراجع الى جبال أسبيل بمحافظة ذمار وفقا لقبائل البيضاء.
قد استطاعت الحركة استقطاب عدداً من القيادات القبلية، وأشهرهم كان طارق الذهب، من مشايخ قبيلة "قيفة"، والذي نصب "أميرا" على مدينة رداع، مركز مدينة محافظة البيضاء جنوب شرقي العاصمة صنعاء، قبل أن ينسحب منها بعد وساطة قبلية. ودافع طارق الذهب الذي ارتبط بعلاقة مصاهرة بشقيقة أنور العولقي، رجل الدين.
تلك العوامل تزيد من احتمالات الاندماج الإخوان والقبائل الرافضة لتمدد الحوثيين مع تنظيم القاعدة، فالمعارك الدائرة الآن في محافظة "إب" و"البيضاء" وضعت القاعدة وجهاً لوجه مع الحوثيين، وهي المرة الأولى التي يدخل فيها الطرفان معارك مباشرة، بعد أن كان كل منهما يكنّ للآخر العداء على المستوى الخطابي والمذهبي.
 فعلى أن ثمة معارك خاضتها الجماعتان في الجوف، حين قاتلت القاعدة الحوثيين، إلى جانب قبائل مؤيدة للتجمع اليمني للإصلاح- فرع جماعة الإخوان المسلمين باليمن، أو نفذت عمليات اغتيال وتفجيرات مفخخة ضد الحوثيين في أماكن أخرى، مثل عمران وصعدة وغيرهما، إلا أن المعارك التي تشهدها كل من مديرية رداع وضواحيها، ومديرية العدين بمحافظة إب، هي المواجهات التي يمكن وصفها بالمباشرة، وهي مواجهات تبدو خالصة بين الطرفين.

المشهد الآن

المشهد الآن
السيناريوهات متعددة مختلفة، لكنها تقول: إن الوضع إذا استمر على ما هو عليه الآن، قد يمضي باتجاه حرب طائفية، فالحوثيون الذين يحتفظون بعداواتٍ سابقة من جماعة الإخوان، والسلفيين الذين طردوهم من معاقلهم الرئيسية في صعدة، والقبائل الذين يحتفظون داخلهم بذاكرة مذهبية تاريخية، قد يتحدون مع شكل من أشكال العداء ضد الحوثيين، هو في صورته الأكثر اكتمالاً يدعى "القاعدة" أو "داعش" هذه التي يبدو أن الحوثيين لن يقضوا عليها، بقدر ما سيوفرون لها بيئةً خصبةً ومناخاً ملائماً لازدهار هذا التنظيم، أو على الأقل ازدهار حرب طائفية تغرق اليمن المنهكة أصلا بالفقر والسلاح، وغياب الدولة.

شارك