البطريرك 74.. يوأنس السادس تاجر شاطر
الخميس 29/يونيو/2017 - 02:40 م
طباعة
كان علمانيا باسم أبو المجد بن أبو غالب بن سويرس، وكان من أسرة غنية ويعمل بالتجارة. وكانت له وكالة بمدينة مصر وكذلك امتلك مصنعا للسكر وطواحن وأملاك. أما عن تقواه فيقول عنه ساويرس بن المقفع في كتابة تاريخ البطاركة "كان بتولا عالِما.. كاملا في جسده وقامته، بشوش الوجه حسن الخلق عليه الكلام، ما كان يفعل عن صلوات السواعي الليلية والنهارية محبا ومجتهدا في ضيافة الغرباء وافتقاد المرضى والمحبوسين" ولشدة محبة المسلمين له توسط في رسامته قاضيان منهم. وقيل انه كان متزوجا ولما ماتت زوجته لم يشأ أن يتخذ له زوجة غيرها وآثر العزلة، ومع أن القانون يحكم أن الذي ينتخب بطريركا يكون أعزبًا منذ بداية حياته، إلا أن علم هذا الرجل وتقواه أكسباه الأفضلية على جميع المرشحين، وجلس على الكرسي البطريركي في 4 امشير؟ 905 / 189 م. في عهد صلاح الدين الأيوبي الذي لم يعارض في انتخابه.
وبعد ولايته وصله خبر وفاة مطران الحبشة فعين بدله كيلوس أسقف قوى، التي كان شعبها قد قتل بسبب الحروب الصليبية (حروب الفرنجة) ورقّاة إلى درجة المطرانية، وسافر إلى الحبشة حيث قوبل بفرح عظيم ترأسه الملك نفسه، ولكنه عاش في بلاد الحبشة عيشة الترف فكان له عشرة قسوس بصفة تلاميذ.
وحدث مرة انه فُقِدَ من كنيسة اكسيوم (اسم الحبشة القديم) عاصمة المملكة آنية من الذهب عظيمة القيمة، فحصر المطران الشبهة في أمين خزائن الكنيسة – وهو أخ تلاميذه وأمر بضربه حتى مات! فثار عليه أهله وأرادوا أن يفتكوا به ولكنه لاذ بالفرار وأتى إلى مصر! فسأله البطريرك عن المسألة وعن سبب مجيئه، فأجابه أن أخ لملكه اغتصب الرئاسة منه لعدم موافقته له في بعض أمور تختص بالدين، فلم يقبل البطريرك منه هذا السبب، وأرسل البطريرك مندوبًا من قبله إلى الحبشة ليستجلي الأمر والتحقيق فيه، بينما حجز هذا الأسقف لديه، وبعد سنة عاد المندوب وعرض على البطريرك نتيجة التحقيق، وأرسل ملك الحبشة مع هذا المندوب بعض كبار المملكة ونسيبه الخاص ليشهدوا أمامه ضد المطران، كما أرسل ملك الحبشة هدية ثمينة لملك مصر، وطلب مطرانا غيره.
إلا أن هذه المسألة نتج عنها مشكلة تقليدية وهى كيف يرسم مطرانًا على كرسي صاحبه موجود، فجمع مجمعًا كبيرًا من رؤساء الكهنة وكبار الأراخنة، وأحضرا المطران وبعد تلاوة القضية في حضوره حكم عليه المجمع بتجريده من رتبته وكل درجاته الكهنوتية قبل الشروع في رسامة آخر، وقد تقاطر الناس مسلمين وأقباط لمشاهدة هذا المنظر غير المسبوق. وجرد هذا المطران من ملابسه الرسمية وعاد علمانيا ممقوتا من الجميع، ورسم مكانه أحد رهبان دير الأنبا انطونيوس.
وحدت أن ترمَّل في ايان قس من البشمور متزوج مرة ثانية فطرده الشعب، ففرَّ إلى الإسكندرية وجعل يخدم هناك، فلما وصل خبره إلى البطريرك وبخ الإكليروس الذين أووه، وسنَّ قانونًا يقضى بأنه لا يجوز لأية كنيسة أن تقبل كاهنا غير معروف بدون أن يكون معه تصريح رسمي من رئيسه.
توفي هذا البابا في 11 طوبة 932 / 1216 بعد أن قضى على الكرسي 27 سنه فنعاه الجميع أقباط ومسلمين.