د. حسن حماد في حوار خاص حول الخطاب الديني والأزهر والجماعات الإرهابية
الجمعة 26/أكتوبر/2018 - 11:35 ص
طباعة
حسام الحداد
د.حسن حماد، الحاصل على الجائزة التقديرية في العلوم الاجتماعية، ولد وسط أسرة بسيطة في مدينة المنيا، وكان للنيل بفيضه الغامر أثر على شخصيّته، فهو الذي غرس في نفسه حبّ الحياة وثقافة الخصوبة والنماء، ولكنّ نيران العشق كانت تتّقد شوقاً إلى القرية، بحكم القدر الذي كتب عليه هجرها نحو "جامعة الزقازيق"، حيث الرحيل من لذّة الحلم الطفوليّ إلى سطوة العقل ودرس الفلسفة، وقد صار الأستاذ رئيساً لقسم الفلسفة وتولّى منصب عميد في الكليّة ذاتها.
علّمته حياة "المنيا" روح التسامح واحترام الاختلاف، فثُلثُ سكانها من المسيحيّين، ولكنّ سنوات التعصّب والانغلاق اللّاهوتي الذي مارسه الإخوان المسلمين وجماعات الجهاد والتكفير والهجرة على كلّ التيّارات الفكريّة الأخرى حوّلت بيئته إلى سجن ضيّق تعبد فيه طائفة المذهب وتقضي بأحكام الفرقة الناجية بعد أن كانت فضاء يتّسع للديانات السماويّة على اختلافها، ولكنّها لم تستطع تغيير آفاقه الفلسفيّة الرحبة المؤمنة بالاختلاف والتّسامح، ولعلّ ذلك ما دفعه إلى وصف ذلك الوضع بالوباء، فقد مُنع الاختلاط في الجامعة، واستُعمل العنف ضدّ كلّ المخالفين لفكر "الإخوان" العدائيّين، ووصل الأمر بهذه الجماعات إلى إقامة محاكمات داخل المساجد لتطبيق الحدود على المسلمين والمسيحيّين. وكان ذلك يتمّ على مرأى ومسمع من رجال الشّرطة والسّلطة، الذين كانوا يقومون أحياناً بعقد صفقات مع هذه الجماعات الإرهابيّة.
أنجز حسن حماد رسالته لنيل درجة الماجستير موضوعها "الاغتراب عند إيريك فروم"، فاستفاد من مقاربته الفلسفيّة وساعدته هذه الرسالة على فهم البنية الذهنيّة للحركات الأصوليّة. ثمّ أنجز رسالة الدكتوراه موضوعها "النظريّة النقديّة عند هربرت ماركوز"، لتتجدّد رحلته العلميّة مع الحركات الأصوليّة، ويتسلّح بأدوات منهجيّة لنقدها وكشف بنيتها الخفيّة، فتوّج اهتمامه بهذه الحركات بكتابه "ذهنيّة التكفير، الأصوليّات الإسلاميّة والعنف المقدّس" الذي صدر في طبعته الأولى سنة 2014، و قامت بطبعه دار مصر العربيّة للنشر والتوزيع.
كان لنا معه هذا الحوار الذي يفتح آفاق جديد و فضاءات مغايرة لقراءة ما يحدث على أرض الواقع من تطرف وإرهاب يرتكب باسم الدين:
• تجديد الخطاب الديني هو أمر نخبوي تماماً ولا جدوى من الزج بالعامة فى مثل هذه الأمور
• "التجديد الديني" هو شعار ديماجوجى لا يعنى شيئاً سوى وضع بعض المساحيق على الوجه المتجهم للخطاب
• محمد حسنى مبارك، ساعد على نمو الرأسمالية المتوحشة، وتقاسم (فى صمت) السلطة مع جماعات الإخوان
• جماعات الإسلام السياسى الإخوانية والسلفية تنتشر فى كافة مفاصل الدولة، ولم يستطع النظام الحالى أن يقوم بتجفيف منابع الإرهاب
• الخطر الأكبر يكمن فى تلك الجماهير الصامتة المقهورة التي تتبنى قيم الإسلام الوهابي
• الإرهاب يبدأ كفكرة واعتقاد بامتلاك الحقيقة المطلقة والإيمان الصحيح، ثم يتخذ طابعاً دموياً وإرهابياً بوصفه جهاداً ضد من يمثلون الكفر والباطل والدنس !!
• لا حوار بين المقدسات، ولا ائتلاف بين المذاهب والطوائف الدينية
• الخطاب الديني المسيحي فى مصر خطاب أصولي أيضاً بمعنى أنه خطاب تقليدي وجامد خاصة لدى المسحيين الأرثوذوكس
(١) من وجهة نظركم بحكم موقعكم ماذا يعنى مصطلح "تجديد الخطاب الديني" ؟
مصطلح "تجديد الخطاب الديني" يشبه الكثير من الشعارات البراقة التى تنطلق فى الفضاء الإعلامى والسياسى مثل حوار الديانات أو "التسامح الديني".. وغيرها من الشعارات الفضفاضة، التي لا تعني شيئاً محدداً لماذا؟ لأن الديني هو المقدس والمقدس يتسم عادة بالجمود و الإطلاقية والرهبة والتجاوز أو العلو، والثبات، ومقاومة التغيير و الماضوية، والتحريم.. إلخ، ولذلك عادة ما يحاط المقدس بهالة من الخوف والترهيب بما يضفي عليه طابعاً مجاوزاً لما هو إنساني أو دنيوي أو نسبي. ومن هنا نسأل كيف يمكن تجديد ما هو مقدس أو كيف يمكن أن يكون هناك حواراً بين المقدسات أو المطلقات؟.
إن التجديد الديني كما أفهمه لا يحدث إلا فى إطار من التجديد البنيوي للواقع الاقتصادي والسياسي والثقافي، فالتغيير الديني هو بمثابة المتغير التابع لهذه المتغيرات، لا يمكن أن يحدث تغيير فى بنية الخطاب الديني بمعزل عن التغيرات التحتية المرتبطة بالبنى الاقتصادية والسياسية، أما ما يتم تداوله الآن بوصفه تجديداً للخطاب الديني فهو أمر سياسي أو قرأ فوقى ينصب بالأساس على تدخل الجهات الرقابية والتنفيذية فى شكل المادة الدينية المقدمة لوسائل الإعلام أو للتلاميذ والطلاب فى المدارس أو فوق المنابر، لكنه لا يتعدى ذلك إلى تغيير بنية الخطاب الديني. تغيير بنية الخطاب الديني مسألة لا تتم بقرار سياسي، وإنما من خلال تغيير فى الرؤية التي من خلالها يتم التعامل مع التراث الديني كأن نقرأ هذا التراث من خلال منهج تاريخي أو تأويلى أو تفكيكى، وهذا أمر يحتاج إلى مناخ من الحرية السياسية والفكرية بما يضمن للمثقف أو المفكر الفرصة للتعبير عن رأيه بحرية ودون خوف، ولا يمكن أيضاً أن يتم تجديد الخطاب الديني أو تغييره دون التسامح إزاء نقد المسلمات والأفكار والشخصيات والمؤسسات الدينية، لكنك عندما تسمع من يقول لك أن الصحابة خط أحمر، والأزهر خط أحمر، و الشعراوي وغيره من الدعاة خطر أحمر إذن لن يوجد حرية فكر أو حرية دينية وبالتالي يصبح الحديث عن تجديد الخطاب الديني عبثياً ولا منقولاً. وفى هذا السياق أقول لكم أن تاريخ كل من اليهودية والمسيحية يشهد على أنه قد تم نقدهما وتفكيكهما، بل وتجريحهما وازدرائهما بصورة لا يمكن لأحد أن يتخيلها، ومع ذلك مازالت اليهودية قائمة، ومازالت المسيحية تسود معظم بلدان أوروبا. إن لدينا حساسية مفرطة تجاه ما هو مقدس ومساحة المقدس فى حياتنا تكاد تشمل حتى الشخصيات الدينية والرموز غير المقدسة، وهذه مسألة تحتاج لفهم أنثروبولوجى وأركيولوجى للبحث فى جذور هذا الهوس بالتقديس.
أخلص من هذا إلى أن "التجديد الديني" هو شعار ديماجوجى لا يعنى شيئاً سوى وضع بعض المساحيق على الوجه المتجهم للخطاب الديني بحيث يبدو مقبولاً ومستساغاً لكنه لا يمس الجذور والأسس التي تقوم عليها الخطاب الديني الأصولى الذى يكاد يكون هو الخطاب الأكثر حضوراً فى المشهد المعاصر.
(٢) هل ثمة خطاب ديني واحد شامل جامع أم أنها خطابات دينية؟
لا أعتقد أنها خطابات متعددة : هناك الخطاب الديني الرسمي ويمثله الأزهر، وخطاب خطاب الإسلام السياسي، و تمثله جماعات الإخوان المسلمين والجماعات السلفية والجماعات الجهادية، وهناك الخطاب الديني الصوفي وتمثله الفرق الصوفية أو الطرق الصوفية، وهناك الخطاب الدينى الشعبى. والأخير هو خطاب غير متجانس وشديد التناقض لأنه يمثل المرآة التي تنعكس عليها كافة الخطابات الأخرى، فالتدين الشعبى نجد فيه سماحة التدين الصوفي ونجد فيه تزمت الخطاب الأصولي الرسمى أو الأزهري، ونجد فيه عنف وصخب وتشنج الخطاب السلفي والجهادي، ولذلك يتسم التدين الشعبى ببراءته الشديدة أحياناً، وغوغائيته فى معظم الأحيان، أما الخطاب الديني الاستنارى، أو الذي ينطلق من منطلقات التاريخ والتأويل فلا يمثل تياراً وقد يتردد صداه لدى النخبة المعزولة والمطاردة، والتى يمكن أن ننتمى إليها أنا وأنت مثلاً !!
(٣) كيف تقرأ عملية الإصلاح الديني وتجديد الفكر الإسلامي منذ محمد عبده فى مصر وخير الدين التونسي حتى الآن، ولماذا لم تصبح تياراً سائداً فى الثقافة المصرية؟
يبدو لي أن الأفكار الأصولية التي تستهدف إلغاء العقل وتقدم حلولاً سهلة وأجوبة مباشرة على الأسئلة، وتستأصل من الجماهير الرغبة فى التحرر وتخلصهم من عبء ممارسة الحرية تكون أكثر انتشاراً وذيوعاً وتأثيراً بين الناس من الأفكار العقلانية والعلمية والتنويرية، ولذلك استمرت أفكار محمد رشيد رضا وتوارت أفكار سلامة موسى وشبلى شميل من دعاة العقل والحرية والعلمانية. الناس تكره الحرية والجماهير تبحث دائماً عن الطاغية الذي يتولى التفكير لها ويكون مسئولاً عنها، وتسلم له زمام حريتها. هذه مسألة سيكولوجية تراكم القهر والخضوع يخلق إنساناً ماسوشياً يتلذذ بالخضوع والإذلال ويجد متعته القصوى فى أن يكون عبداً. أظن أن العبودية المختارة أو المرغوبة أكثر ظهوراً فى خضوع الناس للشعوذة وللدعاة الجدد خاصة دعاة الفتاوى التلفزية الذين أصبحوا نجوماً عبر أغتصابهم لسلطة المعرفة المقدسة، أعني امتلاكهم لسلطة الفتوى وقدرتهم الخارقة على معرفة الحلال والحرام والتمييز بين الحق والباطل، ويتساوى فى هذه السلطة شيوخ الأزهر أو الشيوخ المودرن من أمثال عمر خالد ومصطفى حسنى. بالطبع لا يمكن لنا أن نتغافل عن الحدث المحوري فى تاريخ مصر الحديث هزيمة يونيو ١٩٦٧، وإنكسار المشروع الناصرى وتولى الرئيس المؤمن محمد أنور السادات السلطة فى سبتمبر عام ١٩٧٠ والذي تقمص دور خليفة المسلمين وسعى بكل قوته إلى أسلمة المجتمع المصري وإلى خصخصة المؤسسات العامة، ومن ثم فقد تقرب إلى الولايات المتحدة الأمريكية بقدر ابتعاده عن الاتحاد السوفيتي. وقد ظهرت فى عهده شركات توظيف الأموال الإسلامية، كما أصدر عفواً رئاسياً شمل عدداً كبيراً من رموز وكوادر الحركة الإخوانية، وقام بدعم ومساندة الجماعات الإسلامية والجهادية الوليدة فى الجامعات المصرية، وكانت النهاية التراجيدية له على يد الجماعات التي أوجدها وقام بتربيتها. والمفارقة المؤلمة أن من قاموا باغتياله كانوا معظمهم من المنتمين للمؤسسة العسكرية (خالد الإسلامبولى وعبود الزمر وعطا طايل وعبدالحميد عبدالسلام) وكانوا جميعاً ينتمون لتنظيم الجهاد الإسلامي.
وبعد رحيل السادات يجيء محمد حسنى مبارك، والذى ساعد على نمو الرأسمالية المتوحشة، وتقاسم (فى صمت) السلطة مع جماعات الإخوان. فأمسك هو بزمام السلطة وترك لهم الشارع والمساجد والمدارس والنقابات، وتفرغ هو وحاشيته وأبناءه لنهب أموال مصر وتكريس السلطة المطلقة. وكانت نهايته من خلال انتفاضة ٢٥ يناير التى قضت على أحلامه فى توريث السلطة وامتلأت شوارع مصر بالجماهير الثائرة الغاضبة التي كانت تهتف مطالبة بالعيش الكريم، والحرية، والعدالة الاجتماعية. ولكن فجأة وبشكل دراماتيكى تتوارى هذه المطالب وتختفى الوجوه البريئة الشريفة التي ناضلت من أجل استرداد إنسانيتها وكرامتها، ويمتلئ المشهد بوجوه غريبة متجهمة، وتكتظ الشوارع بالجلابيب البيضاء واللحى والنساء المتشحات بالنقاب، والكل يهتف فى صوت هادر : إسلامية إسلامية لا يهودية ولا مسيحية !! وفجأة تحترق القاهرة مثلما احترقت فى الخمسينيات وتمتلئ سمائها الصافية بالدخان الأسود الذى يحجب النور والأمل، ويحترق المجمع العلمى أحد مصادر الذاكرة الحضارية لمصر العظيمة، ونشاهد فى حسرة المتحف المصرى وهو ينهب وينتهك من قبل الغوغاء السفلة والمجرمين ومازلت حتى هذه اللحظة أتذكر هذا الأثرى العظيم "زاهي حواس" وهو يجلس على كرسيه داخل المتحف العريق ويبدو وكأنه أحد ملوك الفراعين الذين استيقظوا من رقادهم ليذودوا عن تراثهم وعن تاريخهم وعن هويتهم الحقيقية التي يريد البربر الجدد أن يدمروها ويطمسوا معالمها!!
وتشهد القاهرة الساحرة فى ٣٠ يناير ٢٠١١ حالة من الفوضى العارمة نتيجة انسحاب الشرطة من الشوارع وفرارهم أمام زحف المتظاهرين مما أدى إلى احتراق معظم أقسام البوليس ومقار أمن الدولة بعد السيطرة على محتوياتها وحرق ملفاتها وتسريح المساجين وهروب ٣٤ قيادياً إخوانياً من سجن وادى النطرون. كانت الخطة محكمة ومدروسة بشكل جيد. ولم ينقذ المجتمع من غول هذه الفوضى المدمرة سوى المؤسسة العسكرية وهى أقوى مؤسسات الدولة العميقة، ثم أجريت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وجاء الإخوان إلى السلطة بقيادة محمد مرسى العياط الذي تسلم السلطة من المجلس العسكرى عام ٢٠١٢، ولم يبق فى منصبه سوى عام واحد تلته فترة انتقالية، ثم أجريت انتخابات ٢٠١٤ وتسلم السيسى على أثرها السلطة فى مصر. وبرغم الضربات المجهضة التي وجهت لجماعات الإخوان طيلة عهد السيسي إلا أن الخطر لم يزل قائماً، فلم تزل جماعات الإسلام السياسى الإخوانية والسلفية تنتشر فى كافة مفاصل الدولة، ولم يستطع النظام الحالى أن يقوم بتجفيف منابع الإرهاب لأنه لم يجرؤ حتى الآن على توظيف المؤسسات الثقافية والتعليمية والإعلامية فى مقاومة الإرهاب، ولم تزل الاستراتيجية المتبعة تستند إلى السلاح الأمنى فقط، وهذا وحده لا يكفى.
ولا يمكن لى بأية حال من الأحوال أن أقلل من أهمية التقارب المصري السعودي الذي حدث بعد زيارة ترامب الأخيرة للمملكة وما ترتب عليه من قيام محور أصولي وهابى تقوده المملكة السعودية وتدور فى مداره دول الخليج والأردن ومصر، ذات التاريخ الحضاري العريق، والتى حملت على عاتقها دائماً مسئولية الريادة فى قيادة العالم العربي نحو التحرر والحداثة تجد نفسها فجأة متورطة فى هذا التحالف العجيب الذى أعتقد أنه سيكون له نتائجه السلبية على السلطة السياسية القائمة، وربما يؤثر فى موقفها من الأصوليات الدينية خاصة مؤسسة الأزهر، وكلنا قد تملكتنا الدهشة إزاء ظاهرة أكشاك الفتوى التى ظهرت فى الأيام الماضية فى محطات المترو، والظاهره فى رأيى تمثل ردة لأجواء العصور الوسطى.
على أية حال فإن الخطر الأكبر - من وجهة نظرى - لا يتمثل فقط فى الجماعات الأصولية (الإخوانية، والسلفية، والجهادية)، ولكن الخطر الأكبر يكمن فى تلك الجماهير الصامتة المقهورة التي تتبنى قيم الإسلام الوهابي، والتى كلما ارتفعت الأسعار وازداد عليها الخناق الاقتصادي كلما بحثت عن الحلول السحرية وعن المخلص، وهذا مكمن الخطورة، خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار أن القوى والأحزاب السياسية الفاعلة غير موجودة فى الشارع، إذ اكتفت معظم الأحزاب السياسية بمقارها المريحة المكيفة، وبالنضال على الشاشات التلفزية، وعبر الفضائيات والسوشيال ميديا مما يخلق فراغاً سياسياً فى الشارع لا يجد أمامه من يملأه سوى هذا الفكر الأصولى. والأصولية ليست جنوناً عابراً، أو ظاهرة معاصرة، فحتى نفهم الأمور جيداً لابد وأن نقول أن الأصولية تشكلت بنيوياً وعقائدياً وأيديولوجياً من خلال أفكار الشافعى والبخارى وابن حنبل وابن تيمية وأبو حامد الغزالي... وغيرهم من دعاة التمسك الحرفي أو الشكلانى بالنصوص. وقد تسيد هذا التيار معظم مراحل التاريخ الإسلامي فى حين أن تيار العقلانية الممتد عن المعتزلة مروراً بالفلاسفة قد تم تهميشه واقصاءه من المدونة الإسلامية المقدسة بحيث أصبح الإسلام وكأنه العقيدة التى تخلو من الرؤى الفلسفية وتعادى التقدم والتطور والحداثة. وقد تواصل هذا التيار الأصولى ولم ينقطع فى العصر الحديث من خلال حركة محمد بن عبدالوهاب (١٧٠٣ - ١٧٩١) واستمر مع تعاليم أبو الأعلى المودودي وحسن البنا وسيد قطب، ومازالت هذه الأفكار والتعاليم تتواصل مع كافة الجماعات السلفية والجهادية المعاصرة وعلى رأسها داعش.
والأصولية الدينية غير مكلفة وتلقى قبولاً وانتشاراً وتصديقاً لدى العوام (وأحياناً لدى الخاصة أيضاً)، لماذا؟ لأنها سهلة وبسيطة وتمنح معتنقيها إحساساً بالثقة والأمان والطمأنينة، وغياب القلق والتوتر والخوف نتيجة إحساس المؤمن الأصولى بالتفوق والاصطفائية وأنه الأقرب إلى الله والحائز على رضاه وعلى تأييده وعلى مباركته.
ويتأسس هذا الشعور بالامتلاء والثقة والطمأنينة على جانب إبستمولوجى (معرفي) يتمثل فى أن المؤمن الأصولى لديه عقيدة راسخة بأنه يمتلك الحقيقة المطلقة، والتى تصبح كل الحقائق إلى جانبها نسبية وباطلة. وامتلاك الحقيقة المطلقة هو امتلاك كلام الله المقدس وهو القرآن والسنة المتممة والشارحة له. لأن كلام النبي هو كلام مقدس أيضاً لأن الله سبحانه وتعالى قد أمرنا بطاعة النبى الذى لا ينطق عن الهوى. المشكلة هي أن التيار الأصولى منح لنفسه الحق فى اغتصاب سلطة المقدس، أعنى أنه اعتبر نفسه هو التيار المعبر عن الإسلام الصحيح، ومن ثم فهو لا يتورع عن تكفير وتأثيم المذاهب الأخرى كالشيعة مثلاً. ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل أننا سنجد كل جماعة أصولية تمنح لنفسها هذا الحق وتنظر إلى الجماعات الأخرى وإلى أشكال التدين المغايرة على أنها باطلة وفاسدة مما يسوغ لهذه الجماعات ممارسة العنف المقدس ضد بعضها البعض، ولعل أهم الأحاديث التي وظفت أيديولوجيا لخدمة هذا الغرض هو حديث "الفرقة الناجية"، والذي ورد بأربع صيغ مختلفة، لعل أخطرها الصيغة الرابعة التي تقصر الفرق الناجية على أهل السنة والجماعة. وقد لعب هذا الحديث (وغيره من النصوص التي تم توظيفها لهذا الغرض) دوراً سحرياً فى مدونات الفرق والملل والنحل لأهل السنة، فكان له الدور البارز فى ترسيخ فكرة تكفير الآخر سواء كان مختلفاً فى الديانة أو المذهب أو حتى أسلوب التدين. والإرهاب يبدأ كفكرة واعتقاد بامتلاك الحقيقة المطلقة والإيمان الصحيح، ثم يتخذ طابعاً دموياً وإرهابياً بوصفه جهاداً ضد من يمثلون الكفر والباطل والدنس !!
هل يمكن أن نتكلم عن استئناف توحيد المذاهب أو التقريب بينها كما فعلت لجنة الأزهر برئاسة الشيخ شلتوت رحمه الله فى الستينيات، وهل من الممكن التقريب بين الخطابات الدينية المنطلقة من أسس مذهبية ؟
في كلمة واحدة لا، لأنه لا حوار بين المقدسات، ولا ائتلاف بين المذاهب والطوائف الدينية: نحن الآن نشهد حرباً دموية بين الأصوليات أو تحديداً بين الأصوليات الإسلامية، فمن جانب نرى حرباً لا معنى لها بين السعودية وبين الفصائل الشيعية فى اليمن، وهى فى واقع الأمر حرب بين السعودية وإيران، ومن جانب آخر هناك صراع بين جبهتين سنيتين، الجبهة الأولى - وقد أشرنا إليها فى السطور السابقة تضم السعودية ومصر ودول الخليج والأردن والجبهة المواجهة تضم تركيا وقطر ومنظمة حماس. إذن نحن أمام صراع مقدس بين أصوليات متناحرة ومتحاربة، وربما نشهد حرباً دموية مقدسة أو حروب استنزاف تستمر لعشرات السنوات لا يكون لها نهاية محددة، ولكن الهدف منها إنهاك كافة القوى واستنزافها فى حرب عبثية لا معنى ولا هدف لها سوى خدمة المخططات الصهيوأمريكية، أما حديثكم عما قامت به لجنة الأزهري قيادة الشيخ شلتون فاتصور أن هذا المشروع مجرد خيال ويوتوبيا، ولذلك لم يكتب له النجاح، ولا نجد له أي صدى أو نتائج على أرض الواقع فهذا المشروع كان قراراً سياسياً مات منذ ولادته.
(٥) هل من المنطقى أن تنطلق الدعوة لتجديد الخطاب الديني من رأس السلطة السياسية، وهل هذا من مصلحة الدعوة للتجديد أم أن ذلك يلقى بضغط عليها يجعلها أسيرة تصورات السلطة لمنطق الدين وتفسيره؟
أنا لست من المقتنعين بفكرة تجديد الخطاب الديني الأفضل أن نقول تغيير ولكن لابد من أن نسأل ما شكل التغيير أو التجديد - إن أردت - السادات قام بتغيير الخطاب الديني تجاه التطرف والغلو والإرهاب، فليس كل تجديد هو لصالح حرية الإنسان ولصالح التقدم وقيم الحداثة هناك تجديد يعتبر ردة للخلف، أنصار الوهابية يعتبرون محمد بن عبدالوهاب مجدداً، والإخوان يعتبرون حسن البنا وسيد قطب من المجددين. وهذا يدعوني إلى القول بأن مقولة التجديد مقولة مائعة ومطاطة، ويجب أن نحدد المفاهيم لأن جزءاً كبيراً من مآساتنا هو فوضى المفاهيم والمصطلحات مما يجعلنا نعيش داخل عالم يموج بالكلمات والمصطلحات التي تصبح بديلاً سحرياً للواقع الفعلي. ولا ضير فى أن تنطلق الدعوة إلى تجديد الخطاب الديني من رأس السلطة، ولكن شريطة ألا تترك هذه المهمة لرجال الدين وحدهم لأن هذه مهمة المثقفين ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية وليست مهمة مؤسسة الأزهر التى تحتاج هي نفسها للتجديد والتطوير.
(٦) ما هي الملامح الأساسية فى الخطاب الديني السائد، والتي نراها بحاجة إلى تجديد إن اتفقنا على تجديد الخطاب الديني كحل مرحلي؟
الخطاب الديني السائد فى الشارع وفى الفضائيات غير الدينية وفى المدارس والجامعات المدنية (الحكومية والخاصة) هو خطاب غوغائى يتسم بالتناقض الشديد فتارة نجد هذا الخطاب أكثر تسامحاً وتارة نجده يتسم بالعنف والحدة، فعندما تسير فى الشارع المصرى تجد الكثير من المصريين يسبون الدين وربما يلعنون كل المقدسات ولا يحاكمهم أحد بتهمة إزدراء الأديان، ومع ذلك عندما نشاهد حواراً فى أحد البرامج التلفزية حول مدى ضرورة الحجاب أو النقاب سوف نجد حواراً شديد التعصب بين مؤيد ورافض. ونفس الأمر يقال إذا أثيرت قضية مثل أن للمسيحيين الحق فى بناء المزيد من الكنائس مثلما يقوم المسلمون ببناء مساجدهم أسفل بيوتهم سنجد أصواتاً حنجورية قد انتفضت لتدافع عن الإسلام ضد المسيحية ونجد من بينهم من يقول لك الدين عند الله الإسلام.
أما الخطاب الديني السائد فى الأزهر وفى المعاهد الدينية وفي الجامعات التابعة للأزهر، وكذلك لدى الجماعات والتنظيمات السلفية فهو خطاب منضبط وفقاً لتقاليد وتعاليم الفكر الأصولي، ومن ثم، فهو يقاوم بشدة كل محاولة للتجديد أو لنقد الخطاب السائد ولنا فى "إسلام البحيرى" و"فاطمة ناعوت" و"محمد عبدالله نصر" نماذج صارخة لإسكات وتصميت كل من يحاول نقد الخطاب الديني السائد والشيء المحير أن النظام القائم ظل صامتاً ومكتوف الأيدي أمام بطش وإرهاب تلك الجماعات الضاغطة التي تصر على إبقاء الخطاب الدينى فى حالة من الجمود والتحجر والتصلب!
إن كلا من الخطاب الغوغائى والخطاب الأصولى المنضبط يحتاج إلى النقد وليس إلى التجديد، ولن يحدث أى تغيير أو تطوير للواقع الثقافي القائم وللحضارة الإسلامية دون التجاسر على نقد الذات. الغرب صار متقدماً عبر تحرره من النرجسية الثقافية وعبادة الذات، أما نحن فنتصور أننا أفضل الأمم برغم أننا خارج التاريخ ولا نقدم للبشرية وللحضارة المعاصرة سوى الموت والدمار وكره الحياة ألم يسأل أحد منا نفسه ما هو دورنا الحضاري الحالي هل استطاع واحداً من العرب المسلمين أن يقدم للبشرية اختراعاً علمياً أو نظرية علمية جديدة أو حتى نظرية فلسفية! نحن نحيا عالة على الغرب نقتات من بقاياه ومن نفاياته ونستهلك مخترعاته وأدواته ثم نلعنه ونكفره ونحقره فى آخر المطاف ونقول عنه : الغرب الكافر.. الصليبى.. المادى.. الشيطاني.. إلخ، نحن نمثل النمط السيكوباتى فى أسوأ أشكاله وصوره!
(٧) هل الخطاب الديني الإسلامي هو المرشح فقط للتغيير أم أن الخطاب الديني المسيحي أيضاً، خاصة وأنه قد بدأ يبرز بقوة فى الآونة الأخيرة على المشهد بوصفه خطاباً بحاجة إلى التغيير أيضا؟
التغيير يجب أن ينبع من إرادة المسيحيين أنفسهم لا يجب أن يفرض عليهم، الخطاب الديني المسيحي فى مصر خطاب أصولي أيضاً بمعنى أنه خطاب تقليدي وجامد خاصة لدى المسحيين الأرثوذوكس وكلمة الأرثوذوكسى تعنى الأصولى أيضاً. ومعظم المسيحيين فى مصر ينتمون للمذهب الأرثوذوكسي، وهو مذهب محافظ. لكن المسيحية لا تمثل مشكلة فى الواقع المصرى لأنها بعيدة عن السياسة وتمثل بصورة أو بأخرى عقيدة الهامش إذا ما قورنت بالإسلام الذي يحتل مقدمة المسرح السياسى والثقافى ويثير نوعاً من الصخب والعنف داخل كافة مؤسسات المجتمع ونحن لم نسمع يوماً عن جماعة مسيحية سياسية، فلا يوجد مسيحية سياسية بالمعنى الذي نتحدث به عن الإسلام السياسي، والخطاب المسيحي الأصولي هو خطاب مسالم بشكل عام، ولم يحدث أن تورط فى لعبة الصراع على السلطة أو مارس وصاية على أحد، وأتصور أن المشكلة لدى الخطاب الأصولى الإسلامى ولا يوجد مشكلة لدى الخطاب الإسلامى المسيحى الذى يمثل الخطاب المقهور والمقصي والمستبعد من لغة الخطاب السائد. الممارسات الدينية المسيحية لا تتجاوز حدود أسوار الكنائس والأديرة، ولا تقتحم الفضاءات العامة أو تمارس نوعاً من الهيمنة على حياة الناس اليومية، فلم نعرف يوماً حزباً سياسياً مسيحياً أو بنكاً مسيحياً أو طباً مسيحياً. أو حتى علم نفس وعلم اجتماع مسيحى. المسيحية ديانة فحسب.
(٨) هل تجديد الخطاب الديني أمر نخبوي لا يصح للعامة الحديث فيه بمنطق إلجام العوام أم أنه حديث جماهيري يقود إلى دمقرطة الخطاب الديني أم ذلك خطر على الدين والتجديد معاً ؟
تجديد الخطاب الديني هو أمر نخبوي تماماً ولا جدوى من الزج بالعامة فى مثل هذه الأمور التي تتطلب وعياً ثقافياً ونقدياً خاصاً لن يستطيع العوام استيعابه وفهمه، فالتأويل الديني مسألة نخبوية ولا يمكن للعامة من المسلمين ممارسة هذه المنهجية من التفكير، ولكن يمكن عن طريق التثقيف الإعلامي والتربوي تبسيط هذه الأمور ونقلها إلى الجماهير وإلى العامة، بحيث تصبح مقبولة ومعتادة، غير أن هذا الأمر سوف يستغرق وقتاً طويلاً، ويتطلب جهداً كبيراً.
(٩) ما هي الآليات التي يجب تفعيلها لتجديد الخطاب الديني ربما يكون الأفضل أن نقول ما هى الشروط التى يصبح فيها تجديد الخطاب الديني أمراً ممكناً؟
١– محاربة الأمية لدى البسطاء والعامة.
٢– إصلاح الخطاب التعليمى وتنقية المناهج الدينية من الأفكار التكفيرية ومن كافة المسلمات التي تستهدف إلغاء التفكير واغتيال العقل.
٣– تدريس مبادئ التفكير الفلسفي والتفكير العلمى فى كل مراحل التعليم.
٤– علمنة المؤسسات التعليمية والسياسية والفصل التام بين المؤسسات الدينية والمؤسسات المدنية، وتصحيح المفاهيم المغلوطة والتكفيرية حول: العلمانية والاشتراكية والفلسفة.. إلخ.
٥– إصلاح المؤسسات الإعلامية، وخاصة الفضائيات التي لا تكف عن بث الخرافات والبرامج التي تتعلق بالجن والعفاريت والأماكن المسكونة.. وغيرها من البرامج التي تصب فى تيار تغييب الوعى وإلغاء التفكير العلمى.
٦– وجود قوى سياسية حقيقية فى الشارع، بحيث تتبنى قضايا وهموم ومشاكل الجماهير.
٧– السعى لحل الأزمة الاقتصادية وإيجاد الحلول المناسبة لتقليل جيوش الفقراء والمهمشين، هؤلاء الذين يمثلون رصيداً جاهزاً لكل التيارات الأصولية الفاشستية التي تستقطب هذه الجماهير البائسة المذعورة المحرومة ومنحها أملاً سرابياً ووهمياً وخيالياً.
٨– السعي لإلغاء قانون إزدراء الأديان الذي يستغل استغلالاً بشعاً فى مطاردة وقمع كل أصحاب الفكر والرأي.
٩– أن يعي النظام الحاكم أن الثقافة هى حائط الصد الأول والأخير الذي يمكن أن يقف فى مواجهة قوى الموت والتفكير والظلام، ولابد من أن يدرك رجال السياسة أن الفن والإبداع والثقافة بكل أشكالها هي التي تمنح الجسد الاجتماعى - السياسى مناعة ضد هذا الفيروس الذي يسمى بالإرهاب.
١٠– لابد من تجفيف منابع الإرهاب الفكري والديني عبر تجريم الخلط بين السياسة والدين، ومنع أي ممارسة سياسية تقوم على مرجعية دينية ولا أدرى كيف يتواجد حزباً سلفياً مثل حزب النور رغم أن الدستور الحالى يمنع قيام أحزاب سياسية على أساس دينى أو طائفى!!
كلمة أخيرة أقولها فى حوارك الممتع العميق:
إن أكبر عائق يقف فى طريق تغيير الخطاب الديني هو النخبة ذات الهوى الأصولى وهى كثيرة ومنتشرة بين أساتذة الجامعات وبين رجال الأمن وبين العسكريين، ولذلك وصل تنظيم الجهاد فى الثمانينيات للمؤسسة العسكرية وبين رجال القضاء وفى الكثير من مؤسسات الدولة وهؤلاء لا نجد لهم ملفات فى أمن الدولة وصفحتهم ناصعة البياض لكن عقولهم ورؤيتهم للواقع وللكون لا تختلف عن رؤية العوام، إذ نجد من بينهم من سيقول لك داعش ليست من الإسلام والأزهر مؤسسة وسطية، وربما تجده متعصباً ضد المسيحية، وهذه مسألة طبيعية فى ظل الشحن الأصولى للشارع وللمؤسسات منذ هزيمة ١٩٦٧ حتى الآن، فضلاً عن أن السلوك الديني هو سلوك جسدى أعنى أن التعاليم الدينية يتم تلقينها للأطفال منذ طفولتهم المبكرة وبالتالي فإنها تصبح جزءاً من خلاياهم العصبية والجسدية والعقلية والنفسية، ولذلك دعني اعترف أن تغيير الاتجاهات الدينية ليس أمراً سهلاً ويتطلب نوعاً من الثقافة المضادة، الثقافة المضادة للهوس الديني والتطرف الإرهابي. وقد قدمت الجماعات التكفيرية وعلى رأسها داعش خدمة كبيرة جداً إذ أنها كشفت الغطاء وقامت بتعرية الكثير من الحقائق التى كان المسلمون لا يعملون عنها شيئاً فى تاريخهم، أيضاً كان مجيء الإسلاميين إلى السلطة بمثابة فضح لأساليبهم وطريقة تفكيرهم وأسلوب حياتهم، ولذلك فإن تياراً مضاداً لهذا الفكر التكفيري نجده الآن بين كثير من الشباب الواعد الذى بدأ يتسائل وبدأ يقرأ فى تاريخه وفى تراثه وهؤلاء ليسوا بالكثيرين، ومع ذلك فإن تأثيرهم يفوق بكثير تلك الجماعات التى تستغل معاناة الفقراء وجهلهم وغيبوتهم ولا تتورع عن التحالف مع الرأسمالية المتوحشة من أجل تحقيق أغراضها وأهدافها المناهضة لكل ما ينتمى لحرية الإنسان وسعادته. إن الأصولية والرأسمالية هما وجهان لعملة واحدة، ولذلك لست مستغرباً أن يتحالف ترامب مع عاهل السعودية وليس مستغرباً أيضاً أن تعلن أمريكا أن داعش جماعة إرهابية، ثم تدعمها بالأسلحة والتكنولوجيا وتبارك أعمالها الشيطانية، إن النضال الحقيقى ينبغى أن يتوجه ضد كل من الرأسمالية والأصولية معاً لأنهما العدو الأكبر للإنسانية.