دراسة جديدة : حان الوقت لتأسيس منظومة أمنية خليجية لحماية دول مجلس التعاون
الثلاثاء 31/أكتوبر/2017 - 02:57 م
طباعة
خلصت دراسة جديدة، الي أهمية تأسيس منظومة أمنية خليجية، لدول مجلس التعاون الخليجي، من أجل مواجه مخططات استعاف الخليج كتله واحدة او كلا بلد علي حده.
وشددت الدراسة علي ان تأسيس منظومة أمنية خليجية تشكل الخط الأهم في مواجه اي اختراق لدول الخليج، مؤكدا أن المنظومات الأمنية القائمة في بلدان الخليج ومع أهميتها و ضرورتها أيضا، لکن لايجب تحميلها أکثر من طاقتها خصوصا وأنها تحمل أعباء ثقيلة جدا على أکتافها و تعمل کصمام أمان لهذه الدول.
وألقت الدراسة التي جاءت بعنوان: الحاجة إلى منظومة أمنية خليجية، للمكتب العربي الأوروبي للأبحاث والاستشارات السياسية، والتي جاءت تحت إشراف الامين العام للمجلس الاسلامي السيعي د.السيد محمد علي الحسيني، الضوء علي دور وأهمية بلدان الخليج العربي: تميزت بلدان الخليج العربي عن العالم العربي بالعديد من الخصائص والأمور التي منحتها و تمنحها مکانة و دورا ديناميکيا يکاد أن يصبح في کثير من الأحيان محوريا، خصوصا بعدما نجحت الزعامات و القيادات السياسية لهذه البلدان من تحقيق نهضة سياسية و اقتصادية يشار لها بالبنان بما منحها ليس دورا و حضورا مميزين في العالمين العربي والإسلامي فحسب وإنما حتى على الصعيد الدولي.
هذه المکانة وهذا الدور المميز الذي أثبت أهميته في إيجاد الحلول الشافية للکثير من الأزمات و المشاکل التي عصفت ببلدان المنطقة وسعت إلى حلها بطرق جسدت العقلية والحنکة السياسية الخاصة بزعماء و قادة هذه البلدان.
هذه البلدان بعد أن صارت ضمن بوتقة"مجلس التعاون الخليجي"، و من خلال الدور و المکانة الخاصة و تأثيراتها الکبيرة التي امتدت لخارج رقعتها الجغرافية بکثير، وأهم مافي ذلك هو تقبل وترحيب شعوب و بلدان العالمين العربي والإسلامي بأية مبادرات أو مساع أو أدوار تقوم بها هذه الدول، ولتأثيراتها الإيجابية المميزة من حيث العمل على استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة و العالم، فقد حظيت باحترام و تقدير دولي تجسد و تمثل في کثرة الاتصالات و المشاورات التي تجريها الدول الکبرى مع البلدان الخليجية بحيث يمکن القول بأنه ينظر لها کمفتاح حيوي من أجل حل مشاکل وأزمات المنطقة، ولاريب من أن هذه الأهمية والمکانة والدور الخاص لبلدان الخليج العربي، تجعلها هدفا للأعداء و المتربصين بها، خصوصا وأنها تمنح لقضية استتباب السلام والأمن و الاستقرار في المنطقة بشکل خاص، أهمية استثنائية، ومن هنا، فإن الأمن الوقائي لهذه البلدان المتمثل بمنظوماتها الأمنية المختلفة ومع أهميتها البالغة قد تکون بحاجة لتعزيزها بقدرات إضافية کي تضمن أمن هذه البلدان کمجموعة سياسية ـ اقتصادية ـ أمنية متماسکة و تحبط و تدرء عنها کل الشرور و المخططات المضادة.
الأزمة الخليجية وما تعنيه:
وحول تاثير الازمة الخليجية علي بنية مجلس التعاون الخليجي، قالت الدراسة: العقلانية و الحکمة الخليجية کانت لها حضور ودور فعال في إيجاد حلول و مخارج للعديد من المشاکل والأزمات التي حدثت في المنطقة، خصوصا وأن النهج السياسي الخليجي اتسم بالإضافة للعقلانية والحکمة بالنفس الطويل و ببعد النظر، وإن الأزمة الأخيرة التي وقعت بين الأشقاء الخليجيين، مع کل الذي قيل و يقال عنها، لکن هناك نوايا طيبة و سليمة من طرفي الأزمة من أجل إيجاد حلول و معالجات مناسبة لها تضمن سير المرکب الخليجي الموحد إلى شواطئ الأمان بسلام.
هذه الأزمة التي يجب أن لاينظر إليها بأنها حالة مستعصية أو شرخ استثنائي لايمکن معالجته و إيجاد حل مناسب له، ذلك أن بلدان الخليج لم تقم بإخفاء أو التغطية على المشاکل والاختلافات القائمة بين بعضها، فمن السمات الإيجابية للنهج السياسي المعمول به في هذه البلدان، هو أن الأمور کلها تحت الشمس، بمعنى لايتم إخفاء أو التستر على حالة أو مشکلة أو ثمة اختلاف ما ليصدم الناس به فيما بعد.
الملاحظة الهامة التي يجب أن نأخذها بعين الاعتبار والأهمية اللازمة، هي أن لبلدان الخليج ککل وجهات نظر و مواقف سياسية وأمنية واقتصادية جامعة و عامة، مثلما أن لکل بلد من بلدانها وجهات نظر ومواقف خاصة بها اتجاه العديد من الأمور والقضايا، وقد تنشأ أو تنبثق الاختلافات أو شيء من هذا القبيل بين هذه البلدان، وهذا لايمکن اعتباره حالة سلبية، ذلك أنه في الاتحاد الأوروبي، هناك الکثير من الاختلافات بين البلدان الأعضاء في هذه المنظومة العالمية، ولکن وعلى الرغم من ذلك فإن الاتحاد الأوروبي باق و يسير باتجاه تحقيق أهدافه رغم أن بلدا مهما جدا کبريطانيا أعلنت خروجها منه.
وفي نفس السياق فإن بلدان مجلس التعاون الخليجي لازالت تمشي في دربها متحدية کل العواصف والاختلافات، خصوصا وأن دورها الکبير و حضورها العربي ـ الإسلامي ـ الدولي المميز يحتم عليها المحافظة على وحدة صفها و العمل من أجل المحافظة على الإبحار الآمن للمرکب الخليجي في اليم، مهما کانت الأمواج عاتية.
الذي يمکن استخلاصه و بلورته من الأزمة الخليجية، هو حقيقة أن الأمن الخليجي کمجموعة وکأفراد مستهدف و بطرق و أساليب مختلفة يجب على دول الخليج أن تکون بمستوى التحديات "وهي کذلك دائما"، وتدرك من أن تدارك المشاکل و الأزمات الخاصة وإعادة النظر بها من مختلف الجوانب، تکتسب أهمية خاصة لأن کل بلد في مجلس التعاون الخليجي يتم استهدافه مرتين، مرة کبلد لوحده، وأخرى کبلد ضمن المجموعة الخليجية، وکما هو واضح و جلي فإن طرق الدخول و التسلل و النفوذ إلى داخل هذه البلدان قد لاتکون اعتيادية، لسبب بسيط هو أن دورها بالأساس غير اعتيادي، ولذلك فإن الطموحات و المرامي و الأهداف والنوايا التي تحرك الأعداء، تکون هي الأخرى غير عادية، وهذا مايجعل أمن البلدان الخليجية کدول منفردة وکمنظمومة دول في معرض هجوم أمني من أجل اختراقها، مثل
ما أن مجلس التعاون الخليجي في حد ذاته يشکل هدفا استراتيجيا من أجل تفکيکه وهو هدف فيما لو تحقق"لا قدر الله"، فإنه يعني الکثير من المعاني والأمور و يترك آثارا سلبية الجميع في غنى کامل عنها، ولذلك فإن أهمية انبثاق منظمومة أمنية خليجية فعالة، قضية ملحة تطرح نفسها بقوة وفي هذه الظروف الآنية، ذلك أن الظروف القادمة قد تحمل في طياتها الکثير من المفاجآت، وإننا نرى أن الأخذ بزمام المبادرة أفضل بکثير من الانتظار، مثلما أن الهجوم أفضل وسيلة للدفاع، وقطعا فإن الدول المتربصة ببلدان الخليج و دورها الحيوي کجدار أمني ـ سياسي ـ اقتصادي للمنطقة، تعمل ليس على زعزعة هذا الجدار بل وحتى هدمه وإزاحته، وخصوصا إيران التي وقفت وتقف موقفا سلبيا مشبوها من دول الخليج بشکل خاص ودول المنطقة بشکل عام.
إن الأهداف والمطامع الإيرانية و مخططاتها التي لاتتوقف عند حد، تجعلها معنية أکثر من دولة أخرى ببلدان الخليج و بأمنها القومي وتکتلها السياسي ـ الاقتصادي ضمن مجلس التعاون الخليجي، بل إن إيران تنظر إلى هذه المنظمة بشکل خاص وإلى بلدان الخليج بشکل عام، کعوائق ومعرقلات وعقبات کأداء في طريق مخططاتها في المنطقة لاغرو قد حدثت الکثير من الاختلافات و التصادمات الخليجية ـ الإيرانية التي أثبتت بأن لإيران أکثر من هدف و غاية مع بلدان الخليج.
الخلاصة:
ورات الدراسة ان، تأسيس منظومة أمنية خليجية، في ظل الظروف والأوضاع الراهنة و مايمکن استشفافه و ترقبه للمراحل القادمة، يکتسب أهمية قصوى، ذلك أن الأمن بأبعاده السياسية والقومية والاجتماعية و الاقتصادية و حتى الفکرية، يعتبر الخط الأهم من کافة الخطوط الأخرى، لأنه إذا ماتم اختراقها فإن الخطوط الأخرى تعتبر تلقائيا في حکم الساقطة و المنتهية أمرها، وکما أسلفنا، فإن المنظومات الأمنية القائمة في بلدان الخليج ومع أهميتها و ضرورتها أيضا، لکن لايجب تحميلها أکثر من طاقتها خصوصا وأنها تحمل أعباء ثقيلة جدا على أکتافها و تعمل کصمام أمان لهذه الدول، بل يجب تأسيس المنظومة الأمنية الخليجية على حدة کمٶسسة أمنية تختص بمهام و واجبات خاصة من أجل المحافظة على الأمن الخليجي وامتصاص وشل وإفشال الهجمات والمخططات المضادة، وکما کانت البلدان الخليجية لها قصب السبق و المبادرة في المجالات السياسية و الاقتصادية والإعلامية حيث ترکت بصماتها بکل وضوح، فيجب أن تكون السباقة والمبادرة في مجال الأمن الجماعي، فهو المطلب الأهم و الأکثر حيوية من أي مطلب آخر.