قراءة في عدد ديسمبر 2017 من أفاق سياسية
الأحد 07/يناير/2018 - 06:58 م
طباعة
صدر العددين 30، 31 (نوفمبر، ديسمبر 2017)، من الكتاب الغير الدوري الذي يصدر عن المركز العربي للبحوث والدراسات وقد تناول عدد شهر نوفبر موضوعات مهمة حول القوى الناعمة المصرية، وأزمة الطبقة الوسطى في مصر، وتطورات الأزمة القطرية ومستقبل مجلس التعاون الخليجي، وكذلك الثابت والمتغير في السياسة الخارجية الأمريكية فيما تنوعت موضوعات العدد 31 من الكتاب غير الدوري الصادر عن المركز العربي للبحوث والدراسات الصادر في ديسمبر 2017 حول الاهتمام بالتعداد السكاني لعام 2017 وقراءات حول الارهاب في سيناء وصورة مصر في التقارير الدولية المهتمة بالارهاب وكذلك الوضع الليبي ومسلمي الروهينجا، والنزاعات الانفصالية بين كردستان وكتالونيا وأخيراً حوار حول الانتخابات الالمانية.
ونحاول في هذه القراءة إلقاء الضوء على أهم ما جاء في هذا الكتاب الغير الدوري من حيث اهتمام بوابة الحركات الاسلامية وأول الدراسات التي نصادفها، الدراسة المعنونة «الارهاب في سيناء من منظور مآلات الحالة الاقليمية» للدكتور أحمد عليبة. والذي تناول فهيا خلفيات التحولات الراهنة للجماعات الاسلامية خاصة تلك الجماعات العاملة في سيناء حيث أكد في دراسته أن المتغير الرئيس في ظل التحولات الراهنة، هو الاهتمام بالمواقع التي يشغلها فروع التنظيم واعادة تأهيلها على النمط الإقليمي، ومنها «سيناء» والتي قد تشكل خطط تعزيزها وتهيئتها وفقاً لرؤية التنظيم بتحويلها إلى ملاذ بديل، ومن هذا السياق أوفد التنظيم في ذلك الوقت للمرة الأولى أميرا عراقيا لقيادة فرع التنظيم في سيناء يدعى أبوهاجر الهاشمي، بالتزامن مع شن تلك الحملة في ديسمبر 2016.
ولكن في المقابل، فإنه من المتصور ان انحصار التنظيم في المعاقل الأساسية أفقده الوجاهة التي تشكل أحد أهم ملامحه وبريقه الذي جعله قبلة لتجنيد العناصر الوافدة سواء من تنظيمات قائمة أو حدثاء تحت غواية تلك المظاهر، كما أن هناك تساؤل رئيس عن طابع الهيكل التنظيمي الجديد، فكيف يمكن ان تكون هناك فروع في ظل غياب المركز؟ الأمر الذي يعني أن هناك سيناريو حتمي وهو تشظي التنظيم واعتبار الفروع دويلات يحافظ فيها على بقاءه من مرحلة الأزمنة.
ثم يتناول الباحث استراتيجيات هذه الجماعات الارهابية للتهيئة حيث اعترف الهاشمي بالتحديدات التي تواجه التنظيم في سيناء وهي "التضييق والحصار والتواجد" الذي يفرضها الجيش المصري في اطار المواجهات هناك، وكشف عن عدد الاستراتيجيات التي يمكن ان يواجه بها تلك التحديات واعتمادها حالة الاستنزاف للجيش المصري وليس كسب الأرض.
وكما يؤكد الباحث أن التنظيم في سيناء يواجه تحدي البقاء، كما هو حال أغلب فروع التنظيم في المرحلة الحالية من الكثير من المناطق، وليس من المتصور أن تكون سيناء جاذبة للوافدين من المتنقلين والعائدين، في ظل القبضة الحديدية التي تفرضها الدولة المصرية على مسرح العمليات في سيناء.
وتأتي دراسة الدكتور إيمان رجب التي اهتمت بصورة مصر في تقارير الارهاب الدولية لتؤكد على أنه رغم ما يبذل من جهود على المستوى الداخلي في مكافحة الارهاب من قبل قوات انفاذ القانون في شمال سيناء وفي غيرها من المحافظات ورغم حجم التأييد الشعبي لهذه الحرب والذي عبر عن نفسه من مليونية يوليو 2013 ثم في الحملات الشعبية المؤيدة لهذه الجهود، إلا أن الدوائر السياسية والاكاديمية الغربية تتعامل مع الحرب على الارهبا في مصر بإستخدام مجموعة من المنطلقات الفكرية التي تقلل من أهمية هذه الحرب، ومن ناحية أخرى تشكك فيما اذا كان ما تواجهه الدولة هو ارهاب فعلاً، وهو ما يشكك في شرعية ما تنفذه قوات انفاذ القانون من سياسات للمكافحة.
وتأتي دراسة الباحث صلاح خليل تحت عنوان "الفواعل في الأزمة الليبية وجهود التسوية السياسية" حيث تمثل القبائل الليبية احدى مهددات الصراع القائم بين القبائل من جهة والميليشيات من جهة أخرى، وبالنظر إلى الخريطة الاثنية والمناطيقية تتوزع النفوذ والسلطة المبنية على الوزن القبلي. ويتوزع الفاعلين من الازمة الليبية حسب الباحث كالتالي:
1- الأمازيغ والذين يتمركزون في المناطق الساحلية الغربية من ليبيا، بالاضافة إلى جبل نفوسه.
2- الجماعات الاسلامية والتي سعت من طرابلس في التوسع منذ اسقاط القذافي واستفادت من الدعم والفتاوى التي كان يقدمها الصادق الغرياني. وكسبت الكثير من الموالين والمؤيدين لها وهي تتبنى ايديولوجية متطرفة كالقاعدة وانصار الشريعة من بنغازي وغيرها من الحركات الراديكالية.
3- تنظيم الدولة الاسلامية والذي يتخذ من غرب ليبيا مركزا آمناً لبناء قدراتها القتالية.
كما قدم الباحث محمد شندي دراسته حول محددات ومآلات تحول الحركات الاجتماعية الدينية إلى احزاب سياسية، يناقش فيها حالة مصر والمغرب حيث يسعى الباحث من هذه الدراسة لمحاولة فهم اسباب تباين مآلات الأحزاب السياسية التي انبثقت من حركات اجتماعية دينية عبر اختيار اثر علاقة الحركة بالحزب الجديد على قدرة الحزب على التطور التنظيمي ومن ثم الاندماج السياسي، حيث تفترض الدراسة عدم كفاية الافتراض القائل بحتمية تحول الحركات الدينية إلى أحزاب سياسية ناجحة في حالة سماح النظام السياسي الحاكم لها بهذا، بل عبر اكتسابها لقدرات مؤسسية تميزها عن الحركة الاجتماعية الحاضنة لها.