نضال السبع : الرئيس عون أنقذ لبنان من حرب أهلية شيعية ـ مسيحية
الثلاثاء 06/فبراير/2018 - 11:29 ص
طباعة
شهد لبنان خلال الأيام الماضية أزمة سياسية كبيرة، مهددة السلم الأهلى فى البلد الذى عانى طويلا الصراع الطائفي، وبدأ التلاسن على وسائل التواصل الاجتماعي، وامتد للنزول إلى الشوارع، بين حركة «أمل - الشيعية» و«التيار الوطنى الحر- المسيحي»، وهما الاثنان ضمن تحالف «8 آذار»، الذى يقوده حزب الله اللبناني، ليشكل جرسانذار من تدهور الأوضاع فى الساحة اللبنانية، قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة فى مايو المقبل..
وكان لـ«البوابة نيوز» هذا الحوار- عبر الهاتف - مع المحلل السياسى اللبناني، نضال السبع، للوقوف على أحداث «ميرنا الشالوحي»، والتى كادت تكون شرارة لحرب أهلية جديدة فى لبنان بين أعضاء تحالف «8 آذار» المدعوم من إيران، والذى شهد حرب تصريحات بين أنصار حركة «أمل»، التى يقودها رئيس البرلمان اللبنانى نبيه بري، ورئيس التيار الوطنى ووزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل.
فإلى نص الحوار.
■ ما الأسباب الحقيقية لاندلاع أزمة حركة «أمل» و«التيار الوطني»؟
- فى منتصف ليل الأحد- الإثنين ٢٨ يناير الماضي، تم تسريب شريط فيديو لوزير الخارجية اللبنانى جبران باسيل، مدته ٦٦ ثانية، يتناول رئيس مجلس النواب نبيه برى بعبارات غير لائقة، وغريبة على الحياة السياسية اللبنانية، وعن التحالف الذى يجمع الأطراف داخل قوى «٨ آذار»، ووصف الوزير جبران باسيل، رئيس مجلس النواب نبيه برى بـ«البلطجي»، متعهدا أمام أنصاره «بتكسير رأسه».
وكلام باسيل لم يسهل هضمه من قبل حركة «أمل» وجمهورها، الذى اندفع إلى الشارع بشكل عفوى، فتم قطع طرقات وحرق إطارات فى الضاحية وبيروت والجنوب، وتوسّعت رقعتُها لتمتد إلى سن الفيل عبر تنفيذ مناصرى «أمل» اعتصامًا وحرق إطاراتٍ بالقرب من المقر المركزى للتيار الوطني، فى سنتر «ميرنا شالوحي».
وأجج ذلك المواجهة العنيفة الدائرة بين الطرفين، والمتصاعدة على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تفلح وقتها الاتصالات الرسمية والحزبية فى تهدئة الوضع.
■ كيف ترى تدخل الرئيس عون فى الأزمة؟
- لو أن هذه الأزمة تركت على أهواء المنتفضين فى الشارع، لكنا أمام كارثة حقيقية تهدد السلم الأهلي، ولكن تدخل رئيس الجمهورية اللبنانية الرئيس ميشال عون، والذى أصدر بيانا قال فيه: «إن ما حدث البارحة على الصعيدين السياسى والأمنى أساء إلى الجميع، وأدى إلى تدنى الخطاب السياسى إلى ما لا يليق باللبنانيين، وأن ما حصل على الأرض خطأ كبير بُنى على خطأ، لذلك فإنى من موقعى الدستورى والأبوى أسامح جميع الذين تعرضوا لى ولعائلتي». وشكل هذا الحديث الحكيم والمسئول لرئيس الجمهورية، ارتياحا لدى اللبنانيين، وأدى إلى انحسار الأزمة، ووقف أى تداعيات لها على الأرض، وهى بمثابة دعوة واضحة للوزير جبران باسيل للعودة عن الخطأ، عبر تقديم الاعتذار لرئيس مجلس النواب نبيه بري.
■ كيف يمكن أن تؤثر الأزمة بين «أمل» و«التيار» فى تأزم الوضع فى لبنان؟
- لا شك أننا أمام تياران كبيران، حركة «أمل»، التى ولدت خلال الحرب الأهلية اللبنانية، ولعبت دورا فى مقاومة الاحتلال الإسرائيلى خلال تدخله فى لبنان، وتمتلك رصيدا كبيرا عند الطائفة الشيعية.
وعلى الصعيد الآخر، تعد نسبة التمثيل النيابى للتيار الوطنى الحر هى الأعلى فى لبنان، وعليه فاصطدام التياران «أمل» و«التيار الوطنى» والنزول إلى الشارع يهدد السلم الأهلى البلاد.
ولكن حكمة الرئيس عون والبيان الذى أصدره احتوى الشارع ومنع تصاعد الأزمة، ولبنان تمتلك أجهزة أمنية قادرة على ضبط الشارع، لذا جاء قرار الحكومة بنزول قوات الجيش والقوى الأمنية لحفظ الأمن فى الشارع اللبناني.
■ هل يشهد لبنان تغيرا فى التحالفات الانتخابية؟
- طبعا، فالوضع فى لبنان متغير دائما، من ما قبل أزمة الحريرى فى السعودية، مشهد متغير وبعد عودته إلى لبنان مشهد آخر، والشريط المسرب لجبران باسل، والذى تناول الرئيس نبيه بري، أكيد سينعكس على أجواء التحالفات فى لبنان، وبالتالى وحتى نصل إلى الانتخابات، والتى يفصلنا عنها فترة قصيرة جدا (مايو ٢٠١٨)، من الوارد أن تكون هناك أحداث أخرى تفرض واقعها على الأرض وتفرض ظلالها على تركيبة التحالفات الانتخابية المقبلة.
■ أين «حزب الله» من أزمة شركائه فى تحالف «٨ آذار»؟
- لا شك أن «حزب الله» كان مرتبكا بعد المشهد فى منطقة «ميرنا الشالوحي» مقر «التيار الوطنى الحر»، وكان مرتبكا بفعل شريط باسيل المسرب، وأصدر بيانا عبر فيه عن رفضه لتصريحات رئيس التيار الوطني. و«حزب الله» وحركة «أمل» ينتميان إلى البيئة السياسية داخل المعسكر الشيعى اللبناني، والاثنان شاركا فى مقاومة الاحتلال الإسرائيلى، ومتحالفان سياسيا وانتخابيا، وبالتالى لا انفكاك بين «حزب الله» وحركة «أمل»، والعلاقة المميزة بين حزب الله والرئيس ميشال عون لم تحل دون إعلان «حزب الله» رفضه لما جاء فى شريط باسيل المسرب، والذى وجه إهانة للرئيس بري.
■ هناك مراقبون يرون أن التيار الوطنى الحر بقيادة باسيل، يجنح إلى التقارب مع تيار «المستقبل»، وأنه يتماشى مع العقوبات الأمريكية التى تستهدف حزب الله، فإلى أى مدى ترى صحة هذا التحليل؟
- لا أعتقد بصحة هذه الرؤية، فالعلاقة بين «التيار الحر» وتيار «المستقبل» تعززت بعد أزمة الرئيس سعد الحريرى فى السعودية، والجميع يعيش أجواء إيجابية بعد عودة الحريرى من السعودية.
وهناك حديث عن إمكانية تحالف انتخابى بين «التيار الوطنى» وتيار «المستقبل» فى منطقة عكار بشمال لبنان.
أما عن تماشى «التيار الوطنى الحر» مع العقوبات الأمريكية التى تستهدف «حزب الله»، فلا أعتقد بصحة ذلك.
■ إلى أى مدى تؤثر العقوبات الأمريكية التى تستهدف «حزب الله» على الانتخابات المقبلة؟
- العقوبات الأمريكية لن تؤثر فى «حزب الله» فى الانتخابات المقبلة، و«حزب الله» يعتمد فى تكوينه آليات مختلفة عن تلك التى تتبعها الأحزاب العادية، ويتمتع عمله بسرية مطلقة، وبخاصة فى الشأن المالي، ولذلك ليس لديه أرصدة فى البنوك ليتم التحفظ عليها، وبالتالى لا وجود لأى تأثير للعقوبات الأمريكية على نتائج الانتخابات النيابية بالنسبة لـ«حزب الله».
■ هل سيكون هناك تدخل إقليمى أو دولى بصورة غير مباشرة فى الانتخابات اللبنانية؟
- دائما منذ تأسيس لبنان وبعد خروج الفرنسيين، لبنان الدولة الصغيرة، كانت تخضع لتدخلات من القوى التى تحوذ على دور إقليمي، فى مرحلة الناصرية كان للرئيس عبدالناصر كلمة كبيرة فى لبنان.
وبعد اتفاقية الطائف، دعمت السعودية بشكل كبير الرئيس الراحل رفيق الحريري، وتيار «المستقبل»، حتى ما قبل أزمة الحريرى كان هناك دعم كبير من الرياض لتيار «المستقبل» وسعد الحريري.
و«حزب الله» كذلك يتمتع بدعم إيرانى وسوري، وكذلك القوات اللبنانية، بقيادة سمير جعجع تتمتع بدعم مالى وسياسى كبير من المملكة العربية السعودية، وهذا حال كل الأحزاب اللبنانية، والأمر ليس مرتبطا بالانتخابات النيابية، وليس محصورا فقط بتيار «المستقبل» و«حزب الله».
■ هل لفرنسا دور فى لبنان؟
- لا ننسى أنه بعد أزمة الحريرى فى السعودية، تدخل الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بشكل مباشر فى الأزمة لدى الرياض، بحكم صداقة ماكرون مع الرئيس سعد الحريري، بالإضافة إلى أن الحريرى لديه الجنسية الفرنسية، ومن هنا رأينا التدخل الفرنسى لإنهاء أزمة الحريري، فكان الاتفاق الفرنسى مع ولى العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، على خروج سعد الحريري، إلى باريس، ومنها إلى بيروت، وهو ما ساهم فى عودة النفوذ الفرنسى إلى لبنان، وباريس تحاول العودة إلى المنطقة، وفرنسا عادت إلى لبنان عبر بوابة أزمة الحريرى، وهناك تقدير لبنانى للدور الفرنسي. ولكن فيما يخص الملف السوري، ما زال الدور الفرنسى مرتبكا، ففرنسا أتقنت حتى هذه اللحظة اللعبة فى لبنان، وتشهد عودة لدورها فى الساحة اللبنانية، فيما تتلمس الطريق فى سوريا، وأتوقع فتح باريس لقنوات اتصال مع الرئيس السورى بشار الأسد لتعود باريس الى سوريا مرة أخرى.