في"سجن الفقه".. كُتب علي الإنسان البحث
الخميس 08/فبراير/2018 - 05:19 م
طباعة
من الكتب المهمة الصادرة بمصر مؤخرا كتاب «سجن الفقه» للكاتبة شاهيناز وزير، الصادر عن دار بتانة للنشر ويقع في163 صفحة من الحجم المتوسط ويهدف الكتاب إلى ممارسة فريضة الحكمة الغائبة " البحث " والتى جوهرها إعادة النظر والبحث الدائم، بالإضافة إلى محاولة الكاتبة بهدم بعض المسلمات التى يتدرعون بها البعض من الشيوخ في نشر آرائهم.
يُناقش الكتاب الموروثات الفقهية والخطاب الديني، بدءًا من آليات تجميد الاجتهاد على مر الأزمنة وانتهاء بالخطاب الديني المُتشدد وكيف تم استخدامه كأداة تخدم التنظيمات الإرهابية بفعالية، بالإضافة إلى تحليل الشخصية المتطرفة والعوامل التي ساعدت على تكوينها.
وينقسم الكتاب إلى جزئين، أحدهما يناقش الفكر الذي يرتكز عليه الخطاب الدينى المتشدد، وفي أحد فصوله تناولت مناطحة أصحاب هذا الخطاب للعلم الحديث، ومقارنة المنهج المستخدم في إعداد الدعاة بالمنهج العلمى في البحث واستقصاء الأدلة، والجزء الآخر يستعرض آثار هذا الخطاب على أرض الواقع والحياة اليومية، وخصصت أحد فصوله لتحليل خطبة الجمعة تحليلًا موسعًا، وكيف تم استخدامها كأحد وسائل نشر التشدد.
وفي غلاف الكتاب الخلفي تقول شاهيناز "كتب علي الانسان البحث لانه يخرج الي عالم يحاول منعه عن الحقيقة بشتى الطرق .الشيطان عدو الله لايريدك ان تصل للحقيقة لكنه اخبث من ان يقف بوجهك ليصدك عن السير في طريق الي الله لهذا يبتكر الاف الطرق التي تشبهه وهي ابعد ماتكون عنه ولن يجد الشيطان تنكرا افضل من زي رجل دين يشد علي يدك بقوة وهو يقودك مغصوب العينين في احدى هذه الطرق الكاذبة لهذا امر الله بالتفكير واوصي بالحكمة التى جوهرها اعادة التفكير من هنا يهدف الكتاب لاعادة النظر في بعض امور الفقه الاسلامي والخطاب الدينى يكشف بعض المراوغات الفقهية وتجريد سموم هذا الخطاب من معسول الادعاءات " ومن المهم الوصول الي الرؤية التى تنطلق منها الكاتبة والتى عبرت عنها بصدق عندما كتبت تقول كيف يتأكد أحدهم من صحة شكه في أن ما يقدمه شخص ما إليه من طعام أو شراب به سم ؟ الجواب بسيط، بأن يطلب منه تذوقه فإن فعل فالطعام صالح للأكل، و إن لم يفعل فقد دس فيه السم بالفعل، و عليه ما يستحق ممن أراد أن يغدر به، و ربما كان ساذجا أولى ثقته العمياء لمن لا يستحقها فدفع الثمن غاليا و جاء الندم متأخراً إذ لم يدرك حقيقة هذا الشخص سوى بعد فوات الأوان .
رأينا ذلك المشهد كثيرا في الأفلام السينمائية و على صفحات الروايات الأسطورية، و لكننا على الأقل نتابع ما يحدث و نحن نعرف أن أولئك أبطال مصطنعون، ندري أنهم مجرد ممثلين، و نشعر بالطمأنينة إذ لازلنا على أرض الخيال فهما حدث من فظائع لن يطالنا شئ .
و لكن على أرض الواقع نحن ضحايا في مشهد سياسي متقن الإخراج، فيوجد كثيرون ممن يقدمون إلينا السموم يوميا في الوجبات الدينية و الجرعات الإفتائية و نحن نلتهمها بكل شراهة، أولئك الذين لا نعرف أنهم يمثلون علينا الفضائل و يدعون الغيرة على الدين و ما إنتمائهم سوى لشركات إنتاج الدموية، و الخراب، أنهم شيوخ الطائفية .
لقد عانت أوطاننا العربية من صراعات سياسية مريرة بين أبنائها، و بدلاً من أن يضمض رجال الدين جراح الأمة النازفة، و أن يخمدوا الفتن قبل أن تأكل الأخضر و اليابس، بدلاً من أن يبحثوا عما قد يدفع المتناحرين للتسالم فيما بينهم و نبذ العنف و القتال، بدلا من تذكيرهم بأنهم اتباع دين واحد و أنهم يؤذون الأرض التي تحتضنهم أكثر مما يؤذي غباؤهم بعضهم بعض، إذ بهم يستغلون الدين كما اعتادوا لخدمة طموحات المستفيدين من تلك الحروب، و قد خدعوا الناس بما فيه تحقيق المكاسب لأسيادهم بأخس الأساليب.
فقد رأينا الشحن المذهبي يطفو فوق تصريحاتهم و آرائهم الفقهية التي هدفت للطعن في عقائد الطرف الآخر لحشد أكبر عدد ممكن من المعادين له، فلا يخفى على أحد أن تلك الشعوب يحركها ذنبرك الشعارات الدينية للدفع بهم لخوض أي معركة سياسية أو قتال ميداني، و أن اصحاب السلطة الفقهية هم جنرالات الحرب الأكثر تأثيرا فهم قادرون دوما على الإتيان بمحاربين جدد يتقنون فن الإنقياد و الحماقة، محاربين معصوبي الأعين لم يعتادوا على التفكير قدر اعتيادهم على التفجير.
لكن شيوخ الطائفية ووعاظ السلاطين هؤلاء أنتجوا ما أنتجوا من الإرهابيين بغرض التصدير فقط لا الإستهلاك المحلي، فطاهي السم لا يدخله مطبخ بيته لا يعرض عائلته للهلاك، أو هو على الأقل يدرك بأن السم قد يطاله هو نفسه .
لذلك عندما تحدث الطائفية مصيبة ما في بلد هؤلاء نجدهم يسارعون إلى احتوائها و يتحول خطابهم إلى التغنى بالوحدة الوطنية و الأخوة الإسلامية و شعارات حقن الدماء، وقتها تتناقض أقوالهم، يتبرأون مما صرحوا به و يتملصون من فتاويهم، ذلك لأن العدوى وصلت لعقر دارهم و هذا المرض الخبيث لا يرحم أحد كما يصعب السيطرة عليه .
و تلك الحكومات التي تبارك التفرقة في دولة اخرى من أجل تحصيل سيادة أكبر لها هنالك لن تحتمل تهديد أمن بلدها بتفجير قد يهزعرش سلطتها . هنا يجب على المغيبين أن ينظروا هل يأكل هؤلاء مما يقدمونه اليهم ؟ فإن لم يفعلوا و انكشفت الحقيقة فمتى يتوقفون عن التهام ما يقتلهم و يعيي اجساد اوطانهم .
لقب " شيخ " بدعة
تطلق شاهيناز مدافعها الثقيلة من اول صفحات كتابها الشائك فتعلنها صريحة بان لقب شيخ بدعة فيمكن ان نلخص استخدامات كلمة شيخ بين كبير السن ورجل الدين الاسلامي وصاحب السلطة والمقام والشيخ لقب ثابتا لزعيم القبيلة وما اخذه رجال الدين عن النظام القبلي كان اكثر من لقب شيخ والتشابه بين تعامل رجال الدين مع السلطة الدينية وتعامل الحكام مع السلطة السياسية كبير ففي النظام القبلي
اولا لرجل الدين السمع والطاعة كما حاكم القبيلة
ثانيا الالتفات الي المكانة اكثر من الكفاءة
ثالثا تكون السلطة للذكور دون الاناث
وهذا مايفسر ضعف سلطة رجال الدين في المجتمعات المتقدمة والديمقراطية وتعاظمها في المجتمعات المتاخرة ذات الانظطمة الديكتاتورية الاقرب الي القبيلة البدائية