شخصية سيدنا ابراهيم وعوامل نجاح حوار الاديان
الأربعاء 21/فبراير/2018 - 01:16 م
طباعة
هل يمكن ان يبدا حوار الاديان الان من خلال شخصية دينية تاريخية لها مكانة كبري مثل سيدنا ابراهيم عليه السلام ؟هذا هو السوال الذى حاول ان يجاوب عليه الصحفي والباحث الامريكي بروس فيلر في كتابه المهم والشيق والمحير ايضا " الخليل ابراهيم رحلة الي جوهر الديانات الثلاث "والذى صدر عن المركز القومي للترجمة وترجمه الشاعر نشات باخوم بمراجعة وتقديم الدكتور احمد هويدي .يقع الكتاب في 235 صفحة من الحجم الكبير ويتناول من خلال فصوله العشرة موقع شخصية ابو الانبياء في الاديان الثلاثة اليهودية والمسيحية والاسلام ولا يكتفي الكتاب بهذا الرصد التاريخي فمع الرحلة الي الشخصية في الكتب المقدسة يقوم الكاتب برحلة الي عدد من الدول ويلتقي برجال دين ينتمون الي الثلاثة اديان فيمزج بمهارة بين الماضي المقدس والواقع المؤلم باحثا عن شخصية ووحدة تجمع ابناء الاديان .وتنقذهم من التشرذم والحرب والارهاب .فيقول بروس فيلر إن إبراهيم الذى أتوق إليه هو الذى سيكون الجسر بين البشرية والقداسة، الذى يوضح المثال لما يعنيه أن تكون مؤمناً مخلصاً، ولكنه أيضاً الذى يسلمنا بركة الله على الأرض، ينقل نعمة الله عبر أولاده، عبر إسماعيل، عبر إسحق، ثم الذى يمللك الكثير من القداسة التى لم تزل متروكة وحية وباقية لدرجه تمكنه من أن يتصدق ببعض منها على كل أعضاء أهل بيته، ومن ثم لأولاده من زوجته الثانية، وهذا الإبراهيم يكون عالماً بما يكفى لأن يعرف أن أولاده لن يتبنوا دائماً ولن يحتضنوا الكمال الذى لبركة الله، لن يرقصوا بلا نهاية رقصة ال ( Kumbaya) حول نار المخيم، سيحاربون ويقتلون ويطيرون بالطائرات مخترقين المبانى لتفجيرها ويرسلون القنابل ويزرعونها هنا وهناك، حتى فى المدارس، وبصفة عامة يحاولون تشتيت كرم الله وسماحته .
لكن إبراهيم يؤمن أن أولاده مازالوا يطلبون وجه الله، ما زالوا فى حاجه للراحة من شيء أعظم منهم ، مازالوا يتشبثون ببعض الوميض للبشرية ، مازالوا يحلمون بلحظة عندما يقفون جنباً إلى جنب، أحدهما بجانب الآخر، ويصلون من أجل أبيهم المفقود ، ومن أجل التركة وميراث السلام بين الأمم الذى كان أول أمر شرعى من السماء.
وفس تقديمه للكتاب رصد الدكتور احمد هويدي العوامل التى تودي الي حوار ناجح بين الاديان وهذه العوامل هي
اولا – من الضروري تعميق معرفة كل طرف للاخر من خلال مصادره الاصليه وان تتجنب المناهج الدراسية والكتب الثقافية ووسائل الاعلام وغيرها الهجوم علي اي دين من الاديان مع ضرورة الاهتمام بتدريس كل ماهو مشترك بين الاديان – ومن خلال الكتاب تعد شخصية سيدنا ابراهيم شخصية محبوبة ومشتركة ولها تكريم وتقديس
ثانيا – ان من اسس نجاح الحوار المشترك بين الاديان ان الاسلام يقر ويعترف باليهودية والمسيحية ويدعو المسلمين الي احترام انبيائهم وكتبهم وقد اشار القران الكريم الي ذلك في مواضع كثيرة
ثالثا – ان يركز الحوار المشترك علي الجوانب المشتركة بين الاديان خاصة ما تدعو اليه ديانات الوحي من اخلاق فاضلة وسلوك قويم وتعايش في سلام بين الامم والشعوب والا تناقش في امور خلافية تؤدي الي الانشقاق والانقسام .كما طالب هويدي بانشاء اقسام تدرس الفكر الغربي من مصادره في كليات الدعوة بالجامعات العربية والاسلامية والاهتمام بتدريس اللغات الاجنبية واعداد دعاة متخصصين في الدعوة بلغات استشراقية حتى يمكنهم الخديث عن الاسلام بلغة بلاد الاستشراق والدخول في مجال الحوار وتقديم كل ماهو مشترك بين الاديان واضاف قائلا انه يجب الاهتمام علي المستوي الرسمي والشعبي باعداد معاهد ومؤسسات تعني بالحوار المشترك وكيفية ادارة الحوار مع الاخر بناء علي ماورد في القران الكريم والسنة النبوية
وقدم الكتاب نموذجا جيدا علي تبني الحوار بين الاديان الابراهيمية وقد انتهج المؤلف منهجا علميا وصفيا استطاع من خلاله ان يقدم لنا شخصية سيدنا ابراهيم عليه السلام كما يفهمها اتباع الديانات الابراهيمية فجمع النصوص وسال بعض العلماء للتعرف علي حقيقية هذه الاديان وقد كان علميا وموضوعيا الي حد كبيرفقد تمبد مشقة السفر لبعض الاماكن التى تنقل بينها ابراهيم في محاولة منه للتعرف عن كثب علي شخصية ابراهيم وهويته وقيمته عند المرمنين